د. محمد فرحات • رأيى فى رواية : سألت إمرأة زوجها الحبيب ذات مساء حالم وهى تجلس بجانبه : حبيبى هل كنت ستحبنى بهذا القدر لو لم أكن على قدر من الجمال ؟! ابتسم لها زوجها فى حب وقال لها : دعوتك لى " حبيبى " تحمل أبلغ رد على سؤالك , فأنا لا أرى غيرك أصلاً , ثم إننى لو لم أكن أحبك ما كان ليحملنى جمالك على نظرة واحدة إليك ولو كنتى أجمل الجميلات إذا أننى رجل عاقل حر . • فالنفس البشرية التى كرمها الله فطرت على حب الجمال والكمال لأنه شئ ينقصها فهى تحاول دائماً أن تجد هذا الشئ المفقود وأن تعوض هذا النقص الذاتى , وكما قال الشاعر : • فطرت على عشق الجمال كريمة ... والنفس إن هوت الجميل تميل • وأى نفس يمكنها أن ترى الجمال إن لم تكن ذات عين جميلة وقلب جميل ؟! , وأنت يا حبيبتي عيناى وقلبى أرى بهما الجمال فى كل شئ من حولى , ثم كيف يرى الإنسان جمالاً فى الخارج لا يحس به فى الداخل , فى داخل نفسه وروحه , وهذا لا يتصور إلا بأخلاق رفيعة وشيم جميلة وخصال كريمة . • والأخلاق الجميلة هى أكبر بُنيِات الجمال بل هى قلبه وميزانه متى ما توقف القلب مات ومتى من انحرف الميزان فسد . • وعلى هذا يقيس العاقل اللبيب الناس من حوله فيعرف كيف يعيش سعيداً وكيف يموت كريماً . • وإن الكثرة الكاثرة اليوم إنما تؤثر أن تهين نفسها بنفسها وأن تضيع آخرتها باختيارها وأن تنكد عيشها من حر مالها فالمرأة الفاسدة مثل الجرب وتراه يدفع فيها كل هذا المال , وصدق الله – عز وجل – إذ يقول " إن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون " • ويقول أيضاً منكراً على أولئك الذين يطلبون هلاكهم بكل سبيل " أتستبدلون الذى هو أدنى بالذى هو خير " • إخوانى ميزان الاختيار والاصطفاء الالهى كان دوماً هو الأصلح ودوماً كان هو الأبقى . • ولذلك كان التوجيه النبوى " فاظفر بذات الدين " وكان التنبيه القرآنى " الزانى لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين " كان هذا وذاك لضمان سعادة المستقيمين على طريق الله . • وأما المنحرفين بأى لون من ألوان الانحراف فإنهم كالحُمر لا يشم بعضها بعضاً , ولذا كان فى اجتماع المنحرف والمنحرفة ولقاؤهما معاً فى الدنيا تأكيداً على استحقاقهما العذاب , فإنهما لا يرعويان لمنكر ولا يعرفان معروفاً , وهذا هو الحب الشركى أن يحب الرجل زوجته أو تحب المرأة زوجها حباً تأتى به لأجله منكراً وتنكر به لأجله معروفاً أو يمنعون به حقاً لأحد من الناس أو تمتد به أيديهم بظلم ناس من الناس , ومن هذا الصنف الكثير اليوم وتلفيهم لا ينتبهون إلى قول الله تعالى " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب " . • فأقول للذين يبحثون عن المرأة الجميلة أو اللاتى يبحثن عن الرجل الوسيم : أخطأتم - وحق للخطأ أن يعاتبكم - إنما تبحثون فى الحقيقة عن الشكل لا عن الجمال , فالجمال جمال الروح لا جمال البدن فالبدن إلى زوال والروح هيا الباقية أبداً , والواقع يشهد بذلك وأنتم تشهدون . • ابحث وابحثى عن روحك فى شريك حياتك ومتى ما وجد أحدكم موافقة الروح للروح وهيمانها بها فليطلبها بكل سبيل ولو استغرق ذلك عمره ولو باعدت بينهما حجز الدنيا وسينسى أحدكم حينها أن ينظر إلى شكل أو منظر أو بهرجة فارغة , ووعندئذ فليلزم كل منكم قَدمَ شريكه ورفيق مشواره فإن عندها سعادة الدنيا والآخرة , ودعوا الأقدار تجرى فى مجاريها وانطلقوا فى فضاء الحب . • وعند ذاك نظر الزوج إلى زوجته فوجدها تغط فى سبات عميق فاحتسب أجره على الله وضحك ثم تبعها ونام , والله من وراء القصد وهو الجدير بالحمد وصلى ربى وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين والسلام .