حمدي الروبي ( رؤية ) .. وحديث في الحب بين : أبوفراس الحمداني .. وعبدالله الفيصل .. في رائعة :- " أراك عصي الدمع .. وثورة الشك " .. ================= الحب هو لذة الدنيا ووصل السلام وإذا تمادينا فى الصدود فهذا يعني وأد الغرام فالهجر والفراق يكسر القلوب والوئام والخوف أن يرحل الحب بغير سلام والخوف ألا يعود الحب بوهجه وحرارته كما كان فى زمن ملئ بالهيام والخوف أن ننكسر من الفراق وتنسى العين شكل الحبيب بالمنام فمن رحل لا يعود وإن عاد لن يكون كما كان فى سيرته بالأحلام .. ============= ولعل الإنسان المحب يعيش أحياناً حياة أبوفراس الحمداني .. عندما تحدث عن محبوبته التى ألهبت قلبه وهى عنه بعيدة متجلدة بالصبر، وهو بالصبر أصبح مجنونا، ولا يستطيع العيش بدونها، فكتب "أراك عصي الدمع.. شيمتك الصبر .. أما للهوى نهي عليك ولا أمر .. نعم أنا مشتاق وعندي لوعة .. ولكن مثلي لا يذاع له سرُ ". نعم أنا مشتاق ومهاجري لا يرق قلبه .. ليواصل الحمداني وصف حبه ونار قلبه .. التي تلهب جوانحه ولا يزال حبه متسلحاً بالصبر : "إذا الليل أضوانى بسطت يد الهوى .. وأذللت دمعا من خلائقه الكبر .. تكاد تضىء النار بين جوانحي .. إذا هى أذكتها الصبابة والفكر".. فما أصعب ليل العاشق بعيداً عن عشقه .. ليل طويل مظلم بلا فجر .. بلا بقعة ضوء، بلا أشعة شمس تلتهب. نعم أنا مشتاق ومهاجري لا يزال يصبر على هجره .. بلا معنى أو داع .. ويعرف مدى ظمئي ويتمادى فى البعاد .. يعرف مكان الماء ويحجبه في عناده وجفاه .. وهنا يعود أبوفراس الحمداني لوهجه وتساؤلاته : "تسائلني من أنت وهى عليمة .. وهل بفتى مثلي على حاله نكر .. معللتي بالوصل والموت دونه .. إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر .. نعم أنا مشتاق ومهاجري يلوعني ويعلم ما بقلبي من نار تشتعل من الهجر وهو يتمادى فى البعاد .. فماذا نقول له سوى ما قاله .. أبوفراس الحمداني : "فقالت لقد أزرى بك الدهر بعدنا .. فقلت معاذ الله بل أنت لا الدهر .. وقلبت أمرى لا أرى لي راحة .. إذا البين اضنانى الح بي الهجر".. نعم أضناني البعاد والح بي الهجر. نعم أنا مشتاق ولي لوعة، والمهاجر يضنيني بعاده والح بى هجره .. وهنا الحديث لكل من يحب .. ولهذا فكل هؤلاء يلجأون الى وصف شاعرنا الكبير عبد الله الفيصل فى رائعته .. "ثورة الشك" .. فهل العيب في أما فى مهاجري .. فأصبحت أشك فى نفسي .. كما يقول الفيصل : "أكاد أشكُّ في نفسي .. لأنى أكادُ أشكُّ فيكَ وأنتَ منّى".. فكيف أعيش بدونك وأنت مني وكيف أشك فيك وأنت مني .. فأنا صنعتك من هواي وجنويى ولماذا تخون العهد ولم تحفظ هواي ولم تصني .. ويواصل الفيصل : " يقولُ الناسُ إنّك خنتَ عهدي .. ولم تحفظْ هوايَ ولم تصنّي".. هذا رغم أن بحت لك بأن كل هواي ومناي فى هذه الدنيا .. ولم أصدق فيك كذباً قيل عنك فى بعدك .. ولم لا؟ فأنت هواي وأنت مني .. وكيف أعيش بدونك .. حتى طال بى البعاد .. " وأنتَ مُناي أجمعها مشتْ بي إليكَ خُطى الشّبابِ المُطمئنِّ .. يُكذِّبُ فيك كلَّ الناسِ قلبي .. وتسمعُ فيك كلَّ الناسِ أُذني".. نعم أنا مشتاق ولي لوعة .. والمهاجر يضنيني بعاده والح بى هجره .. والشك يقتلني وظلاله استعبدتني وأرهقتني حياتي .. فهذا ما وصفه الفيصل بكلماته ومشاعره الفياضة : " وكمْ طافتْ عليَّ ظلالُ شكٍّ أقضّت مضجعي واستعبدتني .. كأنّى طافَ بى رَكبُ الليالى يُحدِّثُ عنك فى الدنيا وعنّي". نعم أنا مشتاق ولي لوعة، ومهاجري يضنيني بعاده .. والح بى هجره .. وهو على الهجر قائم .. ومصمم غير مبال بما أضنى به محبه من كثرة بعده .. وغير مبالى بما أرهقه به وساوس .. ولعل ما قاله الفيصل هنا لخير معبر : "علي أني أُغالطُ فيك سمعي .. وتُبصر فيك غيرَ الشكِّ عيني.. وما أنا بالمُصدِّق فيك قولاً.. ولكنّى شقيتُ بحُسنِ ظنّي .. وبي ممّا يُساوِرُني كثيرٌ من الشَّجنِ المؤرّقِ .. لا تدعني تُعذَّبُ فى لهيبِ الشكِّ روحي .. وتَشقى بالظنونِ وبالتمنّي .. أجبنى.. إذ ا سألتُك هل صحيحٌ .. حديثُ الناسِ خُنتَ ألمْ تَخنّي؟.. أكادُ أشكُّ فى نفسي .. لأنّي أكادُ أشكُّ فيك وأنتَ منى.. يقولُ الناسُ إنك خنت عهدي .. ولم تحفظْ هواي ولم تَصُنّي وأنت مُنايَ أَجمعُها مَشتْ بي إليك خُطى الشّبابِ المُطمئن". لا أقول الى أي مهاجر .. إن الحب نعمة .. وإحساس ومشاعر فياضة .. والأهم من كل هذا وذاك .. فإن الحب احتواء .. واهتمام .. فبقدر احتواء حبك والاهتمام به .. سيكون مقدار حبه وعواطفه وعطاؤه .. فمن احتوى ازداد حبا .. ومن أبدى اهتماما تلوع اشتياقا.. فغياب الاحتواء والاهتمام يجهضان مشاعر الحب مهما كانت فياضة ... الى كل البشر، الى كل من يحب .. فلتواصلوا احتواء من تحبون .. واهتموا بهم وبمشاعرهم وبقلوبهم .. حتى لا تشتعل النار بين جوانح محبينكم .. ولا يضنيهم البعاد والهجر .. وحتى لا يشمت فى المحبين أعداؤهم .. أو نصدق فى المحب قولا يثير الشكوك .. ......................... الشاعرة المصرية/ حنان حمدي أبوزيد