الدكتورة ريهام عاطف في الواقع لا يمت العنوان بأي صلة للفيلم الذي نعرفه. سأتحدث عن فيلم وثائقي شاهدته منذ أيام عن التعليم في فنلندا وبالنسبة لي يعد أيضاً فيلم ثقافي حيث أني تعلمت كيف يفكر هذا الشعب الواعي وكيف تتصرف الحكومة- التي تهتم بوعي شعبها- تجاه المشكلات التي تواجهها. يعرض هذا الفيلم بعض المفاتيح التي أحلت محل الأقفال القديمة وساهمت بشكل أساسي في تطوير التعليم وتنمية مهارات الطفل الفنلندي. إن عملية التعليم في فنلندا تعد ظاهرة غير عادية ويجب على وزارة التعليم في مصر أن تأخذ في الاعتبار هذه الظاهرة المتطورة وأن تدرسها وتحللها وتستعين بها من أجل تطوير عقلية الطالب المصري ومساعدته على الفهم والإبداع وليس الحفظ والتلقين. وفقاً للبرنامج الدولي لتقييم الطلبة (Pisa) وهو عبارة عن اختبارات تجريها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) كل 3 سنوات لقياس قدرات الطلبة ومهاراتهم في القراءة والرياضيات والعلوم. ويعد هذا الاختبار ضمن بحث دولي لقياس جودة الأنظمة التعليمية و وفقاً لنتائج هذه الاختبارات، تعد العملية التعليمية في فنلندا الأفضل مقارنة ببلاد أخرى كالولايات المتحدة على سبيل المثال وبالطبع لن أذكر مصر لأنها خارج نطاق الخدمة. هناك بعض الأسباب والتي تعتبر من المحاور الهامة في نظام التعليم الفنلندي والتي تظهر في الموقع التالي: www.aulaplaneta.com يتم اختيار المعلم بشكل دقيق بعد حصوله على درجة الماجستير وبعد اجتيازه العديد من المقابلات الشخصية والتأكد من فهمه للمنظومة التعليمية وكيفية التواصل مع الطالب وتقديم المعلومة له من خلال أحدث الطرق الممكنة كما أن المُعلم يتمتع بمكانة عظيمه في المجتمع، التعليم في جميع المدارس بالمجان، فيحصل الجميع على نفس جودة التعليم دون التفرقة بين ابن الغفير وابن الوزير، تُعِد كل مدرسة ومعلميها منهج خاص ليسيروا عليه ويضعوا خطة بحثية للوصول إلى أفضل النتائج وذلك داخل إطارعام للمنظومة التعليمية بالبلاد، يتم الاهتمام منذ بدء الدراسة بذوي الاحتياجات الخاصة أو من لديهم صعوبات في الدراسة وبذلك يتم تجنب أكبر نسبة فشل ممكنة في عملية التعليم كما يؤخذ في الاعتبار قدرة استيعاب الطالب المختلفة وأيضاً تكاد تكون الامتحانات والواجبات المنزلية غير موجودة، بالرغم من أهمية التعليم وجدية العملية التعليمية إلا أنه يُراعى وقت الطالب وحقه في اللعب والاستراحة ولذلك تكون الحصص قصيرة وهو ما يُزيد من قدرة الطالب على الفهم والاستيعاب والتركيز أما بالنسبة للمدرسين، فيستغلوا الوقت المتبقي في البحث وتحضير دروسهم وتنظيم أفكارهم والتعاون أحياناً كثيرة مع مدرسين آخرين من أجل إثراء العملية التعليمية ومساعدة الطالب على التفكير والإبداع، لا يتم اختبار الطالب أو تقييم أداءه حتى سن 11، يتم تدريب الطالب على المشاركة والتعاون بينه وبين زملائه كما أن التجربة والإبداع من أهم أساسيات التعليم، يشكل التعليم أهمية كبيرة في المجتمع ويدرك الأباء مدى أهميته ويعتبروا التعليم ركيزة أساسية من أساسيات الحياة ولذلك يقضون وقت كبير مع أبنائهم لمساندتهم وحثهم على الأنشطة الثقافية التي تبلور العملية التعليمية. وفقاً لتقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية احتلت فنلندا في عام 1970 المراكز الأخيرة في مجال البحث والتنمية وسرعان ما أدركت أنه لا مجال لتقدم البلاد وتسيير عجلة الأنتاج سوى الأهتمام بالتعليم وتطويرة وتم المراد حتى وصلت إلى المركز الأول وأصبحت من أهم الدول تعليماً وأكبرها أنتاجاً وأعظمها اقتصاداً. إن ما حدث في ذلك البلد يعد بمثابة معجزة ولكن بشرية. متى سندرك نحن أهمية التعليم في تطوير عقولنا وقدراتنا ومهارتنا؟ متى سندرك أن التعليم أساس كل شئ؟ متى ستفيق الحكومة من الغيبوبة أم أن التعليم الفاشل خطة موضوعة للقضاء على وعينا؟ إني أطالب كل معلم مثقف ويعي خطورة ما نمر به أن يبدء بنفسه وأن يبحث عن الطرق الحديثة في التعليم واستخدام التكنولوجيا في التدريس. أيها المعلم إذا كنت لا تملك أن تغير المنهج، فغير نهجك. وفي الختام لا أجد أفضل من قول العظيم باولو فرير: "إن التعليم لا يُغير العالم بل يُغير الأشخاص اللذين بدورهم سيغيرون العالم".