لو رجعنا بالذاكرة إلى يوم توقيع حركة حماس على ورقة المصالحة في القاهرة وما رافقها قبل ذلك من نية السيد الرئيس التوجه إلى قطاع غزة والتصريحات الايجابية جدا التي وردت على لسان السيد خالد مشعل في ذلك الوقت لوجدنا أن قاتلها كان القيادي في حركة حماس السيد محمود الزهار الذي فاجأ الجميع بقوله أن التصريحات التي وردت على لسان السيد مشعل لا تمثل الحركة وأنها تمثله وحده وليست بالضرورة تمثل الحركة. اليوم ونحن على أبواب اللقاء الذي سيجمع السيد الرئيس محمود عباس والسيد خالد مشعل هل نتوقع أن يتكرر المشهد السابق وتخرج التصريحات الايجابية من السيد مشعل ويخرج علينا السيد الزهار ليقول رأيه المختلف تماما ونكون أمام معضلة مع من نتحدث ومع من يجب على الرئيس أن يلتقي من القيادات الحمساوية. من الواضح أننا نقف أمام معضلة تسمى الثنائية في التمثيل الحمساوي بين قيادات الحركة المتواجدين على الأراضي السورية, وبين قيادات الحركة في قطاع غزة الذين يصرون على القبض بيد من حديد على ميزات الحكم في القطاع, وهنا نرى وبشكل واضح أن قيادة الحركة في الخارج يتمتعون ببصيرة أوضح وانصح من تلك التي يحملها بعض قيادات الداخل وتحديدا في القطاع. إن حركة حماس شاءت أم أبت باتت تعاني من الانقسام في بنيتها الأساسية إلى ثلاثة أقسام وهي الجسم القيادي الذي استطاع أن يقرا المستقبل من خلال المتغيرات في المنطقة العربية وشعوره بالمسئولية التي توجب التوقيع على ورقة المصالحة وإنهاء الانقسام وهي الرغبة التي يحملها الغالبية العظمى في القيادات العربية بمن فيهم القيادات الجديدة التي أفرزتها بعض الثورات العربية, والقسم الثاني وهو القسم المهمش في الضفة الغربية وهو لا يتمتع بأي صلاحيات قيادية حقيقية ولا يعدو كونه يحاول أن يكون وسيط بين قيادة الحركة في قطاع غزة وبين القيادة الفلسطينية والسيد الرئيس محمود عباس في الضفة الغربية وقد اخفق أن يكون كذلك وكانت أفعاله تكاد تكون معدومة النتائج رغم الايجابيات التي تحملها ولو على الصعيد الإعلامي فقط, القسم الثالث وهو الأهم والأخطر ويتمتع بالسيطرة العسكرية على القطاع وهو المحرك الأساسي لكتائب عز الدين القسام ولا ينافسه في ذلك حتى القيادات الخارجية والكل يعلم أن من يرأس هذا القسم هو السيد محمود الزهار الذي يتمتع بعلاقة تاريخية ووطيدة مع السيد احمد الجعبري المتصرف الأمني والعسكري الوحيد في القطاع وهذه هي الحقيقة رغم كل المسميات التي يحملها القيادات الأخرى وعلى رأسهم السيد هنية الذي يرأس الحكومة المقالة من الناحية الشكلية فقط ولا يعدو كونه واجهة لتجميل صورة الحركة وحكمها في القطاع. إن هذا القسم الذي يرأسه الزهار هو الأخطر ليس على حركة حماس وحدها فقط وإنما هو الأخطر على المشروع الوطني الفلسطيني برمته وهو الذي يتهدد بشكل خطير النظام السياسي الفلسطيني وهو لا يزال يعيش في كهوف الماضي وليس لديه القدرة أو النية في أي تغيير يصب في المصلحة الوطنية الفلسطينية, إضافة إلى انه يتهدد الحركة الأم وهي حركة حماس التي استطاعت أن تبقى متماسكة البنيان القيادي منذ نشأتها وحتى اليوم. وأخيرا هل استطاع السيد خالد مشعل أن يضع حدا للسيد محمود الزهار وهل باستطاعته أن يمون وبشكل كامل على هذا التيار الحمساوي المتنفذ في القطاع وهل نحن أمام تكرار للمشهد الذي ظهر أثناء التوقيع على ورقة المصالحة والذي تمثل بعدم قدرة السيد مشعل على المضي قدما في إخراج حكومة فلسطينية توافقية من اجل الذهاب إلى الأممالمتحدة بهدف انتزاع العضوية الكاملة للدولة الفلسطينية, حيث كان العالم كله يقف إلى جانب القيادة الفلسطينية باستثناء أمريكا وإسرائيل وحماس غزة ويا رضا الله ورضا الوالدين.