ما أجمل أن يعيش الإنسان الحب ويشعر به فالحب أسمى المعانى وأجمل شيئاً فى الحياة فمن خلال هذا الحب يشعر الإنسان بالراحة والسعادة ، فالحب أصبح فى زمننا هذا عملة صعبة بل عملة نادرة . قلما وجدناه ونشعر به ، فالحب الذى أتحدث عنه هو الحب الصادق الحقيقى النابع من القلب والخالى من أى أغراض دنيوية وكذلك هو الحب بكافة أنواعه سواء أكان هذا الحب يخص حب الزوجة أو الحبيبة أو حب الوطن أوحب الأسرة والأبناء . إن الحياة بدون حب تشبه الصحراء بدون ماء فنحن لا نتستطيع أن نعيش فى حياتنا بدون حب وكذلك لا نستطيع العيش فى عالم يتسم بالحقد والكراهية والغل والقتل ، فمن خلال الحب نستطيع أن نتعاون ونحقق الأهداف وننعم بالحياة . هل الحب الأخير هو الحب الأول ؟؟؟ ليس بالضرورة أن يكون الحب الأخير هو الحب الأول وأعتقد أن الحب الأخير هو ذلك الحب الحقيقى الذى يحصل عليه الإنسان فى أخر تجارب الحياة التى مر بها وبعد التغيرات التى حدثت له فى حياته ، ولكن الحب الأول قد يكون حب صادق أبدى وقد يكون حب مؤقت ينتهى مع مرور الوقت . عادة يحدث الحب الأول فى فترات المراهقة وخصوصاً فى بداية العمر من خلال الإعجاب والرغبة فى التعرف على الطرف الأخر فنظرتنا فى تلك المرحلة نظرة غير مكتملة فقد يكون الدافع هو الشعور الداخلى بإننا مرغوب فينا من الطرف الأخر أو يكون البحث عن لذة أو شهوة . إن الحب فى تلك المرحلة لا يكون النظر له بهدف تكوين أسرة وتربية جيل فكل ما يتم التفكير به فى تلك المرحلة هو الرغبة فى سماع كلمات رنانة وكلمات الحب الذى تدق القلب والتى تدغدغ مشاعرنا وأحاسيسنا . قد ينجح الشخص فى التمسك بحبه الأول ويجعل منه الحب الأخير فى حياته وينعم بذلك وقد لا يستطيع أن يجعله الحب الأخير لعدة إعتبارات مجتمعية ولعدم إكتمال الشخص المطلوب منه وقدرته على تحمل المسئولية والحصول على دخل ثابت . ولكن فى رأيي أن الحب الأول عادة لا يكون حب حقيقى فى الكثير من الحالات وربما كان سبب فى تدمير الطرف الأخر إذا سيطر هذا الحب على القلب بدون عقل وقد تنجرف الفتاة الى عواطفها وتفقد أهم ما تملك وهو شرفها وسمعتها التى تمثل رأس المال للفتاة فى المجتمعات الشرقية وقد يكون سبب فى إنحرافها أو العيش بسمعة سيئة وكلاماً يلاحقها طيلة حياتها . وقد يكون الحب الأول للشاب مدمر له فى مواصلة حياته وشعوره بأنه لن يحصل على ما يتمناها ، فقد يهمل فى دراسته وقد يتجه الى طرق الضياع للهروب من الأمر الواقع والعيش فى الخيال ، مثل الإتجاه الى شرب المخدرات أو عدم التركيز فى الدراسة أو الشعور بأن الحياة أنتهت بالنسبة له . أعتقد أن تفكير الشاب والفتاة فى تلك المرحلة من عمرهم يكون تفكير سطحى يبحثان عن اللذة والإشباع الجسدى والعاطفى فقط ،فالحب فى هذه المرحلة يصبح حب شهوانى لإنه تم إختصاره فى لحظات قليلة فالحب الحقيقى هو الحب بكامل أنواعه جسدياً وروحياً ، وأن يحب الطرفان بعضهما البعض بكل ما فيهما من عيوب فليس هناك إنساناً كامل فى هذه الحياة ولكن بالحب يستطيع الطرفان أن يتقبل كلاً منهم الأخر والوصول بحياتهم إلى بر الأمان . إن الحب الأخير الذى يحصل عليه الإنسان من خلال الزواج هو الحب الحقيقى والصادق فى هذه الحياة لو توفرت له الشروط وسعى كل طرف أن يحافظ على هذا الحب وأن يتم بذل الجهد لكى ينمو ويكبر ويصبح شجرة عملاقة لا تستطيع نسمات الهواء أن تقتلعها أو تهز كيانها . لإن الحب بين الأزواج يكون فى البداية كالبذرة الصغيرة التى تنمو مع مرور الوقت من خلال المواقف التى تحدث بينهم وقد يكون الحب التقليدى من أجمل وأقوى حب إذا أراد الطرفان وأقتنع كلا منهم بالأخر ورغب الطرفان فى أن يكملا حياتهم معاً ، من خلال إخلاص كلا منهم للأخر ، فسوف يكون مع مرور الوقت حباً كبيراً بل يصبح فى معظم الأحوال أقوى من الحب الأول الذى نشعر به فى بداية حياتنا . حتى يحافظ الطرفين على الحب والوصول الى بر الأمان والنعيم بهذا الحب الشرعى والذى بدوره سوف يؤثر على الأطفال عندما يتم تربيتهم فى بيئة مستقرة وحب بين الزوج والزوجة فيصبح لدينا جيل يحمل تفكير سليم على عكس لو كانت العلاقات تحتوى على المشاكل وعلى الخلافات فسوف يتم تفتيت الأسرة . حتى يستمر هذا الحب وينجح لابد أن تكون العلاقة بينهم مبنية على عدة عوامل للوصول الى بر الأمان ومنها الثقة : لابد أن يكون هناك ثقة بين الطرفين وأن يحافظ كل طرف على تلك الثقة . المناقشة والحوار: لابد أن يكون هناك حوار دائماً بين الطرفين يتخلله المصارحة والمكاشفة فى كافة الأمور وأن يحاول كل طرف أن يعدل من عيوبه حتى يرضى الطرف الأخر . الوفاء والإخلاص : لابد أن يكون الوفاء والإخلاص هما أساس العلاقة الزوجية لإنهم سبب نجاح العلاقة . وأخيراً حتى ينجح الحب سواء كان الحب الأول أو الحب الأخير يجب أن يكون هناك قناعة بداخل الطرفين بما يفعلونه وأن يتم مراعاة الله فى كافة تصرفاتهم وأن يكون الحب فى إطار شرعى ، لإن الحب أغلى وأسمى من أن نختصره فى علاقة عابره .