الدكتور أحمد عبد الهادى لازال الوجه البشوش للأديب محمد خليل يطل من الذاكرة قويا وهو يمد اليد بأصابع حانية ويطالع مئات الصفحات التى كتبتها ، يخالجنى شعور بالرعب والخوف من المجهول على ماكتبت منتظرا قرارا من بين شفتيه على ما أكتب ... ثم بكلمات مقتضبة قال : حسنا موافق ... سأحضر يوم الأحد القادم ... وظللت منتظرا ذلك اليوم الذى أعتبره بداياتى الحقيقية فى عالم الأدب ... ثم ذلك المشهد الذى أربكنى فى نادى الأدب بقصر ثقافة المنصورة ... مصطفى السعدنى ... محمد عمار ... محمد أبوالمجد .. صفوت سليمان ... محمود الزيات ... طارق مايز ... محمد عبد المطلب ... وعشرات ممن لم أذكرهم الآن ... كنت لازلت طالبا فى الصف الثانى الثانوى لحظتها ... وكنت أمارس الأدب سرا هاربا من جميع افراد عائلتى ... وأترابى والمحيطيين بى مختفيا وسط حقول السمارة قريتى القابعة فى أعماق مركز تمى الأمديد بمحافظة الدقهلية .. وفى نادى الأدب طلبوا منى التوجه لمحمد خليل لأسأله إذا كان يقبل مناقشة القصص الموجودة فى النادى لأنه لايوجد من يمارس الكتابة القصصية سواى وعدد بسيط من الحضور ... ووافق الرجل مشكورا ... وعندما وافق أرسلوا له الكثير من القصص لأدباء آخرين ... وجلسوا هم يتصدرون المشهد ... وانزويت أنا كالفأر المذعور فى أحد أركان نادى الأدب مختفيا عن الأضواء المباشرة ... فأنا لا أعرف أيا من الحضور ... وملامح قريتى البسيطة قفزت على وجهى الذى احمر خجلا وخوفا ... ثم سمعت الأديب محمد خليل ينادى اسمى ويأمرنى بقراءة قصة قصيرة كتبتها وقدمتها له فى المقابلة الأولى ... وفى رعب ظللت أقرأ ... ولا أعرف متى انتهيت من القراءة ولا أعرف عدد الساعات التى استغرقها فى التعليق على قصتى ... تلتها دقائق توقف فيها عند الكثير من قصص الحضور الذين استيقظت على صيحة إحتجاج قوية من معظمهم اعتراضا على تخصيص كل الندوة لقصة واحدة لطالب ثانوى صغير السن أول مرة يحضر نادى الأدب ... فقال لهم قولته التى لازلت أذكرها : لأننى أشعر أن هذا الطالب سيكون ذا شأن فى الإبداع ذات يوم وبان القلق والرغبة فى البكاء والسعادة من بين ملامحى ... ليكون هذا اليوم تاريخ محفورا فى الذاكرة ... كل شئ لازلت أذكره ... وأذكر أحلامنا الفتية ومشروعاتنا الأدبية وسنوات العمر تتوالى .... وبحثنا عن ذاتنا وسط تحديات غير مسبوقة ... وانفجار ثورة المعرفة والإنترنت فنضع تجربة حزب شباب مصر الذى خصصنا نصف برنامجه عن جيل الإنترنت أوجيل الصداقات عابرة القارات كما أطلقنا عليها فى برنامج حزب شباب مصر ليكون بذلك أول حزب فى العالم يلفت الانتباه لتمرد الجيل الجديد على كل الكبار فى كل أنحاء العالم ... وبعد سنوات قررنا فى حزب شباب مصر أن نصدر سلسلة " كتاب شباب مصر " والتى أعلنا من خلالها عن تبنى مشروع ثقافى طالما حلمنا به ذات يوم ... وهو التوثيق للإبداع والمبدعين فى كل محافظات مصر ... ندرك جيدا أنه ليس مشروع حزب سياسى ... إنما هو مشروع دولة ... لكننا كنا على يقين أننا الأجدر بتبنى هذا المشروع ....... لذلك قررنا أن نبدأ مشروعنا الذى حلمنا به ... واثقين كل الثقة أن البقاء دوما للأصلح ... وأن الإبداع الحقيقى يدوم رغم أنف التحديات ... وعندما بدأنا قررنا أن نبدأ من هناك ... من الدقهلية ... من بين تلك الأماكن التى شهدت أحلامنا الفتية ... وشهدت طفولتنا وسطورنا الأولى ... من بين الصحبة والرفاق ... من قلب مدينة المنصورة ... والسنبلاوين ... والسمارة ... ليكون هذا الكتاب الموجود بين يدى القارئ الأن ... هو أول كتاب ضمن مشروعنا ... والذى يضم توثيقا لإبداعات الجيل الجديد من كتاب القصة القصيرة فى محافظة الدقهلية والذى وثق له الأديب والمبدع الكبير "إبراهيم حمزة" فى كتابه الذى إختار له عنوان "أحفاد شهرزاد عن القصة فى الدقهلية " ... والذى كان مثالا يحتذى به حقيقة فى الالتزام بالوقت وخطة العمل بطريقة أبهرتنا وجعلتنا نشعر بأن جيل المبدعيين الجدد والذى تخلق من روح ثورة الإنترنت واختلط بها فيه أمل لإعادة البناء من جديد ... ولم يكن يهمنا فى هذا المشروع الذى بدأناه أن نكتفى بمجرد نشر الإبداعات بين صفحات الكتب التى نزمع إصدارها بقدر مايهمنا التوثيق للإبداع والمبدعيين والتأريخ لهم فى كل محافظة من محافظات مصر . ونعتبر كتاب " أحفاد شهرزاد عن القصة فى الدقهلية " هو بداية سلسلة تعمل على التوثيق للإبداع فى كل محافظات مصر إن شاء الله . ملتمسين العفو والمغفرة من أى أخطاء أوأى سلبيات ربما تظهر بعد النشر رغما عنا على وعد بأن نقوم بتطوير الفكرة أولا بأول فى الكتب القادمة إن شاء الله مرحبين بأى مقترحات أومشاركات تطوعية من المهتميين والجهات المعنية باعتبار أن هذه السلسلة تقوم على الجهود التطوعية فى المقام الأول والتى تعتمد على تشارك الجميع فى عشق الكلمة والمساهمة فى تطوير البناء الإبداعى فى مصر . القاهرة فى 26فبراير2016م