استغل عبد الرحمن بن حبيب الفهري والي إفريقية سقوط الدولة الأموية ليستقل بحكم إفريقية. خشي الفهري ظهور الأمويين الفارّين من المشرق على ولايته، فتتبعهم بالقتل، فقَتَل منهم ابنين للوليد بن يزيد لذا، ظل عبد الرحمن الداخل يتنقل من مكان إلى مكان خمس سنين، بدءًا من نزوله على أخواله بني نفزة، وهم من بربر طرابلس، ثم نزل على مكناسة وقيل مغيلة، حيث آواه أبو قرّة وانسوس المغيلي، لحمايته من متعقبيه ثم منها إلى قوم من زناتة منازلهم قرب البحر في سبتة وفي عام 136 ه، أرسل مولاه بدرًا إلى موالي بني أمية في الأندلس يطلب عضضهم والتمهيد لدخوله الأندلس فعرض بدر رسالة عبد الرحمن على أبي عثمان عبيد الله بن عثمان وعبد الله بن خالد وأبي الحجاج يوسف بن بخت زعماء موالي بني أمية في الأندلس، فأجابوه. وعرضوا الأمر على الصميل بن حاتم وكان من زعماء المضرية، غير أن الصميل خشي علي نفوذه من مجيء عبد الرحمن، فاستقر على ألا يجيبه كان الأندلس حينئذ يغلي بسبب النزاعات المتواصلة بين القبائل المضرية واليمانية، فوافقت دعوة عبد الرحمن رغبة اليمانية المدفوعين بالرغبة في الثأر لهزيمتهم أمام الفهرية والقيسية في موقعة شقندة ' فاحتشدوا لنصرة عبد الرحمن. ثم أرسل زعماء الموالي مركبًا تعبر به إلى الأندلس، فوصل إلى ثغر المنكب في ربيع الثاني سنة 138 ه. بني عبد الرحمن قصر الرصافة في أول حكمه، وسماه الرصافة كرصافة جده هشام بن عبد الملك الذي بناه في الشام & وأحاطه بالحدائق الزاهرة التي جلب لها الغروس والزروع والنوى لم تكن من قبل في الأندلس من الشام وإفريقية & وفي عام 150 ه، أقام سور قرطبة الكبير، الذي حصّن به قرطبة، واستمر العمل به لأعوام & وفي عام 170 ه، أسس الأمير عبد الرحمن المسجد الجامع في قرطبة، وأنفق على بناءه 100 ألف دينار وقيل 80 ألف دينار. & وكان المسلمون حين افتتحوا قرطبة، قد شاطروا أهلها كنيستهم العظمى، فابتنوا فيه مسجدًا. ولما كثرت عمارة قرطبة، ضاق المسجد على مرتاديه، فابتاع الداخل الشطر الثاني من النصارى بمائة ألف دينار، فأسس عليها الجامع، وتمت أسواره في عام، وأمر ببناءه على طراز المسجد الأموي بدمشق. وقد بلغت مساجد قرطبة في عهده 490 مسجدًا. كما أنشأ دارًا لسك العملة، تضرب فيها النقود بحسب ما كانت تضرب في دمشق في عهد بني أمية وزنًا ونقشًا كان لديه دهاء وحكمه في اداره امور الاندلس & فبعد أن فشلت حملة شارلمان على شرق الأندلس، وهزيمة جيشه في معركة باب الشرزي. دعاه عبد الرحمن الداخل إلى السلم والمصاهرة، لتوطيد العلاقة بين الدولتين، فأجابه شارلمان إلى السلم، ولم يجبه إلى المصاهرة. قال عنه ابن حيان القرطبي: «كان كثير الكرم، عظيم السياسة، يلبس البياض ويعتم به، ويعود المرضي، ويشهد الجنائز، ويصلي بالناس في الجمعة والأعياد، ويخطب بنفسه. كان قد نقش علي خاتمه جمله تدل علي مجمل شخصيته وهي ( عبد الرحمن بقضاء الله راض ) انه عبد الرحمن الداخل أمير الأندلس محمود سعد