تقدم المحامي بالنقض طاهر أبو النصر، اليوم الخميس، بطعن أمام محكمة القضاء الإداري على قرار وزير العدل أحمد الزند، الذي صدر الثلاثاء الماضي، بإلزام طالب الزواج الأجنبي من مصرية بتقديم شهادات استثمار ذات عائد دوري بالبنك الأهلي المصري بمبلغ 50 ألف جنيه باسم طالبة الزواج المصرية. واشتُرط القرار رقم 9200 لسنة 2015 استيفاء للمستندات المطلوبة لدى مكتب التوثيق، وذلك إذا ما جاوز فارق السن بين طالب الزواج الأجنبي من مصرية 25 سنة، عند توثيق العقد. وقال، أبو النصر لأصوات مصرية، إن قرار وزير العدل، يخالف المادة (10) من الدستور، ويرسخ لجريمة الاتجار بالبشر، حيث أن الزواج في هذه الحالة ارتبط بالمال وليس بالدين والأخلاق. وتنص المادة (10) من الدستور على أن الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وتحرص الدولة على تماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها. وأوضح أبو النصر أنه طعن على القرار رقم 9200 لسنة 2015 لأنه معلن في الوقائع الرسمية، وبالتالي أعطى فرصة للطعن عليه خلال 60 يوما، قائلا "إذا قبل الطعن يتم الرجوع إلى نص القانون"، معربا عن أسفه منح القانون 103 في مادته الخامسة وزير العدل الحق في التجاوز عن أي شرط لإتمام الزواج. وتنص المادة (5) من قانون التوثيق رقم 103 لسنة 1976 على أنه يجب على الموثق قبل إجراء التوثيق أن يتثبت من أهلية المتعاقدين ورضائهما وصفاتهما وسلطاتهما.فإذا كان محل التوثيق عقد زواج أجنبي بمصرية أو التصادق عليه فيجب ألا يجاوز فارق السن بين المتعاقدين 25 سنة، ويجوز بناء على قرار من وزير العدل أو من يفوضه التجاوز عن كل أو بعض الشروط سالفة الذكر عند توثيق العقد. حالات استثنائية وأوضح المركز المصري لحقوق المرأة، في بيان اليوم الخميس، أن قانون التوثيق منذ عام 1976 يمنع تجاوز فارق السن بين الزوج الأجنبي والزوجة المصرية 25 عاما، وفقاً للبند 2 من المادة 5 من القانون 103 لسنة 1976 "وقد تتم حالات استثنائية بموافقة وزير العدل". وقال المركز "في عام 1993 وتحت ضغط جماعات الإسلام السياسي حوَّل وزير العدل آنذاك الاستثناء إلى قاعدة عامة للأسف الشديد، وجعله مشروطا بتقديم شهادات استثمار ذات عائد دوري بالبنك الأهلي المصري بمبلغ 25 ألف جنيه باسم طالبة الزواج المصرية". وأضاف "في عام 2004 تم فتح النقاش حول الموضوع مرة أخرى وبدلا من إلغاء الاستثناء والعودة إلى الأصل في القانون وهو المنع، زاد هذا المبلغ إلى أربعين ألف جنيه"، وبالتالي جاء قرار وزير العدل الحالي بتمديد العمل بجعل الاستثناء هو القاعدة ورفع قيمة الشهادات من 40 ألف إلى 50 ألف جنيه. ويرى المركز أن هذا القرار وإن كانت نواياه طيبة فقد جانبه الصواب، لأن الأفضل لحماية المرأة من الاستغلال، ليس زيادة المبلغ، وإنما العمل لتحقيق عدة إجراءات بالرجوع إلى الأصل في القانون الصادر عام 1976 والذي يجعل حالات الزواج بفارق 25 سنة من أجنبي غير مسموح، لما ينطوي عليه من شبهات عالية للاتجار. تشديد العقوبات وطالب المركز المصري بمواجهة جميع أشكال الاتجار بالنساء بالتعاون مع الشرطة للتكثيف من عملها في مواجهة عصابات الاتجار التي تعمل ما يسمى ب "الزواج السياحي" وتشديد العقوبات لمواجهة العصابات التي تدير هذه الشبكات والتي ربما يتورط فيها أحد أفراد أسرة الفتاة. وتؤكد نهاد أبو القمصان، رئيسة المركز، على إجراء حوار مع المتخصصين من المجتمع المدني لما لهم من خبرات عميقة مع المجتمع وذلك فيما يتعلق بكل التشريعات التي تمس المرأة من خلال تفعيل إدارة حقوق المرأة التي أنشأها وزير العدل. وقال المستشار حمدي عبد التواب، عضو اللجنة الإعلامية بوزارة العدل، إن قرار وزير العدل بتعديل مواد قانون التوثيق، رقم 68 لسنة 1947، والمعدل بالقانون رقم 103 لسنة 1976، جاء للحد من ظاهرة زواج المصريات من الأجانب الذين يكبرهن في السن، والتي تفشت بشكل كبير في الفترة الأخيرة. وأضاف لأصوات مصرية، أن الوزارة لا تستطع مخالفة الشرع والدستور اللذين أباحا هذا الأمر، ولكن أرادت أن تحد من الظاهرة، وعدلت في القانون برفع قيمة شرط الزواج إلى 50 ألف جنيه بدلا من 40 ألف، أي بزيادة 10 آلاف جنيه، وكذا خفض شرط فارق السن إلى ما يزيد عن 25 عاما لدى الراغب في الزواج بدلا من 30 كما كان في الماضي. وأوضح عبد التواب أنه عقب انعقاد البرلمان سيُعرض عليه هذا القرار بقانون، ومن حقه أن يرفضه أو يقبله كيفما يشاء. ولفت عضو اللجنة الإعلامية بوزارة العدل إلى أن الوزارة أصدرت هذا القرار بهدف حماية الفتيات وضمان حقوقهن. شرعنة بيع البنات وقال، المحامي أحمد أبو المجد، رئيس جمعية "حقنا" لحقوق الإنسان إن القرار "محاولة لحماية الزوجة، لكنه يضيف شرعية على بيع البنات للأجانب والزواج السياحي". ويرى أبو المجد أن مبلغ 50 ألف جنيه ليس كافيا لحماية الزوجة من الزواج المؤقت، أو الطلاق، أو هجر الزوج لها وعدم اعترافه بالطفل الناتج عن هذا الزواج، موضحا أنها في هذه الحالة تتولى مسؤولية الأطفال بمفردها، وتواجه مشاكل في تسجيلهم. ويوضح أبو المجد أن معظم هذه الزيجات بضغوط من الأسرة وليس برضاء البنت أو بإرادتها الحرة، وهو ما لا يعالجه القانون. واعتبرت المحامية رباب عبده، نائب رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، قرار وزير العدل ب (تسعير الزواج السياحي) أنه يتعارض مع جهود مكافحة الاتجار بالبشر، معربة عن رفضها لمضمون القرار 9200 لسنة 2015. وقالت "القرار يؤكد أن وزارة العدل بمعزل تام عن جهود الدولة في مكافحة الزواج السياحي الذي يعد من أخطر الظواهر المجتمعية التي تهدد آمن وسلامة بنات مصر". وحذرت من استمرار ظاهرة الزواج الصيفي أو السياحي أو زواج الصفقة، الذي تستغل فيه الفتيات الصغيرات بالزواج من شخص يكبرها بعقود بشرط امتلاكه للسعر "والذي حدده وزير العدل بثمن بخس"، مضيفة "ده تأصيل وتأكيد على أن من يملك ثمن الشهادات هيتمكن من إتمام الصفقة، ولكن في إطار قانوني، وبموافقة ومباركة من وزارة العدل المصرية". وأكدت رباب عبده على أن هذا القرار جاء بشكل غير مدروس وبمعزل تام عن جهود المجتمع المدني على مدار سنوات في مكافحة هذه الظاهرة، اعتبرته محاولة "غير صائبة" من وزير العدل لحل المشاكل الناتجة عن زواج العرب بالمصريات أثناء تواجدهم بمصر. فيما رحبت ميرفت تلاوي، رئيس المجلس القومي للمرأة، بهذا القرار واعتبرته سيحد من ظاهرة الزواج السياحي.