دكتور / عبد العزيز أبو مندور كلما خبت عادت جريدة المصريون إلى الظهور على مسرح الأحداث في دور البطل مثلها في ذلك مثل البرادعى ووائل غنيم .. فكلما تحول حسن ظن قرائها بها.. لجأ ت مثلها مثل الإعلام لأساليب الإثارة المعهودة .. فلبست بدلة الشجان .. ! 00 فدائما تذكر البرادعي ووائ غنيم وكأنهما من فجر ثورة 25 من يناير 2011م .. ! لقد سبق أن كتبت ( خرافة البرادعي ) ونشرتها مواقع كثيرة منها دريدة المصريون .. كما نشرتها جريدة الوفد في ذلك الوقت وكانت روح الثورة على أشدها .. ثم لتغيير المصالح والأدوار تحولت وانقلب حزب الوفد ورئيسة 180 درجة ليتحالف مع جبهة الإنقاذ ضد رئيس الجمهورية المنتخب الدكتور محمد مرسى .. وانضوى حزب الوفد خلف البرادعي كغيره من الأحزاب الورقية .. لعب تدار بالدوبار كالريموت كنترول على مسرح السياسة 00 وقطع حجارة على رقعة الشطرنج .. لقد استطاع المجلس العسكري أن يدير الدفة لهدفه الأهم 00 فقد ساهم بنصيب وافر في نجاح الثورة .. بداية من هروب الشرطة ونزول الجيش إلى الشارع .. فقد أتت الفرصة التى يقوض بها فكرة توريث الحكم ورفضه لها .. فأزاح حسنى مبارك وأسرته وحزبه البغيض .. تمهيدا لإزاحة كل من شاركوا في ثورة 25 من يناير 2011م من الطريق .. وهذا ما قلته في مقالتين الأولى ( ماذا تبقى من ثورة يناير ؟ ! ) .. والثانية مقالة(عودة لخطاب 23 يوليو 1952م) أن كل شيئ ( محلك سر ) وعودة لخطاب ثورة يوليو 1952م بصورته الجديدة ، فإن جمال عبد الناصر وهو رئيس وزراء مصر فى ذلك الحين حرك مظاهرات ضد الرئيس محمد نجيب ؛ قيل انها مدفوع ؛ مبلغ ( 4000 ) أربعة آلاف جنيه يومها ، فلا أحد يعلم من أين له بها . وعموما ، لن أكرر ما سبق أن قلته فى مقال لى فى أغسطس 2009م بعنوان ( أما الثورة 00 فلا 00 ! ) من أننى كنت وما زلت أفضل التغيير السلمي البطيء 00 فضلت تلك الخطة السلمية للتخلص من فكرة التوريث المقيتة التى عمل لها النظام الدكتاتوري فى ظل حكم فاسد طيلة ثلاثون سنة هى فترة الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك. وربما كان يشاركتى فى ذلك بعض الكتاب من ذوى الخبرة والحس السياسي والوعي الشعبي ، فالثورات فى تاريخنا السياسي غالبا ما كان يصاحبها أنواع من العنف مع خصومها ؛ وما كان يعقبها من انتكاسات مشهورة فى تاريخنا العربي والإسلامي ، فإخفاقات الثورات العربية والإسلامية معلومة لكل مبتدئ فى قراءة التاريخ 00 ! وها قد حدث وانتكست ثورة 25 من يناير 2011م كغيرها من الثورات ، فالثورة التى كانت تنادى بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية سلبت بأيد خفية لصالح تجار الأزمات وأبواقهم فى الماكينة الإعلامية المرذولة 00ولا أبالغ إن قلت أن التخلص من ثورة 25 من يناير كان مخططا لها من أول لحظة سلم فيها المخلوع السلطة للمجلس العسكري ، فلم يصدر منه شخصيا قرارا بالتنحى ؛ لا بالإشارة ولا بالإيماء ، ولا بالكتابة والتوقيع ، ولا قولا مسموعا فى خطاب عام للشعب 00 ، تماما كما حدث مع الرئيس المعزول الدكتور محمد مرسى ، فلم يسمع منه أنه تنازل أو استقال أو تنحى بأى صورة من الصور ، بل كل ما ينشر أنه مازال متمسكا بكونه الرئيس الشرعي المنتخب 00 ومازال مؤيدوه يطالبون بعودته لسدة الحكم كشرط للتفاوض مع القوى صاحبة السلطة المؤقتة 00 ! وهذا يدلك على أننا فى مصر لا نحترم لا القانون ولا شيئ عندنا نعترف به اسمه دستور ، بل كما قال السادات من قبل : إحنا اللى بنصنع الدساتير ، يعنى نهدها ونبنيها كما نريد ، نفركش وقت ما نريد ، ونلم وقت ما نريد ، كل بالهوى ، فلا دستور ولا قانون ؛ ولا يحزنون ، بل قتلى وجرحى فى كل الميادين باسم الثورة أحيانا ، وباسم الشرعية أخرى ، وباسم مصر ثالثا ، وباسم الشعب وإرادته كما كان يبدأ عبد الناصر خطبة الحماسية ، فلا يذكر اسم الله تعالى إلا فى المساجد ودور العبادة ، فالحكم العسكري والدكتاتوري أنسب صيغ الحكم فى حالتنا الفرعونية 00 ! والقصة أن ثورة شعبية حقيقية قامت فى 25 من يناير 2011م ضد نظام مبارك ، فاختيار اليوم كما قال البعض كان مقصودا به التنكيد والتكدير على عيد الشرطة بمناسبة صمودهم أمام المحتل الإنجليزي فى الإسماعيلية ، فكيف يقبل المصريين أن تحتفل الشرطة بمثل هذه المناسبة المجيدة ، فينال رجالها وساما لا يستحقونه ، فما أصاب الشعب المصري من ويلاتهم وما ناله من إهانات على أيديهم طوال ستون سنة من حكم العسكر لا يغتفر00 وعموما ، أدار المجلس العسكري برئاسة المشير حسين طنطاوى شئون البلاد ، فقضى على أكثر من نصف الاحتياطي الدولاري بالبنك المركزي فى أقل من سنة ونصف ، وكان قد بلغ ( 36 مليار دولار ) قبل الثورة ، وتسلم الدكتور محمد مرسى الحكم رئيسا للجمهورية فى 30من يونيو 2012 م ، فهو نفس التاريخ الذى عزله فيه المجلس العسكري أيضا برئاسة الفريق أول عبد الفتاح السيسي ، فكأننا نلعب لعبة الساقية الدوارة التى تأخذ الماء من حوض ثم تصبه فيه مرة أخرى ، أو كما فى المثل الشعبي ( دود المش منه فيه ) ، فلا شيء جديد ، أو كما كنا نقول صغارا بعدما نزهق من اللعب أو يعصف بنا من يعكر علينا صفونا 00 فركش 00 وهى كلمة يقولها أيضا المخرج السينمائي للممثلين والعاملين معه فى نهاية مساخرهم00 فركش 00 ! لقد تم التسويق والتحضير لذلك بعناية وحرفية تظهر عبقرية وحنكة الدولة العميقة وخبرتها فى مثل هذه المهام الصعبة ، فعطلوا كل شيئ ، فلم يتعاونوا مع مؤسسة الرئاسة ولا مجلس الوزراء ، بل وضعت كل المعوقات من أول لحظة ، فكل ما قدموا للرئيس مظاهر واستعراضات حتى أسكرته مبكرا كؤوس ومظاهر السلطة ( الفشنك ) ، فكان الرئيس لا يملك أيا من أدوات الحكم ، فلا كلمة له على القضاء ، ولا كلمة له على الشرطة ، ولا كلمة له على الجيش ، ولا كلمة له على القوى السياسية ، 00 حتى ظٌنَ 00 أنهم اضطروه إلى التحصن بأهله وعشيرته التى ساعدت هى الأخرى بتصرفاتها الرعناء غير المحسوبة ومعها قوى من التيارات الإسلامية على إخفاقاته وتخبط قراراته ؛ فلا نعفيه ، فصار معزولا فى جزيرة وحدة كما هو حاله الآن بعد عزله فى 30من يونيو 2013م ، ، فقد تفاقمت الأزمات المصطنعة فى كل شيئ 000 تمهيدا للخطوات الحاسمة التى روجوا لها مبكرا جدا ، فقد موهوا على المصريين منذ البداية 00 وروجوا عبارة بسيطة ( ولا يوم من أيامك يا مبارك ) ، 00 فتقبلها المصريون بعفويتهم الإمعية ، وبما فيهم من سذاجة ، فهم - بما غرسه فى نفوسهم الفراعنة والجبابرة والطواغيت - دائما ما يستهويهم الماضى 00 مهما كان مرا ، فيحنون ويميلون إليه ، فكأنهم شعب بلا مستقبل ، ولسان حالهم يقول ( اللى تعرفه أحسن من اللى متعرفوش ) ، 00 فرددوها كالببغاء ، 00 ثم انتشرت صوره فى كل مكان ، حتى لصقها البعض ممن لا يهتمون حتى بصور أمهاتهم ، وبلا وعي لما يراد بهم من عودة لما قبل 25 من يناير 2011م ؛ فساعد على ذلك تجزر سماسرة الحزب الوطني المخضرم ، فقد شعروا بمرارة من ضياع مجدهم البائد ؛ فجاءتهم الفرصة ليردوا الصاع صاعين ، فليس بالضرورة عودة مبارك فى شخصه ، فالفكرة أن تعود الجماعة الحاكمة بالفعل أو ما يسمى بالدولة العميقة 00 ! وتتأتى الخطوات بعد ذلك ، فتم تدريب مجموعة صغيرة من الشباب تحت مسمى ( تمرد ) قيل أنها ممولة بأموال جمال مبارك ، فظنى أنها ممولة بكل ما نهب من ثروات مصر سواء من أموال أسرة المخلوع مبارك أو من مجموعته وسراق المال العام ممن يسيرون فى ركابه من رجال المال ، فتم لهم مرادهم ، فخرجوا فى يوم 30من يونيو 2013م فى حماية الجيش والشرطة لينهوا ما تبقى من ثورة 25 من يناير 2011م ، والعجب أن من شاركوا فى ثورة 25 من يناير شاركوا فى الانقلاب عليها فى صورة تمرد على مرسى وجماعته ، بل تم حرق مقرات حزب الحرية والعدالة ومقر ومركز المرشد العام وجماعة الإخوان المسلمين بالمقطم ثأرا مما حدث من حرق مقرات الحزب الوطني فى ثورة 25 من يناير 2011م 000 ولم يبق شيئ لم يفعل بمبارك وجماعته إلا فعل بمرسى وجماعته من عزل واعتقالات وتهم قد تصل بهم إلى المشانق ، بل بات من المنتظر أن يحاكم الرئيس محمد مرسى المعزول بجميع ما اتهم به نظام سلفه المخلوع ، فيساق الإخوان كالخرفان كما قال عنهم إعلام جوبلز ، فقد ساهم بالنصيب الأكبر فى الخارطة الجهنمية التى أطاحت بحلم المصريين يوم كانوا بالميادين فى 25 من يناير 2011م حتى يوم خلع مبارك ونظامه الفاسد المفسد ، فلا أموال مهربة حصلت عليها مصر ، ولا يحزنون ، 00 فرحة ما تمت00 00 يعنى باختصار جماعة الإخوان المسلمين وكل من تصايحوا تحت ما يسمى بالمشروع الإسلامي ( يشيلوا الليلة ) ، وكأنكم يا ثوار00 لا رحتم ولا جيتم 00 فركش 00 وعجبى 00 ! وهذا ما عبرت عنه فى مقال لى بعنوان ( التى نقضت غزلها ) ، فكان أن رفضت جريدة المصريون أن تنشره دون غيرها من مواقع أيضا محترمة .. نشرته بطوله. وبهذا 00 لم يعد هناك 25 من يناير إلا عيدا للشرطة ، بعدما أهينت كثيرا ونال منها المصريون أثناء الثورة 000 ولم يعد هناك 25 من يناير ولا أحداث دامية ولا محاكمات لنظام المخلوع إلا فى جرائم المال العام ، فقد حصل الجميع على براءات فى جرائم قتل المتظاهرين ، فلم يبق إلا بعض رجال المال بتهم خاصة لا تمت للثورة بصلة ، ووزراء كالعادلي ونظيف فى قضايا فساد مالي ، فكلها إن تم البت فيها سنوات ربما ينال أصحابها عفوا عاما 00 والمسامح كريم 00 وما أكثر ما ينسى المصريون 00! ومن ثم فلا أدرى علة تكرار الترويج لهؤلاء المهرجين من أمثال الربادعى ووائل غنيم .. هؤلاء هم من كانوا أول من قد أكل الطعم مثلهم مثل الإخوان المسلمين ، ناهيك عن الأحزاب الورقية والحركات الأخرى ، فقد ظن كل منهم أن المجلس العسكري سيعطيه الزعامة ، فإذا به يستخدمهم جميعا ضد الإخوان كما استخدم الإخوان وحزب النور ضدهم .. واللعبة مازالت قائمة .. ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين .. لقد ظنوا أن المجلس العسكري لا يفهم فى العمل السياسي .. فإذا بهم لعبة فى يده كعرائس المسرح .. فأغراهم بالظهور فى الفضائيات .. فظنوا أنهم أبطالا فإذا بهم كقطع الحجارة على رقعة الشطرنج .. يحركهم الأبطال المحترفين كيفما شاءوا .. إنه الطمع .. يوقع السمك دائما فى شبكة الصياد الحاذق.. ! ( وعلى الله قصد السبيل ) [email protected]