دكتور / عبد العزيز أبو مندور احتفلت وسائل الاعلام بتوقعات وتكهنات السنتاتور المريكي ببراءة حسنى مبارك ، وكأنه وحده فعل لك ، ولكننا بلا كهانة ، قلنا أن مبارك المخلوع سيحصل على البراءة كغيرة من جوقة نظامه الفاشل ! فلماذا جون ماكين ؟ ! اقرأوا المقال مرة أخرى لتعلموا أننى قد سبق لى أن رسمت إطارها العام ، بل وتكلمت فى مقالات عدة عن بعض تفصيلاتها العميقة ، فلم يهتم أحد ! والمقال سبق ونشرته جريدة المصريون المحترمة بتاريخ 28/ 7/213م قلت : لن أكرر ما سبق أن قلته فى مقال لى فى أغسطس 2009م بعنوان (أما الثورة.. فلا..!) من أننى كنت أفضل التغيير السلمي البطيء للتخلص من فكرة التوريث المقيتة التى عمل لها النظام الدكتاتوري فى ظل حكم فاسد طيلة ثلاثين سنة هى فترة الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك. وربما كان يشاركني فى ذلك بعض الكتاب من ذوى الخبرة والحس السياسي والوعي الشعبي، فالثورات فى تاريخنا السياسي غالبًا ما كان يصاحبها أنواع من العنف مع خصومها ؛ وما كان يعقبها من انتكاسات مشهورة فى تاريخنا العربي والإسلامي، فإخفاقات الثورات العربية والإسلامية معلومة لكل مبتدئ فى قراءة التاريخ ! وها قد حدث وانتكست ثورة 25 من يناير 2011م كغيرها من الثورات ، فالثورة التى كانت تنادى بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية سلبت بأيدٍ خفية لصالح تجار الأزمات وأبواقهم فى الماكينة الإعلامية المرذولة.. ولا أبالغ إن قلت إن التخلص من ثورة 25 من يناير كان مخططًا لها من أول لحظة سلم فيها المخلوع السلطة للمجلس العسكري، فلم يصدر منه شخصيًا قرارًا بالتنحى؛ لا بالإشارة ولا بالإيماء، ولا بالكتابة والتوقيع، ولا قولًا مسموعًا فى خطاب عام للشعب ، تمامًا كما حدث مع الرئيس المعزول الدكتور محمد مرسى، فلم يسمع منه أنه تنازل أو استقال أو تنحى بأى صورة من الصور، بل كل ما ينشر أنه مازال متمسكًا بكونه الرئيس الشرعي المنتخب ، ومازال مؤيدوه يطالبون بعودته لسدة الحكم كشرط للتفاوض مع القوى صاحبة السلطة المؤقتة ! ( كان ذلك كما هو معلوم من تاريخ النشر قبل انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيسا للبلاد ) وهذا يدلك على أننا فى مصر لا نحترم لا القانون ولا شيء عندنا نعترف به اسمه دستور، بل كما قال السادات من قبل: إحنا اللى بنصنع الدساتير، يعنى نهدها ونبنيها كما نريد، نفركش وقت ما نريد، ونلم وقت ما نريد، كل بالهوى، فلا دستور ولا قانون؛ ولا يحزنون، بل قتلى وجرحى فى كل الميادين باسم الثورة أحيانًا، وباسم الشرعية أخرى، وباسم مصر ثالثًا، وباسم الشعب وإرادته كما كان يبدأ عبد الناصر خطبه الحماسية، فلا يذكر اسم الله تعالى إلا فى المساجد ودور العبادة، فالحكم العسكري والدكتاتوري أنسب صيغ الحكم فى حالتنا الفرعونية! والقصة أن ثورة شعبية حقيقية قامت فى 25 من يناير 2011م ضد نظام مبارك، فاختيار اليوم كما قال البعض كان مقصودًا به التنكيد والتكدير على عيد الشرطة بمناسبة صمودهم أمام المحتل الإنجليزي فى الإسماعيلية، فكيف يقبل المصريون أن تحتفل الشرطة بمثل هذه المناسبة المجيدة، فينال رجالها وسامًا لا يستحقونه، فما أصاب الشعب المصري من ويلاتهم وما نالهم من إهانات على أيديهم طوال ستين سنة من حكم العسكر لا يغتفر. وعمومًا، أدار المجلس العسكري برئاسة المشير حسين طنطاوى شئون البلاد، فقضى على أكثر من نصف الاحتياطي الدولاري بالبنك المركزي فى أقل من سنة ونصف، وكان قد بلغ ( 36 مليار دولار) قبل الثورة، وتسلم الدكتور محمد مرسى الحكم رئيسًا للجمهورية فى 30من يونيه 2012 م، فهو نفس التاريخ الذى عزله فيه المجلس العسكري أيضًا برئاسة الفريق أول عبد الفتاح السيسي، فكأننا نلعب لعبة الساقية الدوارة التى تأخذ الماء من حوض ثم تصبه فيه مرة أخرى، أو كما فى المثل الشعبي (دود المش منه فيه)، فلا شيء جديد، أو كما كنا نقول صغارًا بعدما نزهق من اللعب أو يعصف بنا من يعكر علينا صفونا.. فركش.. وهى كلمة يقولها أيضًا المخرج السينمائي للممثلين والعاملين معه فى نهاية مساخرهم00 فركش 00 وبهذا، لم يعد هناك 25 من يناير إلا عيدًا للشرطة، بعدما أهينت كثيرًا ونال منها المصريون أثناء الثورة00 ولم يعد هناك 25 من يناير ولا أحداث دامية ولا محاكمات لنظام المخلوع إلا فى جرائم المال العام، فقد حصل الجميع على براءات فى جرائم قتل المتظاهرين، فلم يبق إلا بعض رجال المال بتهم خاصة لا تمت للثورة بصلة، ووزراء كالعادلي ونظيف فى قضايا فساد مالي، فكلها إن تم البت فيها سنوات ربما ينال أصحابها عفوًا عامًا.. والمسامح كريم.. وما أكثر ما ينسى المصريون ! ( والله غالب على أمره ) [email protected]