على الرغم من الوضع الامني العربي المزري الى اقصى الحدود وعلى الرغم من تخبط العراق و سوريا و اليمن و ليبيا و السودان بين دفتي رحى الحرب وبين براثنها الفتاكة وعلى الرغم من تعرض مسلمي بورما وافريقيا الوسطى للمجازر الانتقامية المروعة البشعة و للحرق و القتل و التهجير و التشرذم و التشتت من جراء المؤامرات العدوانية و التدخلات الخارجية و خيانات داخلية الا انه ما زال من الخونة من يتآمر على بقية الدول العربية للاطاحة بها و ادخالها في خانة الحروب الارهابية الجهنمية كما انه من المؤسف و المحزن و المخزي ايضا ان نجد بعض المسلمين اصحاب القرار والادوار الفعالة و خاصة المؤثرة في الاوساط الاجتماعية كرجال الدين و السياسة كانما اعجبتهم اللعبة وقد تكون راقت لهم او علهم انساقوا في تيارها اوربما كانت لهم يد فيها... او لمصلحة لهم في ذلك فيجارونها او انهم لم يشعروا بطعم مرارة القهر و الظلم و الجور و التعسف و الطغيان فيفاجئوننا بارائهم او قراراتهم او طلباتهم او دعاواتهم اللامسؤولة مثل مطالبة المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية اية الله علي خامنئي السعودية بالاعتذار عن القتلى (1) . وكانما السعودية تعمدت عملية التدافع واسقاط الرافعة حتى تقتل الحجيج. وخروج رجل الدين الإيراني علينا داعيا الحكومة السعودية بالتخلي عن تولي تنظيم عملية الحجيج. وقد سبقه الأحد 27 سبتمبر 2015 احتجاج مئات الايرانيين على مقتل مئات الحجاج الايرانيين في تدافع في مشعر منى اثناء الحج هذا العام. وقد تجمع المتظاهرون و كانوا نحو 400 شخص أمام السفارة والقى بعضهم الطماطم والبطيخ على جدران السفارة. ليست هذه المرة الاولى التي يثور فيها الايرانيون على السعودية ففي 31 جويلية 1987 قام بعض الحجاج الإيرانيين بمظاهرات عارمة أثناء موسم الحج منددة بالولايات المتحدة عرفت بأحداث مكة 1987، وقاموا بسد الطرقات وإحراق السيارات ومنع الحجاج الآخرين والأهالي من الذهاب إلى وجهاتهم، فحاول بعض الحجاج التدخل لتهدئة الإيرانيين وفض المظاهرات لكنهم رفضوا هذه المطالب، ثم بدأ المتظاهرون في التوجه إلى المسجد الحرام رافعين شعارات الثورة الإسلامية في إيران وصور مرشدها العام آية الله الخميني، فتدخلت قوات الأمن السعودية لإنهاء تلك التظاهرات، وأسفرت هذه المواجهات بين قوات الأمن السعودية والمتظاهرين الإيرانيين عن مقتل 402 شخصاً (275 من الحجاج الإيرانيين، 85 من السعوديين، 45 حاجاً من بلدان أخرى)، وعن إصابة 649 شخصاً (303 من الحجاج الإيرانيين، 145 من السعوديين، 201 حاجاً من بلدان أخرى). إن تظاهر الايرانيين أمام السفارة السعودية في طهران هاتفين “الموت لال سعود الغادرين” ومطالبة المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية اية الله علي خامنئي السعودية بالاعتذار عن القتلى ودعاء رجل الدين الإيراني إلى أن يوكل تنظيم عملية الحج إلى الدول الإسلامية و تخلي السعودية عن تنظيم الحج يثبت ان ما حدث اثناء عملية تدافع الحجيج كان مؤامرة محاكة ومدبرة بجدارة وان الحادث كان مخطط له و بفعل فاعل وخاصة ان ايران لها سابقية حادثة مكة 1987وذلك لايجاد حجة دامغة تخول لايران او الدول الاسلامية افتكاك مسؤولية و ادارة تنظيم عملية الحج من الحكومة السعودية بدليل مرتكز ارتكازا قويا على إدانة السعودية بسوء ادارة عملية الحجيج استنادا الى عدد الموتى المتفاقم هذه السنة بالنسبة للسنوات الماضية. في حين انه معروف لدى جميع المسلمين ان الحجيج يموتون كل سنة في التدافع بمنى وهذا ليس بالغريب ولا بالعجيب و لا بالجديد حتى ان هناك بعضا من الحجيج من يطلق على منى "جبانة الحجاج" لان الحجيج يموتون فيها كل سنة من جراء التدافع.الا ان تدافع الحجاج هذه السنة كان تدافعا اشبه منه بتدافع مياه الفيضان من شلالات مرتفعة و سقوطها من منحدر سوء عميق. وهو يعتبر أعنف حادث يحدث في الحج منذ التدافع الأخير عام 1990 الذى أدى إلى مقتل 1426 شخص. وهذا امر طبيعي لان الحجيج انحدروا من كل فج عميق و كل منهم له تربيته وطبعه و بيئته التي جاء منها زد على ذلك الحرص على اداء المناسك على اكمل وجه دون ان ينقصها شيئ و لا تشوبها شائبة. حيث يخرج الحجيج بكثافة بعد صلاة الفجر من مزدلفة متوجهين إلى وادي منى على بعد حوالي 6 كم شمال الحرم المكي، وذلك لرمي جمرة العقبة الكبرى، قبل أن يتموا بقية مناسك الحج، وقع منذ عام 1990 3 حوادث على الأقل في مشعر منى، ولمنع او الحد من تكرر حوادث التدافع في منى ومقتل الحجاج قامت السلطات السعودية بأكثر من تعديل في خطط المرور لتنظيم الحركة هناك والتقليل من الحوادث. ومنى هي وادي شرق مكة، محصور بين سلسلة جبال، بطول يبلغ نحو (4.100) متر، وأقصى عرض (1.700) متر، وأقل عرض لا يزيد عن (400) متر، وبمساحة كلية تبلغ (7.82) كم2، الصالح منها للاستخدام فعليا (4.8) كم2 فقط، أو ما يساوي (4.800.000) متر2، أي ما يعادل 61% من مجمل المساحة، والمتبقي 39% (3.02) كم2، عبارة عن جبال وعرة ترتفع قممها حوالي 500 م عن الوادي. في موسم الحج من كل عام، ولمدة تبلغ أقصاها ستة أيام، يقطن منى ما يزيد عن مليوني حاج، إضافة لغيرهم من العاملين ومقدمي الخدمات المختلفة، ليصل العدد الكلي إلى أكثر من 3 ملايين نسمة. مما يجعل هذا المكان ولفترة معينة هو المكان الأصغر مساحة والأكثر اكتظاظا بالناس في العالم. أثناء توجه حجاج بيت الله الحرام هذه السنة الى منشأة الجمرات لرمي جمرة العقبة حدث ارتفاع وتداخل مفاجيء في كثافة الحجاج المتجهين الى الجمرات عبر شارع رقم (204) عند تقاطعه مع الشارع رقم (223) بمنى، مما نتج عنه تزاحم وتدافع بين الحجاج وسقوط أعداد كبيرة منهم في الموقع. ان حدوث الارتفاع و التداخل المفاجئ في حد ذاته يطرح اكثر من سؤال و اكثر من نقطة استفهام. ان رجل الدين الايراني وهؤلاء الذين تظاهروا امام السفارة السعودية و المرشد لم نعلم ان لهم رايا فيما يتعرض له الفلسطينيون في غزة من اعتقال وقتل من طرف المستعمرين و الجيش الاسرائيلي، ولم يهتفوا الموت لاسرائيل حين صبت جام غضب صواريخها على غزة و اطفالها فقتلت اكثر من 400 طفل ؟ ولم يطالبوا اسرائيل بالاعتذار. و لماذا لاذوا بالصمت سنة 1990 ولم يتكلموا رغم العدد الكبير من الموتى؟. ان دعاء رجل الدين الايراني يؤكد ايضا ان هناك أياد قذرة تعبث في الخفاء لتسييس المأساة وبث الفرقة و الفوضى و البلبلة في أوساط المسلمين. لخلق فجوة الخلاف والفتنة وربما النزاع على تولي سلطة إدارة تنظيم مناسك الحج. خاصة وان الحادثة سبقها بأسبوعين سقوط رافعة في الحرم المكي أودت بحياة 111 شخصا.ترى ما سبب سقوط الرافعة؟؟؟ وقد أثارت الحادثة توترات طائفية بين غريمي المنطقة السعودية السنية وإيران الشيعية، والتي أثيرت بالفعل بسبب الاضطرابات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، مثلا الحرب الأهلية الارهابية بسورية والحرب الأهلية اليمنية. هؤلاء الزعماء الإيرانيون الذين اتهموا السعودية بسوء الإدارة ودعوا إلى تشكيل هيئة مستقلة للإشراف على الحج ربما بدافع الاحساس بالمسؤولية تجاه 464 ايرانيا الذين كانوا من جملة ضحايا التدافع وربما بنية خبيثة مبيتة متعللين بحادثة التدافع وهذه الاقرب. لكن هذا لا يخول لهم التكلم باسم المسلمين ولا التدخل في الشؤون الداخلية للمملكة العربية السعودية. هناك من يصطاد في الماء العكر وهذا ما يثبت ايضا ان هناك مؤامرة حقا حيكت في الخفاء وربما تكون السبب في سقوط الرافعة و في حدث ارتفاع وتداخل مفاجيء في كثافة الحجاج المتجهين الى الجمرات عبر شارع رقم (204) عند تقاطعه مع الشارع رقم (223) بمنى مما ادى الى تفاقم عدد الموتى في الحج هذه السنة وذلك لافتكاك مسؤولية تنظيم عملية الحج من الحكومة السعودية. حسب إعتقادات المسلمين، يرجع تاريخ تأسيس مكة إلى أكثر من 2000 سنة قبل الميلاد يعلم كل العرب و المسلمين ان ادارة الحج من قديم الزمان في عهدة السعودية المتمثلة انذاك في السقاية وهي من الأمور التي كانت تقع على عاتق قريش أثناء الحج من توفير المياه بالنسبة للحجاج الذين يأتون من كل البلاد إلى مكة التي كانت تعاني من ندرة المياه وقلة الأمطار وذلك حين انتقل أمر مكة من يد خزاعة إلى قريش وهي إحدى القبائل العربية التي تنتسب إلى قبيلة كنانة إحدى قبائل مضر، تحت أمرة قصي بن كلاب الجد الرابع للنبي محمد صلى الله عليه و سلم ،[وقام ببناء دار الندوة ليجتمع فيها مع رجال قريش، وقام قصي بن كلاب قبل وفاته بتقسيم أمور الحرم على أولاده الأربع، فكانت سقاية البيت والرفاة والقيادة من نصيب ولده عبد مناف بن قصي الجد الثالث للنبي محمد صلى الله عليه و سلم. بعد وفاة عبد مناف بن قصي تولى قيادة قريش ابنه هاشم بن عبد مناف، وبعد وفاته تولى القيادة واستلم امورسقاية الحرم عبد المطلب بن هاشم جد نبي الله محمد صلى الله عليه و سلم الذي قام بحفر بئر زمزم مرة أخرى. وفي عهد الدولة العباسية يقول أيوب صبري في كتابه (مرآة جزيرة العرب) ولما تولى بنو العباس الخلافة حالت أعمال الملك دون قيامهم بأمر السقاية، فكانوا يعهدون إلى آل الزبير المتولين التوقيت في الحرم الشريف القيام بأعمال السقاية بالنيابة، ثم طلب الزبيريون من الخلفاء العباسيين ترك السقاية لهم، فتركوها لهم بموجب منشور. إلا أنه نظرا لكثرة الحجاج فقد اشترك معهم آخرون في العمل باسم الزمازمة. اما في عهد الدولة العثمانية فقد عمل الأتراك العثمانيين على تثبيت آل الزبير في عمل السقاية، حيث أنهم لا زالوا يتكفلون برئاستها حتى الوقت الحاضر. وآل الزبير هؤلاء يعرفون اليوم ب «بيت الريس».ومن بعض الفرمات التاريخية في العهد العثماني التي توضح شيئ من تسلسل مهنة السقاية في العهد الإسلامي كما يلي: الفرمان العثماني في شهر رجب عام 1130 ه وهو في عهد أمير المؤمنين وخليفة المسلمين السلطان أحمد الثالث بن محمد الرابع بن إبراهيم وفي عهد الشريف عبد الله بن سعيد، ونصه كالآتي " إنه من الزمان القديم في مكةالمكرمة وخدمة بئر زمزم الشريف لأولاد سيدنا عبد الله بن الزبير وهم على قسمين فالرئيس الشيخ عبد السلام في علوه موقف ومخصص بتوقيت المسجد الحرام وأولاد الشيخ علي بن عبد العزيز في سقاية بئر زمزم وجملة السقاية تحت يده وأمره وبهذه الكيفية معروف ومألوف منذ ثمانمائة سنة ومن أولاد الشيخ عبد العزيز، الشيخ عبد المعطي الذي لم يعقب وبوقوع وفاته لا يكون من الخارج شخص مداخلاً في خدمة بئر زمزم لأجل محافظة واحترام الرسم القديم، ويرفع هذا الفرمان إلى مؤقت المسجد الحرام وقدوة العلماء المحققين الشيخ عبد السلام وبالخصوص توجه له براءة سلطانية شريفة وإلى دولة وسعادة شريف مكة عبد الله بن سعيد والمشير المفخم نظام العالم والي جدة وزيرنا الحاج أبو بكر باشا أدام الله تعالى اجلاله وإلى أفضل قضاة المسلمين قاضي مكةالمكرمة زِيد أفضاله، وقدوة العلماء المحققين مفتي مكةالمكرمة محمد تاج الدين، ونائب الحرم الشريف السيد أحمد بن محمد، واعرضوا ذلك على الوجه المشروح وبموجب ذلك صار التوجه إلى محاسبة الحرمين لأجل قيد الفرمان في جدة، حرر في تاريخ ألف ومائة وثلاثين 1130 ه في شهر رجب ويعمل ذلك والحذر الحذر من المخالف ... " انتهى وبعض هذه الصكوك موجود بعهدة آل الريس وعمرها ما يقارب 400 عام. وبعضها موجود في الأرشيف العثماني بإسطنبول. وقد نقل بعضها بعض المؤرخين المكيين، وأيضا اطلعت على مجموعة من تلك الصكوك العثمانية وزارة الحج والديوان الملكي ومركز تاريخ مكة. وقد ثبتت الدولة السعودية مشيخة زمزم تشريفاً فقط لآل الريس حين اختلفت أساليب السقاية. وفي عهد الدولة السعودية : عهد الملك خالد بن عبد العزيز، وعهد الملك فهد بن عبد العزيز، بقي محمد عباس بن محمد الرضوان بن عبد السلام بن عثمان الريس الزبيري رئيساً للسقاية في الحرم الشريف إلى أن توفي العام 1412 ه، وهو آخر من باشر مشيخة زمزم في الحرم الشريف من آل الزبير، رحمه الله، ثم لما اختلفت أساليب السقاية باستخدام الأجهزة الحديثة وانتشار الزمزميات في الحرم الشريف انتهت هذه الوظيفة الجليلة، وبمرسوم ملكي أمر بتثبيت السقاية تشريفا لآل الريس بصرف مخصص سنوي لشيخ ماء زمزم وذلك من الرئاسة العامة لشؤون الحرمين. ويذكر المؤرخ محمد الحارثي: انتهت خدمة آل الريس على السقاية عام 1400 ه، وكان آخر من تولى مشيخة السقاية أو خدمة زمزم هو الشيخ محمد عباس بن محمد رضوان بن عبدالسلام الريس الزبيري، المتوفى عام 1412 ه. وانحصرت مهمة السقاية في العصر الحديث في “مكتب الزمازمة الموحد” ؛ وكانت نشأته بالأوامر الملكية. التاريخ شهد ان الحكومة السعودية كفؤ لها دراية كبيرة في ادرة الحج و خبرة قرون عديدة خبرة قديمة قدم بناية الكعبة وبداية الحج فتمرست فيها جيدا حتى اكسبتها حنكة في ممارسة مسؤولية تنظيم عملية الحج من قبل ظهور الاسلام الى يومنا هذا . لن توجد دولة عربية و لا اصلها مجوسي و لا غيرها تقدر على القيام بهذه المسؤولية الصعبة و الشائكة مثلها او احسن منها . واحساسا منه بعظمة المسؤولية المنوطة بعهدته رفض العاهل السعودي الملك سلمان اقتراحات رجل الدين الايراني الداعي بتخلي السعودية عن تنظيم مناسك الحج، بعد أن أدى تدافع الحجاج إلى مقتل المئات خلال موسم الحج الأخير. فلن نترك مجال التلاعب و التفتين لرجل الدين الايراني هذا أو غيره ولا أي فرصة اختراق ما لا يجب اختراقه ولن نسمح له ببث الفرقة والفتنة و الفوضى الخلاقة. هذا الذي يدعو الى ترك عملية الحج الى الدول المسلمة اتراه يعني ايران ام ان تقوم الدول الاسلامية بعملية ادارة الحج بالتناوب سنويا ام جماعيا وذلك باختيار لجنة متكونة اعضاءها من جميع الدول الاسلامية ام تراه ظن الامر بسيطا وسهلا للغاية ممكن ان يتولاه من لا خبرة له. وعله ظن ان عملية الحج مثلها مثل عملية رفع الحجر الاسود من طرف اعضاء ممثلين عن كل قبيلة. .(1) طهران- (أ ف ب). الاديبة و الكاتبة و الناقدة و الشاعرة فوزية بن حورية