أجبني إجابة واضحة هل ستتركنا يا ابراهيم أنا وطفلك على الرمال الذابحة تشوي الرمال طفلك وتجلدنا الشمس الجارحة ويتألم الطفل الصغير وتشتعل منه كل جارحة ونصرخ عليك وتتركنا لغثيان الصرخات النائحة ومَن يصدق أنك والده ؟ فتتركني لويلات العيون الفاضحة وتفكر كيف تترك زوجتك وطفلك يا ابراهيم من البارحة ؟ ونسيتنا في أروقة بلا ماء في صحراء جرداء ذابحة ألم تتألم لبكاء طفلك ؟ ودموع عيناه ونظراته السارحة قل لي شيئًا ، أقنعني بأي شيء ؟ فأين من الصحراء كلماتك البائحة ؟ * * * اهدئي يا هاجر وتريثي فمَن من البشر يملك الذهب ثم يتركه ينسكبُ فملائكة الرحمن ومعونة الله حولكِ ولن يتركوكِ ويذهبوا فمِن نسل الصغير سيأتي الكريم إن الكرم هو النسبُ ولا تتبعين خطوات الشيطان فليله خيانة وفجره كذبُ * * * وتصمت هاجر آسفة وتستعذ من الخطأ وطفلها الرضيع يبكي ويبكي من الظمأ فلا يوجد جرعة ماء أو حتى تمرة والرمال تلتهب من الشمس كحرقة الجمرة وبين الجبلين تذهب هاجر مرة بعد مرة سعيًا ما بين الصفا والمروة * * * وتتساءل هل طفلها سيصبح قتيل ؟ فما مصيرك يا ولدي يا كبدي ، يا إسماعيل تركنا والدك وأعلن بمفرده الرحيل فلا يوجد يابني للموت عطشًا بديل فلا تبكي وتمزقني فكل شيء أصبح مستحيل * * * وفجأة ينفجر الماء من أسفل قدم إسماعيل الله أكبر ، الله أكبر إنه جبريل ، إنه جبريل وتضم الأم طفلها وتروي عطش شفاه وتضمه بين ذراعيها في هذا المكان الذي يهواه وتتحول صحراء جرداء لبئر عذب عظيم المياه وتأتي القبائل كي تشرب فجلَّ جلَّ مَن سواه وتبكي هاجر وتضحك والطفل بين الماء تلعب يداه وتقول هاجر سبحان مَن حوَّل الجمر إلى أجمل حياه فكيف نحمل العجز والهمَّ والقدر بيد الإله ؟ * * *