عندما ترك سيدنا ابراهيم عليه السلام زوجته السيدة هاجر ورضيعها اسماعيل عليهما السلام في صحراء مكة القاحلة الجرداء التي ليس بها زرع ولا ماء.. بلا زاد سوي جراب من تمر وبعض المياه قالت له: "آلله أمرك بهذا؟پفقال "نعم" قالت: "إذن لن يضيعنا". وبعد أن نفد ما معها من زاد وأخذ صغيرها اسماعيل يتضور جوعاً ويتألم عطشاً ولم تجد في ثدييها ما ترضعه إياه لم تركن ولم تسكن وتجلس إلي أن يأتيها الفرج من الله رغم يقينها أنه سبحانه وتعالي لن يضيعهما.. بل أخذت تتحرك هنا وهناك وتهرول بين جبلي الصفا والمروة لعلها تجد ما تنقذ به رضيعها ضاربة أروع مثل في الأخذ بالأسباب مع اليقين علي الله وهو المعني الحقيقي للتوكل إلي أن وجدت الماء يتدفق من تحت أقدام ولدها اسماعيل بأمر الله سبحانه وتعالي. إن الدرس العظيم الذي نتعلمه من هذه القصة هو كيفية التوكل علي الله بحق بأن نأخذ بكل أسباب السعي المتاحة لدينا ليس كما يفعل الكثيرون الآن وهم المتواكلون الذين لا يتحركون ولا يسعون ولا يحاولون ولا يريدون بذل أي جهد بل يجلسون ويضعون أيديهم علي خدهم ينتظرون الفرج وقد نسوا أو تناسوا أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة. إن الاسلام دين يحض علي العمل والسعي والبذل والأخذ بأسباب الدنيا ومن لا يلتزم بمبادئه فلا يلومن إلا نفسه.