رواية ( 4 ) ، رواية لمؤلف مجهول الهوية أتخذ من أسم لوتس رمزا له ، لوتس تلك الوردة البيضاء الرائعة الجمال التي شاء ناموس الطبيعة المقدس بأنها تنبت في أشد المستنقعات وساخة ، وكلما كانت عفونة المستنقع أكبر كان جمالها يكبر !! وجدت الرواية في احدى صفحات الفيس بوك ، وقد صعقتني وحرمت عيناي النوم لأيام وأنا أبحر في أعماقها ، ليست الرواية عادية مثل باقي الروايات ، لكنها ، رواية اتخذت من الكتابة التصويرية أسلوبا لها ، مع لغة شعرية متقدمة وسيل من الكتابات الرؤيوية تذكرنا بتلك الكتابات الغنوصية القديمة المشفرة .. حاولت مرارا ان اكتب عن هذا الرواية ولكني فشلت لا لشيء سوى انني خفت ان انقصها حقها في هذا الكتاب جرأة واضحة لعلها الاكثر بين جميع الكتب الفلسفة الدينية والسياسية والاجتماعية , بصراحة انا شخصيا قد اخافتني تلك الجرأة بحيث اني لم استطع غلق الكتاب بمجرد ان قرأت الصفحة الاولى لما فيها من الابداع الرقي والتميز في سرد الوقائع قيمة الرواية لا تنبع مما فيها من تشويق فحسب، وإنما من كل ما يضاف إلى التشويق من رؤية جمالية، توازى الواقع الذى نعيشه، وتتولى تجسيده في بناء فني، يتولى تعرية مثالب هذا الواقع، ويكشف عن مساوئ قبحه وفساده، فيدفعنا إلى المزيد من الوعي به والتمرد على كل ما فيه من فساد سياسي، وتدهور اجتماعي، وتطرف ديني، وتأزم اقتصادي، واختلال قيم، ولكن بما لا يدفعنا إلى الهروب من هذا الواقع، بل مواجهته بالوعي، ومقاومته بقوى العقل والمنطق الرواية فيها تجسيد حي للواقع الذي يمر به العراق بشكل خاص خلال حقبة معينة , يتحدث عن واقع المرأة المغبون حقها , عن سلطة رجال الدين الرواية كتبت بدماء الضحايا , ضحايا الدين الدين والمصالح الشخصية أحداث نغطيها بأكفنا كل يوم .حتى لايقرئها احد ويفضح تأريخنا ..ولكن سوف ينكشف كل شيء يوما ما حيث تتعب الايدي من التغطية ..!! من وجهة نظري ان الكاتب وبسبب معاناته في ظل هذا المجتمع القاسي جاء بخيال خصب ليجسد رواية تمزج الخيال بالواقع باسلوب سلس ومتجانس رغم انه قد يجد البعض ان فيها بعض التعقيدات فهي تحتاج الى القليل من التكيز ولكن ما ان يبدا تواصل القارئ مع الرواية حتى يجد نفسه مع شيء جديد تماما عن كل ماسبق قراءته هدف الرواية هو اقامة واحة فيها حياة بدلاً من ذلك المستنقع الآسن الذي اجبرونا ان نعيش فيه . أزمنة متسخة بالكراهية والحقد كلها تجمعت في عصرنا هذا ، القتل وعقيدة الخراب ولاشي غيرها مع عقول أنصاف البشر وتلك الجرذان النصف بشرية التي قررت أنها لديها الوكالة المطلقة بالتحدث بأسم الآلهة البعيدة .. رواية ( 4 ) ، هي أطلاقة صغيرة ومتواضعة موجهة إلى عقول آلهة التدمير والموت ، ولأنها صوت مفرد ، تعال معي لكي نجعلها صرخة لعلها تحدث ثقبا .. ثقبا صغيرا في الجدار ، ليدخل الضوء والهواء النقي .