محمد فاروق يس - عضو المجلس المصرى للشئون الاقتصادية مصطلح الفساد أصبح كلمة بلا معنى ولا وزن، من كثرة تكرارها ومانشتتات المسئولين الغير مسئولة بمحاربتها والقضاء عليها فأخذوا يثنون القوانين التى هى فى واقع الأمر تُرسخ وتُعمق منه وتطلق يد الفاسد ليزداد فساداً وإفسادا، فليس بالقرارت ولا بالمانشتتات ولا بالقوانين التى أصبح الشعب يطالعها وهو يأكل ساندوتش الفول ويشرب الشاى وكأنما لا يعنيه الأمر من كثرة الوعود والأكاذيب التى عانى منها فتعود على الظلم والاستهانة به وبأبسط حقوقه الى أن أصبحت الانهزامية واللامبالاة ضمن الجينات المكونة للشخصية المصرية لطول أمد معاناته وفقدانه الأمل للحصول على إستحقاقاته الطبيعية، فلم يعد الفساد "ولا جديد فى هذا ولكنه تقرير للأمر" يجرى فى أواصل الدولة ومؤسساتها مجرى الدم فى الجسد العليل، بل تخطى ذلك ليستنشقه المواطن فى أنفاسه ضمن باقى الملوثات التى إعتادها من الملوثات الفكرية والكربونية والزراعية، ولا نتجنى على أحد فالنتائج والواقع هو خير دليل ولن أستعرض ما آلت اليه العملية التعليمية فى مصر من تراجع كارثى، ولا تدنى مستوى الخدمة الصحية، أو الخدمات المرورية، أو المؤشرات الاقتصادية الحقيقية، أو قراءة دلالات الموازنة العامة للدولة، أو تصريحات المسئولين المتعارضة والمتخبطة، أو ما آلت اليه الأوضاع فى أغلب أحياء ومدن البلاد من تدنى الخدمات وتحولها الى عشوائيات بهدم الفيلات والعمارات التى لا تتعدى أربعة طوابق وتحولها الى عمارات ذات خمسة عشر طابقاً لتضغط على المرافق وتُضعف من كفاءتها وتُخرب البنية الأساسية، ولا رد فعل حقيقى من المسئولين غير تحرير المحاضر لحماية أنفسهم.....................فكل هذا واضح للعيان لا يخفى على أحد. ولكننى هنا أشير الى أساس الفساد ومنبعه وهو الجهاز الإدارى والتنفيذى للدولة، والجهات المحاسبة له، فأبسط تداعيات تأخر صدور أحكام محاكم مجلس الدولة بالسنوات هو استبداد المشكو فى حقه وضعف همة وعزيمة الموظفين الآخرين وخوفهم من أن تطولهم قرارت المستبد الذى يزداد إستبداده وتوحشه، فينحازون الى الخنوع والسمع والطاعة والإنزواء وقد يؤدى الى التشكك فى القيادات ومحاولة الفرار من أية مواجهات ولو من بعيد تؤدى الى القرب من المستبد حتى ولو كان فى مصلحة العمل إلا اللجوء الى الرياء والنفاق إلا من رحم ربى وتزداد الشِلَلية فيتعمق الفساد ويتفشى فى أوساط جديدة بالأجهزة التنفيذية والإدارية للدولة وتزداد رعونتها وإسترخائها وإستهانتها بالقوانين واللوائح المنظمة لعملها ويزداد تراجع كفاءة آدائها التى تُقاس الآن بالسالب وتدوس على ما تبقى من قيم وخُلق، وما هو قانون الخدمة المدنية الجديد إلا +1 لما قبله من تشريعات، فمُنفذه ومُطبقه هو الأجهزة التنفيذية التى يغشانا فسادها ويُغطينا غمامها الأسود الخانق، وإذا أردنا حقاً أن تتخلص البلاد من الفساد، علينا ان نبدأ من القمة، فالفساد يشبه النمل الابيض، ينتشر ببطء ويصل الى كل مكان ولكن يمكن القضاء عليه بواسطة مبيدات الفساد يُحقن بها زعمائه وبطاناتهم في الوقت المناسب فتتشتت جيوشه وأعوانه وممارسيه. لقد نجحت الإرادة الحرة الحقيقية فى تنفيذ المشروعات القومية فى وقت وجيز وبدقة عالية شهد لها الجميع، وأنا هنا أعنى بدقة وبوضوح توفر الإرادة الحرة الحقيقية، فلماذا لا يكون هناك توقيت زمنى محدد للإنتهاء من التظلمات والقضايا الإدارية والتى تحمل فى طياتها كل خبايا الفساد الإدارى فيخشى أى مُنحرف تُسول له نفسه من إصدار قرار فيه شُبهة فساد لأن الملاحقة سوف تطوله فى وقت وجيز، ولا يخفى على أحد الكم المهول من أعداد القضايا التى تعج بها محاكم مجلس الدولة التى تراكمت مع مرور السنين ولم يتم الفصل فيها. فالأمر برمته يتمحور حول توفر إرادة حرة حقيقية للقضاء على الفساد المجتمعى لتتشكل منظومة عدالة متكاملة تهدف الى تحقيق العدالة الناجزة، فأية إصلاحات إقتصادية أو إدارية أو تشريعية لن نجنى ثمارها إلا عن طريق الطبقة المتوسطة التى فى طريقها الى الزوال والفقراء فهم من يشكل قاعدة هرم التنمية فإذا ما تم تعزيز تلك القاعدة وتقويتها بالشكل القويم فلن يستطيع احد وقف مسيرة التنمية ورأس الأمر كله هو منظومة العدالة الناجزة ونذكر سيادتكم بتصريحكم "الجهاز الإدارى هو المعوق الرئيسى للتنمية فى مصر". محمد فاروق يس عضو المجلس المصرى للشئون الاقتصادية [email protected]