أصبحت مدينة المحلة الكبرى مضربا للأمثال فى انتشار الفساد والرشوة والمحسوبية والإهمال، وقد تعود المواطنون على حياتهم الأليمة طوال السنوات الماضية إلى أن قامت ثورة 25يناير فانتظروا التغيير ولكنه لم يأت، وعلى ما يبدو فإنه لن يأتى فى ظل استمرار حالة الفساد داخل مؤسسات الدولة، وبسبب تولى إدارة شئون البلاد قيادات لا تزال مصرة على استمرار مسيرة الفساد مهما كلفهم ذلك من تضحيات، ولو كانت النتيجة هى ضياع مصر. وقد أكد رضا أبو العنين، من قرية الجابرية التابعة لمركز المحلة الكبرى، أن حالة القرى الثلاث: الجابرية والقيراطية وكفر العبابدة؛ لا تخفى على أحد؛ فهذه القرى محرومة من كل أنواع الخدمات الواجب توافرها للمواطن البسيط. فلا يوجد حافلة واحدة على خطوط هذه القرى لتنقل العاملين والطلاب والموظفين إلى مناطق أعمالهم والعودة بهم فى نهاية اليوم إلى منازلهم، ما أفضى إلى تحول حياة آلاف المواطنين بهذه القرى إلى جحيم مستمر، ووقعوا فريسة لسائقى التو توك الذى استغلهم أسوء استغلال، فأصبح التوتوك هو وسيلة المواصلات الوحيدة بهذه القرى الثلاث التى فقدت الأمل فى أن تصلهم وسيلة مواصلات آدمية، علما بأنهم يعيشون فى القرن الحادى والعشرين. ضف إلى ذلك أن هذه القرى الثلاث لا يوجد بها سوى وحدة صحية واحدة لا حول لها ولا قوة؛ فلا أطباء ولا ممرضين ولا مسعفين ولا أدوية.. لا توجد إلا المبانى فحسب، وأصبحت حياة المواطن الفقير فى هذه القرى الثلاث تنتهى بالمرض، لعدم وجود أى نوع من أنواع الخدمة الطبية أو العلاجية. إضافة إلى ذلك لا يوجد مسئول واحد تحرك لبحث معاناة هذه القرى المنكوبة. كما أن خدمة الصرف الصحى غير معروفة لدى أهالى هذه البلاد، ولم يسمعوا عنها نهائيا، واحتياجاتهم من مياه الشرب يتم تدبيرها من المياه المخلوطة والممزوجة بالأترية والأوحال، ومع عدم وجود طرق ممهدة أو مرصوفة تحولت حياة المواطنين إلى جحيم حقيقى، وخاصة فى فصل الشتاء فلا يمكن لأية سيارة أن تتحرك بأى شارع من الشوارع الموحلة والمغطاة بالطين، فتتوقف الحياة تماما فى هذه القرى فى فصل الشتاء، فيكون لديهم حالة من «البيات الشتوى» لحين سطوع شمس الربيع التى تجفف الشوارع فتعود إليهم الحياة مرة أخرى. ويتزامن كل ذلك مع ارتفاع منسوب المياه الجوفية بصورة غير مسبوقة بهذه القرى المعزولة -والتى تم تهميشها من قبل كل المسئولين- فتغطى المياه الآسنة الشوارع والمنازل، وتسبب أضرارا لا قبل لأحد بها، وخاصة بعد تآكل جدران المنازل من جراء ارتفاع منسوب المياه الجوفية بها، لعدم وجود صرف مغطى. وقد نكون منصفين إذا قلنا إن الطامة الكبرى التى أصابت مواطنى هذه القرى هى عدم وجود أنابيب الغاز، واختفاؤها نهائيا. إضافة إلى أن مسئولى الجمعية الزراعية ومفتشى التموين تلاعبوا بحصص المواطنين الفقراء ومنحوا أسطوانات الغاز إلى أصدقائهم ومعارفهم، وتركوا المواطنين المغلوبين على أمرهم يتخبطون ويستجندون بالمسئولين لنجدتهم، وقد انعكس النقص الحاد فى أنابيب الغاز على الأهالى فكانت المنازعات عند توزيع ما يصل اليهم من أنابيب الغاز بعد أعمال المجاملة والوساطة والمحسوبية. ضف إلى ذلك الانهيار التام فى الأمن؛ فهناك تدن تام فى الخدمة الأمنية، فبرغم الدوريات المستمرة فإن زيادة التشكيلات العصابية والمجرمين واللصوص وتجار المخدرات والسلاح حوّل هذه المنطقة إلى ما يشبه قرى المثلث الذهبى بالقليبوبية والتى تحولت إلى مناطق معزولة لتجارة المخدرات والسلاح، فأصيب المواطنون بحالة من الفزع الشديد، وأصبحت الشوارع غير مضمون السير فيها ليلا لأى سبب من الأسباب. وهكذا الحياة فى القرى الثلاث.. تسير بنظام «سمك.. لبن.. تمر هندى». إلا أن مسيرة الفساد المستمرة فى محيط قرى ومدن محافظة الغربية شهدت وقعة هى الفريدة من نوعها؛ فإن المحصل المسئول عن جمع رسوم التراخيص السنوية من زمام قرية منشأة الأوقاف قد حصّل رسوم تراخيص عن رخصة متوفى باسم «زكية عبد الواحد خليل» المتوفاة بتاريخ 1/12/2004، وظل الموظف المذكور «عبد العزيز عبد النعيم أبو المجد» يحصّل الرسم السنوى من ورثة المذكورة لمدة 8 سنوات متواصلة وحتى سنة 2012، ولا عزاء للأجهزة الرقابية التى فقدت دورها ووجودها، فانغمس أغلبية العاملين بالجهاز الإدارى للدولة بمحافظة الغربية ومجالس المدن والقرى والأحياء فى منظومة الفساد الشاملة، وابتزوا المواطنين وسرقوهم بادعاء أنهم موظفون عموم، ولا يمكن فصلهم من الخدمة. ويضيف السعيد السلخ، بالمعاش، مؤكدا أن حال قرية دخميس وكفر دخميس والبنوان ومنشأة الأوقاف تعانى من مشكلات فى المواصلات لعدم توافر المواصلات العامة بهذه القرى، وكذا هم محرومون من الخدمات، مثلهم مثل قرى القيراطية وكفر العبابدة والجابرية، وحالهم لا يخفى على المسئولين ولا يزالون ينتظرون أن تشرق الشمس فى يوم وتتوافر لهم مقومات الحياة الآدمية من مياه وصرف صحى وطرق ومواصلات وتعليم.