الحب المطلق للذات والرغبة في الحصول على كل شيء هو ما يعرف بالأنانية ، والشخص الأناني لا يفكر إلا في نفسه دون مرعاه لغيره أو النظر على المصلحة العامة ، فهو يعتقد أنه الشخص الوحيد الذي له قيمه وما يقوم به من أعمال هي الأنفع والأصح والأصلح والذي يستحق في مقابلها أن يحصل على كل شيء وفى أي وقت يريد وكيفما شاء ، وقديمًا قالوا على لسانه " أنا ومن بعدى الطوفان " وما أدراك ما الطوفان ، ذلك الشيء المخيف والذي يلوح في الأفق هذه الأيام ، فهو يدمر كل جميل ويشوه كل ذي قيمه ، ويعطل حتى أتوبيسات النقل العام ، ويُبكى أطفالنا المتعطشين للتعليم وللتعلم ، ويضيف إلى آلام مرضانا آلام أخرى هي الحسرة والخوف من مصير مجهول ، فهل ما نحن فيه الآن من مظاهرات فئوية هي أنانيه ؟ وهل عواقبها هي الطوفان ؟ كل البوادر تؤكد أن ما يحدث هو ذاك ، فتخيل معي قارئي العزيز أن كل أصحاب مهنة أو حرفه تجمعوا ، وأضربوا عن العمل بزعم المطالبة بحقوق مشروعه لهم .. هم أحق بها ولابد أن يحصلوا عليها الآن ، وإلا .... فلا عمل ولا إنتاج ، وقتها سوف تحل الكارثة ، وتتعطل الحياة وتقف الدنيا بنا تلتفت يمينا ويسارا ، تتعجب من حالنا وإلى ما وصلنا إليه ، وما فعلناه بأيدينا ، وقتها سوف نحتاج إلى ثوره أخرى ولكن هذه المرة لن تكون على الظلم والاستبداد بل ولعياذ بالله سوف تكون على من قاموا بثورة التصحيح ، هذه الثورة البيضاء الناصعة ، والتي قامت على أساس المطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية والقضاء على الظلم والاستبداد ، فقد ضحوا بأنفسهم ليمنحونا حرية أساءنا فهمها ونسيء استخدامها ،هؤلاء الثوار الذين حققوا مستحيلا ما كان يتحقق إلا بمعجزه من الله وتضحيتهم بكل غالى عندهم ونفيس ، فهل هذا هو رد الجميل . قطف الثمار قبل نضوجها لا يجدي ولا يغنى من جوع ، ففي التأني السلامة وفى العجلة الندامة . ما نحن فيه وما نراه يوميا هو بعينة الثورة المضادة ، ومن يقومون بها وللأسف يتحركون عن غير وعى ومن وازع خبثاء شياطين يقفون لثورة 25 يناير بالمرصاد ، كل أملهم إفشال ثوره قامت لتدفع بنا إلى الأمام ، فيجب ألا نتمادى وأن نفكر جيدا في مصير من حولنا قبل أي فعل نقوم به ويجب أن تجد هذه الأفعال من يقف ضدها ومن يحاربها ، ويثور عليها ، لأن الوقت ليس مناسبًا والظروف غير مواتيه . من يصطادون في الماء العكر هم من يحرضون هؤلاء ، فيضيعون عليهم حقوق سوف يحصلون عليها كاملة غير منقوصة وقتما تكون الظروف مستقره ونكون قد تخطينا هذه المرحلة الصعبة ،،،، فلتنظروا أيها المضربون بعين الرأفة إلى بلدكم وانظروا إلى حال السياحة وحال البورصة وحال الاقتصاد ، هل هذه الظروف سانحة لما تفعلوه وتطلبوه الآن ، اطرحوا هذه المطالب جانبا واتركوا هؤلاء الخبثاء لخبثهم ، فهم خدعوكم فاعتقدتم أنكم أنتم ومن بعدكم الطوفان .