هل خلق آدم وحواء في جنة السماء ؟

د. عمار عرب
لنتكلم عن آدم وحواء عليهما السلام ...في الحقيقة لايوجد أي دليل قرآني يؤكد أن آدم وحواء عليهما السلام خلقا في جنة السماء والله أعلم ...ولكن على العكس هناك أدلة على أنهم خلقوا في جنة من الجنان على هذه الأرض وليس السماء ...حيث يقول تعالى (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)
إذا هو خلقه أساسا سبحانه ليجعله خليفة ( على الأرض ) وليس في جنة الفردوس ...
طيب ما تفسير قوله تعالى ( قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو ) ..بعد أن عصوا أمر الله ؟
في الحقيقة الهبوط لا يعني من الجنة على الأرض ولكن يعني من مكان أرفع مكانة إلى مكان أدنى منزلة في الأرض ذاتها والدليل عندما قال تعالى عن بني إسرائيل على لسان سيدنا موسى
( اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم )
...بينما الانتقال من السماء للأرض ذكر قرآنيا بكلمة النزول كما في نزول الملائكة من السماء في قوله تعالى ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ) ...
أما لماذا سماها الله جنة إذا ؟..فالله تعالى قد سمى البساتين الأرضية الجميلة ذات الشجر المثمر أيضا بالجنة في قرآنه ..مثلا قال تعالى في سورة الكهف واصفا أحد الجاحدين بنعمة الله وصديقه ينصحه ( وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ-;- إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا)
طبعا كما تلاحظون كما قلنا سابقا مرارا ..القرآن يفسر بعضه بعضا ولا يفسره البشر فهو ميسر للذكر كما قال الله تعالى مرارا ...
إذا لا تسألوني من أين آتي بديني فكتاب الله واضح أمامكم ...ولكن إسألوا كهنة الأديان الأرضية من أين أتوا برواياتهم ...فحتى بعض الناس من الذين عاصروا رسول الله محمد ص كان لا يعجبهم القرآن ومشكلتهم فقط فيما يقول القرآن وسيدنا محمد ص بينهم وشهيد عليهم وبين ظهرانيهم لم يمت بعد .. وكانوا يطالبون حتى بتغيير القرآن ..وهو بينهم !...فقد قال تعالى ( وَإِذَا تُتْلَىٰ-;- عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ ۙ-;- قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَٰ-;-ذَا أَوْ بَدِّلْهُ ۚ-;- قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي ۖ-;- إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ-إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) قُل لَّوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُم بِهِ ۖفَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ ۚ-;- أَفَلَا تَعْقِلُونَ)
...فلعلكم عرفتم وحدكم ماذا حصل بعد مئات السنين من وفاة النبي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم ...فقد بدلت كل معاني القرآن بالروايات لعجزهم عن تبديل القرآن نفسه لتعهد الله بحفظه
فمن كان يعتقد بأن ما وجد عليه آباءه هو من المسلمات فليعد النظر من جديد ...فأنا أدعي أن إسلام القرآن لم يكتشف الا أقل من عشرة بالمئة منه فقط ...والله أعلم .
------------------------
د. عمارعرب
طبيب فلسطيني أخصائي في جراحة الدماغ والأعصاب وكاتب وباحث.