منذ أن إشتعلت شرارة ثورات الربيع العربى للمرة الأولى فى تونس الخضراء ، لم تبدى أياً من دول الاتحاد الاوربى والولايات المتحدة وكذلك الصين و روسيا أى حماسة اتجاه الثورة التونسية ، وكان الاعتقاد السائد فى حينها أن الألية المتبعة فى بلدان العرب من قمع وضرب وإعتقالات بالصورة التى تهدم الثورة وتسحقها تماماً ، صحيح أن هذا كان معهوداً لدى الأنظمة العربية ،بل ويتم ممارسته بشكل منهجى نحو أى تظاهرات أو إحتجاجات شعبية ، هذه المرة كان الأمر مختلف بالشكل الذى جعل سقوط الأنظمة العربية تتساقط بالتتابع وكأنها أوارق دومينوز مرسوسة خلف بعضها ، فكلما خرج المسئولين فى دلوة عربية ليعلنوا أنهم محصنين من انفلونزا الربيع العربى .. سرعان ما تأتى الثورة الى بلدهم وتسقط النظام ! و بينما تسابقت الدول الغربية الى إعلان تضامنها مع الشعوب وأنها تقف تماماً مع ما تصبو إليه من حرية و ديموقراطية وعدالة اجتماعية وحياة كريمة و أن إرادة الشعوب أبقى و يجب أن يتم إحترامها ، كان على الضفة الأخرى من النهر يقف كلا من الصين و روسيا ، فالدولتين وقفتا إلى جانب الأنظمة الحاكمة و لم تبالى أياً منهما بأن ذلك يثير الشعوب أكثر ضدهما ، وبالتأكيد سيكون لذلك تأثير واضح على علاقات الدول العربية المتحررة من الأنظمة الفاسدة مع تلك الدولتين مستقبلاً ، فالأنظمة التى ستأتى فى سدة الحكم فى تلك الدول العربية ستكون مدفوعة شعبياً للتضاد مع روسيا والصين على خلفية موقفهما من الربيع العربى ، لكن الشئ الأغرب حتى ألان هو لماذ تصر كلا من الصين و روسيا على الإبقاء على دعم الأنظمة الفاسدة ، فى الوقت الذى تحولت فيه فجأة الدول الغربية والولايات المتحدة على دعم تلك الأنظمة ووقفت الى جوار الشعوب " أو بمعنى أصح إلى جوار مصالحها المستقبلية فى تلك البلدان الثائرة" ؟! ، لماذا لا تتخلى الصين و ورسيا عن تلك الأنظمة مثلما فعل الحلفاء القدامى لتلك الأنظمة إن لم يكن سعياً وراء المصالح ، فعلى الأقل للإبقاء على علاقات طيبة قد تثمر مستقبلاً عن مصالح مشتركة تفيد الطرفين ؟! موقف الدولتين يبدو كعلة تقف فى طريق نسيم الربيع العربى القائم على إرادة الشعب بالأساس والذى تحركه الشعوب الثائرة ، وليس الدعم الخارجى " الغربى تحديداً" كما تزعم الأنظمة العربية الفاسدة أو حتى وسائل الاعلام الروسية والصينية ، فهناك شعور لدى صناع القرار فى تلك الدولتين بأن الثورات العرية هى صناعة غربية أمريكية ، فهى فى نظرهم تشبه الثورات الملونة كالتى حدثت فى أوكرانيا وجورجيا ، فى النهاية يجب القول أن الثورات ستنتج أنظمة واعية تدرك أين مصالح دولها ، ولن ترضخ أو تتنازل لم ساعدها على حساب شعوبها ، لكن سيكون من الصعب عودة المياه لمجاريها بسهولة مع دول وقفت مانعاً بين الشعوب وبين حريتها وكرامتها ! أحمد مصطفى الغر