عباس شراقي: فيضانات السودان غير المعتادة بسبب تعطل توربينات سد النهضة    البداية الرقمية للنقل الذكي في مصر.. تراخيص إنترنت الأشياء للمركبات تدخل حيز التنفيذ    وزير الإسكان: بدء تصنيف حالات الإيجار القديم وفق شرائح الدخل    لماذا كل هذه العداء السيساوي لغزة.. الأمن يحاصر مقر أسطول الصمود المصري واعتقال 3 نشطاء    مقتل شخص وإصابة 15 في هجوم روسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية    تشكيل منتخب مصر أمام نيوزيلندا في كأس العالم للشباب    سلوت عن جلوس صلاح على مقاعد البدلاء أمام جالاتا سراي: رفاهية الخيارات المتعددة    خطة إطاحة تتبلور.. مانشستر يونايتد يدرس رحيل أموريم وعودة كاريك مؤقتا    مصرع 7 عناصر إجرامية وضبط كميات ضخمة من المخدرات والأسلحة في مداهمة بؤرة خطرة بالبحيرة    الأرصاد: الخريف بدأ بطقس متقلب.. واستعدادات لموسم السيول والأمطار    مفتي الجمهورية يبحث مع وفد منظمة شنغهاي آليات التعاون ضد التطرف والإسلاموفوبيا    مواقيت الصلاة فى أسيوط غدا الأربعاء 1102025    ماجد الكدوانى ومحمد على رزق أول حضور العرض الخاص لفيلم "وفيها ايه يعنى".. صور    أمين الفتوى: احترام كبار السن أصل من أصول العقيدة وواجب شرعي    ولي العهد يتسلم أوراق اعتماد سفراء عدد من الدول الشقيقة والصديقة المعينين لدى المملكة    محافظ القاهرة يناقش ملف تطوير القاهرة التراثية مع مستشار رئيس الجمهورية    من القلب للقلب.. برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    بعد رصد 4 حالات فى مدرسة دولية.. تعرف علي أسباب نقل عدوى HFMD وطرق الوقاية منها    جارناتشو يقود هجوم تشيلسى ضد بنفيكا فى ليلة مئوية البلوز    البورصة المصرية.. أسهم التعليم والخدمات تحقق أعلى المكاسب بينما العقارات تواجه تراجعات ملحوظة    هل يجوز للمرأة اتباع الجنازة حتى المقابر؟ أمين الفتوى يجيب.. فيديو    "أنا حاربت إسرائيل".. الموسم الثالث على شاشة "الوثائقية"    أحمد موسى: حماس أمام قرار وطنى حاسم بشأن خطة ترامب    محافظ قنا يسلم عقود تعيين 733 معلمًا مساعدًا ضمن مسابقة 30 ألف معلم    داعية: تربية البنات طريق إلى الجنة ووقاية من النار(فيديو)    نقيب المحامين يتلقى دعوة للمشاركة بالجلسة العامة لمجلس النواب لمناقشة مشروع قانون "الإجراءات الجنائية"    بلاغ ضد فنانة شهيرة لجمعها تبرعات للراحل إبراهيم شيكا خارج الإطار القانوني    "الرعاية الصحية" تطلق 6 جلسات علمية لمناقشة مستقبل الرعاية القلبية والتحول الرقمي    البنك الزراعي المصري يحتفل بالحصول على شهادة الأيزو ISO-9001    محمود فؤاد صدقي يترك إدارة مسرح نهاد صليحة ويتجه للفن بسبب ظرف صحي    مصر تستضيف معسكر الاتحاد الدولي لكرة السلة للشباب بالتعاون مع الNBA    بدر محمد: تجربة فيلم "ضي" علمتنى أن النجاح يحتاج إلى وقت وجهد    «العمل» تجري اختبارات جديدة للمرشحين لوظائف بالأردن بمصنع طوب    بعد 5 أيام من الواقعة.. انتشال جثمان جديد من أسفل أنقاض مصنع المحلة    المبعوث الصينى بالأمم المتحدة يدعو لتسريع الجهود الرامية لحل القضية الفلسطينية    اليوم.. البابا تواضروس يبدأ زيارته الرعوية لمحافظة أسيوط    حسام هيبة: مصر تفتح ذراعيها للمستثمرين من جميع أنحاء العالم    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 رسميًا.. قرار من مجلس الوزراء    الأمم المتحدة: لم نشارك في وضع خطة ترامب بشأن غزة    انتشال جثمان ضحية جديدة من أسفل أنقاض مصنع البشبيشي بالمحلة    وفاة غامضة لسفير جنوب أفريقيا في فرنسا.. هل انتحر أم اغتاله الموساد؟    برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    لطلاب الإعدادية والثانوية.. «التعليم» تعلن شروط وطريقة التقديم في مبادرة «أشبال مصر الرقمية» المجانية في البرمجة والذكاء الاصطناعي    تعليم مطروح تتفقد عدة مدارس لمتابعة انتظام الدراسة    التقديم مستمر حتى 27 أكتوبر.. وظائف قيادية شاغرة بمكتبة مصر العامة    كونتي: لن أقبل بشكوى ثانية من دي بروين    «مش عايش ومعندهوش تدخلات».. مدرب الزمالك السابق يفتح النار على فيريرا    «الداخلية»: تحرير 979 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة ورفع 34 سيارة متروكة بالشوارع    احذر من توقيع العقود.. توقعات برج الثور في شهر أكتوبر 2025    عرض «حصاد» و «صائد الدبابات» بمركز الثقافة السينمائية في ذكرى نصر أكتوبر    بيدري يعلق على مدح سكولز له.. ومركزه بالكرة الذهبية    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يحدد ضوابط التعامل مع وسائل التواصل ويحذر من انتحال الشخصية ومخاطر "الترند"    قافلة طبية وتنموية شاملة من جامعة قناة السويس إلى حي الجناين تحت مظلة "حياة كريمة"    انكماش نشاط قناة السويس بنحو 52% خلال العام المالي 2024-2025 متأثرا بالتوترات الجيوسياسيّة في المنطقة    ضبط 5 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    التحقيق مع شخصين حاولا غسل 200 مليون جنيه حصيلة قرصنة القنوات الفضائية    السيسي يجدد التأكيد على ثوابت الموقف المصري تجاه الحرب في غزة    الأهلي يصرف مكافآت الفوز على الزمالك في القمة للاعبين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدين في خدمة السياسة
نشر في شباب مصر يوم 07 - 08 - 2011

باديء ذي بدء! إن حديثنا في هذه المقال وتوابعه يخص المراجع الشعوبية والصفوية تحديدا، أما الشعوب الإيرانية المسلمة التي تشربت من منبع الاسلام العذب وتخلل زلاله في عروقها فأنتعشت وقويت، وأفرزت سموم المجوسية والزرادشية من بدنها، وساهمت في الحضارة الإسلامية وأخلصت للإسلام قلبا وقالبا، فهم إخواننا وظهيرنا والمقال لا يعنيهم مطلقا. وفي بحثنا هذا سنحاول قدر الإمكان تجنب الإستعانة بالمصادر غير الشيعية إلا إذ أقتضت الضرورة لكي لا يدخلنا البعض في دوامة نحن في غنى عنها. وسنستشهد بأمهات المصادر التي ذكرها الطبرسي بكتابه مستدرك الوسائل مثل الكافي وكذلك التهذيب والإستبصار والإرشاد وغيرها فالكافي برأيه" بين الكتب الأربعة كالشمس بين النجوم وإذا تأمل المنصف استغنى عن ملاحظة حال آحاد رجال السند المودعة فيه وتورثه الوثوق ويحصل له الاطمئنان بصدورها وثبوتها وصحتها". وهذا ما أكده عبد الحسين شرف الدين في كتابه المراجعات بقوله" وأحسن ما جمع منها الكتب الأربعة، التي هي مرجع الإمامية في أصولهم وفروعهم من الصدر الأول إلى هذا الزمان وهي : الكافي، والتهذيب، والإستبصار، ومن لا يحضره الفقيه، وهي متواترة ومضامينها مقطوع بصحتها والكافي أقدمها وأعظمها وأحسنها وأتقنها". وهناك أحاديث كثيرة تجري على هذا النحو.
المقدمة
عندما نطلع على كتاب شهلا الحائري(Law of desire) وهي بنت مرجع إيراني كبير، نخرج بنتيجة خطيرة وهي (إن وراء كل بغي في إيران رجل دين معمم). لذلك عندما أهمل شاه إيران السابق هذه النوع من الزواج متحديا رجال الدين وضاربا الدعاوى التي تحله عرض الحائط، فأن ذلك يعكس فهمه العميق للمساويء والأضرار التي تنعكس على المجتمع ومثله العليا واخلاقياته. من المعروف أن القانون المدني الإيراني منذ بداية تشريعه يعترف بزواج المتعة وقد تم تعديله بقانون عام 1985 وفق المواد(1057) و(1076) و( 1095 ) و( 1097 ) و( 1113). وما أن قامت الثورة الاسلامية حتى قام الآيات العظمى يإطلاق غريزتهم البوهيمية المكبوتة منذ حكم الشاه فروجوا لهذا النوع من الزواج لتحل مأساة جديدة على المجتمع الايراني. مما يجعلنا نقف مذهولين أمام حقيقة مثيرة للتساؤل: كيف تؤدي ثورة اسلامية الى ارتفاع مستوى البغاء وعدد اللقطاء وزيادة حالات الإغتصاب وانتشار الرذيلة بشكل واسع كما سنوضحه في الأجزاء القادمة؟ أليس العكس يفترض أن يتحقق حيث تشاع مباديء وقيم الإسلام بين أفراد المجتمع. سيما إن الآيات الشيطانية كانوا يزعمون إن نظام الشاه مفلس من الناحية الأخلاقية، ومفسد للقيم الإسلامية والعادات والتقاليد الإجتماعية.ثم كيف نوفق بين إنتشار الرذيلة والزنا في إيران الإسلامية والقول المنسوب للإمام علي(رض) والإمام الصادق(ع) بأن" المتعة تنهي عن البغاء والفساد" وبهذه الحجة الكاذبة يحلونها؟ اليس الإسلام يبغي تهذيب النفس والمجتمع وإنهاء الممارسات غير الإخلاقية التي كانت الشعوب تنهتجها قبل سطوعه؟ إن كانت إيران إسلامية كما تدعي فكيف إنتشرت تلك الظواهر المسيئة ولاسيما في العتبات المقدسة؟ وهو أمر مخجل فعلا! وكيف ستكون المحصلة لو كانت الثورة الإيرانية علمانية وغير إسلامية؟ من يقف وراء إستفحال هذه الظواهر الخطيرة أرجال الدين فقط؟ أم رجال السياسة؟ أم كلاهما؟ ولماذا؟ هذا ما سنحاول ان نناقشه. نأمل التريث في الحكم لغاية الإنتهاء من الإطلاع على الأجزاء كافة.
الإصول التأريخية لزواج المتعةمن المؤسف أن البعض لايعرفوا الإصول التأريخية لزواج الم
تعة الذي يسمى(سيغية أو صيغة) بالفارسية. فهو لايرجع إلى العصرالإسلامي كما يظن البعض وإنما سبقه تأريخيا. وهناك من يرجعه إلى العهد الصفوي وهذا غير صحيح أيضا، بالرغم من زيادة نشاطه لتشجيع الشاهنشاهية الصفوية على ممارسته. على سبيل المثال نجد أن ناصر الدين شاه القاجار كان له ما يقارب(100) زوجة مؤقته. وكان منافسه رجل الدين(آقا نجفي) يتباهى بأن زوجاته اكثر من القاجارنفسه! إنه من مخلفات الديانة الزرادشتية وما قبلها. ويذكر لنا الكاتب (دي لوري) بأن " هذه الممارسة هي تقليد فارسي قديم وفقا للإسطورة المتداولة بين الفرس بأن رستم ملك الفرس عقد أول زواج مؤقت مع (تلمينية) إبنة الملك سامانغام وقد أنجبا طفلا سمياه زوهراب وهو الملك المعروف". ودعم المؤرخ (س ج بنيامين) هذا الرأي بكتابه الموسوم(بلاد فارس والفرس) حيث ذكر" كان للمسلمين الشيعة الحق في عقد زواج مؤقت مع المجوسيات مما يدل بشكل مؤكد بأن أصل هذا الزواج الديانة الزرادشتية وهو سابق للإسلام". ويتفق أيضا مع هذا الرأي الكاتب (كورزون) حيث يؤكد في كتابه(فارس.. البلاد والقضية) بأن" اصل زواج المتعة هو الدين الزرادشتي، وهو سابق للإسلام". ويضيف المؤرخ سورشيان في كتابه(تقاليد وقوانين الزواج في إيران القديمة) بأنه وفقا للديانة الزرادشتية" يحق للزوج ان يقدم زوجته أو إبنته الى أي رجل من قومه يطلبها كزوجة مؤقته لفترة محددة". ويؤكد المؤرخ بيرخانيان هذا المنحى أيضا في كتابه ( إيران المجتمع والقانون) بقوله" أن المرأة الفارسية حسب الديانة الزرادشتية يمكن أن تبقى زوجة دائمة لزوجها الأصلي وفي الوقت نفسه تصبح زوجة مؤقتة لرجل آخر والطفل الذي يولد من الزوج المؤقت ينسب الى الزوج الدائم".ويشير الكاتب( Yanna Richard) في كتابه(L” ISLAM CHI”ITE) بأن زواج المتعة خرافة "أشبه بقصص ألف ليلة وليلة حيكت لإشباع رغبة الرجال الجنسية، وإنه ينحدر من أصل فارسي سابق للإسلام، ويبدو أنه لا يمارس حاليا إلا في إيران لاسيما في المزارات الدينية كأفضل محل لإصطياد الزبائن, حيث النساء يلبسن الشادور الأسود لتمييزهن والغرض منه حصولهن على المال". في حين يرجع الكاتب( Chardin) في كتابه( رحلات الفارس شاردان إلى بلاد فارس والشرق) الأمر إلى الظروف المناخية في إيران بقوله" إن سبب زواج المتعة عند الفرس هو الفسق في هذه البلاد الحارة، التي يغلي فيها الدم اكثر من غيرها". و يشير الشيخ أبو زهرة في كتابه(الديانات القديمة) بأن بعض الروايات ذكرت بأن "مزدك طلب من قباذ أن يبعث بامرأته لكي يتمتع بها المزدكيون". هذه الحقائق وغيرها جعلت الحائري تعترف على مضض بأنه فعلا" يوجد شكل من أشكال الزواج المؤقت في ايران ما قبل الاسلام". لكنه كما يبدو إعتراف خجول فهي لم تتطرق بشكل وافي ومفصل عن أصوله الزرادشتية فقد قفزت على هذه الحقيقة بقصد واضح.
أشكال أخرى من الزواج عند الفرس
كان للفرس أنواع أخرى من الزواج منها تبادل الزوجات (Polyandry )وزواج الضيزن وهو أن يتناوب الأبناء على زوجة أبيهم بعد موته فيكون أولادهم هم أخوانهم في نفس الوقت! وانتقل هذا الزواج الى العرب وسموه( زواج المقت) والطفل الذي يولد عنه يسمى (المقيت) وعلى العكس من الفرس فإن العرب كما يذكر محمد إبن السائب الكلبي" كانت تحرم في جاهليتها أشياء نزل القرآن بتحريمها. فكانوا لا ينكحون الأمهات ولا البنات ولا الخالات ولا العمات. وكان أقبح ما يصنعون أن يجمع الرجل بين الأختين أو يختلف على امرأة أبيه وكانوا يسمون ذلك الفعل الضيرن". وقد عيًر أوس بن حجر الكندي جماعة من بني قيس تناوبوا على زوجة أبيهم بقوله:
والفارسية فيهم غير منكرة *** فكلهم لأبيهم ضيزن سلف وقد حرم القرآن الكريم زواج الضيزن " يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن" كذلك " ولا تنكحوا ما نكح أباؤكم من النساء إلا ما قد سلف ". كما حرم الإسلام ما يسمى بزواج المبادلة وهو نقس الزاوج الذي دعمه(مزدك) الذي آمن بالمشاعية الجنسية والأموال(Sexual Communism ). ويذكر ويل ديورانت في قصة الحضارة "كان الآباء في بلاد فارس ينظمون شئون الزواج لمن يبلغ الحُلُم من أبنائهم. وكان مجال الاختيار لديهم واسعاً، حيث عرف عنهم بأن الأخ كان يتزوج أخته، والأب ابنته، والأم ولدها". ويذكر إبن حزم في كتابه الملل والنحل" والمجوس يعظمون الأنوار والنيران والمياه إلا أنهم يقرون بنبوة زرادشت ولهم شرائع يضيفونها إليه ومنهم المزدقية وهم أصحاب مزدك الموبذ وهم القائلون بالمساواة في المكاسب والنساء". وقد انتقل هذا النوع بدوره إلى العرب في العصر العباسي ومارسته فرق الخرمية والراوندية والقرامطة والخطابية والميمونية والمهاجرين الذين وصفهم إبن النديم في كتابه الفهرست " هؤلاء يقولون بالمعمودية والقرابين والهدايا ولهم أعياد ويذبحون في بيعهم البقر والغنم والخنازير ولا يمنعون نساءهم من أئمتهم ويقبحون الزنا". ولاشك إن الأسلام أمم العلاقة الجنسية بعد مشاعيتها ودجنها بعد إنفلاتها ونظمها بعد فوضاها وهذبها بعد تدنيسها في العصور التي سبقته.يذكر الكاتب (
Robertson Smith) في كتابه( القرابة والزواج في فجر التأريخ العربي) بأن الشريعة الاسلامية نقلت المرأة من وضعها السابق كسلعة معروضة للبيع الى وضع آخر بإعتبارها طرفا متعاقدا يحصل على حقه من المهر يدفعه الطرف الاخر( الرجل) مقابل السماح له بممارسة الجنس معها، وبذلك منحت صلاحية شرعية لم تكن تمتلكها سابقا. وقد حفظ الإسلام للمرأة مكانتها الإجتماعية. في حين زواج المتعة يعودة بالمرأة إلى الوراء كما ذكر العالم السويسري( Bachofen ) في كتابه الشهير( Mutterrecht)" بعد أن ناضلت بشجاعة وإصرار كي تكبح شهوات الرجل ورغباته الجنسية وتجبره على إحترامها ومراعاة مشاعرها وميولها".ومن الجدير بالإشارة أن الزواج المؤقت لم يقتصر على الفرس فقط وإنما مارسه اليهود قديما، فاليهود حلوا ببلاد فارس منذ السبي البابلي، وازداد عددهم بشكل كبير في عهد الاشكانيين، وقد صاهروا ملوك الفرس فإمتزج الدمان اليهودي بالفارسي. ويشير المسعودي في (مروج الذهب) بأن دينارد زوجة بختنصر كانت يهودية وهي وراء عودة بني اسرائيل الى بيت المقدس." كما أنشأ اليهود مدرسة (إسورا) في مطلع القرن الثالث الميلادي، فأثروا وتأثروا بالديانة والثقافة الفارسية". العرب وزواج المتعة
عرف العرب زواج المتعة في العصر الجاهلي. ويشير روبرتسون سميث في كتابه (الأنساب والزواج عند العرب القدامى) بأن" زواج المتعة عادة قديمة مارستها بعض القبائل العربية أيام الجاهلية". لكنه أغفل طريقة إنتقاله لبعض القبائل العربية كتميم التي إستمدتها من الفرس المجوس خلال التجارة والسفر, وأورد العلامة جواد علي في (مفصل تأريخ العرب) بأن" سادات تميم قد اعتنقوا المجوسية إذ تسربت إليهم من الفرس". وقد إستند المؤرخ الكبير (جواد علي) في تحليله على ما جاء في كتاب(المعارف) لإبن قتيبة بقوله " كانت المجوسية في تميم ومنهم زرارة بن عدس التميمي وإبنه حاجب بن زرارة وقد تزوج من إبنته. وكذلك الأقرع بن حابس وأبو سود جد وكيع بن حسان". ويضيف إبن الاثير في تأريخه بأن" لقيط بن زرارة تزوج إبنته( دختنوس) وسماها بهذا الإسم الفارسي، وقد قتل وهو ما يزال زوجا لها". لذلك قيل فيه:
يا ليت شعري عنك دختنوس إذا أتاها الخبر المرموس
أتحلق القرون أو تميس لا بل تميس إنها عروس
كما يذكر طاهر بن مطهر المعروف بالبلخي في كتابه(البدء والتأريخ) بأنه"كانت المزدكية والمجوسية في تميم". مثله مثل زواج الخطف لقد كان موجودا في بلاد فارس فحسب قوانين مانو( Manou) فأن هذا الزواج كان واحد من الطرق الثمانية لعقد القران الشرعي. وربما عرفه العرب عن طريق الفرس أيضا.ويبدو أن هناك أيضا أصل توراتي لها، حيث يشير المؤرخان رافائيل باتييه في كتابه (العقل العربي) و(ر. بوميرية) في كتابه ( الزواج قديما وحاضرا ومستقبلا) بأن"الزواج المؤقت كان معروفا وسائدا بين اليهود في بابل خلال القرن الثالث الميلادي وكان الحكماء والحاخامات يمارسونه لاسيما عندما يرحلون ويسافرون إلى مدن أخرى" وربما إستمده اليهود من الفرس أو العكس.
البغاء المقدس
إن تشجيع أصحاب العمائم في طهران وقم ومشهد والنجف وكربلاء وجنوب لبنان على زواج المتعة وإيهام الناس بأنه فرض ديني يرضي الله ورسوله والأئمة ليس بظاهرة جديدة، فالتأريخ القديم يؤكد لنا بأن البغاء غالبا ما كان يغلف بالدين لغرض ترويجه والإيحاء لمن يمارسه بأنه سيكسب رضا الآلهة والمزيد من الحسنات. وكان يطلق على هذا النوع من المتعة "البغاء المقدس". حيث يذكر المؤرخ( Adward Westermarck) في موسوعته الشهيرة(History of Marriage ) بأن" البغاء المقدس كنوع من فساد الاخلاق كان يمارس تحت عباءة الدين، إنه تكفير عن الزواج من أجل إرضاء الآلهة". ويضيف" ان البغاء المقدس وإقامة علاقة جنسية مع رجل دين يبرر بأنه ذو مردود خير ويشكل عنصرا مهما من طقوس العبادة لدى الشعوب القديمة وتعتبر المرأة فيه ملهمة ومقدسة". ففي إنشودة إرميا التي كتبت في القرن الثالث قبل الميلاد ورد النص" تجلس النساء على قارعة الطريق في بابل يشعلنً نشارة بدلا البخور, وعندما يمر عابر سبيل يختار إحداهن لكي يضاجعها". ويشير الأدب المسماري بأن" البغاء المقدس كان يمارس في معابد بابل". ولم يقصر هذا الأمر على قوم ما. ففي قبرص مثلا يذكر لنا المؤرخ ( Herodotus ) بأن" القبارصة كانوا يرسلون بناتهم الى الشواطيء ليمارسن البغاء ويكسبن بعض النقود لتقديم القرابين إلى الألهة فينوس وكسب رضاها" وكان البغاء ينظم من قبل الكهنة. كما يجري حاليا في إيران حيث ينظمه ويعقده رجال الدين. في إسطورة(Mahabharata) الهندوسية يقول باندو" إن النساء لم يكن فيما مضى مرتبطات برابطة الزواج، بل كن يتمتعن كما يحلو لهن! جميع الأطفال كانوا يعرفون أمهاتهم ولكنهم لا يعرفون من هم آبائهم"!
وكذلك الأمرعند الأغريق، حيث يذكر (Frazer ) في موسوعته (New Account of East India and Persia ) بأن " البغاء الديني تمارسه بلا حدود فتاة غير متزوجة أو امرأة متزوجة ويرتبط بالهيكل وهو من بقايا المشاعية القديمة". ويؤيد ( اللورد أفبوري ) هذا الرأي بقوله " إن البغاء الديني هو من مخلفات مرحلة قديمة ترجع إلى الزواج المشاعي". والعالم( Hartland ) في كتابه الشهير( Ritual and Belief ) لكنه يستثني غير المتزوجات منه مؤكدا أن "طقوس البغاء كانت تقتصر على النساء غير المتزوجات". أما المؤرخ( جارفس ) فيذكر بأنه في مدينة بونابي" كانت بعض النساء العازبات ممن لا يحظين بزوج يمارسن البغاء. وكان ينظر لهنً كفاعلات خير في المجمتع". أي إنهن مأجورات كما سنوضحه لاحقا في أحاديث نسبت لآل البيت.يشير المؤرخ رايفرز (Rivers) في كتابه( Sociology and Psychology) بأن" البشر كما هو دارج يمارسون ما يقومون به لأنهم وجدوا آبائهم على ذلك". نستنتج من هذه المقولات بأن ربط المتعة الجنسية والبغاء بالدين ليس بالأمر الجديد ولم يقصر على الفرس، فقد مارسوه كباقي الأقوام لكنهم أنفردوا عنهم بمحافظتهم على طقوسه والعمل على نشرها وألبسوها لباس الإسلام تجنيا بنسبها للرسول(ص) والأئمة الأطهار(ع) وهم منها براء. وهذا ما سنسلط عليه الضوء في المبحث القادم بعون الله.
الدين في خدمة السياسة/1
علي الكاش
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.