رغم أنها جمهوريات ، أو على الأقل كما يستطيع القاصى و الدانى أن يعرف عنها أنها جمهوريات عند قراءة دساتيرها ، تصر الأنظمة الحاكمة للجمهوريات العربية على كونها مليكة أكثر من الممالك ، وإمارات أكثر من غيرها من دول الأمراء ، هكذا شاءت الظروف أو ربما تحت وطأة القمع والقهر إستطاعت الأنظمة الحاكمة للجمهوريات العربية ان تبقى قابعة على عروشها لعقود ، وما كان لأحد أن ينزع الحكم من يد أحد منهم ومن بعدهم أبنائهم واحفادهم لولا صحوة لشباب الأمة العربية جاءت كنتيجة طبيعية لعقود من الكبت و الصبر على فساد مجموعة من الطغاة لطالما وصفتهم الصحف القومية بأنهم قادة أبطال و زعماء أبطال ! فى بلاد اليمن السعيد ، أو هكذا كانت تُوصف فى ماضيها المزدهر، قصة أخرى لحكاية شعب صنع ثورته ليقضى على براثن الحكم الفاسد و بقتل مشروع توريث كان التخطيط له يتم على قدم وساق ، خرج الشعب اليمنى يطالب بكرامة و حرية ولقمة عيش كريمة ، خصوصا وأنه يرى من حوله بلدان عربية مماثلة استطاعت ان تسقط أنظمتها الفاسدة ، خرج الشعب مسالماً رغم كون السلاح فى يد الجميع ، إلا أن الشعب أرادها ثورة بيضاء حتى لا تفسد بياض الربيع العربى ، وربما هذا ما كان يريده ثوار ليبيا أيضا لولا جنون القذافى الذى فرض عليهم حمل السلاح للدفاع عن النفس أولا و التخلص من مرتزقته وكتائبه التى لا ترحم ثانيا ، لكن داء اليمن هو رئيس يريد أن يبقى في الحكم إلى آخر لحظة من عمره ، رغم أنه هو نفسه من خرج أكثر من مرة ليعلن أن الحفاظ على اليمن و وحدته هى أسمى وأهم واجباته التى وهب حياته لها ، فكيف سيحقق ذلك إذا كان بقاؤه فى الحكم هو لب المشكلة التى قد تودى باليمن وبشعبه على حد السواء ؟! فقبل عدة أشهر كانت عملية الاعداد والتجهيز لتعديل دستورى يسمح لعلى عبدالله صالح للترشح لولاية جديدة فى 2013 تتم بخطى ثابتة ، هو ذاته الذى دخل فى حرب مع الحوثيين أوقعت البلاد فى كمين الطائفية فقط إرضاءً لأمريكا ، كما أن إدارته الاقتصادية الفاشلة هى أصابت الاقتصاد اليمنى بحالة من الكساد جعلت أعداد كبيرة من اليمنيين تطالب بالانفصال عن اليمن الأم فيما يعرف بالحراك الجنوبى ، هذا غير مصائب أخرى كثيرة ربما لم يكشف عنها النقاب بعد ، إذن ما الذى يغرى شعب اليمن فى القبول ببقاء صالح فى منصبه حتى أخر نفس ؟! ، يقول صالح أنه جاء فى منصبه بالشرعية ، عن أى شرعية يتحدث الرجل ؟! إنها شرعية التزوير والتدليس وتغيير إرادة الشعب وتطويعها لخدمة مصالحها فقط ، يقول صالح انه مصمم على البقاء فى السلطة حماية لليمن من الخراب و الضياع والوقوع فى قبضة الارهاب، وكأنه يحكم على من سيأتى من بعده فى السلطة بأنه سيترك البلاد لتضييع أكثر مما هى عليه ! ، أنا شخصياً أعتقد أنه فى حالة عودة صالح من السعودية إلى اليمن فإن هذا يعنى إما حرب أهلية داخلية فى اليمن سيكون حتما من نتائجها إهدار دماء الكثيريين من أبناء اليمن ، و الوقوع فريسة لخلايا الارهاب و ربما تفتيت بلد عربى جديد بعد تفتيت السودان منذ أسابيع ، هذا كله لأن بقاء الطغاة على عروشهم ترسخ فى عقليتهم كونهم من الملوك أو ربما منزلين من السماء وتغييرهم أو التخلى عنهم هو ضربٌ من الجنون . أحمد مصطفى الغر