يتحدث الكثير عن الفكر الاسلامي علي انه شئ محرم ولا يصح وذلك لخلطهم بين التجديد في الفكر الاسلامي وبين القرآن والسنه فبكل تأكيد هذا فهم خاطئ لان الاسلام له قواعد ومبادئ راسخة ولا تتغير بفكر انسان واختلاف هذا الفكر عن انسان اخر ولكن عملية تجديد الفكر الاسلامي موجودة منذ العام الاول من الهجرة وقد قام بهذا التجديد مجنوعة رائعه من علماء الدين والمخضرمين في الفقه امثال الكواكبي والافغاني والامام محمد عبده ومصطفي المراغي فهؤلاء لهم فكر رائع ومتميز استفاد منه الكثير من المسلمين ومن غير المسلمين الباحثين عن المعني الحقيقي والفكر الاسلامي المتجدد في كل العصور والأزمنة وليس معني ذلك انهم يغيروا بشكل او اخر في القرآن او الفقه والسنه لان هذا لا احد يجرأ علي فعله. فكرة التجديد في الاسلام مستمرة دائما منذ ظهور الاسلام وحتي يومنا هذا لسبب بسيط جدا وهو أن الدين يعمل دائما علي أن يكون أتباعه واكبيين لمسيرة الحياة التي هي دائما في تجديد مستمر .. وقد حاول بعض اعداء الاسلام انتقاده ومحوه ولكن هيهات لهم لما بفعلون "يُريدُون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبي اللهُ إلا أن يُتم نوُرهُ ولو كره الكافرُون " ليس لانسان أن يستطيعتغير وجهة الاسلام الحقيقة لان رب العباد هو واحد وهو من انزله ويتطيع الحفاظ عليه ومن اكبر هؤلاء الاعداء امريكا وخصوصا بعد احداث الحادي عشر من ستمبر واعلنها انه يجب تغير مناهج تعليم الاسلام معتقدة انها تستطيع فعل ذلك فالمنهج الاسلامي واعلنت حربها ضد الاسلام والمسلمين وقد كان ابلغ رد ما اوضحه الاستاذ الدكتور "عبد المعطي بيومي" في مقاله بعنوان "الدعوة الي التجديد قديمة ،ولا صلة لامريكا بها" وقد اوضح فيه ان لو تعلطلت طاقات التجديد في الأمة توقفت مسيرتها التقدمية ، وعوقت دعة الاسلام ، وحينئذ تفقد الامة مناعتها وتفقد امتلكها أدوات المواجهة في الحوار والصراع ، فالامة الاسلامية تحتاج الي تجديد مقاومتها لمواجهة محاولات العولمة أو الكوكبة التي تهدف الي تنميط العالم ،فالامة الاسلامية نمط واحد يستطيع ان يستأصل كل الفوارق ويقضي علي كل الخصائص العقائدية والثقافية.. وقد كان أول هجوم علي الاسلام ورد في كتاب "نيكيتاس البيزنطي تحت عنوان " نقض الاكاذيب الموجودةفي كتاب العرب المحمديين" وكان هجوما مفصلا ودقيقا وكان هذا الكتاب في النصف الثاني من القرن التاسع ، وأنه كان من أعنف المهاجمين للإسلام وكذلك للكنيسة الأورثوذكسية الأرمينية التي انتقدها في كتاب "دحض الكنيسة الارمنية" وايضا للكنيسة الكاثولكية وقد تعرض لها في كتاب اخر بهجوم شرس ، وهناك الكثير والكثير ممكن يحاولون ذلك ولكن لا احد يستطيع تغيير المنهج الاسلامي.. فقد نري ان هناك مشاكل تبدو شدية التعقيد ويبدو للانسان ان حلها تحتاج الي عبقرية نفاذة، ولكن هناك علماء معاصريين قد استطاعوا ان يقوموا بالتجديد الفكري للاسلام دون المساس بالمنهج الاسلامي لانهم يعلمون ان الاسلام ليس دين معقد كما يعتقده البعض انما هو دين يسر وليس عسر فيحاولوا تبسيط افكاره للانسان العادي دون تغير العقيدة كما يعتقده الاخرون ومن هؤلاء العلماء هيكل واحمد امين طه والعقاد وامين الخولي والحكيم ومحب الدين الخطيب وكان من ابرز هؤلاء الاستاذ"عبد المتعال الصعيدي في كتابه " المجددون في الاسلام" وكان ايضا من الكتب المترجمه في الثلاثنيات " الاسلام والتجديد " للاستاذ "محمود عباس" وهذا غير محمود عباس العقاد الذي نعلمه جميعا.. وقد نري ربط المفكريين في الغرب الاسلام بالارهاب وما يحدث من بعض المتطرفين المتأسلمين والمكفرين الذين يوموا بقتل الناس واباحة دمائهم باسم الدين وهذا غير صحيح وويحاول هؤلاء المفكرين غرث تلك الافكار بعقول الجميع في الغرب وايضا نشرها في العالم الاسلامي ونجد كثيرا من المسلمين بكل اسف ينساقون وراء هذا ويعتزون ويحاولون نشر تلك الافكار واريد القول ان هناك فرق بين المسلم ديانة وبين المسلم الذي يغار ويخشي علي دينه من اي شئ ،وليدخل كل هؤلاء الحشرات الي جحورهم ولا يتمسحوا بالدين لتبرير افعالهم المتدنية والتي لا علاقة لها بالدين ، ونري جميعا الجماعات التكفرية والتي تزداد يوما بعد يوم واقرب ما حدث هو قتل الجنود المصريين قرب معبر رفح واتهامهم بالكفر فكيف يستطيع انسان ان يكفر مسلم بدون بينة وحجة واضحة ،علينا توضيح تلك كل المتغيرات والمعتقدات التي لا يعترف بها الاسلام ولا المسلمين .. فعلينا الايمان أن تجديد الفكر الاسلامي شئ لا يععاب احد فيه فقد قال رسولنا الكريم" إن الله يبعث لهذة الامة اي امة الاسلام علي رأس كل مائة عام من يجدد لها دينها" فالتجديد في الفكر والرؤية الاسلامية في العرض واسلوب العرض وليس معني ذلك الخوض في الدين انما تجديد الدعوة له بعلماء يعون معني ذلك وليس كل من حفظ القرآن وعلم امور الفقه يستطيع ان يكون مجددا للفكر الاسلامي هو يحتاج الي مرونة والاسلوب المتميز بل المتألق في الحوار والرد علي كل كبيرة وصغيره متعلقة بامور دنيوية وايضا امور الاخرة ويأتي بكل هذا من القرآن والسنه فالتمرس علي ذلك يعطيه الحذاقة في جعل القلوب تخشع بامر الله للاستماع اليه وليس النفور منه والابتعاد ... فليس عليك أن تخشي العيب اكثر من الحرام وليس عليك ان تحترم الاصول قبل العقول ولا تقدس رجل الدين اكثر من الدين نفسه فهذا خطأ فادح يقع فيه الكثيرون وخصوصا مع وجود مئات من القنوات الفضائية التي قد شتت معظمها عقول الجميع .. وعلينا الا نخلط بين التفكير الماركسي ومنهجه والذي لا يفرق بين الدين والاجنهاد اي لا يفصل بين الوحي الالهي والسنه وبين ما يقوم به المجتهدين من العلماء وهذا خطأ فادح لانه يعتبر ان الدين تراث قومي.. وبين منهج طائفة المفكريين الاسلامين الذين يفصلون بين ما هو وحي الهي وبين الاجتهاد البشري، فتلك الاجتهادات خاضعة لمؤثرات حياتية وظروف يمر بها صاحب الاجتهاد وتغيرات قد تطرأ عليه حضارية وتاريخية، وهناج منهج اهل السنه والتابعين وتبعيهم وأئمة العلم والسنة ومنهجها هو ان الوحي الإلهي والسنه محفوظ ولكنه ليس في حالة مجرده عن الواقع الذي يعيشه المسلمين ، وان له عقائد واضحة .. ونجد ان هناك من ينتمون لافكار مختلفة ويحملون اسم الاسلام ولكنهم لا يطبقونه كما انزل وانما ينتموا للاسم فقط فنجد المتعصبون الذين يقتلون ويعذبوا البشر واعتبروا اتفسهم انبياء بعثهم الله لتنفيذ ما يعتقدوا ان الله امرهم به تعصب اعمي قد يسئ للدين وليس العكس ينطقون باسم الاسلام وهم بعدون عنه كل البعد ، وهذا ما تحدث عنه الباحث أحمد مصطفي علي في مقاله لجريدة القاهرةبعنوان" متعصب واحد قد يودي بحياة ملايين الضحايا" المتعصب فاقد لحب الآخرين بطبيعة الحال، جاهل بطبيعة منشأ البشرية لأب وأم واحدة، مغرور بما يركن لديه من تعداد أو تاريخ أو قوة بالية، وهو أمر للأسف موجود منذ قدم البشرية، ربما كان من وجهة نظر قابيل قاتل هابيل تعصبه لجمال شكله الخارجي متناسياً أمامه نفسه الداخلية، فكان حريصاً علي انتزاع حق أخيه في زوجة جميلة متناسياً ما اقدره الله له، ولو أن كلا منا سعي فيما قدر له لتنامي الكون ولما حدثت كل صراعات البشرية. لا يمكننا بأي حال من الأحوال أن ننسي أحداثا جساما من تاريخ البشرية البغيض، حينما أدعي فرعون مصر لنفسه الألوهية، ظناً أن قوته وأمواله وجنده يغنونه عن إرادة الوجود والعدم، وربما أيضاً ساعده في ذلك جهل حاشيته أو نفاقهم وتضليلهم مع المناخ المناسب في جهله هو نفسه وعدم تأمله وإدراكه حكمة الفناء، هو الأمر ذاته لكل متعصب يرفض الآخر، ويبغض التسامح ويكره السلام، وينشر الكره والبغض. تعصب شخص = ملايين الضحايا والمؤسف حقاً أن تعصب شخص واحد يكون مردوده آلاف أو ملايين من الضحايا الأبرياء، وربما يكون هو آخرهم أو لا يكون بينهم، لربما هي حكمة إلهية جزاء أنانيتنا وعدم مشاركتنا منع القهر عن المقهورين، فتكون العاقبة التي تأتي دوائرها أن يكون كل سلبي دون رغبته في دائرة الأحداث بعد حين، والتاريخ مليء بالوقائع البشعة من نيرون الذي أحرق روما، إلي لينين الروسي الذي تسببت أيديولوجيته العنصرية بمقتل 10 ملايين، واستكملها جوزيف ستالين بالتسبب في مقتل 55 مليون آخرين، أما أدولف هتلر الألماني فهو الآخر تسبب في مقتل 70 مليون هم ضحايا الحرب العالمية الثانية التي يرجع إليه جراء تفجيرها أمام مطامعه وظنه رقيه وعظمته التي تؤهله لحكم الكون. رغم كل هذه الضحايا، وبهتان أفكار التعصب للأيديولوجيات السياسية العنصرية كالأبار تهيد في جنوب أفريقيا والنازية الألمانية والفاشية الإيطالية، إلا أنه بات واضحاً نمو أنواع أخري من التعصب الغبي للفرق الرياضية مازلنا نتجرع كئوس معاناتها، كما التعصب للأعراق كما في حوادث بورما والصين، وتعصب أخر بالغ الخطورة وهو للانتماء العقائدي أي الأديان التي يعتنقها الأفراد، وربما لأن الفكر الديني يرتبط بما هو بعد الحياة فهو أشد قسوة وعناد، وفي ذلك رأينا عبر التاريخ كيف أمر الأمبراطور كارل شارلمان في عام 782م بقطع رأس 4500 شخص لأنهم رفضوا اعتناق المسيحية، وفي عام 1234 كيف تم ذبح 11 ألف رجل وامرأة وطفل في ستيدينج الألمانية لعدم قدرتهم علي دفع الضرائب المجحفة المفروضة علي الفلاحين من الكنيسة، وكيف قتل الإنجليز من خلال القائد العسكري همفري جلبرت في القرن السابع عشرات الآلاف من الإيرلنديين لعدم إيمانهم بالمسيحية، ثم عرفنا في القرن الثاني عشر الحروب الصليبية علي بلاد العرب باسم التعصب الديني أيضاً. وفي الإسلام نعرف جميعاً الحرب الضروس غير الإنسانية باسم الدين، وأشهرها ما تم بين معاوية بن أبي سفيان وبشكل أبشع علي يد نجله يزيد ضد شيعة علي وآل البيت النبوي وكانت للأسف وكذباً باسم الأحقية الدينية للحكم برغم أن حقيقتها المطامع السياسية في الحكم، وشهد خلالها بداية التجني علي قيم الإسلام ومعانيه فذبح للمرة الأولي في تاريخ الإسلام الأطفال والنساء، وكن من أبناء الصحابة وأسرهم، وشمل ذلك العديد من البلدان العربية. ولم تقف حدود التعصب عند ذلك، وبنظرة لآلات التعذيب في العصر العباسي والمملوكي والعثماني يمكننا أن نعرف كم تم التجرؤ علي الدين، ومازال الأمر كذلك حتي تاريخنا المعاصر، وكلانا يتذكر الحوادث البشعة التي أحدثها المتعصبون دينياً في مصر خلال حقبة التسعينيات ممن يطلقون علي أنفسهم الجماعات الإسلامية، ممن نصبوا أنفسهم حكاما باسم الإله بغير حق، فقتلوا من لا يحمل السلاح عليهم في خلاف مع أبسط قواعد الدين الإسلامي والتعليمات النبوية لرسول الإسلام، ومن أبشع تلك الحوادث كانت مذبحة الأقصر في 17 نوفمبر 1997م التي تمت علي أرض الدير البحري (معبد حتشبسوت) بمحافظة الأقصر وجرائها قتل 58 سائحاً بشكل بشع للغاية في خلال مدة 45 دقيقة يخالف كل الشرائع السماوية والإنسانية، خلالها قام المسلحون بقتل ضحاياهم بالأسلحة النارية ثم مثلوا بجثثهم واستخدموا الآلآت الحادة (السكاكين) لفتح بطون السائحين ووضع منشوراتهم بداخلها، وتم ذلك علي أرض الملكة الفرعونية حتشبسوت (1503 - 1482 قبل الميلاد)، وكأنها مفارقة تاريخية غريبة أن يكون هذا الفكر الرجعي المتعصب علي أرض البناء والنهضة غير المتعصبة في الانفتاح علي بلدان العالم والتقدم التجاري والاقتصادي والعسكري، بل والاجتماعي أيضاً أن تكون حاكمة مصر أنثي صنعت نهضة عظيمة ضمن أقدم حضارات التاريخ، ولكن التاريخ في كثير من الأحيان لا يعيد نفسه. القاعدة و11 سبتمبر ويمكننا أن نصنف حادثة 11 سبتمبر 2001م ضمن حوادث التعصب لفكر القاعدة المتطرف بقيادة أسامه بن لادن ضد المسيحية، وهو الحال نفسه لحروب أمريكا ضد العراق وإبادتها الأطفال والنساء تعصباً لفكر أصولي مسيحي متشدد ضد شعوب الشرق المسلم ويعرف أن بوش كان من أتباع ذلك وأطلق علي الحرب تحفيزاً لجنوده (المجد للعذراء)، ومن الطبيعي أن حوادث التعصب تأتي بمزيد من النهايات الأكثر سوداوية، فلا يمكنني الجزم بكم تعداد من أصبحوا في عداء نفسي مع العرب وحضارتهم، ولا يمكنني الجزم بتعداد من أصبحوا في كراهية أمريكا وربما الغرب وحضارتهم 0 أيضاً، فأي حديث يمكن للمرء تخيله لنتائج هذه الحروب البشعة، حروب قتل الأبرياء العزل دون سبب أو ذنب أو جريمة؟ في سيناء ومؤخراً منذ أيام شهدنا وجود قوي للتيارات المتطرفة في منطقة سيناء، وهي تعتنق أفكار التكفير للمسلمين الوسطيين والمسيحيين علي حد سواء، وبالتالي مزيد من كراهية وقتل المجتمع كيفما سولت لهم أنفسهم قتل 16 بريئًا قبل تناولهم لإفطار صيام رمضان المبارك، وهو أمر شديد الخطورة خاصة مع وجود مثل هذا الفكر بوضوح في مختلف المحافظات أيضاً بشكل أو آخر وبنسب متنوعة ساهم فيها نشاط هذه المجموعات عبر الانترنت لحشد مزيد من الشباب غير الواعي لأهدافها المشبوهة، ويظنون في أنفسهم أنهم ينقذون الإسلام وهم يشوهونه للأسف الشديد، ويظنون نفسهم يفهمونه وهم يجهلونه للأسف أيضاً. وخلال الأعوام الثلاثة الأخيرة في مصر، ظهرت في مصر 11 حادثة كبري من حوادث التعصب الديني، وبرغم نجاح تداركها المبكر بفضل المفكرين الوطنيين إلا أن إجمالي ضحاياها بلغ عشرات القتلي وآلاف المصابين، والأخطر أنها علي مدار خريطة جغرافية متسعة شملت عدة محافظات وعدة مناطق منها العاصمة القاهرة التي شهدت أحداث ماسبيرو وإمبابة، وكذلك تضمنت الأحداث محافظات أخري منها محافظة أسوان في الحدود الجنوبية لمصر إلي محافظة قنا ومحافظة سوهاج ومحافظة أسيوط في وسط مصر، ومحافظة الجيزة ومحافظة بني سويف شمالاً، ومحافظة الفيوم غرباً، ومحافظة كفر الشيخ ومحافظة الإسكندرية في حدودها الشمالية، ربما هذا التعداد وبهذا الشكل المتسع يؤكد أن تنامي الأفكار المتطرفة المتعصبة لدي كثير من أبناء المصريين من أتباع الديانتين المسيحية والإسلامية، خاصة مع قياس الفترة الزمنية لعام ونصف العام فقط، فمن المعروف أنه بإضافة تلك الأحداث لسنوات مبارك يصبح لدينا 17 محافظة من إجمالي 29 محافظة شهدت أحداثا طائفية، أي ومع هذا المناخ الشديد التوتر إلا أن هناك 11 مدينة هادئة ومعظمها ساحلية (مثل البحر الأحمر ومطروح وبورسعيد والسويس وجنوبسيناء وشمال سيناء ودمياط) ربما يمكن تفسير ذلك لطبيعة المناخ والرفاهية الغالبة علي أهلها، ونمو الاختلاط بالحضارات الأخري بما يشكل اتساع أفق رحب لأهلها في تفهم طبيعة قبول الآخر والتعايش السلمي مع الجميع حتي ولو كان دون دين من الأساس. التنشئة الأسرية ولعلني أختلف فيما يسنده الخبراء من أن أسباب الفتن الطائفية ترجع للأمية التي تبلغ 40% وكذلك ضعف التعليم، وذلك لأن بلادنا كانت تعيش أضعاف تلك النسبة طوال القرون الثامن والتاسع عشر وبدايات القرن العشرين ولم نشهد حوادث فتن طوالها، وبلغ فهم واستيعاب الآخر، لدرجة أن حادثة رجل مصري مسيحي الديانة يدعي يعقوب المعلم رغم خيانته وتعاونه مع الاحتلال الفرنسي (1798 - 1801م) وتأليبه بعض المسيحيين بالصعيد للوقوف مع الفرنسيين لقتال المصريين، إلا أنه تم إدراك أنه خائن مثلما يمكننا أن نستوعب وجود خونة من المسلمين، وأن الخيانة لا تعرف دينا أو وطنا، وبالتالي فقد عفت عنه الدولة العثمانية وأتباعه، كما تناسي الناس ذلك إدراكاً منهم أن ضعاف النفوس فقط من يتواطئون وهناك من المسيحيين من رفضوا وأثبتوا جدارة وطنيتهم وفهمهم حقيقة المحتل المخادع والمتلاعب باسم الدين لتحقيق أغراض الاحتلال. واعتقد أن سبب التعصب الديني، يرجع بشكل رئيسي للتنشئة الأسرية، وكذلك ما يبث من بعض المتعصبين في الكنيسة والمسجد، وربما يساهم فيها أيضاً قدوة سيئة جراء ذلك 0في المدرسة والعمل وكل موقع خدمي وترفيهي كالمنشآت الحكومية والنوادي، فضلاً عما يمكن إدراجه ضمن عدم عدالة الفرص كجزء من الفساد وعلاقات المصالح المشبوهة التي تصب في ذات الغرض، وتنتشر من القطاع الحكومي إلي القطاع الخاص الذي يمكنك أن تجد بعض شركاته ومؤسساته ذات طابع طائفي أي كل العاملين بها أو النسبة الغالبة أتباع دين معين، فضلاً عن تراجع دور المؤسسات الثقافية بما فيها الإعلام والمجتمع المدني، وفوق كل ذلك نمو التيارات الأصولية المتشددة ذات الأهداف المشبوهة لاعتمادها فتاوي قتل وتكفير مخالفة للشرع الإسلامي، وكأنها تعمل لصالح أعدائه بعمدها تشويه رسالته السمحة. ولكن ونحن نشهد هذه التوترات المتزايدة يجب أن نلتفت أيضاً لسبب آخر لتنامي هذه الطائفيات، وهو عدم حسم الأجهزة الشرطية لتدخل عادل وفعال وسريع في أي خلافات بسيطة تنشأ بين المواطنين، وبالتالي يعزف كثير من المواطنين من اللجوء لأقسام الشرطة في المشكلات البسيطة ليقينه باستهزاء رجل الشرطة أو اتباعه أساليب سخيفة من أوراق بالية، وعدم تحرك فعال لمنع إهدار الكرامة التي لا تعترف بها الشرطة من أساسه، وبالتالي ينتشر شعور الضعف لدي المغلوب وربما يدعي كذباً أنه فريسة كراهية دينية، وليس خطأ بشريا، حتي يمكنه أن يجمع أنصاره بهذه الحجة للتغلب علي الإهانة المعتقدة لشخصه وليس لدينه، وربما أيضاً يكون العكس ويكون بالفعل إهانة أو فعل متعمد للكراهية الدينية فهو أمر وارد لما تم ذكره من أسباب، لكن من المؤكد أن القوانين لو كانت حاسمة وقوية وسريعة التطبيق لما لجأ شخص لهذه المجازفة والمخاطرة والتي لا تقابل في الوقت ذاته بالحسم الكافي. ورغم كل شيء، فإن مصر لن تصبح لبنان بمشيئة الله، لأن الأوضاع مختلفة، كما أن الآمال مازالت معقودة علي إنشاء التعليم المعرفي في المدرسة والجامعة والذي يجب ألا يقف عند حد العلم بل يتسع ليشمل تنمية الحس المعرفي والوعي لدي التلاميذ بالمفاهيم الإنسانية للحضارات والتعايش السلمي وحقائق الأديان السماوية وربما بعض من فلسفات الوجودية أيضاً، وفي الوقت ذاته ينبغي أن يكون ذلك أيضاً لأولياء أمورهم ومعلميهم وإعلاميهم ووعاظ المسجد والكنيسة، حتي لا تفسد مؤسسة م ا تزرعه أخري، ولا يخلع شخص زرع أشخاص آخرين. وقانا الله شر شخص متعصب يزرع الكراهية بين آلاف وملايين من البشر، وينشر بذور الحقد والغل في كل مكان، يعيش علي دماء الأبرياء وينتعش باللون الأحمر الداكن بدلاً من اللون الأخضر الجميل، إنهم بشر من عجينة الشيطان. ومن خلال استطلاعي لكثير من مستخدمي الفيس بوك وتويتر تبين لي ان اكثر من 50% يعتقدون ان التجديد في الفكر الاسلامي حرام وانك اذا تحدثت في تلك النقطة قد يعتقدون بأنك نوع اخر من البشر وقد تصل الي الاتهام انك غير مسلم افكار متعددة ومتنوعة في هذا الموضوع تحديدا ولكن الحقيقة واضحة تماما امامنا ولكن هناك الكثير منا يلجأ الي التحريم بدون ان يعي الحقيقة ولا حتي يبحث عنها بالرغم انها بسيطة وقريبه منه جدا...