وزيرة التضامن تتابع العمليات الميدانية للحصر الوطني الشامل للحضانات على مستوى الجمهورية    نقيب الأطباء: نرحب بجميع المرشحين ونؤكد على أهمية المشاركة بالانتخابات    لجنة الحريات بنقابة الصحفيين تعلن تضامنها مع الزملاء بصحيفة "فيتو" بشأن بيان وزارة النقل    195 عضوًا بمجلس الشيوخ يمثلون 12 حزبًا.. و3 مستقلين يخوضون الإعادة على 5 مقاعد في مواجهة 7 حزبيين    جامعة المنوفية الأهلية تتألق بأنشطة صيفية متنوعة لتعزيز مهارات طلابها    رسالة مهمة من الإسكان للمتقدمين على شقق سكن لكل المصريين 7 (صور)    "ابني" للتطوير العقاري تطلق مشروع "كنان" أول مجتمع سكني ترفيهي متكامل بملاعب جولف عصرية بمدينة سوهاج الجديدة    تخفيضات تصل إلى 50%.. موعد انطلاق معارض أهلًا مدارس 2025- 2026    حكومة الأردن: مصر الشقيقة الكبرى.. والرئيس السيسى والملك عبد الله ضمانة أمن الإقليم    الأونروا: سوء التغذية بين أطفال غزة يتضاعف 3 مرات خلال 6 أشهر    أبرزها غزل المحلة والأهلي، طرح تذاكر مباريات الجولة الرابعة بالدوري الممتاز    الاتحاد السكندري ل في الجول: تأجيل مكافأة الفوز على الإسماعيلي لما بعد مباراة البنك الأهلي    رغم قرار رحيله.. دوناروما يتدرب مع سان جيرمان    تقرير: رابيو يعرض نفسه على يوفنتوس    الأعلى للإعلام يمنع مصطفى يونس من الظهور الإعلامي ل 3 أشهر بعد شكوى الأهلي    محمد الشناوي غاضب بسبب التصرف الأخير.. مهيب يكشف تفاصيل حديثه مع حارس الأهلي في عزاء والده    مصرع وإصابة 8 أشخاص في انقلاب ميكروباص على طريق الإسكندرية الصحراوي    تكثيف الحملات التموينية المفاجئة على الأسواق والمخابز بأسوان    بعد ربع قرن، انتشال 3 قطع أثرية جديدة من أعماق البحر المتوسط بأبو قير    القصة الكاملة لتحويل بدرية طلبة للتحقيق: بدأت بتجاوزات وانتهت بمجلس التأديب    لو كنت من مواليد برج العقرب استعد لأهم أيام حظك.. تستمر 3 أسابيع    أحمد سعد يتألق في مهرجان الشواطئ بالمغرب.. والجمهور يحتفل بعيد ميلاده (صور)    أحدث ظهور لنادية الجندي بإطلالة صيفية جريئة على البحر (صور)    الصحة: نقل 3 مصابين من حادث طريق مطروح إلى مستشفيات جامعة الإسكندرية والعلمين النموذجي    خالد الجندى ب"لعلهم يفقهون": الإسلام لا يقتصر على الأركان الخمسة فقط    الجيش الروسي يحرر بلدة ألكسندر شولتينو في جمهورية دونيتسك الشعبية    الحكم بإعدام المتهمين بقتل تاجر مواشى لسرقته بالبحيرة    جنايات بنها تنظر أولى جلسات محاكمة المتهم بخطف طفلة والتعدى عليها بشبين القناطر    فتح: مخططات نتنياهو للاجتياح الشامل لغزة تهدد بارتكاب مجازر كارثية    الرئيس اللبنانى: ملتزمون بتطبيق قرار حصر السلاح بيد الدولة    رئيس قطاع المعاهد الأزهرية يتفقد "المشروع الصيفى للقرآن الكريم" بأسوان    أسعار الفراخ اليوم الخميس 21-8- 2025 بأسواق مطروح.. الشامورت ب 120 جنيها    وكيل صحة الإسماعيلية تفاجئ وحدة طب أسرة الشهيد خيرى وتحيل المقصرين للتحقيق    الجامعة المصرية الصينية تنظم أول مؤتمر دولي متخصص في طب الخيول بمصر    وزير الثقافة يعلن محاور وأهداف المؤتمر الوطني «الإبداع في زمن الذكاء الاصطناعي»    رئيس مركز القدس للدراسات: الحديث عن احتلال غزة جزء من مشروع "إسرائيل الكبرى"    هبوط جماعي لمؤشرات البورصة في نهاية تعاملات الخميس    البورصة المصرية تخسر 4.6 مليار جنيه في ختام تعاملات الخميس    مستخدمًا سلاح أبيض.. زوج ينهي حياة زوجته ويصيب ابنتهما في الدقهلية    جامعة أسيوط تعلن مواعيد الكشف الطبي للطلاب الجدد    كيفية صلاة التوبة وأفضل الأدعية بعدها    تقرير: تطور مفاجئ في مفاوضات تجديد عقد فينيسيوس جونيور مع ريال مدريد    بينها إسقاط الجنسية المصرية عن مواطنين.. رئيس الوزراء يصدر 4 قرارات جديدة اليوم    «الأرصاد» تحذر من حالة الطقس يومي السبت والأحد.. هل تعود الموجة الحارة؟    في جولة مفاجئة.. عميد طب قصر العيني يطمئن على المرضى ويوجه بدعم الفرق الطبية    دار الإفتاء: سب الصحابة حرام ومن كبائر الذنوب وأفحش المحرمات    رفضه لجائزة ملتقى الرواية 2003 أظهر انقسامًا حادًا بين المثقفين والكتَّاب |السنوات الأولى فى حياة الأورفيلى المحتج    بداية عهد جديد للتنقل الذكي والمستدام چي پي أوتو تطلق رسميًا علامة "ديبال" في مصر    مديريات التعليم تنظم ندوات توعية لأولياء الأمور والطلاب حول البكالوريا    مدبولي: نتطلع لجذب صناعات السيارات وتوطين تكنولوجيا تحلية مياه البحر    الداخلية: تحرير 126 مخالفة للمحال المخالفة لقرار الغلق لترشيد استهلاك الكهرباء    هل يوجد زكاة على القرض من البنك؟.. أمين الفتوى يجيب    "عيب عليك ده الزمالك جزء من تاريخ بلدك".. أيمن يونس يوجه تصريحات نارية    برلماني يطالب بتطبيق الحد الأدنى للأجور على معلمي الحصة فوق 45 عامًا    أسعار البيض اليوم الخميس بالأسواق (موقع رسمي)    نتنياهو يرفض مقترح الهدنة ويصر على احتلال غزة بالكامل    أخبار مصر: اعترافات مثيرة ل"ابنة مبارك المزعومة"، معاقبة بدرية طلبة، ضبط بلوجر شهيرة بحوزتها مخدرات ودولارات، إعدام سفاح الإسماعيلية    توسيع الترسانة النووية.. رهان جديد ل زعيم كوريا الشمالية ردًا على مناورات واشنطن وسيول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في رحاب سورة الحجر.. سبب أمر الملائكة بالسجود لآدم
نشر في شمس الحرية يوم 28 - 01 - 2012

لم يأمرهم (الله جل وعلا) بالسجود لهذا المخلوق لمُجرَّد تكوينه الهيكليّ والماديّ، من الطين، أو الصَّلصْال، إنَّما أمرهم أن يسجدوا له حينما نفخ فيه الرُّوح، هذا هو الذي كرَّم الإنسان، هذا هو الذي ميَّز الإنسان، هذا هو الذي جَعَل هذا المخلوق جديرًا بأن تسجد له الملائكة: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ}، فخرُّوا له ساجدين، كما قال الله تعالى عن إخوة يوسف ووالديه: {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا} [يوسف:100]، أي: لسِّيدنا يوسف.
{فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ}.

أمر الملائكة بالسجود لآدم:
كيف يسجد مخلوق لمخلوق؟ ربُّنا نهانا أن نسجد لأيِّ بشر، ولكن عالَمُ السماوات عالَمٌ غير عالمنا، ثم إنَّ السجود إذا كان بأمر الله انتهى الأمر، لم يَعُدْ فيه شرك ولا شائبة شرك، كما نهانا الله أن نقسم بأحد سواه، "مَن حلف بغير الله فقد أشرك". ولكنَّ الله أقسم بالفجر: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ} [الفجر:1-5]. وبالضُّحى: {وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى:1-3]. وبالعصر: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر:1، 2]. وبالليل: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [الليل:1-4]. وبالشمس والقمر: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا * وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا * وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا * وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس:1-9]. وبالتين والزيتون: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ * لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين:1-4]، وأقسم بمخلوقات كثيرة، ومن حقِّه تعالى إذا أقسم أن يقسم بما شاء، ولكن نهانا أن نقسم بغيره سبحانه، ولكن إذا أمر بعض خلقه أن يسجدوا، يجب أن يسجدوا.
{فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ}.

سجود الملائكة لآدم:
القرآنُ يؤكِّد أنَّ الملائكة لم يَتَخلَّف منهم أحد، {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ}، ثم أكَّد هذا كلمة: {كُلُّهُمْ}، وللتوكيد أيضًا: {أَجْمَعُونَ}، توكيد {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ}، لم يتردَّدوا ولم يتلعثموا ولم يتكلَّموا، خرُّوا سُجَدًا بعد أمر الله عزَّ وجلَّ، اسْجُدوا فسجدوا كلُّهم أجمعون.

{إلَّا إِبْلِيسَ أَبَى}، امتنع، {أَنْ يَكُونَ}، أي: يصير {مَعَ السَّاجِدِينَ}، في استجابتهم وفعلهم، هذا إبليسُ هو الذي تَمَرَّد على ربِّه، ورفض السجود له.

هل كان إبليس من الملائكة؟
بعض العلماء قال هذا؛ لأنَّه أمر الملائكة بالسجود وهو معهم، فلابدَّ أن يكون من الملائكة، ولكنَّ القرآن قال في سورة الكهف: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [الكهف:50]، كان من الجنِّ، فليس إذن من الملائكة، خصوصًا بعد أن ثبت في الصحيح أنَّ "الملائكة خلقوا من نور، وهو خلق من نار"، فلا يمكن أن يكون من الملائكة، ثم الملائكة مفطورون على الطاعة: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء:20]، {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} [الأعراف:206]، إنه تمرَّد على الله فأبى واستكبر، ورفض وجادل، تحدَّى الله خالقه، أبى أن يكون مع الساجدين، امتنع ورفض.
{قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ* قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} [الحجر: 32، 33]. {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ}.

سبب امتناع إبليس عن السجود لآدم:
قال تعالى: يا إبليس، ماالذي يمنعك أن تكون مع هؤلاء الساجدين؟!! وفي سورة الأعراف: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف:12]، فإبليس كان عنده أمر، إما أمر خاصٌّ به، أو أمرٌ مع الملائكة؛ لأنه كان يعايش الملائكة، فأصبح كأنَّه واحدٌ منهم. الناس تقول: مَن عاشر القومَ أربعين يومًا صار منهم. وقيل: عاش معهم آلاف السنين؛ فكأنه أصبح واحدًا منهم. فما يصدرُ إليهم من أمر يكون هو أيضًا معهم، المهم أنه عرَف أنه مأمور، وهو قال: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف:12]، هنا لم يقُل هذا، ولكن قال: {لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ}.

انظر كلمة: {لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ}، اللام هنا يُسَمُّونها لام الجُحود، التي تأتي بعد ما كان، أو لم أكن، أو لم يكن، كقوله تعالى: {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} [النساء: 137]، أي: ما كان من شأنه، {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ} [الأنفال: 33]، نفي الشأن. أي: ما كان من شأني ولا يليق بي أن {أَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ}، إبليس يَتَرفَّع عن السُّجود لآدم، ويرى أنه أفضل من آدم، لأنه طينيّ، وهو ناريّ، والنار تأكل الطين، فكيف يسجد الأفضل للمفضول؟

وفي سورة أُخرى: {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف:12]، المهم أنه يعترف بأنَّ الله هو خالقه، وخالقُ آدم، ومع هذا يَتَحدَّى الألوهيَّة، يرفضُ أمرَ اللهِ عزَّ وجلَّ، هذه هي المشكلة الإبليسيِّة: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} [الأعراف: 12].

بعضُ العلماء قيل له: رأيتَ إبليس؟ قال: ما رأيتُ، ولكن إذا رأيتَ مَن يقول: أنا. فهو أخو إبليس أو ابن إبليس. (أنا) النظر إلى النفس بعين الاستعلاء والاستكبار، وإلى الغير بعين الازدراء والاحتقار، هذه هي الإبليسيَّة.

مقارنة بين الطين والنار:
لقد زعم إبليس أنه خيرٌ من آدم، فقال: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف: 12]، ومَن قال: إنَّ النَّار أفضلُ من الطين؟ ربما كان الطين أفضل من النار، الطينُ يُحيي والنار تُميت، الطينُ يُعمِّر والنار تُدمِّر، صحيح أن كلاًّ منهما له فائدته، ولا يخلق الله شيئًا إلا وله فائدة، عَلِمَها مَنْ علمها، وجَهِلها مَنْ جَهِلها.

حسد إبليس وكبْره:
ولكن هذا هو جهل إبليس، وهذا هو الغرور الذي أدَّى بإبليس إلى الحسد والكِبْر، هما اللذان أَفْضَيَا بإبليس إلى هذا التمرُّد على الله، والعصيان لأمر الله، حَسَدَ آدم على ما فضَّله الله به، واستكبر كما قال الله تعالى: {اسْتَكْبَرَ} [ص:74].

وهاتان الخَصْلَتان - الحسد والكبر - من خصال السُّوء، وهو ما يُسمِّيه علماء السلوك: المعاصي الباطنة. وإن شرَّ المعاصي التي يقع فيها الخلق، هي المعاصي الباطنة، وأقلُّ منها المعاصي الظاهرة، فالمعاصي الظاهرة ليست أخطر المعاصي..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.