من شر الفتن التي يتعرض لها المسلم في حياته.. فتنة الشيطان.. فالشيطان يدفعك لأن تكون من حزبه, ويتفنن في ذلك بشتي السبل.. يجرك إلي المعصية.. ويعزفك عن الطاعة... يسعي بقوة إلي نسيان العبد ذكر ربه, وإلقاء العداوة والبغضاء بين الناس, وإدخال الحزن والخوف عليهم, وجذبهم إلي العرب والفسوق عن أمر الله, تحقيقا لمقصد واضح وصريح عبر عنه القرآن الكريم في قوله تعالي: إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير. فهؤلاء مسلمون, لكنهم بعيدون عن الله, قريبون من الشيطان, يزين لهم المحرمات والخبائث ويهون عليهم كل شيء إلا الطاعة تهون الماضي والفواحش, الصغائر والكبائر, فبالاستجابة للشيطان كانت جرائم السرقة والقتل والاغتصاب والزنا. فهذا يدفعه شيطان إلي عقوق والديه, وهذا إلي قطيعة رحمه. وذاك يفرق الشيطان بينه وبين زوجه.. و.. و إلخ. وآخرون صالحون أو تحسبهم كذلك, راودهم الشيطان فأفسد طاعاتهم وعباداتهم وأدخل في نفوسهم العجب والرياء والمن والأذي, وخلت أعمالهم من الإخلاص وحل الابتداع محل الإتباع, والأثرة محل الإيثار.. وباتوا من الخاسرين أو أوشكوا. وإن كانوا أمام الناس ممن يرجي صلاحهم! .. وهكذا نال الشيطان من طالحنا وصالحنا إلا من رحم ربي وبات كيده الضعيف اقوي من عزائمنا الخائرة.. وإذا كان رمضان صفد الشيطان أن شهرا كاملا فها هي أيام الفضيل قد انقضت, ونعود لنسأل أنفسنا: كيف نقاوم هذا العدو الأشر الشيطان؟! في البداية يوضح الدكتور صلاح الدين سلطان أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم بالقاهرة أن للشيطان خطوات متدرجة مع الإنسان في جميع مراحله.. فقبل العمل يدفعه إلي الكسل أو التسويف.. وفي أثناء العمل يحاول أن يجعله رياء أو سمعة, أو أن يقوم به دورن إتباع هدي القرآن الكريم والسنة.. أو ألا يتم الإنسان ما بدأه من خير. فإذا فشل الشيطان في أي من الخطوتين بعد العمل, فإنه يدفع الإنسان إلي المن تطوعا, أو المن اضطرارا في مواجهة إساءات من نحسن إليهم. ويؤكد د. صلاح سلطان أن الشيطان يعمل مع الإنسان في الليل والنهار, في النوم واليقظة, في الرضا والغضب.. فلا يدعه إلا إذا استعمل الإنسان العلاج الرباني في صرفه ووقف وساوسه وطرد هواجسه.. والعلاج لمقاومة فتنة الشيطان يتلخص في نقاط عدة. أهمها:1 العلم: حيث ورد الحديث عن الشيطان وإبليس في القرآن الكريم69 مرة. وفي مئات الأحاديث النبوية, مما يكون صورة واضحة جلية عن الشيطان لذا فعلي المسلم أن يشغل نفسه بالقراءة والدراسة والتزام دروس العلم بشكل دائم يبعد عنه الشيطان. 2 الذكر: لقوله سبحانه إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون.. ولابد أن يكون الذكر كثيرا مستمرا متوافقا مع يوم الإنسان وليله, يقظته ومنامه, مطعمه وشرابه, حتي ييأس الشيطان منه, أو يبتعد عنه. 3 الصوم: فعن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجري الدم.. ولاشك أن الصوم سواء كان فرضا أو تطوعا يجهد الشيطان ويقلل وساوسه للإنسان, لأن الصوم عنصر تربوي فاعل ومؤثر في شفافية القلب وصفاء الروح, وضعف الهوي وإنهاك الشيطان. 4 صحبه الصالحين: فقال النبي صلي الله وسلم: يد الله مع الجماعة, ومن شذ في النار. وعنه انه قال الواحد شيطان والاثنان شيطانان, والثلاثة ركب, والحق أن من يرد السير إلي الله فلابد من صحبة صالحة يفر منها الشيطان, ويكون التواصي بالحق والتواصي بالصبر طريقا إلي رضا الله ونيل الجنان. 5 كن مستعدا للمواجهة, فيري ابن القيم رحمه الله أن أولي نزعات الشيطان خطرة, فادفعها فهي أهون مما بعدها, وإلا صارت فكرة, فادفعها فهي أهون مما بعدها, وإلا صار عزما, فالدفعة فهو أهون مما بعده, ولا صار هما, فادفعه, وإلا صار فعلا فادفعه فهو أهون مما بعده, وإلا صارت عادة. ويضيف د. صلاح سلطان إلي كلام ابن القيم أن الإنسان قد يمارس عادات السوء سرا, فإن لم يدفع وساوس الشيطان, فإن العادة تصير فسوقا, أي إعلانا ومجاهرة بالمعصية, فإن لم يدفعها الإنسان فقد يجرفه الشيطان أكثر وأكثر لمواجهة أصحاب الحق والمكارم والأخلاقية, ليكون من الأمرين بالمنكر والناهين عن المعروف, والمحاربين للدعاة والمصلحين