إهدائي لها هي ومازلت اهديها كلي وكل ما تبقي مني ومن كلماتي .. اهدي إلى من كنت امثل يوما لها محبا هائما في سمائها .. إلى من كنت وقتا ما عاشقا يدور حولها ليتطلع إلى نظرة من عينيها .. اهدي إليها كلماتي وهي مازالت ولم تزل أميرتي الساحرة مهما طال العمر أو قصر مهما أخذتنا الدنيا إلى أراضي بعيدة أو سماوات جديدة فسأظل أنا كما أنا محب وفي.. في يوم ما قررت أنا وبعض أصحابي أن نخرج ونذهب إلى احدي المتاحف التي تعرض أعمالا صخرية . وذهبنا فعلا ودخلنا المتحف وكل واحد منا بدا ينظر إلى ما يلفت نظره من أعمال وتماثيل موجودة وبدأنا نتصفح المكان حتى أخذتني قدمي لإحدى التماثيل الذي شدني فيه شيء ما .. فقد أحسست انه تمثال حي وليس من الصخر. تقدمت قليلا حتى توقفت أمامه وبدأت أتطلع إلى ملامح التمثال كله وفي نفس الوقت ابحث عن شاهده، فقد كان التمثال عبارة عن فارس يمتطي فرسا تظهر عليه القوة، أما الفارس فقد كان يرتدي حلته ولكن كان يغطي رأسه قناع الفرسان، شدني التمثال وعندما اقتربت أكثر وأكثر فأحسست أن فيه شيء ينبض داخل صدره.. أحسست بان هناك من النبضات التي تنطق باسم ما، اتجهت إلى الشاهد وبدأت في القراءة وعند بداية قراءتي لما هو مكتوب وجدت إنني بدأت اسرح فيه ولم اعد ادري أين أنا حتى أنني تلفت حولي فلم أجد المكان الذي كنت فيه .. وجدت نفسي داخل غابة تمتليء بالأشجار وتمثال الفارس أمامي فتابعت قراءة قصة هذا التمثال وفارسه .. فبدا يحكي الفارس قصته ويقول: كنت سابقا فارسا أعيش مثلي مثل غيري في بلاد بعيدة ولكني دوما كنت اسمع علي أميرة البلاد ذات السحر الأخاذ .فقد كنت اسمع صوتها العذب وأنا ابعد عن قصرها آلاف الأميال . كنت أرى نور وجهها عندما كانت تطل من شرفتها ليلا منعكسا علي صفحات السماء.. كنت أرى الأسماك تتجمع علي شعاع عينيها في عز الليل القاتم علي سطح النهر . ومع هذا كله بدأت أحبها دون أن أراها أو اسمع صوتها أو أرى شعاع عينيها الذي يأسر قلوب الملوك . ولكني كنت دوما اسمع عن حراسها الأشداء ... حارسين في منتهي الصرامة احدهم القدر والثاني هو الزمن.. وبكل قوة رميت قلبي في أحضان حبها حتى وان لم أكن أراها وبدأت كل يوم اذهب إليها لعلي أراها، وأصبحت اغزل الكلمات في حبها وأنغم بجمالها عبر شعري وأبياتي، لم يعد لدي سوي أن أقف تحت شرفتها لعلها تراني، ولم يكن لدي شك في أنها ستحبني وأنا العاشق الواله في حبها المتيم بسحرها الميت في هواها.. وفي غفلة من حراسها الأشداء قابلتها ووقفت مشدودا مشدوها أمامها .ركعت تحت قدميها ماسكا يديها اليمني بين راحتي واضعا شفتاي علي يديها طابعا عليها قبلة تحمل كل مشاعري وأحاسيسي .. قبلة تحمل رحيق قلبي متمنيا ألا يمر بي الزمن أبدا وألا تفارق شفتي يديها.. وقفت انظر إليها لعلها تكون نظرتي الأخيرة.. لم أكن أريد أن أعيش فقط لها بعد أن وجدت أن حياتي لم تعد تعني لي شيء بدونها.. ولكن لان اللحظات الجميلة لا تدوم التفت إلينا القدر والزمن ولم يريدا أن نظل سويا، وفي لمح البصر صوبا سهامهم إلى قلبي، كانت سهام الفراق تقطع الهواء قطعا لكي تصل إلى صدري، ولكن أميرتي لم ترد لي ذلك .. لقد ألقت بنفسها لكي تقف حائلا بيني وبينهم، وقفت حائلا لكي تتصدي للسهام بدلا عني .. وقد حدث.. لقد أصابتها سهامهم، وفجأة ارتمت بين ذراعي رأسها علي صدري ناظرة بعينيها إلي .. نظرتها كانت باسمة من محبة أعطت كل مشاعرها لفارس لم يستحقها يوما .. كانت نظرتها نظرة ملكة ساحرة يزين رأسها تاج رصعته اثمن جواهر الأرض، تلقفتها بين أحضاني ولففت يدي حول خصرها ولكني لم اعد أميز الدماء التي علي يدي هل هي دمائها أم دموع عيني.. كانت كلماتها هي أن اذهب وأنساها حتى أعيش لغيرها، ولكني حملتها بين ذراعي وجريت بها سريعا اقطع المسافات لعلي اجدلها ترياقا.. ومع كل خطوة من خطواتي كان يزداد ألمي وتنهمر دموعي ويشتد صراخي باسمها لعلي أموت ويصبح اسمها آخر كلماتي. وفجأة ظهر أمامي من كنت انتظره.. هو من سيكون لديه ترياق حبيبتي.... سألني: ماذا تريد؟ دعها وارحل فهي ليست لك ولن تكون يوما لك.....دعها وارحل فهي لغيرك قلت: لا ... سأدعها ولكن عليك مداواتها أولا. قال : إذا أردت ترياق لها فعليك أن تضحي قلت : حياتي فداءا لها قال : ستضحي بأغلى ما عندك .. ستضحي بروحك وبقلبك وستصبح حبيس تمثال من الصخر.. لكن ساترك لك طلبا .. قلت : إذا كان روحي وحياتي ترياقا فانا كلي ملك لها ولا حياة لي بعدها . فكيف لي العيش وهي غير موجودة في الدنيا .. خذ ما تشاء ولكن دعها تعيش ولكن اترك لي قطرة دماء واحدة تمر بجسدي. وقد كان فقد تركت كل شيء لكي ادعها ترحل بعيدة عني عائدة إلى قصرها بعيدة عن شعري وكلماتي ومعها ألمي وحزني، وعدت حبيسا لهذا التمثال الصخري . وعندما اقتربت لكي اسمع الصوت المنبعث من التمثال وجدت انه ينطق باسمها واندهشت فقد كان اسمها هو اسم من أحب .. وقتها تراجعت للخلف خائفا ونظرت إلى يدي فلم أرى شيء ونظرت أمامي فوجدتني..وجدتني أنا من يعتلي فرسه..وجدتني أنا الفارس بعد أن أزاح القناع عن رأسه.. نعم أنا هو هذا الفارس، وجدت أن ملامحه هي ملامحي ... وجدت تحت عينيه دمعة تحمل وجهها بعد أن كان وجهها آخر ما أرى..وجدتني احمل في يدي اليمني ورقة مكتوب فيها أميرتي: إذا كان الزمن والقدر قد ألقى بسهامهم حتى أصابونا .. فلم يعد لدي شيء من الدنيا ابقي عليه أو حتى انظر له، فانا هنا حبيس تمثالي بعد أن كنت وما زلت حبيس حبك، ولم اندم علي ضياع قلبي يوما فقد ذهب لمن يستحق ولن انتظر روحي أن تعود لي يوما فقد حامت حول من هويت وتمنيت..النسيان نعمة تنازلت عنها يوما ولم اعد أريدها، فإذا أردت نسياني فلك هذا ..وأنا هنا موجود في تمثالي تمر عليه الأيام والسنين ولن يتغير مكانه ولن تجف قطرة دماءه التي تمر بجسده مهما مر الزمن فمازالت تحمل اسمك ومازالت تنبض به ومازلت انتظر ترياقي لعلك تحضرينه لي يوما ما وأعود حيا مرة أخرى.. فارسك الوفي لحبك.
________________ قصة كتبها صديقنا: وائل ________________