لم يكن انضمام رجل الأعمال المصري عنان الجلالي إلى قائمة أهم مائة شخصية عربية مؤثرة بالمجتمع بالأمر السهل.. فهو صاحب مشوار طويل بدأه من تحت الصفر والأكل من صناديق القمامة والعمل في غسيل الصحون.. حتى أصبح رجل أعمال معروف عالميا ويشغل العديد من المناصب المهمة وصديق شخصي للأسرة المالكة بالدنمرك.. قابلت عنان الجلالي منذ عامين وروى حكايته قائلا: كنت الأخير دائما في المدرسة طوال سنوات الدراسة وكنت فاشلا، ولكن أهلي لم يعتبروني فاشلا، وأنا كسبت مئات الملايين وخسرت مئات الملايين، بعد أن كنت غاسل أطباق، وبعد أن كانت أقصى أمنية لي أن أمتلك وجبة طعام أصبح لديّ ألاف الوجبات التي تقدم من خلال فنادقي، وكل الناس احتقرتني في بدايتي، ولكني وصلت إلى مكانة دولية وأصبحت ضيف شرف لعدة مرات عند ملكة الدنمرك، وخرجت من مصر بلا مقومات وعدت وبنيت فيها بالخبرة والمال ونميت فيها وخرجت فيها أجيال من الشباب والعاملين الذين يعملون في شركات عالمية داخل مصر وخارجها، ولم أتغير أبدا. ويضيف قائلا: حكايتي بدأت من كوني نشأت وسط عائلة أكاديمية ووالدي كان ضابط بالقوات المسلحة، ولكني كنت فاشل في التعليم، وكنت طوال سنوات دراستي الأخير، وفي الثانوية العامة فقدت الأمل تماما، لدرجة أني كنت عضو في نادي وأشركوني في السباحة لمدة دقيقة من أجل الحصول على 10% من الدرجات ولكن لم أنجح أيضا، فشعرت بأني غريب وسط أهلي وأصدقائي الذين تخرجوا من الجامعات، ولذلك رأيت أن أكون غريبا بالخارج بدلا من أن أجلب وصمة عار لأهلي، فسافرت إلى النمسا سنة 1967 بعشرة جنيهات في جيبي لتبدأ الرحلة. وصلت النمسا ولم أكن أعلم أي لغات، ونزلت في بيوت الشباب ولكن لم يتبق معي أموال، فبحثت عن ملجأ في فيينا خاص بالشباب بلا مأوى، وبعت جرائد وعملت في عدة أعمال، وكان هناك اضطهاد، فكنت أذهب لشراء بيض من محل وأشربه نيئ لأني لن أجد مكان أسلقه فيه، وتخرج البائعة لتقول لي أني كلب وخنزير، وكانت ظروفي سيئة، ووالدي كان سكرتير عام هيئة التحرير، وكان لديه علاقات برجال الثورة، والسفير المصري بالنمسا كان اللواء حسن التهامي أحد رجال الثورة، وكان يرسل سيارة السفارة تبحث عني من أجل دعوتي على غداء، وعندما حدثت النكسة وكنت أبيع الجرائد وعليها صور قتلى المصريين فشعرت بأني أبيع أهلي، والسفير كان يريدني أعود إلى مصر، ولذلك رأيت أن النمسا تمثل لي ذكريات أليمة، فقررت الذهاب إلى الدنمرك. ولكن الدنمارك لم تكن مختلفة.. حيث يقول: سكنت في بيوت الشباب ولم أجد عملا، فكنت أنام في صناديق التليفونات وأبحث عن الطعام في صناديق القمامة، ووصل الأمر إلى أني ذهبت لأحد الفنادق وطلبت العمل مقابل الأكل حتى ولو من الأكل الفائض من الزبائن، وقلت أني لا يمكن أن أستمر مواطنا من الدرجة العاشرة في هذه البلاد بسبب أني ليس لديّ تعليم ولكني أمتلك المبادئ والتقاليد التي خرجت بها، وقررت تطوير نفسي بعيدا الدراسة، وكان كل طموحي الحصول على وجبة طعام وسرير أنام عليه، ولكن هدفي الحقيقي الحصول على الخبرة والاحترام، وعرضوا عليّ العمل في غسيل الصحون وراتب صغير وغرفة، وعملت ضعف الآخرين، ووصلت إلى نائب مدير عام سنة 1971 في أكبر فنادق الدنمرك، وبعد أربع سنوات من بداية الفرصة. وعن كيفية ارتقاءه من غسيل الصحون إلى منصب نائب مدير عام بجانب الشهرة التي اكتسبها يقول: نحن الذين نصنع الفرص، فقد كنت في وقت فراغي أعمل في الوظيفة التي أريد أن أرتقي إليها ثم أطلبها، وكنت أرفض أن أنزل لوظيفة أقل، وبدأت الشهرة عندما تعجب أحد الصحفيين الكبار هناك من وجود نائب مدير عام عربي وشاب، وسألني كيف وصلت إلى ذلك، وقال أنه سمع أن والدي يملك فنادق أو أن شيوخ عرب ساعدوني أو تزوجت ابنة صاحب الفندق، فنفيت كل ذلك وقلت له أني بدأت من تحت السلم، وغسلت صحون من أجل وجبة وصممت على الاستمرار والارتقاء، وكتب في مقاله بدأ حياته في غسل الصحون في سبيل وجبة طعام وأصبح الآن نائب مدير لأكبر فنادق الدنمرك، وبدأت الصحف تتحدث عني، وكان مديري مريض ورئيس روسيا في زيارة إلينا وتوليت كل شيء، وقابلت ملوك ورؤساء، وبدأت الصحف تتحدث عني وأصبحت شخص مشهور، وحصلت على 5 دكتوراه فخرية في العالم، بجانب الاحترام الذي وصلت إليه والذي لم أكن أحلم بالوصول إلى 1% منه، وأوباما عزمني، والصحيفة الرسمية الأمريكية أطلقت عليّ لقب أشهر غاسل صحون في العالم، وأصبحت مثل للشباب الأمريكي والياباني، وحصلت على لقب " فارس دانبروغ" وهو أعلى لقب في الدنمرك، بجانب لقب سفير العلاقات التاريخية في الشرق الأوسط، ولذلك خرجت من كل ذلك بحكمة أنه لا يوجد مستحيل، فقد دفعت ثمن البقاء وعن منصب رئيس مجلس كبار المستشارين بالاتحاد العالمي لرؤساء الجامعات على مستوى العالم بالرغم من أنه لم يحصل على الثانوية.. يقول: تم اختياري بسبب شهرتي وتنميتي في العديد من الفنادق، وأصبحت محاضرا في العديد من الجامعات، وعندما عينوني في هذا المنصب كنت متعجبا جدا، لأني لم أدرس في جامعة طوال حياتي، وهذا المجلس يضم رؤساء دول وشخصيات حصلت على نوبل، فقلت لهم بعد اختياري" أثبتم باختياركم لي أن الدراسات والأبحاث والتحاليل الدراسية والشهادات لا يمكن أن تصبو إلى أهدافها بدون الخبرة التي أنا أمثلها لأنني لم أحصل حتى على الشهادة الثانوية" فوقفوا لتحيتي، ولكن في كل الأحوال لم أسعى أبدا لأي منصب.