بهدوء شديد يطل علينا عبر الشاشة، وكان خلال السنوات الماضية من أبرز الإعلاميين الذين رفعوا شعار "المهنية قبل أي انفراد" ورفض الإثارة والشائعات لتحقيق نسبة مشاهدة كاذبة، ويُصر على الاحتفاظ بنفس المبادئ التي التزم بها على مدار 35 سنة من تاريخه الإعلامى، ورغم نجاحه في تجربته بقناة "القاهرة والناس".. ولكنه قرر أن ينتقل إلى قناة دي إم سي وسط علامات استفهام كثيرة، وفي هذا الحوار خرج أسامة كمال عن دبلوماسيته المعهودة وكان صريحاً لأبعد الحدود وهو يجيب عن أسئلتنا والتى تناولت أموراً عديدة تفرض نفسها حالياً علي الرأي العام..
في البداية، كيف ترى حال الإعلام حالياً خاصة برامج التوك شو ؟ الإعلام ليس فقط برامج توك شو؛ فهو كان مؤثراً في فترة من الفترات، وأرى أن مسلسلا واحدا قادر على التأثير في الناس أكثر من 100 توك شو، وعلى سبيل المثال مسلسل الأسطورة، كانت الناس تنتظره على القهاوي؛ أنا لم أشاهده لكن الرسائل التي خرجت منه سواء سلبية أو إيجابية أوصلت للناس مجموعة قيم خلال 30 يومًا، والمشكلة هنا خاصة بالدراما التى أصبحت مؤثرة جداً، والحال نفسه بالنسبة لبرامج الكرة وتحليل المباريات.
- هل لدينا حرية إعلام؟ بالتأكيد لدينا.
- ولكن البعض يري عكس ذلك بسبب إيقاف بعض البرامج؟ من قال إنه يتم إيقافها، فلا توجد معلومة مؤكدة، وكل هذا استنتاج الآخرين، مثلاً برنامج إبراهيم عيسي.. من المفترض أن نسأل لماذا توقف هو وليس بالضرورة أن أحدا أجبره علي ذلك، وفي حدود معلوماتي فإن طارق نور مالك قناة القاهرة والناس والذي عملت معه 4 سنوات كان يُدافع عن إبراهيم عيسي باستماتة، وبالتالي جلس طارق وإبراهيم واتفقا أن البرنامج يستمر حتي نهاية 2016 ثم توقف بشكل طبيعي.
- بصراحة.. هل اليوم الدولة تفرض سيطرتها على الإعلام؟ نعم لكن بناءً على طلب المشاهد؛ فالمشاهدون هم من قالوا هناك انفلات إعلامي، ولا أعلم أي نوع من الحرية ترغبون فيها أو تشبه من؟ فوارد جدًا أن يكون هناك صحفي أو مذيع تافه.
- متى اتخذت قراراً بإنتاج برامجك؟ الموضوع بدأ عندما كنت في الإذاعة وقدمت 3 برامج، فتعلمت المونتاج سريعًا، وبدأت أنزل وأجمع تصريحات من الناس حتى يصبح عندي حوار، ثم أشتري إسطوانة ب 80 جنيهاً حتى أظهر بحلقة واحدة، وفي مرة قال لي أحدهم "أنت المذيع الوحيد الذي يصرف على برنامجه "فقلت له: "مدفعش ليه في كرسي أنا قاعد عليه"، فعندما قامت ثورة يناير 2011 تعطل ديكور الاستوديو، وقالوا لي إن هناك 11 لمبة محروقة، ولاتوجد لدينا ميزانية، فنزلت واشتريت كشافات ب 33 ألف جنيه ولم آخذ ثمنهم حتى الآن، وفي عام 89 علمت أن الإعلام "مبيأكلش عيش"؛ فقررت الاتجاه إلى العمل الخاص؛ حيث حال الإعلام زمان.. إما أن تشحت أو ترتشي.. وأنا لم يكن عندي استعداد لأي منهما.
- كثيرون اندهشوا من خطوة انتقالك لقنوات دي إم سي.. لماذا؟ ربما لأن هناك جدلا ظهر في البدايات بخصوص ملكيتها، أنا ما يخصني هو أنني وقعت عقداً مع طارق اسماعيل، وهو نفسه الذي يملك راديو 9090، والمشكلة ليست في الملكية، بل هل تقدم الرسالة التي يرغب المشاهد في رؤيتها؟.
- هل ممكن أن تكون دي إم سي أو غيرها بديلًا لماسبيرو؟ إطلاقًا، ماسبيرو قصة قائمة بذاتها، والتليفزيون المصري يحتاج لشخص ماهر في الإدارة والهيكلة بشرط ألا يكون إعلامياً، لكن فكرة أن يتولي إدارته مرة مذيع وأخرى مخرج.. فمع كل احترامي لهم ولكن ما هي قدراتهم الإدارية؟
- مداخلات الرئيس السيسي معك جعلت الكل يقول إن أسامة كمال "مرضي عنه"، ما تعليقك؟ نحسبها معا، الرئيس السيسي أجرى معي مداخلتين في التليفون، وبعدهما أجرى حواراً، ثم أجرى 3 مداخلات تليفونية مع عمرو أديب، فهو لم يختر أسامة كمال، لكنه حسب ما روي لي، أنه كان يجلس في منزله وقت عرض حلقة ذوي الاحتياجات الخاصة، والطفل استنجد به، فبدأ يبحث عن رقم القناة حتى وصل إلينا، وفي المرة الثانية كانت حلقة عن الأطفال، فالموضوعات لم تكن سياسية، ثم جاء الحوار معه، وهي المرة الوحيدة التي جلست فيها مع الرئيس ساعة قبل اللقاء بحضور مدير مكتبه، ودردشنا وقلت له كان هناك أسئلة لدي ولكن المكتب رفضها، فرد بتلقائية: "اسأل اللي أنت عايزه".
- دائمًا تتناول حال الشعب في برامجك، كيف تري أوضاع المصريين حالياً من موقعك كإعلامي؟ الناس رأت بعينها الثورة ماذا جلبت لهم، فبالتالي سيفكرون مرة واثنين وثلاثة في كل خطوة، وأنا لم أشارك في ثورة 25 يناير لأننى كنت أتوقع ماذا سيحدث بعدها، وهناك ثوابت ومبادئ يجب أن نعيش على أساسها، وهي أن الطبقة المتوسطة لن يرعاها أحد، والأسعار ممكن أن تنخفض لكن ليس بقرارات الدولة إنما بالإمدادات.
كيف ترى حال التعليم فى مصر؟ المنظومة كلها فاشلة.. بعض المعلمين ليس لديهم ضمير وغير مؤهلين، وأيضًا لدينا أولياء أمور ينصحون أولادهم بالغش بدلًا من تربيتهم على القيم والاخلاق.
- لو أسامة كمال وزيرًا للإعلام ما أبرز قراراته؟ عُرض علي هذا المنصب ورفضته، فكان وزير الإعلام حينها بدون سلطة، أما الآن هل سيكون لديه السلطات الكافية لسحب التراخيص مثلًا؟..
في رأيك.. الشباب الآن يستمع لمن؟ الشباب حاليًا لا يسمع أحدا، واليوم نتحدث مثلًا عن الحبيب علي الجفري، وهو شاب عنده حوالي 40 سنة، ويلتف حوله الكثير من الشباب ولديه أسلوب جميل وراقٍ في الحديث، لكن هل تتوقعين أنه لم يُهاجم؟ بالعكس يشتمه البعض برغم أنه بالنسبة لي يقول أجمل كلام عن مصر، ولكن يهاجمه البعض بأن لديه مصالح شخصية، فهل يتقرب من السلطة ليمسك وزارة مثلاً وهو غير مصري؟ أم ليربح أموالاً وهو ماشاء الله لا يحتاج إليها؟ ففي فترة من الفترات كان عمرو خالد مؤثراً على الشباب خاصة البنات ثم توقف، إذن فترة التوهج لها بداية ونهاية، لكن الفكرة الأساسية أن الشخص كيف يبني هذه الفترة بالطريقة الصحيحة، فعندما يختفي التوهج يبقى الاحترام، ولا يوجد أحد بقى كما هو، معز مسعود ومصطفى حسني موضة وانتهت، واليوم يظهر الشاب عبد الله رشدي، مع عمرو موسي وهو يقول كفر وإلحاد، فلكل مقامٍ مقال.
- إذن لماذا نُظهر هؤلاء الأشخاص على شاشات التليفزيون؟ عندما نحتاج لشخص من الأزهر نرسل لهم خطابًا، وهم يرسلون أحدًا نيابةً عنهم للظهور في البرامج، فمثلًا أول مناظرة دارت بين الأزهر وإسلام البحيري، كنت أنا من أدارها، والأزهر أرسلوا عبد الله رشدي، للظهور في الحلقة، وقدمنا مناظرة بين اثنين يخرجون ألسنتهم لبعضهم البعض،أما بالنسبة لظهور الملحدين على الشاشة؛ فاليوم عندما يأتي مذيع يستضيف شخصاً مُلحداً وفي منتصف الحلقة يطرده، هل أنت عندما أحضرته لم تكن تعلم بأنه مُلحد؟ إذن لماذا أحضرته؟.