محطة الحوض المرصود.. جملة يسمعها كل من يريد التوجه إلى مستشفى الحوض المرصود الموجود في منطقة السيدة زينب.. وبمجرد الوصول إليها تلاحظ الأعداد الضخمة التي تخرج من الباب.. فتعتقد أن الازدحام قل، ولكنك ستفاجأ أن من بالخارج نقطة في بحر الموجودين بداخلها.. وأغلب الموجودين فيها من السيدات.. لذا نجد لهم عيادات خاصة بهم وأقل من نصف عددها مخصصة للرجال.. وعندما تصعد على السلالم ستجد عيادات لليزر والعلاج بالكي والتبريد وغيرها، وبمجرد كشفك عند الطبيب تقف في طابور لصرف الدواء مجانا، وهذا الزحام نتيجة الثقة في أطباء هذا الصرح الطبي الشامخ.. وعندما تتنقل بين المرضى تجد بعضهم من القاهرة وآخرين من الجيزةوالفيوم والصعيد والدلتا بجانب بعض اللاجئين المتواجدين في مصر. تجولنا بين أروقة المستشفى لنتعرف على هذا المستشفى العظيم من الداخل.. ولنعرف حقيقة ما يتردد على لسان البعض من وجود بعض الإهمال أو كونها مكانا لانتقال العدوى بين المرضى نتيجة الزحام.. أما عن تفاصيل هذه الجولة فتقرأها في السطور التالية..
في البداية اقتربنا من فتاة شابة في العشرينيات من العمر لنسألها عن سبب زيارتها للمستشفى.. فتقول: شعري يتساقط وذهبت لأكثر من طبيب جلدية، وكل طبيب يكتب لي أدوية كثيرة استخدمتها لكن بدون فائدة، حتى أخبرتني صديقتي بأنها جاءت إلى المستشفى، وأنها لاحظت فارقا ملموسا في التساقط والنعومة، وبالفعل جئت وأنا خائفة من الزحام، إلا أنني كشفت عند أحد الأطباء ووصف لي أدوية اشتريتها من خارج المستشفى، وبالفعل استخدمتها طوال 6 شهور كاملة، ولاحظت فارقا، حيث أصبح شعري أفضل.
أما السيدة فاطمة السيد- 60 عاما- فتقول: ظهر على جسم ابنتي بقع، وجئت بها من الفيوم لأكشف عليها، والدكتور شخّص حالتها على أنها صدفية وراثية، وأعطانا الدواء، وسأعود إلى بلدي وأحضر بعد شهرين مثلما طلب مني الطبيب للمتابعة.
وأثناء انتظارنا بجوار العيادات وجدنا أحد الأطباء خرج من العيادة ولم يرجع، فقررت بعض السيدات الصعود لمديرة المستشفى لإبلاغها بالأمر، وصعدنا معهن لنعرف رد فعل المسئولة دون الكشف عن هويتنا، فوجدنا مديرة المستشفى تجلس في غرفة مواجهة للسلم بابها مفتوح وبها مرضى، وعندما أخبرتها إحدى المرضى بالأمر أكدت لها أنها سترسل طبيب آخر، وبالفعل في خلال 15 دقيقة دخل العيادة طبيب آخر وتابع عمله.
ويتحدث الدكتور عادل بطرس زغلول- استشاري الأمراض الجلدية والتناسلية بمستشفى الحوض المرصود- عن الأمراض الجلدية المنتشرة وما تقدمه مستشفى الحوض المرصود قائلا: تنتشر الأمراض الميكروباتية والحمونيل والأكزيما المتقيحة والالتهابات الفيروسية والالتهابات الفطرية ( التينيا الملونة ) والفطريات بين الفخذين نتيجة للحرارة والرطوبة والملابس الثقيلة أو النايلون، والطريقة المثلى للوقاية منها ارتداء الملابس القطنية البيضاء والتواجد في غرف تحتوي على مكيفات أو مراوح على الأقل، وهذا يفسر قلة انتشار هذه الأمراض في الشتاء، وفى حالة حدوث هذه الالتهابات يجب تناول مضاد حيوي.
ويضيف قائلا: مستشفى الحوض المرصود يستقبل في اليوم الواحد حوالى 5 آلاف مريض، وفى بعض الأحيان يصل عددهم إلى 7 آلاف في اليوم واحد، أما في الشتاء فيصل عددهم إلى حوالي1000 أو 2000، ويتردد المريض أحيانا أكثر من مرة على المستشفى، وأكثر الفئات مرضا في الصيف هم الأطفال، لأن الجهاز العرقي الخاص بهم غير مكتمل، وبالتالي يزداد التعرق، لذلك فهم أكثر المصابين بالحمونيل الذي يمهد لدخول الميكروب، ومن المعروف علميا أن أي شعب ثلث سكانه عنده حساسية جلد أو صدر أو جيوب أنفية، وأكثر الفئات ترددا على المستشفى هم الأطفال من عامين إلى 10 سنوات تقريبا، وأود أن أنوّه إلى أن مفهوم البعض بإبقاء الأطفال في البانيو لفترات طويلة تجنبا لإصابته بالحمونيل في الصيف مفهوم خاطئ، لأن الجلوس في المياه لساعات طويلة يعمل على ترطيب الجلد أكثر من اللازم، مما يسهّل من دخول الميكروبات إلى الجسم، فالاعتدال مطلوب في كل شيء، كما أن بالمستشفى 10 عيادات للسيدات مقابل 4 للرجال، وهذا يرجع إلى اصطحاب السيدات لأبنائهن، كذلك هناك عيادات تناسلية وليزر والعلاج الضوئي والعلاج بالحقن والعلاج بالكهرباء والعلاج بالتبريد، فهي تحتوي على كل التخصصات الجلدية.
وعن توافر الأدوية في المستشفى بالمجان يقول د. عادل بطرس: الدولة وفرت لنا أعداد ضخمة من الأدوية, ولم يعد مثل الماضي تركيبات، إلا أن من عاصر التركيبات يعتقد أنها ذو فعالية أكثر من الأدوية الجاهزة الآن، إلا أن هذا الاعتقاد غير صحيح، بالإضافة إلى أن كثيرا من الأمراض تشف وحدها مثل الحمونيل، فقط بتخفيف الملابس والتواجد في أماكن مكيفة.
ويؤكد د. عادل أن مشكلة الحوض المرصود هي كثرة التردد على العيادة بها، وهذا يرجع إلى أن شهرة المستشفى كبيرة جدا، ومعظم من يترددون على العيادة من القاهرة الكبرى والجيزةوالفيوم والعياط ومن كل أنحاء الدلتا، خصوصا في الحالات المزمنة، لأن تشخيصها غير متاح بدقة في أغلب الأحيان، كذلك الأمراض الجلدية الناتجة عن الأمراض الوراثية كالصدفية، كذلك وجود محطتي مترو السيدة زينب وسعد زغلول ساعد كثيرا على سهولة الوصول إليها، لدرجة أن سائقي الميكروباص والأوتوبيسات يكتبون على لافتاتهم الحوض المرصود.
وعما يحتاجه المستشفى يقول د. عادل: نحتاج إلى متبرعين بالأدوية، لأننا نصرف كميات أدوية كبيرة بالمجان لجميع المرضى، كذلك يأتي إلينا اللاجئون غير المصريين والعرب من كل مكان.
وعما يردده البعض من أن المستشفى موطن لانتشار الأمراض نتيجة للزحام وليس للعلاج يقول: أعمل في المستشفى منذ أكثر من 37 عاما، ولم يحدث أن أصبت أنا أو أحد من زملائي بأي عدوى، فالعدوى تنتقل من الحر والتلاصق الشديد لفترات طويلة بالساعات والأيام وتحت ظروف معينة، فالمستشفى بحق يقدم خدمة ضخمة للناس، إلا أن البعض يرى أننا مقصرون خاصة في الصيف ويتناسون الأعداد، وأحيانا بعض الأطباء يأخذون إجازاتهم، فالضغط يكون كبيرا جدا.