الصدفية هي إحدى الأمراض الجلدية المزمنة الشائعة في الكثير من المجتمعات، وكما هي حال في معظم الأمراض الجلدية المزمنة فإن الصدفية تسبب إزعاجاً شديدا للمريض المصاب بها كونها ما زالت مجهولة الأسباب وعلاجها يحتاج إلى الصبر والمثابرة واختيار العلاجات المناسبة، فما هي الصدفية؟ وما أعراضها وهل من سبيل إلى علاجها؟ تعريف الصدفية كما يوحي لنا الاسم فإن الصدفية مرض جلدي مزمن يتميز بظهور بقع حمراء تغطيها قشور ذات لون فضي وتظهر غالباً على فروة الرأس والركبتين والمرفقين وأسفل الظهر والكاحل وعلى أظافر اليدين والقدمين والصدر والبطن وظهر الذراعين والساقين وراحتي اليدين وأخمص القدمين. وهي تؤدي الى حفر في الجلد وتغير اللون. صدفية الرأس تصيب صدفية الرأس ما لا يقل عن 50% من مرضى الصدفية بشكل عام، وقد تبقى الإصابة محصورة في منطقة الرأس لعدة سنوات قبل أن تنتشر إلى مناطق أخرى في الجسم. وتظهر صدفية الرأس عادة على شكل قشور بيضاء فضية ناعمة، يظنها المصاب نوعا من قشرة الرأس العادية التي عادة ما تصيب أصحاب البشرة الدهنية، فيستعمل المصاب الشامبوهات المضادة للقشرة التي قد تعطي بعض النتائج الجيدة لفترة من الزمن، ثم تعود القشور للظهور بعد وقف العلاج. تشخيص الصدفية أحيانا تكون الصدفية خفيفة الانتشار؛ فلا يلاحظ الشخص على نفسه الإصابة، ولكن في حالات أخرى تكون المناطق المصابة واسعة وملحوظة، ويشخص طبيب الأمراض الجلدية الصدفية لدى فحص الجلد والأظافر وقشرة الرأس، وإذا كان هناك شك في التشخيص يلجأ الطبيب إلى أخذ عينة وفحصها مجهريا. أعراض مرض الصدفية تبدأ الأعراض المرضية بالظهور في صورة حبيبات حمراء مغطاة بالقشور، يكبر حجمها تدريجيا مكونة ما يشبه الهضاب وعليها طبقات من القشور الفضية اللامعة مع وجود حكة شديدة، وتخف حدة المرض في وسط الهضبة منتجة الشكل الحلقي من المرض، وقد تتصل هذه الحلقات والهضاب مع بعضها لتعطي شكلا أشبه بالخرائط الجغرافية، وأكثر الأماكن تعرضا للإصابة هي الجذع وخاصة في المنطقة القطنية، والجزء الخارجي من الساعدين والساقين خاصة حول المرفقين والركبتين، وتصيب كذلك فروة الرأس حيث تتكون قشور فضية كثيفة لكنها لا تسبب سقوطا للشعر. وقد ينتشر المرض ليصيب أي جزء من الجسم كما أنه يسبب تيبسا في اليدين والقدمين، وكذلك تشوهات في الأظافر، حيث تظهر على الأظافر حفر صغيرة جدا شبيهة بالنقر الحاصل برأس القلم. والمرض عموما قابل للتحسن أو الشفاء التام، لكن يمكن أن تحصل حالات انتكاس لعدة مرات تمتد لعدة سنوات قد تصل حوالي 10 15 سنة أو أكثر. أسباب الصدفية ما زالت الأسباب الكامنة وراء ظهور مرض الصدفية غير معروفة حتى الآن، وهذا لم يمنع من وضع بعض النظريات والتفسيرات والافتراضات لتفسير حدوثه لكنها لا تزال غير كافية، لكن المعروف أن هناك عوامل تساعد في ظهور هذا المرض، ومن أهمها ما يلي: · ضعف في عمل الكبد، يؤدي إلى تجمع السموم التي يفرزها الجسم فيه فتحدث الصدفية. · التهاب الحلق الجرثومي الذي يمكن أن يحفز ظهور الصداف مثل التهاب البلعوم بالبكتيريا العقدية مجموعة أ ""group a streptococcus ويكثر انتشار هذه الحالات بين الأطفال وصغار السن. · أسباب وراثية. · تغير الجو؛ فالطقس الجاف والبارد، وقلة التعرض لأشعة الشمس يزيدان من تهيج المرض. · اضطرابات الغدد الصم؛ إذ وجد أن للمرض علاقة باضطرابات الغدد الصم والهرمونات في الجسم، فقد تتحسن حالة الصداف أثناء الحمل، وقد تحدث لأول مرة عند بلوغ بعض السيدات سن الأياس. · الأدوية؛ هناك بعض الأدوية المسببة لظهور الصدفية مثل الليثيوم، وأدوية علاج الملاريا مثل chloroquine) كلوروكين). · الحالة النفسية المضطربة؛ مثل الاكتئاب، الأرق، التوتر، الإجهاد، الحزن، القلق النفسي، وكلها عوامل هامة في حدوث المرض، وقد تؤدي الصدمة العاطفية الشديدة إلى حدوث الصدفية. · حدوث اختلال في أداء نوع معين من الخلايا البيضاء (خلايا تي t-cell) والتي تثير نظام المناعة في خلايا الجلد الكيراتينية (خلايا طبقة الجلد الخارجية) فتسبب التهابا في الجلد، وبسبب هذا الالتهاب يتساقط الجلد بسرعة كبيرة، فالجلد في الحالات الطبيعية يبدل نفسه كل حوالي 30 يوم تقريبا، ولكن العملية في الصدفية تتسارع لدرجة أن الجلد يبدل نفسه كل ثلاثة أو أربعة أيام، فتلاحظ بقعا جديدة خلال 10 إلى 14 يوما، وبذلك تنشأ عوارض الصدفية. أنواع الصدفية للصدفية أشكال وأنواع متعددة، وكل نوع يختلف باختلاف حدته أو مدته أو موقعه أو شكل ونوع قشوره، وأهم هذه الأنواع: 1. الصدفية اللويحية المزمنة (plaque psoriasis): وهي النوع الأكثر شيوعا بين المرضى، يظهر على شكل بقع حمراء صغيرة يزداد حجمها تدريجيا وتصبح ذات قشور، وبينما تتقشر القشور العلوية بسهولة، إلا أن القشور السفلية تكون أكثر تماسكا والتصاقا، وهذه تسبب حكة شديدة مما يؤدي إلى خدش الجلد وخروج الدم بسهولة، ومن أهم المناطق التي تظهر عليها هذه الأعراض الركبة والمرفق وفروة الرأس والأذن والجزء الأسفل من الظهر، كما يمكن أن تظهر هذه اللويحات في مواقع جلدية تعرضت للرضوض أو الجروح وتسمى هذه الظاهرة بظاهرة "كوبنر". 2. التنقرات الخفيفة( nail psoriasis ) : التي تصيب الأظافر فتصبح بيضاء هشة أو سميكة ومتشققة ذات حفر، وعادة ما ينفصل الظفر عن الجلد، ويصعب علاج هذه الحالات غالبا. 3. الصدفية المقلوبة أو العكسية :(lnverse psoriasis)وتحدث في ثنيات الإبطين وتحت الثديين والردفين والمناطق التناسلية. 4. الصدفية النقطية أو المنقطة :(quttate psoriasis) وغالبا ما يحدث هذا النوع بعد الإصابة بالتهاب فيروسي أو بكتيري للحلق، ويظهرعلى شكل بقع صغيرة حمراء كثيرة العدد متقشرة نقطية الشكل، وأكثر ما تصيب الأطفال وصغار السن، وغالبا ما يشفى المريض دون علاج خلال أسابيع أو عدة أشهر. 5. التهاب المفاصل: يصاب حوالي 30٪ من مرضى الصدفية بأعراض التهاب المفاصل، لكنه يكون عند البعض سيئا عندما يكون الجلد متضررا وملتهبا، وفي بعض الأحيان تتحسن الصدفية عندما تتحسن حالة الجلد المرضية. خطوات وقائية مساعدة هناك بعض الأمور التي يمكن أن تبطئ من ظهور عوارض الصدفية أو تمنعها، ومن أهمها: · الابتعاد عن كل ما يثير القلق أو التوتر أو الغضب؛ وذلك لأن حوالي 60% من المرضى الذين يراجعون الأطباء يكونون في حالات عصبية شديدة. · الاستحمام بماء ساخن يحتوي على محلول القطران يساعد على تطرية الحبيبات والقشور الجلدية وسهولة إزالتها. · العناية بالجلد، وذلك بتجنيبه المواد الكيماوية والأتربة، والاهتمام بترطيب الجلد وعدم تركه عرضة للجفاف. · الاسترخاء والتنفس بعمق. · التعرض لأشعة الشمس والأشعة فوق البنفسجية ذات التأثير المفيد على الجلد والصدفية، وقد تتحسن حالة مريض الصدفية أو يشفى تماما في فصل الصيف ليظهر المرض ثانيا في فصل الشتاء، ويكون التعرض لأشعة الشمس لمدة ساعتين صباحا، ويجب الحذر من الإفراط في التعرض لأشعة الشمس خاصة لذوى البشرة الفاتحة، حيث يمكن أن يصابوا بالشيخوخة المبكرة أو بسرطان الجلد. علاج الصدفية مرض الصدفية من الأمراض المزمنة، لذا يحتاج علاجه إلى الصبر والمثابرة واختيار العلاجات المناسبة، لكن معالجة الصدفية تختلف من مريض لآخر حسب شدة المرض والحالة الصحية والعمر وتجربة المريض لعلاجات سابقة، ومدى قابليته للتعاون والالتزام بالعلاج، كل ذلك من العوامل المحددة لنوع العلاج وطريقته. ويمكن استخدام طريقة أو أكثر من طرق العلاج هدفها الأساسي تقليل الالتهاب، والتخفيف من سرعة انقسام الخلايا في الجلد. يمكن تقسيم علاج الصدفية إلى ثلاثة أنواع هي: 1. العلاج الموضعي: ويكون باستخدام مراهم وكريمات توضع على الجلد، تساعد على تطرية الحبيبات والقشور الجلدية قدر الإمكان، ويتم تركيب تلك المراهم تبعا لنوعية الجلد ومدى انتشار الصدفية، ومن هذه المراهم: · الستروئيدات: فقد تضبط كريمات ومراهم الستروئيدات الحالة لدى كثير من المرضى، لكن يجب استخدام هذه المركبات بحذر؛ إذ يجب استخدام المركبات ضعيفة التأثير في مناطق الجسم الحساسة مثل المناطق التناسلية والوجه، أما المركبات الأقوى فتستعمل في مناطق فروة الرأس والركبة والمرفق وراحة اليد وأخمص القدم. · فيتامين د: ويكون في صورة دهان موضعي أيضا، حيث يبطئ من معدل انقسام خلايا الجلد، وله نتائج جيدة في حالات الصداف البسيطة والمتوسطة، لكنه لا يوضع على الوجه، ويجب غسيل اليدين جيدا بعد استخدامه. · مستحضرات القطران: وتأتي في صورة كريم أو مراهم أو محاليل أو شامبو، تقلل التهابات الجلد وتمنع تكون القشور، ويفضل استخدامها في حالات صدفية فروة الرأس، وحالات الصداف اللويحي المزمن، لكن لا يجوز استخدامها على الوجه أو الأعضاء التناسلية أو الثنايا الجلدية أو قبل التعرض للشمس مباشرة. · الدايثرانول: ويستخدم في حالات الصداف اللويحي المزمن، وينبغي استخدامه بحذر حيث أنه يؤدي لتهيج الجلد السليم، لذلك يجب التأكد من استعماله على الحبيبات والقشور فقط والابتعاد عن الجلد السليم، وبالتالي فهو لا يستخدم للوجه أو ثنايا الجلد لأنه يؤدي إلى تلوين الجلد باللون البني، ويوضع على القشور يوميا لمدة 15 – 60 دقيقة ثم يغسل بعدها. · حمض السالسيلك: يستخدم أحيانا مصاحبا لمستحضرات القطران أو الستروئيدات، حيث يعمل على تطرية القشور والحبيبات ومن ثم تزال بسهولة. 2. العلاج الضوئي: فأشعة الشمس والأشعة فوق البنفسجية تبطئ النمو السريع للخلايا الجلدية، وحيث أن التعرض لأشعة الشمس أو للأشعة فوق البنفسجية لفترة طويلة يسبب التجاعيد وسرطان الجلد ويؤذي العينين، فالعلاج الضوئي السليم هو المطلوب خاصة ذلك الذي يجرى تحت إشراف طبي، ومن أهم العلاجات المستخدمة: · العلاج ب puva: التي تستخدم حيث يكون المرض صعبا ودقيقا، وهي فعالة في 85 - 90 % من الحالات، حيث يعطى المريض دواء حساسا للضوء يدعى psoralen يبطئ نمو خلايا الجلد، ثم يعرض للأشعة فوق البنفسجية uva (ومن هنا جاء اسم (puva، ويحصل العلاج مرتين أو ثلاثا في الأسبوع في المستشفى، ويجب التأكيد على عدم التعرض للشمس لعدة ساعات قبل وبعد جلسة العلاج، إلا أن هناك بعض المشاكل الجانبية لل puva منها: ظهور الشامات والتجاعيد، وقد يصل الأمر- في حالات نادرة- إلى سرطان الجلد. · العلاج ب uvb: تعالج به حالات الصدفية اللويحية، حيث يعرض المريض خلالها إلى أضواء خاصة ثلاث مرات أسبوعيا، على مدى خمس إلى ثماني أسابيع، ويفضل استخدامها في فصل الشتاء. 3. علاج الحالات الصعبة عن طريق الفم: التي لا بد قبل اللجوء إليها من التأكد من سلامة وظائف الكبد والكلى والدم قبل وخلال استخدام تلك العقاقير، لأن لتلك العقاقير آثار جانبية، ومن هذه العقاقير: · الميتوتريكسات: وهو علاج يؤخذ عن طريق الفم، نسبه شفائه للصداف جيدة جدا عند فشل الأدوية الأخرى، لكنه يسبب آثارا جانبية خاصة للكبد، لذلك لا بد من إجراء تحليل مخبري دوري للأعضاء المتوقع تأثيره عليها، كما تتضمن آثاره الجانبية الأخرى اضطرابا في المعدة وغثيانا، لذلك لا تنصح النساء الحوامل باستخدامه. · الريتنوئيدات: وهي مشتقات فيتامين a، قد تعطى بمفردها أو بالمشاركة مع الأشعة فوق البنفسجية لحالات الصدفية الشديدة، ويجب ضبط استعمال الدواء جيدا من قبل الطبيب مع إجراء تحاليل مخبرية منتظمة. نصائح لمرضى صدفية الرأس · مرض صدفية الرأس مرض مزمن يحتاج لفترة علاج طويلة، لذلك فإن الصبر والمتابعة من أهم أسباب نجاح العلاج. · يفضل عدم حك فروة الرأس بشكل شديد، لأن ذلك يساهم في اشتداد الصدفية ويساعد على ظهور بقع جديدة. · يفضل الاستمرار في استعمال الشامبوهات الموصوفة حتى بعد زوال الأعراض لعدة أشهر أخرى، لتجنب عودة المرض مجددا. · أخذ حمام دافئ يساعد على التخلص من القشور ويعزز من امتصاص العلاجات الموصوفة. · تنظيف الشعر بلطف، وعدم تصفيفه وهو مبتل، لأن ذلك يؤذي جذور الشعر، ومن المهم استخدام فرشاة شعر ذات أسنان طرية. · تجنب استعمال صبغات ومثبتات الشعر. · يفضل أن يكون الشعر قصيرا، لأن ذلك يساعد على وضع العلاجات، وعلى امتصاصها بشكل جيد. * عدم استعمال أي دواء قبل مراجعة الطبيب.