- د.ياسر شعبان: قوة المعلومات والبيانات تخلق حلولا مبكرة قبل حدوث المشكلات - حل المشكلات الهندسية عن طريق التحليل المنطقي للبيانات دكتور ياسر شعبان استطاع أن يحمل لقب صاحب أفضل بحث لعام 2014 من الهيئة الأمريكية لأنظمة الهندسة الإدارية وأفضل بحث أيضا لعام 2014 من الهيئة الأمريكية لمهندسين الهندسة الصناعية، وهو شاب مصرى بدأ حياته فى كلية الهندسة بالمطرية جامعة حلوان ليتفوق فيها ويعين فى هيئة التدريس وحصل على درجة الماجستير، إلا أن طموحاته العملية جعلته يبحث عن منحة دراسية للدكتوراه وبمراسلته لعدد من الجامعات كان نصيبه أن يستكمل دراسته فى واحدة من أكبر جامعات العالم بكندا والتى تحتل المركز الأول فى مجال البحوث الهندسية, وهذا شجعه على الإبداع بكل حرية إلى جانب عنصر يراه دكتور ياسر من أهم العناصر الداعمة له فى أبحاثه وأعماله وهو إشراف دكتورة سمية ياقوت على أطروحته للحصول على الدكتوراه وهى عالمة مصرية تعيش فى كندا و دكتور سمية أول سيدة تشغل منصب عميد لكلية هندسة فرانكفونية فى كندا وسيكون لنا مقال عنها قريباَ بإذن الله, وكان تأثيرها العلمى كبيرا جداَ فى غرس شغف العلم أكثر عنده وغيرت تفكيره من طالب لدكتوراه إلى باحث لما هو جديد فى مجال العلم والمعرفة والمتعلقة بتخصصه. ويقول دكتور ياسر شعبان إن دكتورة سمية ياقوت هى أول من أدخل طريقة" التحليل المنطقى للبيانات" فى الهندسة الصناعية عام 2007 وتعد دراستى للدكتوراه وبحثى المقدم فيها هو أول استخدام لهذه البيانات فى مجال عمليات التشغيل على المواد الخاصة بصناعة محركات الطائرات, والمركبات الفضائية, مما أتاح تقليل تكلفة صناعة وتشغيل تلك المواد, إلى جانب زيادة إنتاجها. قوة المعلومة حل سحري للمشكلات الهندسية ويوضح دكتور ياسر شعبان الخطوات الرئيسية التى يعتمد عليها فى تحليل البيانات وهى: أولاً– تحويل البيانات المدخلة إلى الرقمين واحد وصفر. ثانياً- التعرف على الأنماط ويعتبر النمط هو المعلومة المختفية فى البيانات والتى تحمل داخلها سر وصف وتفسير الظاهرة الصناعية والتى يصعب إيجاده من العمليات الإحصائية التقليدية المتبعة فى الأوساط العلمية منذ سنوات طويلة. ثالثاً- تأتى عملية وضع قاعدة تساعد على توصيف أى بيانات جديدة لنفس الظاهرة. وبذلك يتم تحليل البيانات بصورة منطقية بأقصر الطرق دقة ومنطقا, وبناء عليه يمكن استخدامها فى معرفة أماكن الأعطال وتجنب المشكلات أو الكوارث سواء فى المجال الصناعى أو فى النظم الهندسية الأخرى, خاصة فى مجال الإنشاءات والبنية التحتية وبهذا الأسلوب العلمى يمكننا اتخاذ القرارات السليمة والدقيقة فى الأوقات المناسبة من غير إهدار الوقت أو الاعتماد على فرضيات لا توصل إلى الحل. ويؤكد دكتور شعبان أن قوة المعلومة هى المحرك الذى يتحكم فى كل ما حولنا من سياسة واقتصاد وصناعة بل وحروب أيضا وعلينا أن تستفيد من عصر المعلومات الذى نعيشه منذ السبعينيات من القرن الماضى ومع انتشار الكمبيوتر تكمن هذه القوة -على حد تعبيره- فى كيفية فهم واستخراج القواعد المتحكمة فى الظواهر الكونية. فوراء كل ظاهرة كونية دالة رياضية غير معروفة ويحاول الباحثون فرض الفرضيات وإهمال المتغيرات واستخدام الطرق الإحصائية حتى يستطيعوا وصف هذه الظاهرة فى صورة رياضية. تحليل المعلومة يساعد على التنبؤ بالكوارث واستخدام قوة المعلومات يساعدنا بشكل كبير فى التشخيص والتنبؤ فى العمليات الصناعية, كما يقلل أو ربما يساهم فى المستقبل فى تجنب الكوارث الناجمة عن النظم الهندسية. فمن خلال هذه الطفرة العلمية يمكننا فى مصر حل عدد من المشكلات التى تواجهنا فمثلا يمكن تطبيقها فى مجال صيانة القطارات والطائرات عن طريق تحليل دورى للبيانات. ولكن للأسف المناخ البحثى فى مصر لايرى أهمية لمثل لهذه الأبحاث ويجد الباحث والعالم نفسه هنا محملا بأعباء كثيرة لاتؤدى إلى إنتاج فاعل بداية من التكاليف المادية التى تكون على عاتقه, مروراً بمعوقات عدة, انتهاءً بعدم الاكتراث بالنتائج وتظل حبيسة الأدراج, على عكس المنظومات البحثية فى الدول المتقدمة تجد نفسك فى نظام محكم يجبرك على العمل ويحدد الأدوار ويجعلك تبدع وتصل إلى أشياء ونتائج لا تتوقعها. وبرغم كل العروض التى عرضت على أثناء وجودى بكندا منذ عام 2015 وإلى الآن لتقديم أبحاث ما بعد الدكتوراه فى المراكز البحثية إلا أننى فضلت الرجوع إلى بلدى مصر. يقول دكتور ياسر: إن قرارى بالعودة لم أندم عليه للحظة لأنى عدت من أجل أسرتى, إلى جانب أن عودتى جعلتنى أكثر إصراراً على العمل والاجتهاد من أجل تغيير المناخ البحثى من خلال عملى فى الجامعة والتواصل مع جيل من الطلاب والباحثين من خلال مشاركتهم ومساعدتهم بما هو جديد من أجل النهوض بمصر بل والمنطقه العربية. ويؤكد دكتور ياسر أن عودته إلى بلده الأم لا تعنى إطلاقاً ابتعداده عن الإنتاج العلمى والبحثى وأنه مستمر فى أبحاثه فهو يرى أن الشبكة العنكبوتية كما سهلت عليه مشوار الدكتوراه وألحقته بكبرى الجامعات بكندا فهى قادرة على تقليل المسافات ..ويضيف قائلا: من مصر أنتجت آخر بحثين لى عن كيفية تمثيل البيانات الضخمة وبصورة مرئية بمشاركة باحث من أسبانيا والآخر عن إدارة سلسلة الإمداد فى الهندسة الصناعية بمشاركة باحثين من السعودية, فرنسا وأمريكا وذلك من خلال تكوينى لفريق بحثى دولى من مختلف بلاد العالم وتحت قبة جامعة حلوان بهدف إعادة ريادة مصر فى العلم. فدكتور ياسر يرى أن العلم أيضاً بحاجة إلى أعمال تطوعية لإثرائه وإنعاشه فهو يعمل كمستشار أكاديمى لمؤسسة علماء مصر والتى يقع مقرها فى الولاياتالمتحدةالامريكية, ويبلغ عدد أعضائها حوالى (300) عالم مصرى وعربى هدفهم واحد وحلمهم أن يروا مناخ البحث العلمى فى مصر والعالم العربى يضاهى بل يكون أفضل من الدول الغربية ويعملون بكل جهدهم لمساعدة الطلاب النابهين والمقبلين على الدراسة فى الخارج أملاً منهم فى عودتهم والعمل من أجل بلدانهم وإيمانا منهم أيضاً أن العلم ليس له وطن والاستفادة تكون على العالم كله. ويشير دكتور شعبان أن عمله التطوعى كمستشار أكاديمى بمؤسسة علماء مصر إلى جانب عمله فى الجامعة كعضو هيئة تدريس يجعله أكثر حرصاً على مسانده ونقل كل خبراته إلى الطلاب والباحثين فهو يدعوهم دائماً إلى الصبر والإصرار على العمل حتى مع وجود بعض المعوقات التى قد تواجههم وقد مر بها هو أيضاً أثناء دراسته خارج مصر مثل عائق اللغة, أنظمة التعليم المختلفة بين الدول وبعضها البعض, اختلاف الثقافات والتأقلم عليها. فدكتور ياسر المفعم بالحيوية والتفاؤل حرص بشكل كبير على أن ينقل تفاؤله لطلابه المصريين من خلال عدد من النصائح دائم الحديث معهم فيها ويقول: مهما كانت المعوقات عليكم بخلق نظام جيد للبحث من خلال الاستعانة بالباحثين العائدين من الخارج وأصحاب السمعة العلمية الجيدة والحرص على نشر أبحاثهم وإنتاجهم العلمى فى دوريات علمية دولية ذات ثقل فى المجال البحثى لأن العمل البحثى فى مصر كما سبق أن تحدثت غير مفعل وإذا كنا نود أن تلحق مصر بالعالم فعلينا كحكومة وشعب أن ندرك و نهتم بالتعليم والبحث العلمى بدلاً من سؤال أنفسنا دائماً لماذا تهاجر العقول المصرية؟ ونظل ندور فى حلقه مغلقة. العالم المصرى الذى قرر العودة إلى مصر والذى أسهم بعدد من الأبحاث يفوق (17) بحثاً دولياً فى كبرى الدوريات العلمية والمؤتمرات الدولية فى مجال الهندسة الصناعية والميكانيكية والذى رشحت أطروحته لأفضل رسالة دكتوراه لعام 2014 جامعة مونتريالبكندا والحاصل على عدة جوائز لم يتم الاستفادة من خبراته العلمية إلى الآن على الوجه الأمثل فى مصر والتى من شأنها المساعدة فى تقليل الأضرار الناجمة عن الأعطال المفاجئة والتى يمكن معرفتها مسبقاً كما ذكرنا من خلال ابتكاره لنظام إنذار ومراقبة لأداة القطع أثناء التشغيل وبذلك يزيد عمر الأداة عن طريق إعطاء إنذار فى الوقت المناسب و بناء عليه يمنع استمرار التشغيل فى حالة انتهاء عمر الماكينة وقد سجل دكتور شعبان هذا الاختراع فى كندا وأمريكا ويعمل به الآن فى كبرى دول العالم. والسؤال الآن: أما آن الأوان للاستفادة من هذه العقول المصرية الأصيلة التى آثرت العودة إلى بلدها لنشر علمها؟ ولكن لا أحد يجيب فأين دور وزارة البحث العلمى؟ أين دور الحكومة فى تفعيل هذه الأبحاث أم ستظل عقدة الخواجة قابعة على عقولنا؟. ونسعد جداً بنجاح أبنائنا فى الخارج ونتغنى به لصالح الغرب ولا حياة لمن تنادى هنا وحين يعود علماؤنا من الخارج بهدف إفادة البلد "نعمل ودن من طين وودن من عجين".. مصر تحتاج تكاتف كل الجهات من أجل أن تكون دولة قوية بعقول وعلم أبنائها المتميزين.