تعد إدارة قواعد البيانات بطريقة علمية صحيحة من أهم عوامل النجاح ليس فقط للمؤسسات ولكن للحكومات ومستقبل الدول ، فمع تضخم البيانات التى ينتجها المستخدمون يوميا نشأ مايعرف بعلم البيانات الضخمة، والتى أصبحت تشكل كنزا استراتيجيا للباحثين عن مزيد من النجاح والازدهارالاقتصادى. وتقول د. سمية ياقوت أستاذ الهندسة الصناعية بكلية الهندسة جامعة مونتريالبكندا خلال ندوة نوادى علوم الأهرام إن البيانات الضخمة هى الجيل القادم من الحوسبة التى ستغير شكل العالم، فمن خلال مسح وتحليل البيانات بطريقة صحيحة يمكن اتخاذ القرار النهائى بشكل واضح وتحقيق قيمة مادية عالية فى مجالات الأعمال المختلفة. فقد أحدثت ثورة المعلومات تغيرا بشكل يومى فى اتخاذ القرارلأصحاب الأعمال ، فعلى سبيل المثال كان حجز تذكرة للسفر يستلزم الذهاب إلى مكتب الطيران ودفع ثمن التذكرة الثابت والمعروف مسبقا ، لكن اليوم وفى عصر الانترنت أصبح بإمكان أى إنسان حجز التذكرة وهو جالس فى مكتبه أو بيته، وأن يقارن بين عروض شركات الطيران واختيار الأنسب، مما أنشأ حالة من التنافس بين هذه الشركات لتقديم المميزات والتخفيضات، وكل هذا نتيجة تحليل بيانات العملاء واتخاذ القرار السريع مع المحافظة على تحقيق الربح المادى المستهدف. وتؤكد أنه من خلال تحليل البيانات بدقة وبطريقة علمية سليمة يمكن معرفة الرأى العام وطريقة تشكيله ، ومن خلال معرفة سلوك المستهلكين يمكن رفع العائد المادى للسلع التصديرية، كما يمكننا القضاء على العديد من المشكلات مثل مشكلة الطاقة والكهرباء فى مصر، فهناك كم هائل من البيانات عن المستهلكين متوافر لدى وزارة الكهرباء، يمكن من خلال تحليله معرفة سلوكيات المستهلكين سواء أفرادا أو مؤسسات أو مصانع، وبالتالى تجنب الإهدار الهائل فى الطاقة خاصة فى المصانع ، وتوجيهها لتجنب هذا الإهدار وبالتالى يقل استهلاك الطاقة، كما يمكن من خلال تلك البيانات تعظيم الاستفادة وتحقيق الأرباح من استغلال الطاقة الشمسية. وأوضحت الدكتورة سمية أن التحليل العلمى للبيانات يعتمد على أن يتم تحليل هذه البيانات بحيادية وبدون تحيز لفكر مسبق أو موروثات وقناعات لاتستند لمفهوم علمى ، لذا يجب وضع افتراضات مبدئية لنتيجة تحليل البيانات ثم عمل التجارب لإثبات صحة هذه الافتراضات من عدم صحتها دون مراعاة الاعتقاد الشخصى ، وذلك من أجل تحقيق أقصى استفادة من هذه البيانات وتحقيق الربح. وأشارت إلى نجاحها فى وضع برنامج تم اعتماده على المستوى الوطنى فى كندا وحصلت به على شهادة براءة اختراع، البرنامج يحمل اسم"CBM LAD" ، وهذا البرنامج هو برنامج تنبؤ مبكر يحذر من الأعطال فى الماكينات الصناعية، وهو نظام يطبق الآن فى الطائرات وقطارات نقل البضائع، كما يستخدم فى حل أزمات المرور الجوية فى دول الاتحاد الأوروبى، وفى التنقيب عن المعادن. وأكدت أن أهم مايميز البيانات الضخمة ما يعرف ب 3VModels، وهى أولاالحجمVolume، حيث إنه بحلول عام 2020 سيحتوى الفضاء الالكترونى على مايقرب من 40.000 زيتابايت ( الزيتابايت: واحد وأمامه 21 صفرا ) من البيانات الجاهزة للتحليل واستخلاص المعلومات، والثانى هو السرعة Velocity،حيث كان يتم تحليل البيانات المخزنة كل مجموعة بيانات واحدة تلو الأخرى فى انتظار وصول النتائج،ومع الازدياد الضخم فى حجم البيانات أصبحت الحاجة ظهرت أنظمة فائقة السرعة فى تحليل البيانات الضخمة مثل Apache و SAP ، وآخر مايميز البيانات الضخمة هو التنوع Variety، فمع تزايد أعداد مستخدمى الانترنت والهواتف الذكية وشبكات التواصل الاجتماعى تغير شكل البيانات من بيانات مهيكلةإلى بيانات غير مهيكلة تتضمن عدد كبير من الصيغ مثل الصور ومقاطع الصوت والفيديو والرسائل القصيرة والوثائق بصيغها المتعددة. د. ياسر شعبان بقسم هندسة التصميم الميكانيكي فى كلية هندسة المطرية جامعة حلوان والحاصل على المركز الأول لأفضل بحث لطلبة الدكتوراه لعام 2014 من الهيئة الأمريكية لمهندسى الهندسة الصناعية، وهو أول من استخدم التحليل المنطقي للبيانات فى مجال عمليات تشغيل المواد الخاصة بصناعة محركات الطائرات والمركبات الفضائية، مما أتاح تقليل تكلفة صناعة وتشغيل تلك المواد بنسبة 40% تقريبا، وزيادة إتاحة إنتاجها بنسبة 70%. تحدث عن دوره تحت قيادة الدكتورة سمية، في تطوير طرق استغلال البيانات المتاحة لاتخاذ القرارات المثلى، وأشار إلى أن هناك الكثير من المعلومات وقواعد البيانات، لكننا لا نستخدمها بالطريقة المثلى،موضحا أن الهندسة الصناعية تمكننا باستخدام تلك البيانات، من الوصول إلى القرارات المثالية واستغلال مواردنا بشكل أفضل.وأكد أن استخدام التحليل المنطقي للبيانات يتم بطريقة حسابية معينة دون استخدام أي افتراضات،حيث تعتمد عمليه التحليل علي ثلاث خطوات رئيسية أولاها تحويل البيانات المدخلة إلى الرقمين واحد وصفر(binarization)، وثانيتها هو التعرف علي الأنماط (pattern recognition) ويعتبر النمط هو المعلومة المختفية في البيانات والتي تحمل داخلها سر وصف وتفسير الظاهرة الصناعية والتي يصعب إيجاده من العمليات الإحصائية التقليدية والمتبعة في الأوساط العلمية منذ سنوات طويلة. وتكون الخطوه الاخيره هي عمليه وضع قاعدة تساعد علي توصيف اي بيانات جديده لنفس الظاهرة (theory formation). وتتم عمليه تحليل المنطقى للبيانات بأقصر الطرقدقه والمنطق، وبالتالى يمكن استخدامها في معرفة أماكن الأعطال وتجنب المشكلات أوالكوارث سواء الصناعية أو فى النظم الهندسية الأخرى، خاصة فى مجال الإنشاءات والبنية التحتية.كما يمكن تطبيقها في مصر لصيانة القطارات عن طريق تحليل دورى للبيانات.