وفي منطقة محطة الرمل.. يشهد مقهى" أثينيوس" على مرحلة مهمة عاشتها الإسكندرية.. عندما تملك بها اليونانيون العديد من المشروعات.. ومنها هذا المقهى.. الذي يضم صورا وثائقية نادرة لتاريخ الإسكندرية، ومنها صور الميادين الرئيسية للمحافظة قديما مثل صورة ميدان محمد علي باشا أو ميدان المنشية حاليا، بجانب صور تؤرخ لدخول الاحتلال الإنجليزي إلى مصر، وآثار قصف قوات الاحتلال المدينة، وهدم المنازل والشوارع، فضلا عن لوحة كبيرة لأسرة محمد علي باشا، كما يشتمل المقهى على صور لزعماء الأمة ومناضليها ومحافظيها.. ويروي يعقوب نصار مالك أثينيوس الحالي تاريخ المكان.. ويقول: كلمة أثينيوس تعني باللغة اللاتينية الأثيني، حيث كان صاحبه يوناني الجنسية واسمه كوستانتينوس أثينيوس، وكان يعمل في مجال الحلويات والآيس كريم، واشترى أثينيوس الأرض المقام عليها المقهى حالياً، من رجل إيطالي يهودي، وذلك بعد أن اتفق معه على أن يبني له عمارة كاملة مقابل أن يأخذ الدور الأول ملكا له، وهكذا باشر أثينيوس بناء العمارة تلك في عام 1897، وانتهى من إنجازها كاملة في سنة 1900، والتي شهدت يوم 11 أبريل، افتتاح محل حلواني "أثينيوس"، حيث أصبح أشهر حلواني في الإسكندرية، متخصص فى صناعة الآيس كريم، وعندما توفى أثينيوس تولت زوجته إيليتا أثينيوس إدارة المكان حتى عام 1968، وأدخلت عليه بعض التطويرات والتحديثات، منها: وجود الموسيقى الكلاسيكية تعزفها أوركسترا خاصة، والرقص على أنغام الفالس والتانجو، فتحول المكان إلي مقهى، وأصبح المكان المفضل لمشاهير المجتمع ورجال السياسة والفن والأدب، ثم عرضته صاحبته للبيع ب20 ألف جنيه، ولكنها فجأة هربت وتركت كل شىء، ثم حصلت عليه هيئة التأمينات الاجتماعية بسبب الديون، ونزلته مزايدة في 1970 واشتراه والدي أحمد محمد نصار ب 30 ألف جنيه، ومن ثم بات المقهى، في ظل طبيعة ومجريات الأحداث ملتقى لرجال السياسة والمثقفين وصفوة المجتمع، وشاهداً على تاريخ الإسكندرية العريق يضيف قائلا: وكان الأديب العالمي نجيب محفوظ من أهم رواد مقهى" أثينيوس"، حيث كتب روايات عديدة خلدت تاريخ الإسكندرية، ومن أهمها ميرامار، وكانت أسرة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر تأتي إلى هذا المقهى لتحتفل بالمناسبات الاجتماعية الخاصة بها، وفي أربعينيات القرن الماضي عندما كانت تنتقل الوزارات في فصل الصيف إلى الإسكندرية، اعتاد رجال السياسة والوزراء والباشوات، مثل فؤاد سراج الدين رئيس حكومة الوفد على الاجتماع في المقهى، ودار في داخله العديد من السجالات والمناقشات السياسية، فضلاً عن أنه ظل المكان المفضل للمثقفين والكتاب الأجانب، مثل الشاعر اليوناني السكندري الشهير كفافيس والذي كتب خلال جلساته فيه، الكثير من الأشعار عن تاريخ المدينة، كما زارنا الدكتور أحمد زويل وأوصاني بالحفاظ على المقهى؛ لأنه جزء من تراث وتاريخ الإسكندرية، وأكد لي أنه كان يتمنى أن يزور هذا المكان عندما كان طالبا في كلية العلوم، كما أن شبابا كثيرين يأتون إلى هنا، كما أننا جاءنا عرض من شركة إماراتية في 2010 لشرائه ب 30 مليون دولار ووافقت، ولكن والدي قال لي هل ستستطيع أن تمر من أمامه أو تدخله؟، فأنا أعمل به منذ 26 عاما، وبالرغم من تخرجي فى كلية الهندسة إلا أني لم أتركه، ولكننا تضررنا كثيرا بسبب الأحداث السياسية منذ ثورة يناير، حيث كان يدخله من 800 إلي 1200 فرد من قبل، ولكن الآن لو دخله 50 فردا أكون سعيدا، ولكن في الفترة الأخيرة بدأت الأمور تتحرك بعد أن استقرت الأوضاع في البلد، ولكني لن أبيعه أبدا لأنه تاريخ.