Exclusive.. بث مباشر لمباراة ملاكمة "إنسانية": - بطل "النمر الأسود" يؤكد:أنا ابن عمدة ولست نجاراً..ولم أتعرف علي زوجتي بالطريقة التي ظهرت بالفيلم - محمد علي واجه حسن نور الدين وكان يشاهدهما محمد عطية.. فماذا حدث للثلاثة بعد نصف قرن - محمد علي قام بتقبيل تمثال عبد الناصر قبل أن يراه.. وقال خلال زيارته للقاهرة عام 1992: جئت لمقابلة رئيس الجمهورية والشيخ علي! - محمد علي كان مستعداً للقاء ربه منذ عام 1981.. وندم علي لقب "الأعظم" مؤكداً أنه لا أعظم إلا الله عز وجل - محمد علي كان شاعراً وممثلاً ومطرباً.. ووصيته الأخيرة "حاولت أن أحب الإنسانية وأخدمها..حاولت فعلًا أن أطعم الجياع وأكسو العراة" - محمد عطية البطل الحقيقي لفيلم "النمر الأسود" يؤكد ل "الشباب": سافرت لإيطاليا للسياحة.. ولكنني أصبحت لاعباً للملاكمة بفريق بايرن ليفركوزن الألماني - محمد عطية بدأ عاملاً في أحد مصانع الحديد منذ 40 عاماً.. وأصبحت فروع شركاته حالياً تتعامل مع 20 دولة حول العالم بمليارات الدولارات - 6 رؤساء وعشرات الوزراء وثورات وانتصارات وانكسارات طوال 50 عاماً.. ومازال الكابتن "حسن المصري" يحاول الحصول علي الجنسية المصرية! - حسن نور الدين منحه الرئيس عبدالناصر وسام الرياضة من الطبقة الأولى.. ورغم ذلك كان يسافر للفوز بالبطولات لمنتخب مصر بجواز سفر مؤقت - ويل سميث قام بتجسيد شخصية "محمد علي".. وأحمد زكي تألق في قصة حياة "محمد عطية".. وحسن نور الدين يعاني من الزهايمر وينتظر شهادة تكريم "الأبطال لا يُصنعون في الحلبات، ولكنهم يُصنعون من شيء عميق في داخلهم مثل الرغبة والحلم والرؤية".. مقولة شهيرة أطلقها محمد علي "كلاي" عام 1964.. وقتها كان العالم يعيش في أوج الحرب الباردة وتوتر العلاقات بين الغرب ومصر، بينما تتوطد علاقاتنا مع دول عدم الانحياز وأفريقيا والدول العربية، أيامها كانت القاهرة تموج بالأحداث وصدر دستور الجمهورية العربية المتحدة "مصر وسوريا" واستضافت ثالث قمة عربية.. ووسط أحداث رياضية عالمية مثل أوليمبياد طوكيو وأمم أوروبا بإسبانيا..كان هناك حدث رياضي ارتبط بثلاث قصص ربما تبدو متباعدة.. ولكن من يدقق بين السطور سيتأكد أن حكايات الناجحين مهما اختلفت ألوانهم وظروفهم وجنسياتهم.. تظل واحدة، وذلك ليس فقط لأن بدايتها تأتي بحرمان يتخلله الطموح والإصرار.. ولكن لأنهم في النهاية بشر من دم ولحم أصلهم واحد.. ومعاناتهم متكررة.. وأحلامهم لا تنتهي. 1964..بداية الحكاية صورة قديمة يظهر فيها بطل العالم الشهير محمد علي "كلاي" خلال مباراة استعراضية لم يتذكرها أحد سوي بعد وفاته.. ويظهر خلفه ملاكم مصري اسمه حسن نور الدين أمان، وتم التقاط الصورة عام 1964 حينما استجاب كلاى لدعوة لزيارة مصر عام 1964، وكانت هذه الزيارة عقب إعلان كلاي لإسلامه وتم تنظيمها تحت رعاية الاتحاد المصرى للملاكمة، وقتها تم ترتيب ثلاث مباريات استعراضية لعبها كلاى أمام ثلاثة ملاكمين مصريين كان أحدهم هو حسن نورالدين أحد النابغين وقتها في اللعبة وبطل مصر.. وقد عاش نصف قرن بعد ذلك يعتبر مباراته أمام كلاى إنجازه الرياضى الأكبر فى حياته رغم انه حقق إنجازات عربية وإفريقية وعالمية وأوليمبية، واستمرت زيارة كلاي لمصر 15 يومًا ولم يكن مقررا خلالها أن يلتقي بالزعيم الراحل جمال عبد الناصر، لكنه طلب ذلك، وما أن وصل الملاكم العالمي إلى مكتب الرئيس حتى شاهد تمثالا لعبدالناصر وسارع إلى تقبيله كما يظهر في صورة شهيرة تناقلتها وقتها وكالات الأنباء العالمية، ثم التقي بعبد الناصر الذي كان يتمتع بشعبية كبيرة في العالم لقيادة حركة عدم الإنحياز، كما شلمت الزيارة جولة في مساجد القاهرة وآثار الأقصر وأسوان والإسكندرية والسد العالي، وبينما كانت زيارة كلاي تشغل الصفحات الأولي لكل الصحف..كما كان حسن نور الدين يستعد للظهور بشكل مشرف خلال المباراة الاستعراضية، وكان يتابع هذه الأحداث كلها من موقع المتفرجين صبي اسمه محمد عطية لا يزيد عمره علي 15 عاماً لديه حلم واحد وهو أن يصبح ملاكماً مشهوراً في كل بلاد العالم، ومرت سنوات طويلة.. وتفرق كلاي وحسن وعطية.. ومع الفارق في الشهرة والظروف والإنجازات يبقي السؤال: ماذا حدث للثلاثة بعدما جمعت القاهرة بينهم في يوم ما.. ولم يفرقهم عشق الملاكمة للحظة واحدة؟ محمد علي كان الملاكم الذي يطير على الحلبة كالفراشة ويلسع كالنحلة.. وفي كتابه "روح الفراشة" الذين سرد فيه سيرته الذاتية قال محمد علي إنه كان يبكي كل ليلة تقريبا قبل نومه من الشعور بالإهانة الدائمة التي يتعرض لها السود في أمريكا، وقد ولد كاسيوس مارسيلوس كلاي جونيور في 17 يناير 1942 وبدأ ممارسة الملاكمة وعمره 12 سنة بالصدفة.. فعندما سرقت دراجته ذهب إلى أحد أفراد الشرطة للإبلاغ عن السرقة، وقد كان الضابط يقوم بتدريب مجموعة من الشباب على الملاكمة، وعندما أخبره كلاى بأن دراجته سرقت وأنه يتمني أن يضرب سارقها ، نصحه الضابط بأن يتعلم الضرب أولا، وبدأ فعلاً بتدريبه حتى أصبح بطلاً، واحترف الملاكمة بعد فوزه بالميدالية الذهبية للوزن خفيف الثقيل في دورة 1960 الأولمبية في روما، وفاز في 18 مباراة على التوالي، وذلك قبل أن يسافر إلى لندن في يونيو عام 1963، في أول منافسة مدفوعة الأجر يشارك فيها خارج البلاد، حيث فاز على الملاكم البريطاني هنري كوبر، بالضربة القاضية في الجولة الخامسة من المباراة، وتمكن وعمره 22 عامًا من إقصاء سوني ليستون عن عرش الملاكمة العالمي بالوزن الثقيل في الجولة السابعة، ثم فاجأ العالم باعتناقه الإسلام وتغيير اسمه إلى محمد علي، وبه خاض في 1965 مباراة التحدي مع ليستون، فأنهاها بضربة قاضية سريعة في الجولة الأولى، وبعدها خطف الأضواء طوال 17 عامًا، سمى نفسه "الأعظم" في بدايتها، ثم ندم علي اللقب مؤكداً أنه لا أعظم إلا الله عز وجل، واشتهر محمد علي بمعارضته للحرب الأمريكية في فيتنام ورفضه في عام 1966 الالتحاق بالجيش لمشاركته فيها، فتم تجريده من لقبه العالمي حتى عاد في 1971 ليواجه جو فريزر في مباراة استمرت 15 جولة تعرض خلالها لأول هزيمة.. ولكن محمد علي رد بالفوز عليه مرتين بعدها، الأولى في 1974 في مباراة من 12 جولة والثانية بعدها بعام، ثم فاز محمد علي في 1978 لمرة ثالثة ببطولة العالم، ومن بعدها اعتزل وعمره 39 عامًا قبل أن يعود لفترة بسيطة اختفي بعدها من الحلبات للأبد، وتتلخص مسيرته في لعب 61 مباراة حقق فيها 56 فوزًا، منها 37 بالقاضية، وتعرض طوال نحو 20 عاماً ل 5 هزائم فقط. عطية "النمر" هل تتذكرون فيلم "النمر الأسود" الذي قام ببطولته النجم الراحل أحمد زكي؟ كان يروي قصة شاب مكافح هاجر لألمانيا وبدأ من الصفر في أحد المصانع هناك، وبعد تألقه كملاكم وفوزه ببطولات كثيرة أصبح مشهوراً ورجل أعمال ناجحاً، هذه القصة – كما أشارت أفيشات الفيلم – حقيقية وبطلها مازال في ألمانيا يواصل نجاحه ومشروعاته التي تعدي رأسمالها مليارات الدولارات في أكثر من 21 دولة حول العالم، كلامنا عن البطل المصري محمد عطية والذي سبق لكاتب السطور أن أجري معه حواراً – لم ينشر وقتها – لكشف تفاصيل كثيرة عن مشواره مع الغربة والتى ربما تختلف بعض الشيء عن قصة الفيلم، ولكنها تصلح لفيلم آخر لا يقل روعة، يقول محمد عطية: ولدت عام 1949 بإحدي قري مركز بلبيس بمحافظة الشرقية، ومثل أى شاب كان هدفى تكملة دراستي فى أوروبا والعمل، كان عمرى 19 عاماً وسافرت إلى إيطاليا مع أحد أصدقائي للسياحة كما أخبرت أهلى بينما كنت أنوي غير ذلك، كنت أعرف بعض الإنجليزية ولذلك بعدما يئست من العثور على عمل انتقلت مع صديقي إلي النمسا وبالتحديد فى مدينة جراتس، هناك عثرنا على عمل فى أحد المصانع، وبالصدفة كان يوجد ناد يتبع هذا المصنع يمارس فيه العمال بعض الأنشطة الرياضية، ولأنني كنت أهوي الملاكمة اشتركت فى فريق المصنع، ولعبت الصدفة دوراً آخر عندما شاهدنى أحد المسئولين خلال تفقده لمنشآت النادي وقال لي إنني ملاكم جيد والأفضل لى الانتقال إلي مصنع آخر فى ألمانيا يرعي الرياضيين، وبالفعل سافرت إلي ألمانيا وتم إلحاقي بفريق الملاكمة بنادي بايرن ليفركوزن الشهير، وخلال فترة بسيطة تعلمت الألمانية وأصبحت لي علاقاتي وفزت ببطولات كثيرة واستمرت الحياة. حكاية الشاطر حسن منذ 56 عاماً وهو يحمل علم مصر في كل مكان.. والكل يعرفه بلقب "حسن المصري" ، ولكن الأوراق الحكومية تقول شيئا آًخر، مر علي البلاد 6 رؤساء وعشرات الوزراء وثورات وانتصارات وانكسارات.. ولكن الكابتن حسن لاتزال أوراقه في الدرج ومعها أحلامه والتى لم يعد يتذكر منها اي شيء، وحسن نور الدين هو ابن لرجل جاء من تشاد وأقام فى مصر حيث كان يعمل بالسفارة الفرنسية بالقاهرة وتزوج من مصرية وأنجب حسن في حي روض الفرج سنة 1943، وكبر حسن وتعلم في مدارس شبرا.. وتخرج في كلية التربية الرياضية بالهرم، ومنذ صغره كان موهوباً في الملاكمة وحصل علي بطولات عديدة.. وفي عام 1960 أصبح بطل مصر بلا منافس لعدة سنوات تالية، وكان يلعب باسم نادي "طلعت حرب" تحت إشراف الكابتن سيد عيسي، وكانت سعادته لا توصف عندما تم اختياره مع زميلين له بالمنتخب القومي للملاكمة للمشاركة في المباراة الاستعراضية التى ينظمها اتحاد اللعبة بمناسبة زيارة بطل العالم محمد علي كلاي للقاهرة..ورغم أنها مباراة بلا فائز أو خاسر وليس معتاداً فيها الجدية والعنف.. ولكن علي الأقل كان يريد الظهور بشكل مشرف يليق ببطل مصر والعرب وإفريقيا، وهو ما حدث بالفعل لدرجة أن كلاي عقب المباراة أشاد به وبزملائه وأكد أن لديهم مقومات تؤهلهم لاحتراف اللعبة. مشوار الضحك والبكاء بعد مشهد المباراة الاستعراضية غادر الثلاثة مصر.. محمد علي عاد لأمريكا ليجد مشاكل بالجملة في انتظاره، كانت البداية بخبر صحفي نشرته مجلة "المصور" المصرية كان نصه كالتالي"أحبها وخطفت قلبه بملامحها المصرية حين وطأت أقدامه أرض القاهرة في زيارته الأولى عام 1964، البطل الأمريكي الأشهر، أعظم رياضي على وجه الأرض وقع في غرام الآنسة عنايات مصطفى"، انتهي الخبر الذي تناقلته وكالات الأنباء العالمية بسرعة البرق. وكان محمد علي في خضم مشكلاته الشخصية بعد رفعه قضية طلاق من زوجته سونجي روي كلاي حين حاصرته تلك الأخبار عن حبه لفتاة مصرية تدعى عنايات مصطفى، أخبار كانت كفيلة بتنغيص حياته كما بدا في تصريحاته لمجلة Jet في عدد 22 يوليو 1965 حينما قال: " لم أخطب ولست مهتمًا ولا أفكر في الزواج من أي امرأة حاليًا وسأقدر جدًا الأمر إذا ما وضع حد لهذه الأخبار.. كلها أكاذيب"، والغريب أن الخبر تم نسيانه سريعاً أمام انتصارات صاحب أسرع لكمة فى العالم وصلت سرعتها إلي 900 كم فى الساعة، بل ولم تظهر اصلاً بعدها هذه الفتاة لتؤكد أو تنفي الخبر، وبعد ذلك بعامين ورغم انتصاراته.. جاءت أزمة رفضه لخوض حرب فيتنام لكي يبتعد عن الملاكمة 4 سنوات تقريباً، وناضل محمد علي ضد التمييز العنصري. أما محمد عطية فبعدما سافر لألمانيا لم يكتف بمجرد ممارسة الملاكمة، بل حرص على ادخار معظم أمواله التى اكتسبها من الملاكمة لتكون بمثابة رأس مال بعدما يعتزل، كما ساعدته شهرته في ألمانيا علي التعرف برجال أعمال كبار وسياسيين وأصحاب شركات على مستوي أوروبا كلها، كما أنه أكمل دراسته عن طريق المصنع الذي كان يعمل به، وبدأ حياته العملية من خلال المطاعم، فكان يتابع الصحف وبمجرد الإعلان عن بيع مطعم اشتراه.. وعن طريق علاقاته بنجوم المجتمع أصبح بين يوم وليلة مشهوراً ثم يبيعه وهكذا، وفي عام 1978 نجح في شراء أكبر سلسلة محلات تجارية في مدينة دوسلدورف التاريخية، ومع بداية الثمانينات بدأ يركز نشاطه علي تكنولوجيا الصناعة والنقل وبمرور الوقت الشركة أصبحت مجموعة شركات وتتعامل مع 20 دولة حول العالم. أما الكابتن حسن نور الدين فواصل بطولاته وفاز باسم مصر بالميدالية الذهبية في وزن المتوسط بدورة الألعاب الإفريقية بالكونغو برازافيل عام 1965، ومنحه الرئيس جمال عبدالناصر عام 1968 وسام الرياضة من الطبقة الأولى بعد أن شارك باسم مصر فى دورة مكسيكو سيتى الأوليمبية حيث فاز بالميدالية البرونزية، كما فاز بفضية دورة الألعاب العربية الرابعة، وفي عام 1969 فاز ببرونزية بطولة العالم ببرلين الشرقية، واعتزل بعدها وسافر لعدة دول بحثاً عن أكل العيش. بعد 20 عاماً بعد سنوات من واقعة رفض محمد علي للحرب في فيتنام انكشفت معلومات أخري تؤكد أنه لم يرفض الخدمة في جيش بلاده.. ولكنه فقط أعلن مبدأه وهو رفض الظلم من وجهة نظره، ففي عام 1964 رسب محمد علي في الاختبارات المؤهلة للالتحاق بجيش الولاياتالمتحدة لأن مهاراته الكتابية واللغوية كانت دون المستوى.. فهو لم يكمل تعليمه، لكن في بدايات عام 1966 ولأسباب غير واضحة تمت مراجعة هذه الاختبارات بدون سابق إنذار وأعلن المسئولون أنه مؤهل للالتحاق بالقوات الأمريكية والتى كانت علي وشك الاشتباك في حرب فيتنام، وعندما تم إخباره بنجاحه في الاختبارات أعلن رفضه للخدمة العسكرية بسبب معارضته للحرب وليس كراهية في أمريكا كما حاول بعض أعدائه أن يروجوا وقتها، ومحمد علي زار مصر عدة مرات.. منها مرة عام 1992 حيث اتصل مترجمه وطبيبه الخاص اللبناني رشاد المسوي بأستوديو إذاعة القرآن الكريم وطلب منهم رقم هاتف المبتهل الكبير الشيخ علي الزاوي، وطلب منهم ترتيب لقاء بين كلاي والشيخ الزاوي وألح في هذا الطلب، وبالفعل قام المسئولين عن إذاعة القرآن الكريم بإحضار الشيخ علي الزاوي من بلدته فاقوس بالشرقية، وعندما قابل كلاي طلب منه كلاي أن يسمعه سورة "الرحمن" بصوته لأنه سمعها منه قبل ذلك في الراديو ، وعقب هذه المقابلة تجمع الصحفيون حول محمد علي والشيخ الزاوي وأكد لهم البطل العالمي أنه جاء إلي مصر لثلاثة أسباب وهي: حضور الدورة الأفريقية ومقابلة رئيس الجمهورية والاستماع للشيخ علي الزاوي. أما محمد عطية فلم تنقطع صلته بمصر.. يقول: كدت أعود لمصر فعلاً بعد 4 سنوات من سفري وبالتحديد عام 1974، فبعدما ذاع صيتي كملاكم مصري في ألمانيا وخلال إحدى زياراته لألمانيا قابلني يوسف أبو عوف والذي كان وقتها رئيساً لجهاز الرياضة، وطلب مني المشاركة مع منتخب مصر في دورة مونتريال الأوليمبية التي ستُقام في كندا عام 1976، ولكن لسوء الحظ فإن مصر وكل الدول الإفريقية قاطعت الدورة احتجاجاً علي مشاركة جنوب إفريقيا صاحبة سياسة التمييز العنصري آنذاك، وأول مرة عدت فيها لمصر من الصعب نسيانها وكانت عام 1984 وكان والدي فخوراً بما حققته بعدما كان غاضباً مني في البداية، أما المرة التي كنت فخوراً بها للغاية فكانت عام 1998 وكنت ضمن وفد رجال الأعمال المرافق للرئيس الألماني يوهانز راو! أما الكابتن حسن نور الدين.. فلو أعجبتكم حكايته فقد نسيت أن أذكر معلومة مهمة جداً.. وهي أنه طوال سنوات كان يحمل فيها علم مصر كلاعب دولي – منذ فوزه بلقب بطل مصر عام 1960 وحتى اعتزاله عام 1970 - كان لا يحمل الجنسية المصرية أصلا.. نعم كانوا يعتبرونه أجنبياً رغم أنه ولد وتزوج وعاش عمره كله في مصر، علماً بأنه شارك في حرب 1967 مع الكتائب التى تم تشكيلها من طلبة الجامعات، وقد تفرغ عقب اعتزاله عام 1970 ولسنوات طويلة لنشر استغاثات في الصحف لكي يشكو من أنه يعيش علي كفالة زوجته المصرية في بلده التى عاش عمره كله بها ورفع علمها في عشرات الدول وله 13 شقيقاً وشقيقة يعيشون علي أرضها ، بل العجيب أنه يحمل وسام الرياضة من الدرجة الأولي تسلمه من الرئيس جمال عبد الناصر بسبب انجازاته الرياضية لمصر! وقد حصلت "الشباب" علي مجموعة كبيرة من الخطابات التي أرسلها لجميع المسئولين بلا فائدة، وكانوا قبل البطولات والدورات يسلمونه جواز سفر مصريا مؤقتاً ثم بمجرد عودته يتم سحبه منه، وبعد محاولات نجحنا في الوصول إلي الكابتن حسن حيث يقيم منذ سنوات في فرنسا.. ولأسباب– ستعرفونها في نهاية الموضوع– لم نستطع التواصل إلا مع زوجته السيدة آمال عبد الرحمن سالم، تقول: كانوا يشترطون إقامته ل 10سنوات متتالية حتى يحصل علي الجنسية.. وهذا كان صعباً جداً لأنه دائم السفر بسبب البطولات والمعسكرات، كما كان يبحث عن لقمة العيش عن طريق التدريب خارج مصر، فعقب وفاة والده ذهب للعمل بنيجيريا لكي ينفق علي أسرته الكبيرة، كما ذهب للحصول علي الماجستير من فرنسا ، وأيضاً سافر للعمل بالتدريب لفترة طويلة فى السعودية وتشاد ثم فرنسا التى بقى فيها حتى الآن، ويواجه أمراضا وأوجاعا لا أول لها أو آخر . ماستر سين المشهد الرئيسي في هذا الفيلم الإنساني تختلف تفاصيله بين الثلاثة.. محمد علي تفاصيله الإنسانية لافتة للغاية ولا تقل جاذبية عن مشواره الرياضي، فقد تزوج 4 مرات واعترف بأبوته ل 9 أبناء إلى جانب أن له ابناً بالتبني، وربما كثيرون لا يعرفون أن محمد علي كان شاعراً.. كما كان مطرباً حيث سجل ألبوما بصوته بعنوان Stand by me، كما أن له أغنية "سنجل" بعنوان Iam the Greatest ، كما أنه وصل إلى قمة المسارح العالمية في برودواي بتمثيله مسرحية كوميدية غنائية اسمها "باك وايت" Buck White كانت من إخراج ناشط الحقوق المدنية أوسكار برون جونيور، وتدور أحداثها حول الدفاع عن الحقوق المدنية للسود في المجتمع الأمريكي، واختارته الأممالمتحدة سفيرًا للنوايا الحسنة عام 2005 بسبب أعماله الخيرية في البلدان الفقيرة، ومنحه مجلس الملاكمة العالمي لقب"رياضي القرن" وبعده منحه الرئيس الأميركي السابق جورج بوش "وسام الحرية الرئاسي"، واختاروه في 2012 لحمل العلم الأوليمبي في حفل افتتاح دورة الألعاب الأوليمبية في لندن، وقبلها أعيد تتويجه بميداليته الذهبية التي سبق وفاز بها في أوليمبياد روما عام 1960، وكان كلاي قد قال إنه ألقى بالميدالية الأصلية في نهر أوهايو، بعد أن رفض استقباله في مطعم يقدم خدماته لذوي البشرة البيضاء فقط ، وتم تجسيد قصة حياة محمد علي عدة مرات كانت أولها في فيلم "الأعظم" أو The Greatest حيث لعب هو نفسه دور البطولة، كما دار الفيلم الوثائقي "حينما كنا ملوكا" - الذي نال الأوسكار- حول قصة مباراة محمد علي مع جورج فورمان في زائير، ولعب الممثل ويل سميث دور بطل الملاكمة في فيلم "علي"، الذي أخرجه مايكل مان وكان مرشحا للفوز بالأوسكار، ومنذ عامين شارك المخرج البريطاني ستيفن فريرز بفليم "أعظم مباريات محمد علي" في مهرجان كان السينمائي، وكان هذا الفيلم يركز على رفض الملاكم الالتحاق بالجيش الأمريكي في عام 1967 . أما محمد عطية فكما أشرنا فقد تم تجسيد قصة حياته في فيلم " النمر الأسود " والذي تم عرضه عام 1984 ، أى بعد سفره إلي أوروبا بنحو 15 عاماً، وقام ببطولته أحمد زكي وأحمد مظهر ووفاء سالم ويوسف فوزي، وللمصادفة فإن بطل الفيلم أحمد زكي تماماً مثل محمد عطية من مواليد 1949 .. وأيضاً من محافظة الشرقية، كما أن معاناة أحمد زكي الشخصية ساعدته كثيراً علي إتقان دوره.. وطبعاً لا ننسي في فيلم النمر الأسود أغنيات أحمد إبراهيم الشهيرة "اتقدم شايلك في قلبي وفاكرك يا مصر اتفتح الباب" وكلها من ألحان د.جمال سلامة وكلمات عبد الرحمن الأبنودي، والطريف أن الفنان يوسف فوزي كان قبل هذا الفيلم يعمل في انجلترا بالمطاعم والإعلانات والأزياء ومكافحاً مثل قصة بطل الفيلم .. ولكنه عاد إلي مصر بحثا ًعن فرصة للتمثيل وتحقق حلمه عبر فيلم "وحوش الميناء" ثم " النمر الأسود " والذي كتب قصته أحمد أبو الفتح وسيناريو وحوار بشير الديك، ومن غرائب هذا الفيلم أن المخرج عاطف سالم قابل وفاء سالم بالصدفة عندما كانت تقدم في امتحانات القبول بمعهد السينما.. وعرض عليها بطولة " النمر الاسود " كوجه جديد بشرط أن تتعلم الألمانية ، وعن حكايته مع فيلم " النمر الأسود " الذي جسد قصة حياته يقول عطية : قصة الفيلم بدأت مع لقائي بالصدفة مع المخرج الكبير عاطف سالم حيث تحمس لمشواري في الغربة وقال لي إنه يصلح لفيلم متميز ، وهناك حقائق بالفيلم مطابقة للواقع ، فمثلاً لقب " النمر الأسود " حقيقي وأطلقته علي الصحف بعد فوزي ببطولة ألمانيا 5 مرات متتالية إلي جانب عشرات الألقاب الأخرى علي مستوي الولايات الألمانية، كما أنني تعبت بالفعل في البداية بسبب عدم اتقاني للغة الألمانية إلي جانب معاناتي من عنصرية بعض المتطرفين، ولكن معظم أحداث الفيلم من خيال المؤلف لأنني مثلاً بدأت من الصفر ولكنني ابن عمدة ولست نجاراً كما أنني لم أتعرف علي زوجتي بالطريقة التي ظهرت بالفيلم، عموما هذا لم يضايقني لأنه قام بتغيير اسم البطل من محمد عطية إلي "محمد حسن" وبالتالي هو حر فيما يقوله، كما أنني بعدما شاهدت الفيلم في عرضه الأول انبهرت بأداء أحمد زكي وشعرت بالفخر لأنني نجحت لدرجة أن فنانين من بلدي قرروا تجسيد قصة حياتي في فيلم! أما الكابتن حسن فللأسف لم يعرف أحد قصته لأنه عاش " رحّالة" بحثاً عن لقمة العيش مرة.. وهرباً من كلمة "أجنبي" التى كانت تلاحقه مرات كثيرة ، تقول زوجته آمال عبد الرحمن سالم: في بداية الثمانينيات تقابلت مع حسن بالصدفة وتقدم لخطبتي ووافقت أسرتي، وكانت دهشتي كبيرة عند إتمام مراسم زواجنا.. فهذا البطل الذي أعطي مصر الكثير اضطررت للزواج منه في الشهر العقاري لأنه في نظر القانون " أجنبي " ، ثم سافرنا إلي نيجيريا حيث كان يقوم بتدريب منتخبها لمدة 3 سنوات ونصف السنة، ابنتي الكبيرة فاطمة ولدت هناك.. وظهرت مشكلة جديدة وهي كيف نضيفها علي جواز سفر والدها، ووقتها فقط شعر الكابتن حسن بأنه أخطأ حينما اعتبر أوراق الهوية المصرية " تحصيل حاصل" بالنسبة له ولم يهتم منذ صغره بإصدارها، وتعبنا كثيراً ولكن بلا فائدة.. كنا نسافر للعمل في نيجيريا وتشاد والسعودية وفرنسا ثم نعود لنكتب عشرات المذكرات لكل الرؤساء والوزراء والمسئولين.. ولكن لا مجيب أو رد، ولأنني مصرية أباً عن جد.. فقد استفاد أبناؤنا والحمد لله من تعديلات القوانين وحصلوا علي الجنسية المصرية عن طريقي عام 2005 ، ولكن حسن عاش عمره كله يتمني أن تمنحه مصر جنسيتها بعد كل ما قدمه لها. The end مشهد النهاية يختلف بين الثلاثة.. محمد علي كان حتى يومه الأخير قبل وفاته منذ أسابيع يرفض اسم كلاي – كلمة بالإنجليزية تعني الفخار أو الطين - الذي اشتهر به لأن البعض كان يعايره به ويعتبره رمزاً للعبودية، كان يفتخر فقط باسمه " محمد علي ".. والعجيب أن الغرب احترم رغبته ونادراً ما كان يلقبه أحد باسم " كلاي " بينما ظل المسلمون والعرب يرددون – عن حسن نية – هذا اللقب حتى بعد وفاته ، وبعد اعتزال محمد علي كلاي الملاكمة وهو يبلغ من العمر 35 عاما .. سأله طفل " ماذا تنوي أن تفعل ؟ " فأجاب بسرعة: سأستعد للقاء الله وبعدها بسنوات أصيب بمرض الباركنسون " الشلل الرعاش ".. وقتها أطلق مقولته الشهيرة " هذا ليس مؤلما لأن الله يختبر جميع العظماء"، فهذا الرجل كان شعاره " إذا حلمت أن تصبح شخصا ما، فستكونه، والطير الذي لا يستعمل جناحيه لا يطير بعيدا.. وأجنحتنا هي خيالنا" .. وحينما سألوه عن الشخص الذي يحلم بمقابلته رد بلا تردد " طبعاً النبي محمد عليه الصلاة والسلام"، وفي أيامه الأخيرة أصبحت ملامحه بسبب المرض متحجرة تماماً.. وأصبح وجهه كما وصفته زوجته " قناع خال من المشاعر ومن الصعب معرفة فيما يفكر" ، ظل لأشهر طويلة على مقعده صامتا ولا يستطيع الحركة لكن عقله لا يزال نشطا، لا يستطع القراءة أو الكتابة وجعل مرضه أحباله الصوتية هشه.. لكنه أحيانا كان يستطيع نطق بعض الكلمات، ولجأ محمد علي إلى لغة الإشارة، إذ كان يعبر عما يريد قوله بتحريك عينيه أو يديه. أما الكابتن محمد عطية - أطال الله في عمره – فهو يواصل نجاحه في مشروعاته بين مصر وألمانيا.. تماماً كما المشهد الأخير في فيلم " النمر الأسود" ، وهو حالياً رئيس البيت المصري فى ألمانيا، وفاز مؤخراً بمنصب النائب الأول لرئيس اتحاد الجاليات الإفريقية بألمانيا والذى يضم فى عضويته عددًا من البرلمانيين الألمان من أصول إفريقية إلى جانب بعض الوزراء والوزراء السابقين، وقد استضاف الرئيس الألماني الاجتماع التأسيسي للاتحاد فى مقر الرئاسة الألمانية وبمشاركة جميع السفراء الأفارقة فى ألمانيا، وعقب فوزه مباشرة بهذا المنصب قال محمد عطية إنه يتطلع من خلال شغله لهذا المنصب المهم ، إلى استفادة مصر مع الدول الإفريقية من هذا الاتحاد، بخاصة أن هذا المنصب يتيح تحقيق الاستفادة من الدعم الألماني الموجه للقارة الإفريقية سياسيًا واقتصاديًا لخدمة قضايا التنمية فى مصر، بالإضافة إلى توجيه جزء من المعونات والصناديق التمويلية الألمانية المخصصة لأفريقيا فى تدريب وتأهيل العمالة المصرية. أما الكابتن حسن.. فحاله فعلا يوجع القلب.. فقد حاول أن يعود لمصر ولكنه فوجيء بأن الجميع نسي " البطل القديم" وأصبحوا يتذكرون فقط إنه "أجنبي" ، ولم يجد عملاً سوي في مكتب لاستيراد اللحوم براتب بسيط ، فسافر من جديد إلي باريس، وبعدما خرج علي المعاش منذ 8 سنوات أصيب بالزهايمر.. وتكالبت عليه الأمراض ، لقد أنساه " الجحود " الذي لاقاه حتى نفسه، فهو الآن لا يتذكر تشاد أو مصر أو حتى فرنسا التى يعيش فيها ، البشر كلهم غرباء في خياله، كان أولي بوطنه – مصر – أن تتذكره .. حتى ولو كان النسيان داهم إرادته، وهو لا يغادر بيته منذ سنوات.. بل أولاده أحياناً لا يستطيع التمييز بينهم، وتكمل زوجته السيدة آمال قائلة: حتى في أصعب الظروف مازال شخصية عظيمة ومتواضعاً وخلوقاً ورحيماً ومخلصاً .. الوفاء عنوانه ولا يتذكر فقط سوي وطنه الذي نسيه منذ سنوات، وللأسف الزهايمر داهمه بشدة .. كما أنه مصاب بسرطان في الكليتين، وكان قبل مرضه يتعجب من نسيان بلده له.. وكيف أن المسئولين في مصر لم يفكروا نهائياً في الاستعانة بخبرته.. فقد خرج من تحت يديه أبطال من نيجيريا وتشاد والسعودية وفرنسا، كما كانت له تدريبات مبتكرة للمعاقين وكبار السن والفتيات لكي ينشر رياضة الملاكمة، ومن عجائب الأمور أنه بعد سنوات بسيطة فقط من الإقامة والعمل في فرنسا.. حصل علي جنسيتها، كما أنه يحمل من والده جنسية تشاد .. ولكن كل هذا لا يساوي عنده يوماً واحداً عاشه في مصر والتي يعتبرها بلده ووطنه . نتيجة المباراة محمد علي لم تكن عظمته فقط في انتصاراته.. فهو خسر 5 مرات بينما الأمريكي روكي مارتشيانو هو الملاكم الوحيد في الوزن الثقيل الذي لم يهزم، كذلك هو لم يحقق نصف الثروة التى حققها مايك تايسون أو باكياو .. كما إنه لم يكن الأقوى جسدياً مثل جورج فورمان، لكن أسلوبه الفريد كان مدهشاً.. كما امتلك خارج الحلبة شجاعة الاعتراض وقدرة الوقوف بجانب الحق ولو بكلمة " لا " ، ولذلك نال احترام خصومه قبل أصدقاءه .. مثلاً فورمان، بطل العالم السابق في الوزن الثقيل والذي هزمه محمد علي في أشهر نزال في التاريخ.. قال وهو ينعيه" علي، فريزر وفورمان، كنا نحن الثلاثة واحدًا. جزء مني رحل، والواقع أنه الجزء الأكبر"، والحقيقة أن طبيعة المجتمع ساعدت محمد علي في بناء أسطورته.. بصراحة شديدة لو كان يعيش في مكان آخر وقام بتغيير ديانته ورفض المشاركة في حرب يخوضها جيش بلاده وهاجم أغلبية السكان باعتبارهم عنصريين.. بالتأكيد لأصبح مصيره مختلفاً ، وفي آخر كلماته يقول محمد علي "كنت دائما أريد أن أكون أكثر من مجرد ملاكم، أكثر من مجرد البطل الحاصل على لقب الوزن الثقيل لثلاث مرات، كنت أريد أن أستخدم شهرتي ووجهي الذي يعرفه الجميع لإلهام الناس حول العالم، أنا أعرف أنني ارتكبت الكثير من الأخطاء في طريقي للنجاح لكن إذا كان بمقدوري أن أغير حياة شخص واحد للأفضل فهذا يعني أن حياتي لم تكن عبثا"، وكانت وصية محمد علي الأخيرة أن يدفن قرب والديه في مدينة "لويفيل" وأن يحفروا على شاهد قبره عبارة لناشط حقوق الإنسان والقس الأميركي الشهير مارتن لوثر كينج "حاولت أن أحب الإنسانية وأخدمها.. حاولت فعلًا أن أطعم الجياع وأكسو العراة" ، رحمه الله .. وسبحان الحي الذي لا يموت. أما بطلنا محمد عطية فهو نموذج للإصرار علي تحقيق الحلم، فهو لم يشعر ولو للحظة واحدة بأنه " خواجة " طوال 46 عاماً في الغربة، فهو كما يصف نفسه "فلاح" وبخلاف مشروعاته فإن الحلم الشخصي الذي كان يتمناه هو مزرعة كبيرة في بلدته بالشرقية، ولديه مستشار صحفي أهم وظائفه أن يقرأ له يوميا عشرات الصحف الألمانية ليبحث عن أي كلمة عن مصر والعرب وإذا لم تعجبه يستفيد من حق الرد الذي يكفله له القانون هناك، يقول: أعيش في قصر كبير لا أعرف لماذا كلما تأملته أتذكر أول شقة صغيرة عشت بها في ألمانيا .. الحمد لله علي كل شيء! أما الكابتن حسن فهناك أمور كثيرة تلفت الانتباه في مأساته.. منها أن أسرته استطاعت مؤخراً استخراج شهادة ميلاد إليكترونية له تؤكد إنه "مصري".. ولكنه لا يحمل الجنسية المصرية.. هل فهمتم شيئاً؟ شخص أمه وأشقاؤه وزوجته وأولاده كلهم مصريون بينما هو بعد حصوله علي أعلي وسام رياضي لايزال أجنبياً! عموماً.. لا نملك سوي عبارة ربما تبدو قاسية ولكنها " صرخة " في وجه الروتين الذي يقتل الرحمة بالقلوب.. فالكابتن حسن لا يريد الجنسية المصرية لكي يعيش بها، فقد تأخرنا كثيراً حتى أصبحت كل الأمور لديه سواء .. فالذكريات ذهبت بلا رجعة، ولكنها قد تمثل مكافأة نهاية الخدمة لبطل يقاوم الموت بكبرياء وصبر، والعجيب أن زوجته حينما توفي محمد علي كلاي أخفت عنه الخبر لكيلا يتضايق بسبب عشقه له.. ولكنها بعد ذلك فوجئت بأنه لم يعد يتذكره أصلاً ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .