من 59عاما هو عمر فيلم "رد قلبى"، قصة الكاتب الكبير الراحل يوسف السباعى، وهو الفيلم الذى جسد الأعوام الأخيرة التى سبقت قيام ثورة يوليو، حيث تصدى لمظاهر التفاوت الطبقي والاجتماعي ومجتمع النصف فى المائة الذى كان يسيطر فيه الأثرياء على كافة مصادر الثروة وفرص الحياة الأفضل، وهى المعادلة التى سحقت ملايين المصريين تحت وطأة الظلم الاجتماعي والمادي.. ورغم مرور ما يقرب من 60 عاما على عرض الفيلم إلا أنه يظل شاهدا على هذه الفترة الخطيرة فى تاريخ مصر الحديث والمعاصر. كان يوسف السباعي بحكم خلفيته العسكرية مدركا لهذه الأبعاد فسعى لنقلها على الأوراق، وكانت إنجى بطلة الفيلم هى الأسطورة التى نسج حولها كافة الخيوط، وفى مقدمة الرواية حكى السباعى كيف بدأت قصته مع إنجى قائلا " أذكر أننى جلست ذات مرة على المائدة ومعى بعض المدعوين من الأقرباء، ولمحت فى يد إحداهن أسورة ذهبية عريضة مشغولة بنقوش دقيقة كأنها "التنتنة" وأعجبتنى الأسورة ولكنى وجدتها لا تناسب اليد الممتلئة التى حملتها ووجدتنى أتخيل مكانها يدا أخرى .. دقيقة جميلة.. لمخلوقة تلح على ذهنى .. وتملك مشاعرى .. هى (إنجى) بطلة رد قلبى". وأضاف السباعى "هكذا استطاعت المخلوقة الوهمية أن تتغلب على كل المخلوقات الحية، وأن تلح على مشاعرى حتى تخرج نفسها من نطاق أوراقى إلى نطاق حياتى .. وقد يرى الناس فى قولى هذا نوعا من جنون الكتًاب ولكن ماذا تراهم قائلين إذا عرفوا أكثر من هذا .. إننى خلال العام الذى كتبت فيه القصة .. كنت أرى كتابتها أهم ما فى حياتى .. وأن كل عمل يجب أن يتضاءل إلى جوارها حتى أنتهى منها، وأننى لم أكن أخشى فى أوقات المرض أو التفكير فى الموت إلا أن أموت قبل إتمامها، لقد كنت أخشى عليها أولا ثم على زوجتى وأمى وأولادى". وأوضح السباعى فى مقدمة روايته أن "رد قلبى" كانت عملا فارقا فى حياته، معبرا عن ذلك بقوله "قد تكون القصة لا تستحق كل هذا .. وقد يرى البعض أنه كان من الخير أن أموت فعلا قبل اتمامها .. مع ذلك أرانى لا أملك إلا أن أقرر واقع إحساسى لها .. ومشاعرى خلال كتابتها.. ويبدو لى أن سبب اهتمامى بهذه القصة .. هو يقينى بضرورة تسجيل الأحداث الخطيرة التى حدثت فى تاريخنا المعاصر . وثقتى بأنى - بصفتى العسكرية – أقدر الكتاب على تسجيلها بحكم خدمتى فى الجيش وإحساسى بالمشاعر التى أدت إلى حدوث هذه الأحداث التى غيرت وجه التاريخ فى مصر. ولقد حاولت قدر ما أستطيع أن أدمج قصتى هذه فى قصة الأحداث الواقعية التى حدثت فعلا .. حتى تبدو القصة كتلة واحدة .. ولست أدرى إلى أى حد وٌفِقت فى ذلك، ولا إلى أى حد وفقت فى القصة كلها. ولكن الذى أدريه وأوقن به .. هو أنى قد أديت واجبا كنت أشعر به يلح على نفسى وألقيت عبئا كنت أحس به يثقل كاهلى. ولا أنكر أنى أجهدت حقا فى كتابة هذه القصة .. وكل ما أرجو ألا يضيع جهدى سدى وأن أكون قد كتبت شيئا ناجحا".