- والنتيجة : بضاعة أتلفها الهوى - شعار قاهرة نجيب محفوظ بعد 10 سنوات من وفاته "آفة حارتنا النسيان " - شخصية " سى السيد " الحقيقية كانت حازمة وقاسية ولكن بدون " علاقات نسائية " .. وزوجته أيضاً كان اسمها أمينة - السيد أحمد عبد الجواد "الأصلى" كان يعقد حلقات الذكر داخل محل العطارة .. وكان صديقاً لنجيب محفوظ وحسن الإمام ويحيى شاهين - رئيس وزراء سابق يؤكد أن " سى السيد " الحقيقى كان جده بدليل أن آخر زوجاته كانت " عالمة " اسمها زبيدة - مفاجأة .. بيت سى السيد فى الثلاثية كان قصر الأمير بشتاك المملوكى والذى اشتهر بالصرامة والقسوة وعلاقاته النسائية - فيلم " بين القصرين " كانت بطلته عمرها 20 عاماً ومنتجه فلسطينى وضمن أبطاله ممثلة يهودية ومصمم ملابسه شادى عبد السلام - " بين القصرين " تحول من شارع ممنوع على المصريين العاديين دخوله إلى مقر للباعة الجائلين والفوضى - حارة " قصر الشوق " تحولت من بوابة الأساطير إلى مكان عشوائى .. والحمام الشعبى أصبح خرابة - كمال عبد الجواد فى " السكرية " كان تجسيداً لقصة حياة نجيب محفوظ نفسه .. ولم تتحول الرواية لمسلسل بسبب "المحظورات الرقابية " - بيت نجيب محفوظ آيل للسقوط .. وأصحاب كافيهات تدخين الشيشة أمام منزل زينب خاتون يطلبون تصريحاً من هيئة الآثار قبل التصوير - يحيى شاهين " سى السيد " هربت زوجته بابنتيه .. وهدى سلطان " أمينة " تمردت على أسرتها .. والمضحك عبدالمنعم إبراهيم كانت حياته مشواراً من الدموع
" الثورة وأعمالها فضائل لا شك فيها مادامت بعيدة عن بيته .. فإذا طرقت بابه، وإذا هددت أمنه وسلامته وحياة أبنائه، تغير طعمها ولونها ومغزاها " هذه العبارة ليست جزءاً من مقال منشور منذ أيام .. ولكنها عبارة وردت ضمن سياق رواية نجيب محفوظ الخالدة " بين القصرين " والتى صدرت لأول مرة منذ 60 عاماً، والغريب أن نجيب محفوظ بدأ إنتاجه قبلها بسنوات طويلة.. ولكن عند صدور الثلاثية بداية من عام 1956 فوجئ باهتمام كثير من النقاد بأعماله السابقة لدرجة أن الناقد الكبير لويس عوض كتب مقالا عنوانه " نجيب محفوظ .. أين كنت؟ "، وعلق طه حسين علي الثلاثية بقوله: " أتاح للقصة أن تبلغ من الإتقان والروعة، ومن العمق والدقة، ومن التأثير الذي يشبه السحر، ما لم يصل إليه كاتب مصري قبله " .. وقد يخفى على البعض أن هذه الثلاثية اسمها "ثلاثية القاهرة" .. وبدأت طريقها إلى السينما بداية بفيلم "بين القصرين" في 1964، ثم فيلم "قصر الشوق" في 1966 وأخيرا فيلم "السكرية" والذي عرض عام 1974.. وسنبدأ رحلتنا هنا ليس فقط بالبحث عن " سى السيد " الحقيقي .. ولكننا سنبحث معه عن قاهرة نجيب محفوظ وحواريه .. والتى آفتها النسيان !
السكرية أما الجزء الثالث, وهو " السكرية " فقد تحدث عن جيل ما بعد الثورة, وعن حارة اسمها السكرية والأوضاع وتقلبات الحياة وأحوالها، وكمال عبدالجواد في " السكرية " كان شخصية حقيقية من دم ولحم .. والمفاجأة أنه هو نفسه نجيب محفوظ ، وقال نجيب عنه: إنه يمثل أزمته الروحية والإنسانية ، فكان كمال هو نجيب محفوظ باستثناء مهنة التدريس، لكن نجيب محفوظ رسمه كأنه هو، الأنف الكبيرة وقصر القامة ومعاملة أبيه له، وكذلك كان سلامة موسى في الفيلم هو نفسه سلامة موسى رئيس تحرير المجلة التى كان يكتب بها نجيب محفوظ ، والفيلم الذي تم عرضه عام 1974، واجه انتقادات كثيرة بسبب جرأته، وسبق أن أكد الراحل محسن زايد كاتب سيناريو وحوار روايتي " بين القصرين " و" قصر الشوق" عندما تم تقديمهما تليفزيونياً: إنه رفض فكرة حلقات جديدة عن الجزء الثالث من الثلاثية " السكرية "؛ لأن هناك مواقف وأفكارا سياسية واجتماعية ناقشها نجيب محفوظ بوضوح، تقع في دائرة المحظورات في الرقابة على الدراما التليفزيونية ، وفي هذا الفيلم ظهرت هدي سلطان في دور" خديجة " أما شقيقتها " عائشة " فقد أصبحت زهرة العلا ، واللافت هنا أن اسم يحيي شاهين عاد لصدارة تيتر الفيلم .. ورغم كبار النجوم وقتها الذين شاركوا في بطولته، لكن جاءت بعد في التيتر ميرفت أمين .. كما ظهر لأول مرة حسين الإمام – ابن المخرج حسن الإمام - كممثل، كما أنه وضع الموسيقي التصويرية للفيلم، والطريف أن نور الشريف كان يقوم في الفيلم بدور خال بوسي .. لكنهما في الحقيقة كانا متزوجين قبلها بعام .
بيت أديب نوبل 11 ديسمبر 1911 .. في درب قرمز بالجمالية ولد نجيب محفوظ، وكان تلميذا في مدرسة أمير الجيوش، والتى تحولت حالياً لوكالة عطارة، وبيته الذي ولد به أصبح حالياً ورشة لتصنيع الشيشة .. لكنه انتقل مع أسرته بعد 10 سنوات من مولده إلى منزل أمام قسم الجمالية، وهو الذي قصدناه بحثاً عن آثار أديب نوبل .. في الماضي كان يقول محفوظ : إن البيت كان مليئا بالأشجار .. لكنها لم تعد موجودة نهائياً، والحاج رمضان عبد العال أحد سكان المنطقة قال: إن نجيب محفوظ عاش هنا لفترة قبل أن تنتقل الأسرة إلي حي العباسية، والمكان معروف ب " بيت القاضي " لوجود منزل عمر مكرم قديماً بالمنطقة، وعندما عدنا إلي خان الخليلي حيث المقاهي التى كتب عليها نجيب محفوظ الثلاثية لم تعد أغلبها موجودة .. فكلها أصبحت " كافيهات " في قلب الجمالية القديمة، والعجيب أننا اصطدمنا في المنطقة الأثرية خلف الجامع الأزهر – بالتحديد أمام بيت زينب خاتون – بكافيه في وسط الشارع يحتشد فيها عشرات الشباب لتدخين الشيشة والتى اختلط دخانها مع عبق المنطقة الأثرية في مشهد ساخر ومؤسف .. والأكثر سخرية عندما اعترض العاملون بالكافيه علي تصويرنا للمكان وقالوا: إنهم يريدون تصريحاً من هيئة الآثار.
دراما الواقع يحيي شاهين قام بتجسيد شخصية " سي السيد " بعبقرية .. لكن حياته الحقيقية كانت الدراما فيها مختلفة، فهو لم يكن عنيدًا أو متسلطًا أو يسعى لفرض سيطرته على المرأة التي يرتبط بها، ولذلك لم يتردد كثيرًا في الزواج من امرأة أجنبية تكبُره بسنوات كثيرة عقب علاقة عاطفية قوية ربطتهما، فقد تزوج عام 1959 من سيدة مجرية مُطلقة وكان لديها طفلان ، وبعد أن أنجب منها ابنتين قررا الانفصال بعد 6 سنوات من الزواج .. لكن الصدمة أنها اختطفت البنتين وهربت بهما إلى المجر، فأصيب بإحباط شديد وعاش في عزلة كبيرة لمدة عامين، أما آمال زايد في الحقيقة كانت متزوجة من " سي السيد "، ولكن بدون وجهه السيء ، فزوجها كان اللواء "عبدالله المنباوي" أحد الضباط الأحرار، وتميز بالشدة والصرامة في التعامل، ولكنه كان ملتزماً وراعياً لأسرته ومتفتحاً وتوفيت قبل بدء تصوير الجزء الثالث عام 1973، والطريف أن ابنتها معالي زايد ظهرت في شخصية العالمة "زنوبة " في المسلسل، وقدمت هدى سلطان دور" أمينة " باقتدار في مسلسلي " بين القصرين " و " قصر الشوق " ونجحت في رهان المخرج يوسف مرزوق عليها ، لكن في الحقيقة لم تكن في حياتها بهذه الاستكانة والاستستلام .. فقد تمردت علي رفض عائلتها – وخاصة شقيقها الموسيقار محمد فوزي – لعملها بالفن وضحت بزواجها الأول ، ثم انفصلت عن زوجيها الثاني المخرج والمنتج والموزع السينمائي فؤاد الجزايرلي، والثالث فؤاد الأطرش؛ بسبب الغيرة ، إلي جانب قصة طلاقها الشهيرة من فريد شوقي بعد تصميمها علي تصوير فيلم " امرأة علي الطريق " ثم رفضها للإقامة معه في تركيا في أواخر الستينات، وشائعات علاقاته الغرامية هناك.. وبخلاف يحيي شاهين .. من القلائل الذين ظهروا في كل الأجزاء الثلاثة كان عبد المنعم إبراهيم الذي كان يمثل الابتسامة وخفة الدم .. ولكنه في الحقيقة كانت حياته لا تخلو من الصدمات والأحزان…فقد قضي طفولته الحقيقية – كما الفيلم - في حي الحسين، وألقى طفل صغير على وجهه " ماء الجير الحي " ليصيب عينه اليسري ويضعف بصره بصورة كبيرة .. وهو ما كان يجتهد طوال حياته لكيلا يشعر به المشاهد, وفي اليوم الذي حقق فيه حلمه وتم قبوله بمعهد التمثيل عام 1945 توفيت أمه .. وبعدها توفيت أخته، وبينما كانت الشهرة تطرق بابه خلال تألقه في البرنامج الفكاهي " ساعة لقلبك " توفي والده .. ومرت السنوات وتوالت أعماله الناجحة، ولكن فجأة تتوفي زوجته تاركة له 4 أطفال لم يتجاوز أصغرهم عامه الثاني, وتزوج بعدها شقيقتها التي كانت مطلقة ولا تنجب أبناء، لكنه طلقها بعد زواجهما بيومين فقط؛ نظراً للتشابه الكبير بينها وبين أختها المتوفاة، وبعدها بعامين توفي أخوه ليترك في رقبته ستة أبناء وأمهم, ليجد نفسه يرعى أسرة من 11 شخصاً .. كل هذه الصدمات وكان مضطراً لاصطناع الابتسامة لكي يسعد الجمهور ويرعي أسرته، أما زوزو نبيل والتى كانت تقوم بدور " أم ياسين " في " بين القصرين " والتى تركت ابنها لكي تقوم بتربيته ضرتها .. ففي حياتها الحقيقية تزوجت مرتين، الأولى من سامي عاشور ولها منه وحيدها نبيل الضابط بالجيش، والذي استشهد في حرب أكتوبر 1973 ، اما الزوج الثاني فقد شغل منصب وكيل وزارة، وبعد الزواج انتقل للعيش مع زوجته الأولى وأولاده إلى بيت الفنانة الكبيرة .. وقامت زوزو نبيل بتزويج ابنها الوحيد من ابنة زوجها من زوجته الأولى ، وكانت تتمتع بعلاقة صداقة رائعة مع ضرتها وتتباهى بأنهما أكثر من شقيقتين، كما ظهرت في السكرية نعيمة الصغير والتى كانت في الأصل مونولوجست تعمل في كباريه أسفل العمارة التى ولد فيها يوسف شاهين بالاسكندرية .. والطريف أنها ظهرت بنفس قصتها الحقيقية في فيلم "إسكندرية ليه ؟ " في مصادفة ربما لم تتكرر في السينما العالمية، والأغرب أنها خلال فترة من حياتها عملت مطربة واكتشفها حسن الامام في فيلم " اليتيمتين " .. وكان صوتها جميلاً فعلا .. ولكن إحدي زميلاتها دست لها مادة في كوب الشاي ليؤثر على أحبالها الصوتية، بدافع الغيرة وجعله أجش .. لكن هذه النبرة المميزة أصبحت علامة مسجلة لشهرتها بعد ذلك .