ارتبط اسم الفاتح عبد الله إدريس، المعروف بلقب "أبو لولو"، بواحدة من أبشع موجات العنف التي شهدتها مدينة الفاشر منذ سيطرة قوات الدعم السريع عليها الأحد الماضي، إذ يُعد أحد أبرز منفّذي جرائم الحرب ضد المدنيين هناك. فقد اشتهر أبو لولو بين قادة الميدان في قوات الدعم السريع بتوثيق عمليات الإعدام الميدانية بالصوت والصورة، متعمدًا إظهار مشاهد القسوة والتعذيب بحق الأسرى، الذين كان يوجه إليهم الإهانات قبل أن يطلق النار عليهم. ووفق تقارير حقوقية سودانية، من بينها هيئة محامي الطوارئ وشبكة أطباء السودان، نفّذت قوات الدعم السريع عمليات تصفية جماعية استهدفت مئات المدنيين في الفاشر على أساس عرقي وإثني، كما اعتقلت المئات الآخرين، في ما وُصف بأنه جريمة إبادة جماعية تجري على مرأى من العالم، حتى داخل المستشفيات، حيث أظهرت مقاطع مصوّرة تنفيذ إعدامات ميدانية داخل مرافق طبية. وفي بث مباشر على منصة تيك توك، أقرّ أبو لولو بقتله أكثر من ألفي شخص خلال معارك الفاشر وحدها، كما تفاخر في بث سابق بقتل نحو 900 شخص في مدينتي الجيلي والفولة. من جانبها، أكدت القوة المشتركة المتحالفة مع الجيش السوداني، أن قوات الدعم السريع ارتكبت مجازر مروّعة راح ضحيتها أكثر من 2000 مدني خلال يومين، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، معتبرةً ما حدث إبادة جماعية مكتملة الأركان.
"أبو لولو".. القتل موثّق بالصوت والصورة ظهر أبو لولو في عدة مقاطع على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ينفذ إعدامات ميدانية ويجبر الأسرى على ترديد شعارات تمجّد قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) ونائبه عبد الرحيم دقلو قبل تصفيتهم. ويحمل أبو لولو رتبة عميد ميداني في قوات الدعم السريع، وقد نشر عبر حسابه على "تيك توك" تسجيلات تُظهر تباهيه بجرائمه، وتعود مشاركته في صفوف الدعم السريع إلى سنوات، إذ ظهر في مقاطع قديمة مرتديًا زيّهم الرسمي. في أحد المقاطع، أطلق النار على مدنيين من مسافة صفر بعد استجوابهم، وفي آخر أعدم أسرى مقيدين بعد إجبارهم على ترديد شعارات تمجّد حميدتي، مدّعيًا أنهم من أفراد الجيش السوداني. كما أظهرت تسجيلات أخرى مروره بين جثث محروقة في شوارع الفاشر وسط هتافات جنوده الذين يحيّونه ك"قائد منتصر". صور الأقمار الصناعية تفضح الجرائم نشرت صحيفة "واشنطن بوست"، الأربعاء، تحليلًا لصور أقمار صناعية كشفت وجود مركبات عسكرية قرب جثث متفحمة وبقع دماء واسعة في مدينة الفاشر، ما يعكس حجم المجازر التي ارتكبتها قوات الدعم السريع وعدد ضحاياها الكبير. ورغم انتشار المقاطع المصوّرة التي توثّق جرائمه، حاول أبو لولو لاحقًا إنكار انتمائه إلى الدعم السريع، مدّعيًا في بث مباشر أنه "مواطن سوداني يردّ على اعتداءات الجيش"، إلا أن ظهوره المتكرر مرتديًا الزي الرسمي للدعم السريع وبرفقة قادتها الكبار يدحض تمامًا روايته. جرائم موثّقة في عدة مدن وذكر الناشط السوداني حمدتو، الموثّق لجرائم الدعم السريع على منصة "إكس"، أن أبو لولو يقف وراء مقتل المواطن أحمد، صاحب مطعم قرب مستشفى نبض الحياة في الفاشر، مشيرًا إلى أنه كان من مرتزقة الجنجويد الذين عملوا سابقًا في مصفاة الجيلي قبل انتقاله إلى كردفان ثم إلى الفاشر، حيث ارتكب معظم جرائمه الموثقة بالصوت والصورة. وأضاف أن سجله الدموي يمتد إلى مدينتي الجيلي والفولة، مما يؤكد ضلوعه في عمليات قتل عرقي ممنهج ضمن صفوف قوات الدعم السريع، في واحدة من أبشع الجرائم التي تشهدها البلاد منذ اندلاع الحرب.