يارب دماغي تبقى حلوة وليس صوتي فقط بدأت في "الشباب" ثم وقعت في عشق الميكروفون خوض غير الإعلاميين للمجال ربما يجعلنا نلغي وظيفة "الإعلامي" ونسميها "طبيب تليفزيوني أو مهندس تليفزيوني أو راقصة تليفزيونية"!
لا يعرف الملايين الذين يستمعون إلي صوته ملامح وجهه، ولكنهم لا ينسون نبراته المميزة وهو يقول عبارته الشهيرة "رمضان يقربنا على تليفزيون الحياة"، كلامنا عن المذيع خالد هجرس الصوت الرسمي لقنوات الحياة كبير المذيعين بإذاعة الشباب والرياضة وصاحب التعليق الصوتي لفيلم "كلمة وطن" الذي كان يتحدث عن إنجازات المخابرات العامة المصرية، وفي الحوار التالي سنتوقف معه، والمفاجأة أنه كان منذ نحو 30 عاماً أحد المتدربين في مجلة "الشباب" خلال بدايته الإعلامية.. *كثيرون يعرفون صوتك ولكنهم يجهلون شخصيتك.. متي بدأت مشوارك الإعلامي؟ أنا من مواليد 24 نوفمبر 1958، تخرجت في قسم اللغات الأوروبية بكلية الآداب جامعة عين شمس، وعملت في الإعلام منذ عام 1980، ثم أكملت دراستي الإعلامية في الخارج، وقد كنت محددا لبوصلتي نحو الإعلام منذ البداية، فعملت صحفياً متدرباً في مجلة "الشباب" و صحيفة الأهرام، كما عملت في دار الهلال، وتنقلت بين مجالات الإعلام المختلفة بما فيها بحوث الإعلام، حتى وقعت في سحر وعشق الميكروفون واستقررت في الإذاعة المصرية، وعملت في عدة محطات حتى ظللت في الشباب والرياضة والتي أشعر أنها بيتي الذي أعود إليه مهما سافرت رغم نجومية العمل في التليفزيون، كما عملت في MBC وART وأبوظبي وكنت من أول من عمل في تطويرها، ثم في قنوات مصرية مثل "الحياة".
- متى اكتشفت أن صوتك إذاعي؟ كانت هناك لجان من العمالقة تختبر المتقدمين للعمل في الإذاعة، وكان فيها الموسيقار محمد عبدالوهاب، والشيخ محمود خليل الحصري، والإذاعيان القديران جلال معوض وصبري سلامة، وغيرهم ممن يشار إليهم بالبنان، و"تبقى ركبك بتخبط في بعضها" من تعدد وتنوع أسئلتهم ما بين المسرح والحضارة والغناء والثقافة، ليتأكدوا من كفاءة وشخصية هذا الشخص الذي سيخاطب الجمهور، لأن الكلمة إما تقتل وتفرق أو تبني وتجمع، قارن هذا الوضع بما يحدث حاليا وستعرف حجم المأساة! وكان دعائي دائماً هو "يارب دماغي تبقى حلوة" وليس صوتي فقط . - من الأصوات الإعلامية المفضلة إليك؟ حالياً "لا تعليق".. أما من الأجيال السابقة فأحب الأصوات النسائية مثل ليلى رستم، وسلوى حجازي، ودرية شرف الدين، ونجوى إبراهيم، وأيضا أحب طاهر أبو زيد بتنويعة صوته، وجلال معوض، وصالح مهران، ومحمود سلطان، أحمد فوزي، وكل هذه الأصوات ساهمت في ترقية وتنوير العقل المصري. - هل الاستماع لأصوات متميزة يؤثر على كفاءة صوت المذيع نفسه؟ قد يؤثر سلبا أو إيجابا، ودائما ما أقول لمن أدربهم "لا تقع في غرام صوتك، وأيضا كن نفسك ولا تقلد أحدا"، فمن الجيد أن تستمع إلى الآخرين لتعرف مواطن قوتهم وتميزهم، ولكن لا تمحُ نفسك بالتقليد، ولذلك أقول إن العمل بالصوت سواء في قراءة النشرة أو تقديم البرامج ليس قائما على جمال المنظر و"بغبغان وشغلة والسلام"، ولكنها رأس تفكر، وشخصية متمكنة، وصوت له قدرة على التعبير. - ما رد فعلك على سخرية البعض من ماسبيرو؟ إذا كانوا ينتقدون الوضع الحالي والوعكة التي يمر بها التليفزيون المصري، دعنا نتمهل على أنفسنا..فحتى الBBC مرت بوعكة في فترة من تاريخها، وعموما أتحفظ على فكرة السخرية، فهناك خيط رفيع بين برامج الرأي الناقد وبين التهكم والسخرية، ودعني أذكرك ببرنامج "كلمتين وبس" للراحل فؤاد المهندس الذي كان يقدم النقد ويختمه بكلمة "مش كده ولا إيه"، بشكل جيد. - ما رأيك في عمل غير الإعلاميين في الإعلام؟ هي "سكة التهلكة"، أتأسف جدا لحال الإعلام الذي أصبح مهنة من لا مهنة له، أما النماذج المحترمة كفؤاد المهندس مثلا فكان يتم استخدام مهاراته التعبيرية الصوتية لهدف معين، وكذلك الدكتور مصطفى محمود كان يتأمل في النواحي الكونية والإيمانية ويوضح العلاقة بينهما، وكان مؤهلا للتعليق على الصورة، ولكنهما لم يحررا الأخبار أو يقدما النشرة أو يستضيفا أحداً، ولا يمكن أن يعمل شخص طيارا مدنيا في عمر 44 سنة، سيكون فاقدا للياقة، ولا يمكن أن أفتح صدر مريض بدون أن أكون طبيبا، وبنفس الكيفية لا يمكن أن يعمل في الإعلام إلا دارسوه، الذين يكون لديهم المرشح الفطري لما يمكن أن يُقال وما لا يمكن أن يُقال والذي ترقى في العمل عبر سنوات، وإلا فلنلغِ وظيفة "الإعلامي" ونسميها "طبيب تليفزيوني أو مهندس تليفزيوني أو مطرب تليفزيوني أو راقصة تليفزيونية" كيف جاءتك فرصة تسجيلك للتعليق الصوتي لفيلم "كلمة وطن"؟ دون الخوض في تفاصيل الإعداد، البرنامج هو فيلم وثائقي عن إنجازات المخابرات العامة، هدفه التعريف بها، وتوجيه رسالة مفادها أن المخابرات كغيرها من أجهزة الدولة في خدمة المواطن المصري، وأنه في أمان مادامت هي في أمان، وأن الدولة تحت "مجهر" الأجهزة الاستخباراتية والمعلوماتية مهما حدث من هرج ومرج، وأن هدفها هو أمن المواطن وسلامة وطنه، ومن هنا جاءت تسمية "كلمة وطن". - ما الفرق بين تجربة العمل في التليفزيون والراديو؟ رغم خوضي تجربة العمل التليفزيوني، أفضل العمل في الراديو كمقدم برامج وقارئ نشرة ومعد ومترجم ومخرج ومنتج، حيث يعطيني الفرصة لإبراز إمكاناتي الصوتية، أما التليفزيون فأفضل العمل فيه من ناحية تأسيس القنوات، وإعداد خريطتها البرامجية، وتأهيل كوادرها مهاريا، ورغم أن "بروموهات" قناة الحياة قصيرة جدا إلا أنها مؤثرة وتحتاج إلى جهد في كتابتها وإعدادها "حرفا حرفا"، ومنحها التأثيرات الصوتية المطلوبة، و"تذوق الكلمات"، حتى يتذكرها الجمهور ولا تمر مرور الكرام. - هل تخشى أن يسحب الإعلام الجديد البساط من تحت أقدام الراديو؟ الراديو سيظل، وسنة الله في الأرض حدوث التطوير، وتاريخيا الإذاعة هي الوعاء الذي احتوى أخبار الصحافة، وابتكر وظائف قارئ النشرة ومقدم البرامج والمخرج، والراديو نفسه تطور من الموجات الأرضية إلى موجات الFM ثم راديو الانترنت ثم تطبيقات الراديو على الهاتف المحمول والحاسبات اللوحية ثم اليوتيوب، فالراديو كالأرض القابلة للزراعة بأي بذور تلقى فيها، كما يتيح مرونة الاستماع له أثناء القيادة أو القيام بأي أعمال أخرى. - ما الروشتة التي تقدمها لحال الإعلام المصري حاليا؟ وضع الإعلام ليس جيداً كأفراد ومنظومة واستراتيجية، والروشتة يطول الكلام فيها، ولكن على الأقل نحتاج إلى اجتماع الإعلاميين على الحل، والأهم إرساء منظومة أخلاقيات ترفض السلبية والكسل والكذب، وهذا هو الأصعب، وإذا كنت صاحب مظلة إعلامية وتقدم للعمل عندي إعلامي متميز مهارياً ولكنه فاسد أخلاقيا فلن يكون له مكان عندي، ولن أسعى خلف "نجم الشباك" حتى أجلب الإعلانات. - وما النصيحة التي توجهها لشباب الإعلاميين؟ كن نفسك، وابحث عن ذاتك، وطور من قدراتك، واتخذ لنفسك قدوات متعددة ومتغيرة في كل مناحي الحياة ومراحلها، اتسم بالرحابة والاتساع في الفكر واحتواء الآخر، وكن على يقين من النجاح، وتمسك بأملك، وضع حلمك نصب عينيك، وواظب على التدريب المهاري.