انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف مناطق حيوية في تل أبيب وبئر السبع بإسرائيل | فيديو    جناح ضيف الشرف يناقش إسهام الأصوات النسائية المصرية في الرواية العربية بمعرض أبو ظبي    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    عيار 21 بعد الانخفاض.. سعر الذهب بالمصنعية اليوم الجمعة في الصاغة    أسعار اللحوم اليوم 3-5-2024 للمستهلكين في المنافذ ومحلات الجزارة    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    إسرائيل: تغييرات في قيادات الجيش.. ورئيس جديد للاستخبارات العسكرية    طائرات الاحتلال تستهدف محيط مسجد "أبو شمالة" في تل السلطان غرب رفح الفلسطينية    ملف يلا كورة.. قرعة كأس مصر.. موعد مباراتي المنتخب.. فوز الزمالك.. وطلب الأهلي    جمال علام: أناشد جماهير الأندية بدعم منتخب مصر.. والاتحاد نجح في حل 70% من المشكلات    خالد الغندور: محمد صلاح «مش فوق النقد» ويؤدي مع ليفربول أفضل من منتخب مصر    إبراهيم سعيد: مصطفى شوبير لا بد أن يكون أساسي فى تشكيل الأهلي علي حساب الشناوي وإذا حدث عكس ذلك سيكون " ظلم "    أحمد الكأس: سعيد بالتتويج ببطولة شمال إفريقيا.. وأتمنى احتراف لاعبي منتخب 2008    «تغير مفاجئ في الحرارة».. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم في مصر والظواهر الجوية المتوقعة    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    «دفاع الشيوخ»: اتحاد القبائل العربية توحيد للصف خلف الرئيس السيسي    «زي النهارده».. اليوم العالمي لحرية الصحافة 3 مايو 1991    جامعة فرنسية تغلق فرعها الرئيسي في باريس تضامناً مع فلسطين    ليفركوزن يتفوق على روما ويضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    طبيب الزمالك: شلبي والزناري لن يلحقا بذهاب نهائي الكونفدرالية    اليوم.. الأوقاف تفتتح 19 مسجداً بالمحافظات    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    موعد جنازة «عروس كفر الشيخ» ضحية انقلاب سيارة زفافها في البحيرة    تحذير شديد اللهجة حول علامات اختراق الواتساب    ميزة جديدة تقدمها شركة سامسونج لسلسلة Galaxy S24 فما هي ؟    مجلس الوزراء: الأيام القادمة ستشهد مزيد من الانخفاض في الأسعار    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    رسائل تهنئة شم النسيم 2024    الحمار «جاك» يفوز بمسابقة الحمير بإحدى قرى الفيوم    أول ظهور ل مصطفى شعبان بعد أنباء زواجه من هدى الناظر    ماما دهب ل ياسمين الخطيب: قولي لي ماما.. انتِ محتاجة تقوليها أكتر ما أنا محتاجة أسمعها    شايفنى طيار ..محمد أحمد ماهر: أبويا كان شبه هيقاطعنى عشان الفن    حسام موافي يكشف سبب الهجوم عليه: أنا حزين    بسعر 829 جنيها، فاكسيرا توفر تطعيم مرض الجديري المائي    بعد تصدره التريند.. حسام موافي يعلن اسم الشخص الذي يقبل يده دائما    سفير الكويت بالقاهرة: رؤانا متطابقة مع مصر تجاه الأزمات والأحداث الإقليمية والدولية    فلسطين.. قوات الاحتلال تطلق قنابل الإنارة جنوب مدينة غزة    مباراة مثيرة|رد فعل خالد الغندور بعد خسارة الأهلى كأس مصر لكرة السلة    أمين «حماة الوطن»: تدشين اتحاد القبائل يعكس حجم الدعم الشعبي للرئيس السيسي    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    خطوات الاستعلام عن معاشات شهر مايو بالزيادة الجديدة    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    د.حماد عبدالله يكتب: حلمنا... قانون عادل للاستشارات الهندسية    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات    بسبب ماس كهربائي.. إخماد حريق في سيارة ميكروباص ب بني سويف (صور)    بطريقة سهلة.. طريقة تحضير شوربة الشوفان    «يا خفي اللطف ادركني بلطفك الخفي».. دعاء يوم الجمعة لفك الكرب وتيسير الأمور    مدير مشروعات ب"ابدأ": الإصدار الأول لصندوق الاستثمار الصناعى 2.5 مليار جنيه    محافظ الجيزة يزور الكنيسة الكاثوليكية لتقديم التهنئة بمناسبة عيد القيامة    تركيا تفرض حظرًا تجاريًا على إسرائيل وتعلن وقف حركة الصادرات والواردات    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    صحة الإسماعيلية تختتم دورة تدريبية ل 75 صيدليا بالمستشفيات (صور)    أستاذ بالأزهر يعلق على صورة الدكتور حسام موافي: تصرف غريب وهذه هي الحقيقة    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية بطور سيناء    أمين الفتوى ب«الإفتاء»: من أسس الحياء بين الزوجين الحفاظ على أسرار البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هانى مهنى في حوار عابر للأجيال: "ثومة" طلبتني في ليلة حب وتسببت في تأخير الحفل 20 دقيقة!
نشر في بوابة الشباب يوم 03 - 05 - 2016


تصوير: محمد عبد المجيد
الفنون هى السلاح الأمثل لمواجهة التطرف والتدني والعادات السلبية التي تفشت في المجتمع
السادات كان يجيد الغناء لفريد الأطرش.. ومبارك أعطى ظهره للفن غضبا من نقيب الموسيقيين
أم كلثوم كانت تقرأ القرآن قبل كل حفلة ولم تدخن "الحشيش" مثلما تناقلت الشائعات
شكوكو كان أهم من عبد الحليم لدى جمهور الأفراح الشعبية.. وأحييت معه أفراح كبار تجار المخدرات!
بدأت في فرقة تحية كاريوكا وعملت مع عبد الوهاب وأنتجت لصباح وذكرى وسميرة سعيد
سوزان مبارك كانت تأتي لزيارة أبنيها باستمرار وطعامها كان يأتي يوميا من خارج السجن لدواعي أمنية
جمال مبارك تعرض لقيئ وإسهال بسبب وجبة قدمها له أحد قيادات الشرطة المحبوسين
هشام طلعت مصطفى بنى مسجدا داخل السجن.. و "جيم" أحمد عز كان منفذا لممارسة الرياضة
من وحي أيام زمن الفن الجميل نتذكر شخصيات شاركت في صناعة هذا الزمن، شخصيات عاشت حياتها في كواليس أعظم الأعمال الفنية ونالت شهرتها من نجاحها.. الموسيقار هاني مهنى أحد أشهر الأسماء التي بدأت وتعلمت وشاركت في صناعة أعمال تنتمي إلى هذا الزمن، مشواره الفني الذي بدأه من فرقة تحية كاريوكا ساعده على أن يكون شاهدا على حياة نجوم هذا الجيل الذي نحيا على ذكراه، مشوار تعلم خلاله وسط عمالقة الفن لتتحول مسيرته حاليا إلى منهج يتبعه دارسو الموسيقى من خلال رسائل الماجستير التي سجلت أسلوبه وأكاديمية تحمل اسمه لتعليم الفنون وبناء الإنسان، في حياته الكثير من التجارب الفنية والإنسانية تحمل العديد من التجارب الاستثنائية التي تستحق التأمل بعدما شاء القدر أن يكون شاهدا على زمن راق مضى وعصر لغة التدني فيه هي سيدة الموقف ولا نعلم متى سوف ينتهي، عاش ترف النجومية وصحبة النجوم والساسة، ونال منه ضنك تقلب أحوال الدنيا وذاق مرارة السجن في تجربة لا تقل استثنائيتها عن استثنائية تجربته العامة في الحياة، قد تطول المقدمات في تقديم هذا الرجل كلما حاولت اختصارها، ولهذا أدعوك للانتقال المباشر إلى سطور الحوار لنبدأ تقديمه من جديد..
كيف نشأت على حب الموسيقى؟
كانت نشأة غريبة، حيث إني ولدت بمدينة أكياد التابعة لمركز فقوس بمحافظة الشرقية، وتربيت في أسرة متوسطة، حيث كان والدي ضابط شرطة، وكان رئيس نقطة شرطة أكياد التي ولدت فيها، وقبلها كان رئيسا لمركز فقوس، ولكنه نقل إلى أكياد لأن الملك فاروق كان يذهب إلى هناك لرحلات صيد الطيور وكان يحب أن يخرج معه والدي في تلك الرحلات لأنه كان يشبهه إلى حد كبير في هيئته.. ولكن والدي كان يقيم كل يوم خميس من كل أسبوع جلسة يحضرها مجموعة من المشايخ في منزلنا هناك، وذلك لإقامة حلقات الذكر والموشحات والتواشيح والابتهالات الدينية الإسلامية وأغان صوفية في حب الرسول، وهي الجلسات التي كنت الابن الوحيد لوالدي الذي يسمح له أن يحضرها لكوني آخر العنقود، وهي الجلسات التي أسستني موسيقيا واستقيت منها الفن الشرقي الأصيل، ولم يكن والدي يستقطع من هذه الجلسات سوى الخميس الأول من كل شهر لحضور حفل السيدة أم كلثوم.. بعدها توفى والدي وعمري ست سنوات وانتقلت في هذه السن إلى القاهرة، وأقمت في العتبة الخضراء، وكانت مدرستي في الحلمية الجديدة، وخلال المرحلة الإعدادية كنت في مدرسة الجمعية الخيرية، وكان يأتي لنا أساتذة من القوات المسلحة لكي يعلمونا الموسيقى ويعطونا خمسة صاغ عن كل حصة كبدل للمواصلات، وهناك تعلمت آلات النفخ، وحينما انتقلت إلى المدرسة الخديوية الثانوية كان معي مفتاح مسرح المدرسة، وكنت أدرس البيانو والكامنجا إلى زملائي، وكنت أجلب لهم كل عام كأس العزف الانفرادي الذي يتم منحه للفائز في المسابقة السنوية.
وكيف كانت بداية الانتقال إلى الاحتراف؟
حينما كان عمري 15 سنة عملت في فرقة تحية كاريوكا كعازف أكورديون، وكانت تعيد مسرحياتها "حارة الشرفاء" و قهوة التوتة" وشفيقة القبطية" وكنا نقيم البروفات في معهد الموسيقى برمسيس، وقدمنا العروض في مدن البحر الأحمر، بصحبة فايزة حلاوة وثريا حلمي وأمين الهنيدي.. وبعدها عملت في كازينو المنوعات وكانت صاحبته فتحية محمود في شارع الألفي، والذي كان يضم كوكبة من النجوم في عرض يومي، وكان يوميا برنامج الكازينو يتكون من عشر فقرات، منها العزبي ومحمود شكوكو وثريا حلمي وعمر الجيزاوي وأحمد غانم وزينات علوي وفوزية محمد ومحاسن مرسي، ويختتم هذا البرنامج بفقرة محمد عبد المطلب، وكنت أحصل على راتب شهري 45 جنيها وكنت مازلت في المرحلة الثانوية وهو مبلغ ضخم في هذا التوقيت، حيث كان ناظر المدرسة راتبه 13 جنيها فقط، وكنت أستأجر الأكورديون ب15 جنيها يوميا حيث لم يكن لدي آلة موسيقية..
مؤكد أن اختلاطك بهذه الكوكبة من النجوم كانت مصحوبة بكواليس متفردة.. كيف كانت تلك الكواليس؟
من الوقائع الطريفة أنني كنت أذهب مع محمود شكوكو إلى الأفراح البلدي، وكان هو نجم هذه الشريحة من المجتمع بشكل لا يوصف، فكان شكوكو بالنسبة لهم أعظم من عبدالحليم حافظ، ولكني رأيت معه ما لا يمكن تصوره، حيث كنت أذهب معه لأفراح في الباطنية وكنا نحيي أفراحا لأكبر تجار المخدرات هناك، وكنا نأخذ مواعيد الأفراح بعد انتهاء "بروجرام" الكازينو، أي بعد الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل، وحدث خلال هذه الأفراح العديد من الحوادث الكوميدية والدرامية.
متى كانت النقلة التي تعتبرها نقطة التحول في مسيرتك؟
بدأت أنطلق من معهد الموسيقى حيث رآني هناك بليغ حمدي فاصطحبني لأسجل مع محمد رشدي، وحلمي بكر اصطحبني للتسجيل مع عبد المطلب، ومن بعدها بدأت المشوار مع عدد كبير من النجوم مثل عبد الحليم حافظ وأم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وفريد الأطرش، وبعدها انتقلت إلى عزف الأورج، وكنت خائفا من هذه النقلة لأني كنت قد اشتهرت بعزف الأكورديون، لدرجة أني أتذكر في أول مرة أعزف فيها على الأورج كنت أضع الأكورديون على صدري وهو ما فعلته خلال عزفي مع عفاف راضي في سينما ريفولي.. ثم انفردت بالأورج وبدأت أعمل به مع نجاة وبليغ حمدي ومحمد عبد الوهاب ووردة، حتى تعرفت بعبدالحليم حافظ وقدمت معه كل أغانيه منذ تعارفي عليه وحتى توفى، وكان للعندليب هواية حب الاقتناء، فمثلا كان الملك الحسن ملك المملكة المغربية الذي كان يرتدي ملابسه من مصمم أزياء عالمي ولا يسمح أن تخرج تصميماته لأي شخص آخر إلا بعد مرور 10 سنوات باستثناء عبد الحليم حافظ هو الوحيد الذي له حق ارتداء هذه التصميمات في العالم كله، وكان حليم محبا للاقتناء في كل شيء حتى مع العازفين والملحنين..
هل هذا الأمر تسبب لك في مشاكل معه؟
حينما طلبتني أم كلثوم بنفسها هاتفيا لأعمل معها في أغنية "ليلة حب" عام 73 كان ذلك سببا في غيرة مستترة من عبدالحليم، حيث إنه منذ أن شاهدني في بروفة للفرقة الماسية مع نجاة طلب من بليغ حمدي أن يبلغني رغبته في أن أعمل معه بدءا من "حاول تفتكرني" ومن وقتها وأنا في فرقته، وتوطدت علاقتنا وكان يطلبني تليفونيا لأجلس معه في منزله، وكان يطلق علي اسم "هجرس" وهي عادة كانت معروفة لدى الملوك والرؤساء بإطلاق أسماء على المقربين لديهم ليس لها علاقة بأسمائهم الحقيقية.. ولكن عملي مع أم كلثوم لم يؤثر على علاقتي به، بل كان حليم سببا في أن أعمل مع مجدي الحسيني، وكنت وقتها في بيروت ونشبت حرب طائفية هناك فوجدته يطلبني هاتفيا ويطلب مني النزول الفوري إلى مصر، وحينما أتيت وجدت مجدي الحسيني في الفرقة، وكنت رافضا لأن أعمل بعد أن أقام بروفاته، ولكن حليم أصر أن أعمل على الصولوهات الشرقية ويقوم مجدي بعمل الصولوهات الغربية.. وسافرت معه باريس لتقديم الحفلات في بورت مايو وهو أكبر المسارح هناك، وكان قد افتتحه كلود فرانسوا الذي ولد في الإسماعيلية ورحل من مصر عام 56، وكان عبدالحليم متيما بهذا الفنان الذي كانت له شعبية كبيرة هناك، وكان حليم يهوى تقليده في أسلوب الغناء وتواصله مع الجمهور في الحفلات.
إذن كيف كانت تجربتك مع أم كلثوم؟
كنت الوحيد الذي غنى خلف أم كلثوم خلال العزف، وقسمت معها في مطلع أغنية "حكم علينا الهوى" وهي آخر أغنية غنتها في حياتها، وأتذكر أنها ساعدتني في إخراج الأورج الخاص بي من الجمارك، والذي كان دخوله مصر في ذلك التوقيت يحتاج إلى سبع موافقات حكومية، من شركة الإلكترونيات في بنها والمخابرات العامة وهيئة الاتصالات ووزارة الحربية ووزارة المالية، فطلبت أم كلثوم المشير إسماعيل علي الذي اتصل بالفريق الجمسي الذي اتصل بوزير المالية ليصرحوا لي بخروج الأورج من الجمارك.. فكانت قوة أم كلثوم من قوة دورها الوطني الذي لعبته خلال حياتها الفنية لمساندة الجيش المصري من تبرعات وحفلات ودعم مادي ومعنوي، فأذكر أننا كنا نجلس في أستوديو 56 في الإذاعة وكان يأتي 7 أو 8 مؤلفين للعمل على أغاني العبور، وكنا نحصل على أجر 2 جنيه وربع نستلمهم بعد الضرائب 198 قرشا في اللحن الواحد، برغم أننا كانت أجورنا كانت 100 جنيه في اللحن، ولم يفرق معنا كل ذلك لأن شرف المشاركة لم يكن يقدر بثمن.
هل العمل وسط هذه الأجواء يفرض على الفن طابعا يميز هذه الفترة؟
بالتأكيد.. فلقد عملت وسط جيل من العمالقة سواء مرسي جميل عزيز أو عبد الوهاب محمد أو حسين السيد أو مأمون الشناوي، وكان في هذا التوقيت يحتفظ الفن بقدر كبير من الحياء فيما يتم تقديمه من كلمات للأغاني، فأنا أتذكر أن الشعراء لم تكن لديهم الجرأة في استخدام الكلمات المؤنثة من شدة الحياء، ولذلك تجد أن كل الأغاني القديمة التي يغنيها المطربون الرجال تخاطب النساء بكلمات مذكرة، وكانوا يعتبرون استخدام الكلمات المؤنثة نوعا من البجاحة، وهذا ما يعكس ما كان عليه الفن وما أصبح عليه، كما أن الفنان في هذا الزمن كانت لديه حالة رعب من الجمهور منعكسة من فكرة مدى احترامه لجمهوره، وأتذكر أن أم كلثوم برغم قوة شخصيتها الشهيرة إلا أنها كانت تخاف من جمهورها جدا، وحكت لي بعد تسجيلي معها لأغنية "ليلة حب" أنها تجلس في الوصلات الموسيقية الطويلة في حفلاتها بسبب خوفها من الجمهور لدرجة الارتعاش، وكانت هناك شائعة أنها تغيب في غرفتها قبل الحفل لتعاطيها الحشيش، ولكن الواقع أنها كانت تقرأ القرآن ليوفقها الله في الحفل، وفي حفل أغنية "ليلة حب" تسببت في تأخير الحفل لمدة 20 دقيقة وكان من المعروف أن حفل أم كلثوم يبدأ في الساعة العاشرة بالثانية، وكان ذلك بسبب عيب تقني في توصيل الأورج الخاص بي، وبعد حل المشكلة جاءت تطبطب على يدي فوجدت كفها باردا كالثلج خوفا من التأخر على الجمهور.
وما السبب وراء تلك اللزمات الموسيقية الطويلة التي اشتهرت في هذه الفترة؟
كانت أحد أنواع الاستعراض لدى الملحن، وبدأت حينما لحن محمد عبد الوهاب لأول مرة لأم كلثوم من خلال أغنية "أنت عمري" بعد القصبجي والسنباطي وزكريا أحمد، فأراد أن يستعرض إمكانياته كمقدمة الأغنية، وهو ما جعل الصحافة تطلق لأول مرة في ذلك التوقيت مصطلح "لقاء السحاب" وهو ما استفز السنباطي لتاريخه الطويل مع أم كلثوم، ولكنه رد عليه بعد ذلك بتلحين "الأطلال" وهو ما يعكس كيف كان يتحول التنافس بين أبناء هذا الجيل إلى قدرة أكبر في الإبداع، ولم تكن الردود من خلال الشائعات والتلسين مثلما يحدث هذه الأيام.
فرقتك الموسيقية نالت صيتا كبيرا مع نجوم السبعينات.. فكيف كانت تلك التجربة؟
بالفعل، كونت فرقة صغيرة في السبعينات وعملت معها بأحد الفنادق الكبرى في مصر، وكان تكوينها خمسة عازفين، وسافرت إلى مجموعة من المهرجانات الدولية حول العالم بهذه الفرقة، وبدأت أضيف عليها بعض عازفي الكامنجات حينما كان يطلبني منير مراد لتسجيل بعض الألحان، وبدأ يزيد تكوين الفرقة تدريجيا، وكنا نعمل بثقافة الاستغناء، وكبرت الفرقة حتى أصبحت فرقة هاني مهنا لها ثقلها، وورد علينا العمل مع مجموعة كبيرة من الفنانين مثل ياسمين الخيام وعفاف راضي وهاني شاكر ومحرم فؤاد وطلال مداح وصباح وفايزة أحمد ونجاة الصغيرة وشادية ومحمد عبده، وأصبحنا فرقتهم الأساسية، وكنا ننسق مواعيد الحفلات بينهم حتى لا يتضايق أحدهم، وكانت الفرقة تسافر كثيرا لدرجة أن النزول إلى مصر كان مجرد ترانزيت.. ومن الطريف أنني لدي 18 "باسبورا" بسبب كثرة السفر، وذلك بعدما أصبح يسمح لنا الاحتفاظ بجوازات السفر التي لم يعد بها مساحة للتأشيرات.
قدمت عددا كبيرا من الأعمال الموسيقية كموسيقى تصويرية للأفلام والمسلسلات.. كيف جاءت تلك النقلة؟
في عام 71 قدمت أول موسيقى لمسلسل إذاعي وهو "حياة روزاليوسف" ومن هنا بدأ العمل في الموسيقى التصويرية للمسلسلات والأفلام، وحصلت على جائزة أفضل موسيقى تصويرية عن فيلم "على ورق سيلوفان" متفوقا على عبدالحليم نويرة وجمال سلامة وعمر خورشيد وعمالقة الموسيقى التصويرية في ذلك التوقيت، ومن أغرب الأعمال التي عمل عليها هاني هو فيلم "سنة أولى حب" بطولة محمود ياسين ونجلاء فتحي وبوسي، وذلك لأنه الفيلم الوحيد في تاريخ السينما المصرية الذي عمل عيه خمسة مخرجين، هم صلاح أبو سيف وعاطف سالم ونيازي مصطفى وحلمي رفلة وكمال الشيخ، وذلك لأن المنتج حلمي رفلة كان يهتم بسخاء الإنتاج، وكان يريد كل من هؤلاء أن يضيف أسلوبه في هذا الفيلم، كما عزفت موسيقى كل الفوازير تقريبا بلا استثناء فقدمت الفوازير مع سمير غانم ونيللي وشيريهان.
لكنك اتجهت للإنتاج أيضا بعد ذلك.. فلماذا لم تستمر؟
هذا صحيح، حينما قررت في عام 77 أن أفتتح شركة "جولدن كاسيت" إنتاج فني، وبدأت أنتج مجموعة من شرائط الكاسيت، وكان أول الإنتاج موسيقى خاصة بي، ثم أنتجت لهاني شاكر وعماد عبد الحليم وياسمين الخيام وعفاف راضي ومدحت صالح، ثم أنتجت لصباح ثمانية ألبومات، وأنتجت لطلال مداح 12 ألبوما، وأنتجت لسميرة سعيد 12 ألبوما ما بين مصري وخليجي وأنتجت لذكرى ثلاثة ألبومات، لكني توقفت منذ دخول الديجيتال وبدأت سرقة وقرصنة الألبومات، فأصبحت الشركة مهددة بخسائر مؤكدة.
آخر نشاطاتك هي تأسيس أكاديمية تحمل اسمك لتعليم الفنون.. لماذا أقبلت على هذه الخطوة؟
كنت أفكر في تأسيس الأكاديمية منذ 25 سنة، حيث كنت أريد العمل على مشروع يساهم في بناء الإنسان بنفس الطريقة التي كانت تحدث مع جيلي داخل المدارس، وهو الأمر الذي لم يعد متوفرا في الوقت الحالي، وكنت قد حاولت مع وزارة التربية والتعليم منذ أيام تولي الدكتور أحمد فتحي سرور مسئولية الوزارة، وحينما فشلت كل هذه المحاولات وبمجرد أن تسنى لي الوقت قررت تأسيس أكاديمية تعمل على تعليم جميع أنواع الموسيقى بآلاتها المختلفة والرقص بأنواعه وحتى الفنون التشكيلية، وذلك لأني أرى أن الفنون هي السلاح الأمثل لمواجهة التطرف والتدني والعادات السلبية التي تفشت في المجتمع، فأتذكر أنه في زماننا كانت الفتاة التي تجيد عزف البيانو يزيد مهرها ويتهافت عليها العرسان لأنهم يضمنون أنها نشأت في بيئة راقية، وستصنع بيتا راقيا، وكان البيانو ينضم إلى قائمة أثاث المنزل حتى في الأسر المتوسطة.
بعيدا عن تفاصيل أزمتك الأخيرة التي انتهت بالسجن.. هل تركت عملك النقابي بسبب موقف النقابة تجاهك بعد هذه الأزمة؟
بالطبع، ولكني تركت العمل النقابي أيضا لأن المناصب فقدت بريقها وأصحابها لم يصبحوا نجوما مثلما تعودنا في وقت مضى، فاليوم لن تجد الوزير النجم أو حتى النقيب النجم، فأتذكر أحمد الخواجة الذي كان نقيبا للمحامين، فكان هذا الرجل أشطر محام في مصر، ولكن اليوم باستثناء هاني شاكر لا يوجد النقيب النجم بأي نقابة من النقابات، فأشرف زكي نقيب الممثلين ليس أفضل ممثل في مصر، ومن جانب آخر حزنت من موقف النقابة بعد الواقعة التي حدثت معي بعدما صدر قرار حبسي لصالح أحد البنوك، وحزنت بسبب أن هذه الواقعة كانت متنفسا لدى البعض لكي يشمت فيَ، وأنهم لم يسيروا على نهجي بعدما تركت المنصب، فلقد كنت سببا في عودة عيد الفن بعد 33 عاما من التوقف، واستطعت إقناع فاتن حمامة للحضور لتسلم جائزتها من رئيس الجمهورية بعدما اعتذرت من 33 سنة لسعد الدين وهبة عن عدم تسلم جائزتها من الرئيس السادات، فلم يتمكنوا من استمرارية هذه الاحتفالية.
هل كانت لك علاقة بآل "مبارك" قبل دخولك السجن؟
لم تكن تربطني علاقة قريبة سواء مع جمال أو علاء مبارك قبل دخولي السجن على الإطلاق، وكانت العلاقة مقتصرة على مجرد السلام حينما نتقابل في مناسبات عامة، وكانت علاقتي بوالدهما أقرب من علاقتي بهما، ولكنها بالطبع لا تقارن بعلاقتي الوطيدة بالرئيس الراحل محمد أنور السادات الذي كان يهوى الغناء لفريد الأطرش، وكان يستطيع الوصول إلى نبرة صوته في الغناء لدرجة لا تصدق، وكنت أذهب له إلى القناطر بصحبة ياسمين الخيام، ولا أنسى حينما طلبت أنا وفايزة أحمد لأحياء فرح ابنه جمال ببيته في الجيزة وجاء فوزي عبد الحافظ سكرتيره الخاص ليمنحني ظرفا به مقابل إحياء الفرح وحينما رفضت أن آخذه غضب فوزي غضبا شديدا وقال لي إن رفض الظرف بمثابة إهانة للرئيس.
وكيف كانت هذه التجربة بالنسبة لك بظروفها الاستثنائية؟
أول يوم ذهبت إلى السجن ليلا بعدما تحركت من المحكمة مباشرة، حتى لم يكن هناك ملابس السجن لأرتديها فارتديت ملابس النزلاء المؤقتين، وفي صباح اليوم التالي خرجت جلست معهما في البرجولا أمام مسجد السجن، وانضم إلينا حبيب العادلي ومجموعة من نزلاء السجن، ووجدتهم بدأوا يتحسسون رأيي الشخصي حول والدهم وما إذا كنت معهم أم ضدهم، وقلت لهم إنني أعتب على الرئيس الأسبق أنه أعطى ظهره للفن، وإنه ركز كل اهتمامه صوب الرياضة فقط، وأن السبب وراء ذلك هو رفض سعد الدين وهبة لإنابة مبارك عن السادات في آخر حفلات عيد الفن التي لم تتم بسبب انشغال السادات، واستشهد السادات بعدها فاتخذ مبارك موقفا تجاه الفن وألغى الاحتفالية طوال عهده.
وكيف كان شكل الحياة داخل سجن طرة؟
داخل السجن كان كل مسجون يجلس في عنبر مستقل به تليفزيون وحمام خاص، وكان يجلس جمال وعلاء في عنبر واحد، ويأتي لهما يوميا الطعام من خارج السجن لدواع أمنية، وفي إحدى المرات قبل جمال عزومة من أحد قيادات الشرطة المحبوسين فتسببت له في حالة قيئ وإسهال حدثت على أثرها حالة طوارئ داخل السجن، وكانت سوزان مبارك كثيرا ما تأتي لزيارتهما داخل السجن، ويبدأ اليوم في سجن طرة الساعة السابعة صباحا عدا الجمعة يبدأ الثامنة صباحا بفتح بوابات العنابر، فنذهب إلى الإفطار ثم ممارسة الرياضة سواء الجري أو دخول الصالة الرياضية -الجيم- التي بناها أحمد عز، ولعب كرة القدم حيث قام جمال بتشكيل فريق انضممت إليه ضد فريق علاء، وكانت تغلق علينا الأبواب في تمام الساعة الخامسة بعد العصر.
في حياتك قصص حب متعددة.. إذا لخصتها في سطور ماذا سوف تقول؟
أول قصة حب في حياتي كان عمري 10 سنوات لفتاة اسمها ساندي، فكنت أهوى المشي منذ صغري، وكنت أتمشى من بيتي في العتبة إلى الحلمية الجديدة لأذهب إلى مدرستي عن طريق شارع بورسعيد، وكان شارعا عريضا جدا وكنت أمشي على الرصيف والفتاة التي أحبها كانت تمشي على الرصيف الآخر لدرجة أنني كنت أتخبط في المارة وعمدان النور بسبب أنني كنت أنظر إليها ولم أكن أنظر إلى الطريق، وكنت في مدرسة الوحدة العربية بنين وهي في مدرسة الوحدة العربية بنات ويفصل بيننا سور، وكنا نشترك سويا في حفلات عيد الأم، وكنا متيمين ببعضنا البعض ونمنح بعض الكتب وبداخلها الورد وأشياء من هذه القبيل، وعشت على أغنية حبك نار لعبدالحليم عاما كاملا تقريبا مع هذه القصة، والمفارقة الغريبة أنني لم أكن أعلم عنها شيئا طوال هذه السنوات حتى رأيتها بالصدفة منذ 3 سنوات في ميدان التحرير وكنا متوقفين في إشارة مرور، حيث كنت في سيارتي وهي كانت في سيارتها وبصحبتها ثلاثة أولاد، ففتحت زجاج سيارتها وسلمنا على بعضنا البعض.. وبعدها تزوجت من أم أولادي منى وكانت تعمل صحفية في وكالة أنباء الشرق الأوسط وهي لبنانية الجنسية، وأنجبت منها ريم وهي تحصل على دكتوراه في التعاون الدولي حاليا من بوسطن، وتامر مقيم في لندن وتزوج هناك، وبعدها تزوجت من سميرة سعيد، وأخيرا تزوجت من "بيتي" وهي زوجتي الحالية وتعرفت عليها في فرنسا حيث إنها فرنسية الجنسية ومقيمة معي في مصر منذ 20 سنة وتعلمت اللغة العربية جيدا، وأنجبت منها "هنادي" وهي حاليا في أولى سنوات الدراسة الجامعية في بارشلونا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.