في هذا الشهر نحتفل بمرور الذكري التاسعة والخمسين علي قيام ثورة يوليو.. ويبدو أن هذه الذكري ستكون موسما للحساب عن أداء مصر في الثورتين خاصة أننا دائما ما نقارن بين ما أنجزته ثورة يوليو وبين ما تحلم به ثورة يناير.. تصوير : محمد لطفي إنها ليست مواجهة بين عصرين وإنما محاولة للاستفادة من تجارب التاريخ الذي وجدناه حيا حتي الآن في أحلام وتساؤلات واحد من أربعة فقط من الضباط الأحرار الذين لايزالون علي قيد الحياة .. هو الأستاذ أحمد حمروش مؤرخ ثورة يوليو والذي يراقب من بعيد سير الأحداث ويفكر بعقلية ثورة يوليو ثم يجد نفسه مندفعا ومستغرقا في التفكير والمقارنة .. وقد دخلنا معه في دردشة بروح يناير لنقترب من رؤيته للأحداث ولنتعرف علي أهم التساؤلات التي تدور في ذهنه وكيف يري ما يمكن أن تضيفه ثورة يناير إلي ما تبقي من أحلام ضباط يوليو فكان هذا الحوار . عندما سقط مبارك وبدأ الحديث عن محاكمته تردد سؤال هام وهو لماذا لم يحاكم الضباط الأحرار الملك فاروق بينما تسري الآن محاكمة حسني مبارك؟ بابتسامة خفيفة أجاب قائلا : لأن نظام فاروق كان نظاما ملكيا أما نظام مبارك فهو نظام جمهوري والنظام الملكي مهما يكن له طابعه الخاص حتي عند سقوطه ولهذا كان قرار الضباط الأحرار هو طرد الملك ولم يتغير النظام إلي نظام جمهوري إلا بعدها بعدة شهور .. وكان كفاية قوي إن البلد تتخلص منه ومن فساده ومما كان يبذره في المجتمع من فساد .. ونحن لم نظلم فاروق وما تعرضه المسلسلات غير واقعي وهو يحمد ربنا أنه خرج دون محاكمة أو دخول السجن لأنه كان يساعد الاستعمار وكان يضرب الديمقراطية وكان هناك عبث بالحياة السياسية . وهناك سبب آخر وهو أننا لم نكن ننوي القيام بحركة ولم يكن في مخططنا مباديء أو إجراءات محددة ولكن عندما علم فاروق بأمرنا حيث كنا نوزع بعض المنشورات فقد سعي لاعتقالنا ومن هنا بادرنا وقمنا بالحركة .. أما مع مبارك فالوضع مختلف ولا أحد يستطيع أن يقول إنه في أوائل عهده مثل خاتمة عهده فقد بدأ متشربا لمباديء ثورة 23 يوليو التي انتمي إليها كضابط وهو نفسه قال لي أنا ناصري . ولكن حدث تغير كبير مع التحول الاقتصادي كما أنه اعتمد أكثر علي أمريكا وبدأت تظهر المباذل بعد ذلك . هل عاني المجتمع بعد ثورة يوليو الفوضي والانفلات الأمني والبلطجة مثلما حدث بعد ثورة يناير وهل الفوضي والثورة دائما متلازمتان كما يدعي البعض؟ أرفض هذه المعادلة وأري أنه بمعايير يوليو أن الثورات قامت من أجل إعادة الأمان للناس وليس إخافة الناس و في الفترة الانتقالية التي أعقبت ثورة يوليو والتي استمرت ثلاث سنوات لم نسمع انه كان هناك انفلات أو فوضي أو مد ديني متطرف بل إن مصر حققت انجازات تفخر بها ثورة يوليو فقد تحقق الجلاء فعلا خلال الفترة الانتقالية وصدر قانون تحديد الملكية ثم صدر قرار تعميم مجانية التعليم ثم تم القضاء علي سيطرة رأس المال علي الحكم فكل هذا تحقق في الفترة الانتقالية رغم التدخلات الخارجية لضرب النظام . أما ما يحدث بعد ثورة يناير فلا ينبغي السكوت عليه وإنما يحتاج لمواجهة صريحة وشجاعة للموقف الحالي يعني كيف نسكت ونخضع لاعتداء البلطجية علي الناس أيضا أي ثورة لابد أن تستهدف الأمن والاستقرار وإذا لم يتحقق ذلك فهي لم تكن ثورة وهذا الانفلات لم يحدث في الفترة الانتقالية بعد ثورة يوليو والتي تمت من غير نقطة دم واحدة . أيضا ثورة يوليو حققت الحشد الجماهيري يعني أنت يأتيك خير هل ترفضه أم تقبله ولهذا فإن زعامة ثورة يوليو كانت ذات كاريزما خاصة والناس كلهم كانوا يثقون بها ويلتفون حولها لأن جمال كان رجلا وطنيا وشريفا ولم يتربح . تجربة يوليو مختلفة عن تجربة يناير في أشياء كثيرة لذلك نطلب منك أن تحدد لنا طبيعة التساؤلات التي ترغب في توجيهها لجيل يناير والتي تلخص ما يدور في ذهنك؟ فين قيادتك مين زعيمكم؟ .. أنا أقول مصر فيها وغنية بأبنائها لكن الزعيم تخلقه الظروف وغيابه في ثورة يناير عمل مشكلة .. ولا أقول ما قاله حسني مبارك عندما سألوه عن تعيين نائب رئيس جمهورية فقال مش لاقي حد ! أيضا أسأل جيل يناير ما رؤيتكم للمستقبل لا بد أن يكون الشباب منظما في تفكيره وفي تخطيطه أيضا أرغب في السؤال عن مدي شعور الناس بالفوضي وماذا عن نقطة البدء في الإصلاح السياسي وهنا أقول إنه لابد أن يكون هناك دستور يتفق علي نظامه الجميع وتنبثق منه الأحزاب والانتخابات وغيره ولكن أن نبدأ حياة سياسية بانتخابات من غير دستور فهذا غير سليم والمفروض أن الثورة تصدر قرارات ولا يقف الأمر عند مجرد الاستفتاء لرفض أو قبول الدستور وإلا لماذا قامت الثورة فالثورات تقوم من أجل أن تصدر قرارات . ## ( تابع بقية الحوار على صفحات عدد يوليو من مجلة الشباب )