رغم مرور نحو أربعة أشهر على احتراق مبنى المجالس القومية المتخصصة فإنه حتى الآن لم يصدر قرار رسمى لتحديد مصير هذا المبنى العملاق .. تصوير: محمد لطفى
أما المجالس القومية نفسها فقد احتلت مقرات الحزب الوطنى المنحل فى الجيزة ومصر الجديدة ..حيث لن تعود مجددا لهذا المبنى الذى ذهبت تبعيته لمحافظة القاهرة إلى أن يصدر قرار بشأنه ، حيث يقول عبد الله على، أمين المجلس القومى للثقافة والفنون والآداب والإعلام بالمجالس القومية المتخصصة: تم توزيع مقرات الحزب الوطنى على جميع المجالس التى لم تعد يضمها مبنى واحد ، حيث احتل المجلس القومى لحقوق الإنسان مبنى الحزب فى الجيزة وكذلك الحال بالنسبة للمجلس القومى للمرأة والمجلس الأعلى للصحافة ..أما المجالس الأربعة التى نشأت طبقا للمادة 164من دستور 71 فقد احتلت مبنى الحزب الرئيسى فى روكسى بمصر الجديدة وتشمل هذه المراكز كل من المجلس القومى للإنتاج والمجلس القومى للثقافة والإعلام والفنون والمجلس القومى للخدمات والتنمية الاجتماعية، أما المبنى الذى احترق فلن نعود إليه مرة اخرى على ما يبدو ..وكان هناك خوف من أن تكون النيران قد أكلت حوائطه بحيث يتم تنكيسه ولكن اللجنة الفنية التى عاينت المبنى أكدت سلامته وستقوم محافظة القاهرة بتحديد طبيعة استغلاله وطبعا الموقع يحتل مكاناً مهماً جدا فى القاهرة وهناك احتمالية لأن يتحول إلي فندق، أما عن المجالس القومية فحتى الآن لم يتم اختيار مشرف عام عليها بعد وفاة كمال الشاذلى ، لكن الأمور تسير على ما يرام حيث تضم المجالس أفضل العقليات المصرية فى كافة المجالات ويقوم بإمداد رئاسة الجمهورية بما تحتاجه من استشارات وتقارير لكن فى النظام السابق لم يكن يهتم بهذه التقارير رغم خطورتها وكذلك الحال بالنسبة للوزراء السابقين "اللى كانوا بيستكبروا علينا" وكان من ضمنهم أنس الفقى نفسه الذى دعوناه لتطوير منظومة الإعلام لكنه لم يهتم والمجالس القومية كانت عبارة عن "خبيئة" للنظام السابق ولكنه لم يستغل ما بها من معلومات وخبرات وكوادر لكن الدكتور عصام شرف صرح وقال أن هذه المجالس ستكون بمثابة الذراع الذهنى لمجلس الوزارء. ويعد مبنى المجالس القومية المتخصصة من أهم مخلفات جمعة الغضب الأولى حيث التهمت النيران جميع جدرانه ومحتوياته .. هذه المجالس تابعة لمؤسسة الرئاسة بحكم تنظيمها وتعد بمثابة بيت خبرة لرئيس الجمهورية لإمداده بالمعلومات والدراسات والبحوث والتقارير من أجل إحاطته بأوضاع المجتمع حتى يتمكن من اتخاذ القرار السليم وذلك فى مجالات الغذاء والطاقة والتعليم والصحة والاقتصاد والمرأة والثقافة والفنون والإعلام وحقوق الإنسان حيث أن لكل مجال من هذه المجالات مركز متخصص، ولكن واقع الحال يؤكد أن مبارك لم يكن يستمع إلى قرارات هذه المجالس فذهبت تقاريرها أدراج الرياح. ففى آخر تقرير أعدته هذه المجالس وتم نشره قبيل ثورة يناير بنحو شهرين رسم خبراء المجالس القومية صورة قاتمة ومتشائمة جداً لأوضاع المجتمع المصرى فمن ناحية الغذاء نقل هذا التقرير أن الغذاء فى مصر تسبب فى نشر الكثير من الأمراض مثل التيفود وأمراض الكبد والتسمم الغذائى ومن الناحية الاجتماعي حذر التقرير من موجة عارمة من العنف الإجتماعى وانتشار الجريمة وارتفاع معدلات القتل والاغتصاب نتيجة التفكك الأسرى والفقر وفى الناحية الاقتصادية انتقد التقرير المرفوع لمبارك تصدير الغاز الخام للخارج معتبرا ذلك اهدارا للموارد الطبيعية فى مصر وفى مجال التعليم أكد التقرير أن هناك 33 مليار جنيه من الميزانية تذهب كأجور ومرتبات وحوافز وأن العملية التعليمية فى حد ذاتها لا تحظى بهذا القدر من الاهتمام وفى مجال الثقافة أكد التقرير أن الجوائز الأدبية تذهب لغير مستحقيها فى بعض الأحيان وأن الأدباء والمفكرين لا يحظون بالتقدير الكافى على المستوى الرسمى. وفى دراسة أعدها الدكتور السيد عبد المطلب غانم أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية حول دور المجالس القومية المتخصصة أكد على أن هذه المجالس كان هدفها رسم السياسة العامة للدولة واختيار القضايا الهامة التى يجب أن تتصدر اهتمامات الرئيس السابق فى مجالات الاعلام وحقوق الانسان والمرأة والثقافة وغيرها وهذه المجالس نشأت تنفيذاً للمادة 164 من دستور 1971 ولرئيس الجمهورية كل الصلاحيات فى تنظيمها واختيار المشرفين عليها لتبعيتها المطلق لرئاسة الجمهورية وتشير هذه الورقة إلى أن الدراسات والتقارير التى كانت تقوم بإعدادها من قبل لم تكن موثقة بالمعنى العلمى إلى جانب غياب التنسيق بين هذه المجالس فى رسم السياسات العامة للدولة.