اليوم تمر الذكري ال34 لوفاة العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ والذي ربما كانت المرة الأولى منذ وفاته التى تمر فيها هذه الذكرى مرور الكرام بالنسبة لكل وسائل الإعلام بسبب الظروف المتلاحقة التى تمر بها مصر هذه الأيام .. والحديث عن هذا الفنان يطول كثيرا ولا يكفي مجرد فيلم أو مسلسل.. وفي السطور التالية نحاول أن نسلط الضوء على لمحات قليلة من حياة العندليب... صوت ثورة 25 يناير! لم يكن صوت عبد الحليم حافظ غائبا عن ثورة 25 يناير، فكانت أغنياته الوطنية موجودة في الميدان، وخصوصا( خلي السلاح صاحي)، و(أحلف بسماها وبترابها)، و(فدائي)، والغريب أنه كان من الممكن أن يكون لعبد الحليم حافظ أغنيتين تعبران بالفعل عن ثورة 25 يناير، وهو ما أكده زياد الطويل ابن الموسيقار كمال الطويل والذي عثر على أغنيتين وطنيتين وكأنهما تعبران عن أحداث ثورة 25 يناير ، والأغنيتان أعدّهما كمال الطويل لعبد الحليم حافظ ولم يتم تسجيلهما ، وتتطابق الأغنيتان مع أحداث ثورة الشباب في مصر اليوم إذ يقول مطلع الأغنية الأولى: «آن الأوان يا مصر.. نشوف عيون فرحانة.. آن الأوان يا مصر يا عطشانة».. أما الأغنية الثانية فتقول: »بعدما صبرنا بعدما قتلنا بعد أن جوعنا وأن عطشنا فجأة قمنا فجأة يا مصرنا بعثنا«.. محاربة واجه عبد الحليم حافظ محاربة شديدة في الفترة التي كان يغني فيها، ففي عام 1966منع زكريا محيي الدين رئيس وزراء مصر عبد الحليم من الغناء،في أعقاب اتهامه بتهريب العملة إلى الخارج، حيث أنه كان يسدد بها لعددٍ من الأشخاص جانباً من عائدات مصنع للأسطوانات كان مشاركاً في ملكيته في قبرص أو اليونان، تدخل عبد الناصر لإنهاء هذه المسألة، في الوقت الذي أجرى فيه عبد الحليم اتصالات هاتفية مع وزير الثقافة ثم الإعلام الدكتور محمد عبد القادر حاتم وكذلك مع شعراوي جمعة وزير الداخلية في ذلك الوقت، وقال له شعراوي جمعة (ليس من المعقول أن تقدم مصر مطرباً يعبر عن ثورتها إلى محاكمة من هذا النوع)، كما واجه أيضا محاربة في حفلاته، حيث كان بعض الجمهور يصفر طوال الحفلة، مما جعله في أحد الحفلات يوقف الحفلة ويصفر للجمهور وهو في حالة غضب. معاناته مع النظام على الرغم من أن العندليب كان صوت ثورة يوليو إلا أنه واجه أيضا معاناة مع النظام، وخصوصا في عهد أنور السادات، حيث أنه بعد جمال عبد الناصر رفض عبد الحليم الغناء لأفراد، ويقال أنه برر هذا الموقف بالقول (الأشخاص زائلون والأوطان باقية)، وأول أغنية وطنية غناها بعد وفاة عبد الناصر كانت(عاش اللي قال) بدون ذكر اسم السادات، وهو ما جعله يتعرض لبعض المضايقات منها حرمانه من طبيبه الشخصي. خلافات في الوسط! أيضا كانت هناك خلافات لعبد الحليم حافظ داخل الوسط الفني، ففي عام 1964 وقع خلاف بين عبد الحليم وأم كلثوم بعدما أخرت دخوله إلى المسرح في حفلة عيد الثورة، وقال يومها قبل غنائه: "أنا مش عارف الغناء بعد أم كلثوم شرف ولا مقلب"، مما أغضب أم كلثوم وعبد الحكيم عامر نفسه، والذي استدعي عبد الحليم وطلب منه أن يعتذر لها، ولكنه رفض، وفي العام التالي، غاب عبد الحليم عن حفلة عيد الثورة بسبب موقفه من أم كلثوم، إلا أن جمال عبد الناصر رد له اعتباره عندما أعلن عن إقامة حفلة أخرى في الإسكندرية بعد الأولى بيومين وأصدر أمراً بأن يقوم عبد الحليم بإحيائها مع مَن يشاء من المطربين، واستمر الخصام بينها إلي أن جاء شمس بدران واصطحب معه عبد الحليم إلي بيت أم كلثوم بعد أن علمت من بعض أصدقائها بمرض عبد الحليم وتأثرت جدا لذلك و رحبت به وعندما لاحظت ارتباكه وقلقه ابتسمت له قائلة ( ما تقعد يا واد )، والخلاف الآخر كان بينه وبين فريد الأطرش، والذي لم يكن معلنا بينهم، وكان أيضا بسبب أماكن إقامة الحفلات، وانتهي هذا الخلاف بينهم بلقاء إعلامي في لبنان . إشاعات! ومثلما الحال الآن عندما نجد الشائعات حول أي فنان، فقد أخذ العندليب نصيبه أيضا من الشائعات، وكانت أهمها هي مقتله، وقد تم نشر هذا الخبر في عدد من الجرائد، وأكدت التحريات أن زوجة مطرب هي سبب انتشار هذه الشائعة، وأيضا من الشائعات التي لازمته هو أنه مغرورا، فقد اتهمه البعض بالغرور، وخصوصا من بعض جماهير الفنانين الآخرين، وخصوصا في أواخر أيامه، ولكن المقربون من العندليب ينفون عنه ذلك، وهو ما أتضح أيضا من خلال لقاء نادر وهو يوم في حياة عبد الحليم حافظ، يظهر لنا عبد الحليم على طبيعته.