بعد قيام ثورة يوليو 1952 تبرع بعض أعضاء من المجلس العسكري باتخاذ قرار بمنع أم كلثوم من الغناء تحت مبرر أنها كانت تغنى للملك.. علمت ثومة بالخبر فقررت احتراما لتاريخها وفنها الاعتزال.. وعرف عبد الناصر الخبر فما كان منه الذهاب إليها في منزلها ومعه عبد الحكيم عامر وكمال الدين حسين للاعتذار لها عن هذا الخطأ المهين للثورة .. فالثورات العظيمة تجمع الشعب حولها بكل فئاته وطوائفه ولا تفرقه بمقولة معنا وألا علينا وتحترم الرموز المعارضة قبل المؤيدة دون تنكيل مادي أو معنوي . ولا اعرف تحديدا حتى الآن من أين أتت فكرة الأعداء التي يحاول البعض ترسيخها لأنه إذا كانت مطالب 25 يناير العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد والديمقراطية فهي مطالب لا يختلف عليها إلا الفاسدون والمفسدون وهنا لابد أن يكون الأصح القول أن 25 يناير ستقصى على كل فاسد وكل شخص وقوة يمكن أن تعود بالأوضاع السيئة لما كانت عليه قبل هذا التاريخ..وهذا أمر يحترم أنما غير المنطقي أن أحاسب وأعاقب الناس على أرائهم حتى لو كانت ضدي هذه أبسط قواعد اللعبة الديمقراطية التي وضع أساسها ديننا الحنيف الذي أعطى للناس حق مطلق حتى في الإيمان والكفر بالله سبحانه وتعالى والذي يقول ""من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" . أفبعد هذا حرية واحترام لحق أي شخص في الإيمان بما يعتقد والتعبير عنه بالصورة التي يرتضيها طالما لم تتضمن ما يمكن تجريمه قانونيا .. قواعد بديهية صعقني أن أجد تصريحات مخالفة لها تصدر عن رئيس وزراء مصر وليس رئيس وزراء ميدان التحرير كما يحلو له أن يقدم نفسه إعلاميا حينما قال انه لا مكان في العهد الجديد لأي علامى من أعداء 25 يناير.. بالتأكيد هذا التصريح مرفوض جملة وتفصيلا وتحديد الإعلاميين فقط فيه استثناء غير مبرر إلا إذا كان الهدف ألا يسمع رئيس الوزراء إلا ما يريد سماعه ولا يحيط نفسه إلا بمن نصبهم مفكري الثورة!! لكن الأهم من ذلك أن نعرف ما معنى أعداء 25 يناير وما هي مقاييسه لتحديد عدائهم .. هل كل صحفي تعارضت أرائه مع أراء ميدان التحرير سيتم إقصائه ومعاقبته ونحن هنا نكون في مجال حديث واضح وصريح عن منابر إعلامية تحريرية فقط والا الإقصاء هو البديل وتلك منتهى الديكتاتورية التي إذا كانت ستكون هي الواقع فلنقم بها بوضوح مثلما حدث في يوليو52 حيث تقرر بشكل حاسم القضاء على التعددية الصحفية وفرض رقابة علي الصحف أما التليفزيون فكان مولود على يد أبناء يوليو فلم يعرف إلا الولاء لهم. الصراحة مطلوبة إذا كنا سندخل أو سنعود بمعنى أدق للرقابة غير المعلنة على الإعلام والإعلاميين بجحة مع أو ضد وطبعا كلنا هنكون من اكبر المؤيدين والمناصرين وسيتحول ميدان التحرير لمعبد نذهب إليه لإقامة صلوات الطاعة والولاء خوفا من الإقصاء. أما لماذا الإعلام تحديدا الذي تم الحديث عنه بهذه الصورة المباشرة دون بقية فئات المجتمع فهذا أمر لا يحتاج لمعرفة الأسباب وهو تكميم الأفواه ليست المعارضة لأنه لا أظن كما قلت أن هناك من يمكن أن يعارض مبادىء يناير النبيلة لكن هناك من يعارضون الفوضى والانفلات الامنى والانهيار الاقتصادي الذي لم نسمع عن أى آليات لتجاوزه ليشعر الناس بقيمة التغيير الايجابي الذي تعيشه بلادنا ..الفاسدون معروفون ويمكن مطاردتهم قانونيا لكن أصحاب الرأي ولو كان مختلفا فلابد من احترامه حتى لو كان أصحابه من النظام القديم لان جميعا جزء من هذا النظام حتى ولو كره من يريدون تغيير الشعب كشرط لنجاح رجال ميدان التحرير. الاعلامى يحاسب على درجة مهنيته وكفاءته وليس أرائه.. والقلقين على وطنهم والمتحدثين عن المحنة التي يمر بها يجب احترامهم أكثر من المنافقين الذين يرون الدنيا وردية وفقط القلة المندسة من فلول الحزب الوطني هي المسئولة عن كل شيء وإحنا أبرياء وزى الفل .. الثورة المضادة المجرمة هي التي تحارب الإنجاز العظيم وهذا جزء من الحقيقة وليس كلها فوجود ثورة مضادة أمر متوقع ولا يمكن إنكاره لكن يمكن إجهاضه بمعنى الثورة المضادة تريد الفوضى والفراغ الأمنى فلماذا نرفض نحن قانون مؤقت لتجريم التظاهر والاعتصامات حتى لو رأينا انه ضد أحدى الحريات المقرة قانونا لكن الضرورات تبيح المحظورات أحيانا.. ولماذا الإصرار من الإعلاميين الثائرين حتى أحيانا بلا مناسبة على مهاجمة الشرطة والدعوات التي لا تتوقف للتنكيل برجالها في الوقت الذي نرى فيه ثوار اليمن الذين تقتلهم الشرطة يوميا يرفعون شعارات الشعب والجيش والأمن أيد واحدة لماذا الإصرار على إقصاء هذه المؤسسة العظيمة من منظومة العمل الوطني ..نعم إعادة ترتيبها من الداخل ضروري لكن رجالها قادرين حاليا على ذلك وليس المطلوب منا إلا الدعم لهم لان يد الشرطة حتى وهى قاسية أحيانا أحن علينا مليون مرة من سنج ومطاوي ورشاشات البلطجية. فلول الحزب الوطني إذا كانت تريد الانهيار الاقتصادي ليزيد شعور الناس بالفقر والحاجة والبطالة فلماذا لم يقم الإعلام الثورجى بالبحث عن خطط لتجاوز كبواتنا الاقتصادية المؤقتة بأذن الله؟ لأنه مشغول بمطاردة الفساد وسرد قصصه المسلية التي أعطت العالم صورة مخيفة عنا كعصابة كبيرة أخذت عن طريق الخطأ شكل الدولة مما زاد من الآثار الاقتصادية سوءا وكان الأجدى أن نتابع قضايا الفساد بشكل اهدأ ونهتم أكثر بالبحث عن وسائل رقابية وقانونية للوقاية من تكراره مستقبلا ..الإعلام الآن لا يشغله إلا الماضي وما كان وقصص رجال النظام السابق تغريه أكثر من الاجتهاد في رسم صورة مستقبل أفضل ومن يتحدث في غير هذا الاتجاه يخشى على نفسه حاليا من الإقصاء وفقا لأوامر رئيس الوزراء مما يجعلني مضطرة ومعي الكثيرون لان نهتف مثلما كان يهتف عادل إمام في فيلم (أحنا بتوع الأتوبيس) عندما كان يقول إحنا بتوع الأتوبيس يا أخوانا لكننا سنقول أحنا بتوع الاستقرار يا أخوانا.. نحن الفئة الضالة في الإعلام الآن التي يؤرقها حال الوطن وتحلم بتحقيق أهداف شبابه النبيلة بدون نفاق مبالغ فيه لميدان التحرير أو تحول مخزي معه مثلما فعل الكثيرون ممن لم يحترموا اللحظة الفارقة تاريخية وصناعها فأرادوا الانقضاض عليها ..فهل سيكون لنا مكان على الساحة أم سنقصى لأننا لا نعرف إذا كنا من الأعداء أو الأصدقاء .. ولا حول ولا قوة إلا بالله. الهام رحيم