اليوم تحركت الأغلبية الصامتة من أجل التصويت على التعديلات الدستورية ، ولأول مرة يخرج البسطاء من أجل التعبير عن رأيهم فى هذا القرار المصيرى .. وفى مناطق الهرم وفيصل وبولاق وإمبابة امتدت الطوابير أمام لجان الاستفتاء لمسافة تصل إلى ما يقرب من نصف كيلو متر ، حيث تم تخصيص طابور لكبار السن وآخر للشباب وثالث للسيدات وقد امتدت الطوابير بشكل مدهش لتصل إلى أعماق الحوارى والأزقة المحيطة باللجان هذا وقد شاركت اللجان الشعبية والمساجد فى شحن وتوعية الناس بأهمية التصويت .. أما الاستفتاء فقد تم بلا أى مشكلات وبمنتهى البساطة حيث يدخل المواطن ويسجل اسمه ورقمه القومى أمام الموظف المختص ثم يحصل على بطاقة التصويت ليقول نعم أو لا ثم يضع أحد أصبعه فى قارورة حبر كعلامة لضمان عدم عودته للتصويت مرة أخرى وهو إجراء بسيط وتقليدى ولفت نظر ودهشة واستغراب الكثيرين من المواطنين الذين تشككوا فى إمكانية أن يصوت المواطن مرتين ، ولكنهم قالوا ان المواطن الآن أصبح أكثر وعيا وقلبه على البلد وهو ما دعاه للحضور والوقوف 3 ساعات فى الطابور من أجل ان يدلى بصوته.. أيضا حذر بعض أفراد اللجان الشعبية المتواجدين أمام بعض اللجان من أهمية التأكد من أن البطاقة مختومة وإلا أصبح الصوت لاغيا .. وقد قام أفراد من الجيش بتأمين اللجان فى حين تحرك المواطنين بحرية داخل اللجان بدون اعتراض أو تقييد من احد على الإطلاق . ## وكانت أكثر القوى تنظيما فى الاستفتاء هم الإخوان والسلفيون الذين حرصوا على المجىء إلى اللجان منذ الصياح الباكر فكانوا أول من أدلوا بأصواتهم خاصة فى اللجنة التابعة لمدرسة الفريق عزيز المصرى ، حيث يقول أحمد عبد المجيد عيسى من شباب الإخوان أنهم اتفقوا على الحضور مبكرا هم وجميع أفراد اسرهم من أجل التصويت ، وذكر أنهم قاموا بتعليق عدد من المنشورات على جدران البيوت والمحلات من أجل إقناع الناس بوجهة نظرهم كما ساهم بعض شيوخ الزوايا والمساجد الصغيرة فى محاولة إقناع الناس بالتصويت لما فى ذلك من أهمية لضمان عودة الاستقرار سريعا للبلد ، وقد تم بالفعل إقناع الكثير من البسطاء وخاصة من كبار السن بهذه الرؤية . وأمام اللجان التى تواجدنا بها عبر الجميع عن سعادتهم بالمشاركة لأول مرة فى حياتهم وقد احتفظ كل واحد برأيه لنفسه فمن جاء ليقول نعم ومن جاء ليقول لا جميعهم حضروا من أجل مصلحة البلد التى يراها كل واحد منهم حسب اعتقاده فمن أمام لجنة مدرسة السادات بشارع الهرم حضر عم محمد محمود البالغ من العمر 50 عاما هو وأسرته من أجل المشاركة حيث قال لنا : العدل أساس الانتماء وطالما إحنا كمواطنين عندنا شعور بأن صوتنا سيصل وسيؤثر على مصيرالبلد فأكيد سنشارك وهذه أول مرة فى حياتى أشارك فى استفتاء او انتخابات لكنى حضرت اليوم وأنا مش خايف من أمن الدولة وكمان عندى إحساس إن البلد عايزة صوتى وكمان صوتى أكيد الحكومة ستحترمه ومن هنا حضرت وأكيد سأشارك من هنا واريح أنا وأولادى. ## أما محمود حسين 44 سنة والذى يعمل فرانا ً فى الطالبية فقد قرر ان يخرج هو الآخر عن صمته لأول مرة فى حياته حيث قال لنا ببساطة .. أنا معايا دبلوم تجارة دفعة قديمة وبصراحة عمرى ما كنت مهتم بالبلد وكنت مغرم بالكورة وفاكرها هى الوطنية لكن بعد الثورة لاقيت الناس كلها بتتحرك فتحركت معاهم وأنا حضرت عشان أقول لأ من أجل دستور جديد وأنا كونت رأيى من التلفزيون ومن الجوامع والناس كلها بتتكلم .. لكن زمان كان مستحيل نشارك علشان الخوف وعلشان كل واحد كان بيقول نفسى وبعدها الطوفان لكن دلوقتى الموضوع تغير وأنا مواطن مصرى لى حق وعلى واجب لازم أقدمه علشان العالم بره يعرف إن قلبنا على البلد وإننا شعب متحضر . أما محمود عبد الونيس مدرس بإدارة الهرم التعليمية فيقول : هذا العدد الضخم الموجود الآن فى اللجان يؤكد أننا مش سلبيين وأننا جميعا سعداء لأن صوتنا سيصل . ## وقد تم التصويت اليوم فى أربع مدارس فى دائرة قسم شرطة العمرانية وهذه المدارس هى مدرسة الخلفاء الراشدين ومدرسة السادات الإبتدائية ومدرسة الشهيد عبد المنعم رياض ومدرسة عثمان ابن عفان ومدرسة الدكتور احمد زويل ومن قسم شرطة الهرم مدرسة رمسيس الابتدائية ومدرسة مبارك التجارية ومدرسة نزلة السمان الابتدائية ومدرسة الحلمية الاعدادية ومدرسة نزلة السيسى الابتدائية ومدرسة كفر الجبل الابتدائية والمركز الصحى بكفر الجبل ومن قسم شرطة الطالبية مدرسة الفريق عزيز المصرى ومدرسة يوسف جاد الله ومدرسة طلعت حرب بالكنيسة .. وقد سعى الإخوان للترويح لوجهة نظرهم بنشر مزايا التصويت بنعم على واجهةالمحلات فى منطقة الهرم والطالبية من خلال منشور يقول "نعم للتعديلات الدستورية من أجل مصر بهدف نقل السلطة إلى مؤسسات مدنية حديثة سريعا لإنهاء حالة الفوضى والارتباك وفتح باب الترشيح أمام أكبر عدد ممكن من المواطنين الشرفاء لمنصب رئيس الجمهورية ووداعا لحالة الفوضى والطوارىء وقوانين الارهاب التى يساء استعمالها من السلطة ضد المواطنين والتمهيد لدستور جديد يوافق عليه جميع فئات الشعب فى مناخ مستقر". وفى منطقة بولاق كان الإقبال كبيرا أيضاً وقد لفت نظرنا ان هناك انقسام بين كبار السن والشباب فالفئة الأولى رضيت بالمقسوم وقالت نعم أما الشباب خاصة الذين سألناهم فقد أكدوا لنا انهم اتفقوا على الفيس بوك على رفض التعديلات .. كبار السن يرون ان العجلة لازم تمشى والدنيا لم تخلق فى يوم وأنه لم يكن يتصور احد ان يسقط هذا النظام . وفى منطقة إمبابة فقد كان التواجد والحضور السلفى قويا منذ بداية اليوم وقد أجمعوا على قبول الالتعديلات ولذلك حشدوا زوجاتهم من المنتقبات وأولادهم للمشاركة حيث يقول على صابر 33 سنة أحد السلفيين : من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم والمشاركة فى الاستفتاء فرض عين وواجب على كل مسلم أن يخرج من "حظيرة الصمت " من أجل الأمة ونحن قلنا نعم حتى يعود الاستقرار ونتريث قليلاً إلى أن يقضى الله أمرا كان مفعولا ونعمل دستور جديد. الملاحظة المدهشة بأن الجميع كانوا سعداء باليوم بدرجة كبيرة بل وأنهم كانوا على درجة كبيرة أيضا من الوعى بأهمية المشاركة والخروج من حالة السلبية التى عاشوا فيها طويلا كما أننا لاحظنا أن " نعم = لا " والنتيجة هى مصلحة البلد فى الحالتين.