وانتهت انتخابات مجلس الشعب 2010 بحمد الله الذي لا يحمد علي مكروه سواه وفاز من فاز ورسب من رسب وطبعا أقسم الفائزون بالله العظيم من جميع الأحزاب أنها كانت انتخابات شريفة وعفيفة ونزيهة بينما أقسم الراسبون بالطلاق ومنهم مرشحون عن الحزب الوطني الفائز بالأغلبية أنها كانت نموذجا للتزوير والبلطجة والتسويد .. وسقطت رموز برلمانية بكل تاريخها في حين فازت بمقاعد الحصانة البرلمانية وسوف تكشف إحصائيات وأرقام نتائج هذه الانتخابات البرلمانية عن معجزات تاريخية منها أن ثلث الوزراء في الحكومة أصبحوا أعضاء بالبرلمان ليجمعوا الحسنيين معا .. السلطة التنفيذية والتشريعية ومنها أن اللواءات تحولوا بقدرة قادر مقتدر إلي فلاحين ومنها أن مرشحة علي ما يعرف باسم مقاعد كوتة المرأة نجحت بأكثر من 650 ألف صوت وهو رقم مهول في عالم الانتخابات خاصة وأن صاحبة هذا الرقم القياسي تخوض الانتخابات لأول مرة في حياتها في حين نجح مرشح آخر بأقل من 3000 صوت وأصبح الاثنان الحاصلة علي أكثر من نصف مليون صوت والحاصل علي 3000 صوت عضوين متساويين في البرلمان , ومن فوائد هذه الانتخابات أن المواطن المصري تعرف علي أسماء أحزاب سياسية مجهولة لم يتردد اسمها من قبل فإذا بكل حزب منها يحظي بمقعد برلماني واحد فيما بدا وكأن حزب الأغلبية يتصدق بهذه المقاعد منعا للحسد والغل من الأحزاب الأخري . علي أي حال انتهت الانتخابات التي تراوحت نسبة المشاركة فيها وفقا للبيانات الرسمية بين 35% في الجولة الأولي و 27% في الجولة الثانية ممن لهم حق الانتخاب وإن كان البعض يري في هذه الأرقام مبالغة كبيرة ومع ذلك نتمني أن تجري مراجعة لتصنيف هؤلاء الذين شاركوا بأصواتهم في العملية الانتخابية .. نريد أن نعرف تحديدا كم بلغ عدد الشباب الذين حرصوا علي ممارسة حقهم بل واجبهم الدستوري في اختيار السادة نواب البرلمان القادم حتي لا نفاجأ مرة أخري بنواب القروض والقمار وسميحة وأخواتها .. وإذا عرفنا أن الجداول الانتخابية في مصر تضم 15 مليونا من الشباب الذين تقل أعمارهم عن ثلاثين عاما لأدركنا أن هذا الرقم لو شارك بجد في أي انتخابات يستطيع أن يحقق ما يريد من نتائج .. ولكن للأسف فإن المؤشرات المعلنة حتي الآن تقول إن مشاركة الشباب كانت أقل مما هو متوقع أو واجب !! ورغم ذلك فإنه من الإنصاف ألا نسارع في اتهام الشباب بالسلبية لأننا نحن الذين نغرس في نفوس الشباب بصفة عامة هذه السلبية بدءا من الأسرة التي تحذرهم من التورط في أي عمل سياسي وانتهاء بممارسة دورهم الانتخابي في الجامعات ومع اقتناع كل واحد منهم بأن صوته لا قيمة له وأن النتائج معروفة سلفا ولا يجب أن نتوقع أن يتحول الشباب من السلبية إلي الايجابية لمجرد قيام الأجهزة بسلسلة من حملات التوعية المكثفة قبل كل انتخابات بأيام أو أسابيع .. فالعملية تحتاج إلي سنوات متصلة لكي يكون لدينا يوما شباب يدرك أن ممارسته حقه الدستوري في اختيار أعضاء البرلمان ضرورة يحرص عليها ولا يحتاج لمن يناشده ويوعيه قبل الانتخابات فقط . وبمناسبة الانتخابات البرلمانية وفي غيرها من الانتخابات أتوقف بكثير من الدهشة وعدم الفهم أمام ما يجري فيها سواء في انتخابات مجالس إدارات الأندية أو النقابات وحتي بالبرلمان .. وأتمني أن أجد من يتكرم مشكورا بإقناعي بأن المرشح لأي مقعد من هذه المقاعد لا يبغي ولا يسعي لأي شيء مهما يكن سوي أن يكون في خدمة الناخبين وهو في سبيل أن يكون خادما للشعب ينفق عشرات الآلاف بل وملايين الجنيهات وقبلها - وهو الأهم - يتحمل البهدلة والمرمطة والاتهامات التي تمس شرفه وذمته المالية والاجتماعية وتنتهك أسراره وأسرار أسرته بل وقد يتم اختطافه كما جري في انتخابات مجلس الشعب وهو يتحمل كل ذلك من أجل عيون المواطن بل إن المرشح مستعد في معركته الانتخابية - من أجل خدمة المواطن - لاستئجار البلطجية وإطلاق الأعيرة النارية , والوزير مستعد لأن يرتدي الجلابية ويجلس علي الحصيرة ويرقص بالعصا ويبدي رغبته في تناول نفسين شيشة مع الناخبين ويقسم لهم بقدرته علي أن يوفر لهم لبن العصفور مبسترا ومعقما ومجانا . وما ينفق علي الانتخابات في بلد فقير مثل مصر يدعو لمزيد من الدهشة وببساطة شديدة لو أن المرشحين لعضوية مجلس الشعب التزموا بقرار اللجنة العليا للانتخابات بأن يكون مبلغ 200 ألف جنيه هو الحد الأقصي لما ينفقونه علي الدعاية الانتخابية وبلغ عدد المرشحين خمسة آلاف مرشح فنحن إذن أمام مليار جنيه كحد أدني للدعاية الانتخابية فما بالك وقد تجاوز ما ينفقه المرشح الواحد أكثر من مليون جنيه وكل ذلك حبا وغراما وعشقا لخدمة المواطن وليس سعيا لا سمح الله وراء الحصانة وما تحققه العضوية من مكاسب يسترد بها السيد العضو أضعاف أضعاف ما أنفقه !!