"خرابات" و"فوضى" .. هذا هو أدق وصف لحال شوارع وأحياء وميادين القاهرة اليوم ، كلها بدون أستثناء لأى حى راق أو شعبى ، الكل حالياً عنوانه هو القبح والعشوائية. بالتأكيد ثورة 25 يناير بريئة من هذه الصورة والمسئولان الوحيدان فى الموضوع هما سلوكياتنا التى تحتاج الى ثورة .. والحكومة التى كل قرارتها حبر على ورق . وحتى تحدث ثورة فى سلوكيتنا وتصبح الحكومة صاحبة قرارات فعلية ، قمنا برصد الصورة لعدد من أحياء القاهرة بداية من المناطق العشوائية مرورا بالميادين العامة نهاية بالأحياء الراقية. بدأنا جولتنا من حى دار السلام ، وهو حى غريب جداً فى تخطيطه العمرانى ، فليس له غير مدخلين واحد قادم من المعادى والأخر من مصر القديمة ، يسكن به حسب الإحصائيات المتواجدة برئاسة الحى مايقرب من 2 مليون شخص، ورغم أنه حى قديم إلا أنه لم يكن متواجداً على خريطة التطوير ولم يكن به أى نوع من أنواع الخدمات إلا مؤخرا ‘ هذا الحى عبارة عن شارع كبير ورئيسى يطلق عليه شارع الفيوم متفرع منه شوارع جانبية ، تخيل أن هذا الشارع الرئيسى الذى يبدأ من أول كوبرى دار السلام وينتهى عند مدخل المعادى عبارة عن جبال من القمامة لدرجة أن الشارع رغم إتساعه وأن الحارة الواحدة تسمح بمرور سيارتين إلا أن القمامة ألتهمت نهر الطريق ولم يعد هناك متسع حتى لسيارة واحدة، هذه ليست مشكلة دار السلام الوحيدة كما يقول لنا رامى حسام 28 سنة محاسب " طبعا القمامة هى مشكلة دار السلام الرئيسية ورغم أن الحكومة عليها مسئولية فى أنها تركت الوضع يصل الى هذا الشكل السئ وأن تدفن المنطقة تحت مرتفعات "الزبالة" لكن نحن أهل المنطقة علينا مسئولية ، فنحن من نرمى بهذه القمامة فى الشارع ونشاهد من يلقى بها ولا نحاول حتى نصيحته بكلمة " . وقبل مغادرتنا لدار السلام تحدث معنا الحاج على عبد النبى 62 سنة وقال : أنا ولدت فى هذه المنطقة وشاهدتها وهى كلها أرض خضراء الى أن أكل الزحف العمرانى كل مساحة خضراء بها ، لتتحول من منطقة هادئة أكبر بيت فيها أربع طوابق الى أبراج سكنية مشيدة بمنتهى القبح متلاصقة كلها ببعضها ليزيد عدد سكانها بشكل كبير ليطلق علينا الصين الشعبية وكل هذا دون حد أدنى من الخدمات حتى أصبحنا نتننفس رائحة القمامة، وعندى أمل أن ينظر الى دار السلام أى أحد من المسئولين ، وأن يزورها كل مرشحي الرئاسة كما فعل السيد عمرو موسى فى رمضان الماضى. ## ومن دار السلام إلى جارتها المعادى والتى كان يطلق عليها الحى الهادئ ، وطبعأً هذا الوصف الذى لم يعد له وجود ، ويمكن أن تستبدله ب " المعادى حى التكاتك " بعد أن تشاهد شوارعه التى كانت مثالاً للإنضباط المرورى بعدما احتلتها التكاتك والتى أصبحت وسيلة المواصلات الرئيسية بين المعادى والبساتين، هذا طبعا بخلاف الباعة الجائلين الذين أفترشوا أرصفة الشوارع الرئيسية مثل شارع 9 وشارع النصر وتكوين عدد من المواقف العشوائية للميكروباصات بالميادين الرئيسية مثل الحرية و اللإسلكى . وإذا أردت أن تشاهد صورة مماثلة للعشوائيات وغياب الأمن والنظام دون أن تذهب للمعادى أو دار السلام فيمكن أن تأخذ جولة فى شوارع وسط البلد فالوضع هناك لا يختلف كثيرا بل يمكن أن يكون أكثر سوء، فا للوهلة الأولى يمكن أن تظن أنك لست بشوارع وسط البلد بل أنك بحى الموسكى أو العتبة من كثرة الباعة الجائلين الذين يبيعون كل شئ على أرصفة شارع طلعت حرب وقصر النيل و26 يوليو، فيقول محمود عبد القادر 35 سنة يعمل فى إحدى محلات وسط البلد.. أنا أعمل بمحلات وسط البلد منذ 15 سنة لم أجدها بهذا القبح إلا فى هذه الأيام فمرة واحدة أحتل الباعة الجائلون الأرصفة حتى أن بعضهم ليس لديه مكان على الرصيف فقرر أن يحتل جزء من الشارع ، والوضع هنا يزداد سوء بعد الثامنة مساء فالرصيف وجزء من الشارع لم يعد ملكاً وحق لغير هؤلاء الباعة، والجزء المتبق من الشارع حق للسيارت الواقفة فى الممنوع، كل هذا يتم تحت مرأى ومسمع شرطة المرافق ورجال المرور ولكن بدون أن يتحركوا ، وقد حاول أصحاب المحلات طرد هؤلاء الباعة لكن للأسف أصبحوا عصابة ومافيا ، وإذا ظل الوضع يعامل بهذا الإهمال والتجاهل من قبل الحكومة فلن تستطيع الحكومة نفسها أن تجبرهم على الرحيل. ## اما مصر الجديدة فكانت تتميز بمبانيها القديمة و طرازها المعمارى البلجيكى الفريد فى شكله والتى كنت تحب أن تسير بشوارعها ليلا، وقد أصبحت أبشع مما تتخيل أو تتصور ، هكذا وصفها لنا عمر ياسين 23 سنة من سكان منطقة الكوربة فيقول : الكوربة الأن تستطيع أن تطلق عليها حى المقاهى فلا يوجد شارع خال من مقهى ، وكل صاحب مقهى يتخيل أن الشارع ملكا خاص له ، فتجد مساحة المقهى لاتزيد عن 4 متر × 4 متر ولكنه أحتل الرصيف بطوله وعرضه ، والوضع ليس مقتصر على المقاهى فقط بل المطاعم تفعل نفس الشيء . أما منطقة روكسى بمصر الجديدة فالحال ليس أفضل بكثير فيها من الكوربة فبعد أن كانت محلات هذا الحى تدل على الرقى والنظافة أصبح مثال للمشاجرات التى تصل فى كثير من الأحيان الى أستخدام السلاح الأبيض فيها.. وهذا ما يؤكده أحمد محمود صاحب أحد المحلات بروكسى ، يقول : فى ظل غياب شرطة المرافق وعدم قيامها بمهامها على أكمل وجه أنتشر الباعة الجائلون بكل شبر بروكسى والجميع أنواع البضاعة الشعبية تباع على الأرصفة بداية من أبرة المخيط وحتى الأجهزة الكهربائية ، ومع نهاية اليوم وبعد عناء كبير من أهل المنطقة وأصحاب المحلات من سوء النظام الذى دب بشوارع مصر الجديدة والبلطجة التى تمارس على الاهالى إذا أعترضوا على تواجد أى بائع، تحدث مشاجرة كل يوم بين البائعين تصل الى أستخدام الأسلحة البيضاء .