لم يختلف الفنان المصرى رغم تغير التواريخ والأزمنة واللغات والديانات على مدار 7 آلاف عام ..ودائماً كان يوجد نوع من التواصل ولم يرفض أى جيل ميراث التركة الفنية التى تركها الجيل السابق عليه ..وهذه هى رسالة المعرض الفريد الذى يستضيفه قصر الأمير طاز حالياً تحت عنوان كشف الستار .. ويتناول المعرض الفن القبطى والذى يمثل مرحلة هامة ووسطى بين الفن الفرعونى والفن الإسلامى وهى مرحلة لم تحظى باهتمام كافٍ . هذا المعرض يقدم كنوزاً خرجت إلى النور من ظلام مخازن المتحف القبطى كما يقدم أعمالاً فنية نفيسة يشاهدها فقط من يزور المتحف القبطى بمجمع الأديان ، هذا إلى جانب بعض الأعمال الفنية التى قام المعرض باستضافتها من متاحف أخرى مثل المتحف القومى للحضارة المصرية ومتحفى بنى سويف والعريش ومتحف الفن الإسلامى والمتحف اليونانى الرومانى ومكتبة الإسكندرية حيث يقوم المعرض بعرض ما يزيد عن مائتى قطعة من التحف الفنية للفن القبطى وتضم المعروضات تماثيل وقطع رخامية أخذت من بعض الأديرة وقطع من المنسوجات البديعة ومخطوطات قديمة جدا بعضها مكتوب باللغة المصرية القديمة وأوانى فخارية وأدوات معدنية رائعة تخص الحياة اليومية . تقول إلهام صلاح الدين إحدى المشرفات عن المعرض : الحقيقة أن الاهتمام بالآثار الفرعونية طغى على جميع ما تقتنيه مصر من حقب وكنوز أثرية منها الفن القبطى الذى يغطى فترة هامة وكبيرة من تاريخ مصر بدأت مع القرن الأول الميلادى ولكن هذا الفن بتفاصيله ومقتنياته لم يظهر إلا فى القرن الرابع الميلادى ثم اذدهر بعد ذلك وأهم ملاحظة نسجلها هنا هى أن الفنان المصرى فى الحقبة القبطية هو نفسه الفنان المصرى فى العصر الفرعونى وهو نفسه أيضاً الفنان المصرى بعد دخول الإسلام فالرسالة الفنية تقريباً واحدة والأدوات الفنية والألوان والرموز كل ذلك لم يختلف وإنما ما حدث أن هذا الفنان كان يأخذ الرموز السابقة عليه أى التى ظهرت فى فترات ماضية ويقوم بتوظيفها طبقاً لظروفه ومعتقداته الدينية أو الإيمانية أو الروحية الجديدة ، وأبلغ مثل على ذلك هو أن الفنان القبطى بعد دخول الإسلام قام بتصميم الإنجيل بنفس تصميم المصحف الشريف ، وهذا يدل على مدى السماحة الفنية والإيمانية التى يعيش فيها الإنسان المصرى طوال تاريخه ، أيضاً علامة عنخ الشهيرة وهى واحدة من العلامات الفرعونية نجد أن الفنان القبطى استخدمها كرمز للصليب وهكذا هناك رموز كثيرة جداً توارثناها وحافظنا عليها دون أن تتغير مع تغير الحياة أيضاً هناك امتزاج فى اللغة ما بين اللغة القبطية واللغة العربية ومعروف أن اللغة القبطية هى اللغة المصرية القديمة مع الأخذ فى الاعتبار بعض الاختلافات التى حدثت فى شكل وطرق الكتابة حيث أخذت اللغة القبطية من اليونانية سبعة أحرف فقط ومن هنا نحن نقدم فى المعرض بعض الكتابات المصرية القديمة مكتوبة باللغة القبطية ومتبوعة بترجمة عربية وأحياناً كانت تتم كتابة هذه النصوص بحروف عربية مع أن اللغة المكتوبة هى لغة قبطية وذلك لأنه حدث تطور كبير فى مصر خلال ال 400 سنة التى تلت دخول الإسلام مصر حيث ظل المصريون يتكلمون باللغة القبطية فترة إلى أن انتشرت العربية . ويضم المعرض العديد من صور ورسومات القديسين والكثير من الكتب القبطية ومن القديسين صورة القديس الشهير مارجرجس الذى يشتهر اسمه كثيراً فى مصر كما يطلق اسمه على عدد كبير من الكنائس والأماكن أيضاً والصورة الموجودة فى المعرض تعكس صفة الشجاعة والإقدام الذى كان يتميز بها لدرجة أن الناس فى مصر تناقلوا عنه الكثير من الروايات والحكايات الإسطورية منها أسطورة التنين الذى قتله لينقذ إحدى المدن الذى كان يعيش فيها من شر هذا الكائن ! هذا المعرض يتم برعاية وزارة الثقافة والمجلس الأعلى للآثار ويعد أول معرض قبطى يتم تنظيمه بمصر بمناسبة مرور مائة عام على إنشاء المتحف القبطى ويحظى حالياً باقبال غير عادى من السائحين والزوار والمهتمين بتاريخ مصر على مر العصور ومن المقرر أن يستمر المعرض حتى نهاية شهر يناير القادم .