قال الدكتور شوقي علام - مفتي الجمهورية - في حوار أجرته معه وكالة الأنباء العالمية "رويترز" ، وفق بيان اعلنت الافتاء المصرية اليوم ، أن المؤسسة الدينية في مصر لا تسعى للوصاية على السلطة أو الشعب ولكن تريد الاحتكام إلى الشرع الشريف بتفعيل منظومة القيم الأخلاقية الإسلامية بغض النظر عمن يطبقها، شريطة أن يكون كفأً في إدارة شئون الدولة وفق الدستور المصري 2014 الذي أقره الشعب المصري. وحول خطورة انتشار الفكر التكفيري والمتطرف وكيفية مواجهته أكد مفتي الجمهورية أنه يرى أن الأمن الفكري جزء كبير من تحقيق الاستقرار في المجتمع، وهو لن يتأتى إلا عن طريق القضاء على الإرهاب والتطرف. وأشار إلى أن الإسلام دين يسر وسماحة، وهناك الكثير من الآيات التي تؤكد أن الدين يسر، يقول تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)، وكذلك في السنة المطهرة يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "يسروا ولا تعسروا"، وهذه المنظومة القيمية ودلالاتها تؤكد أن الإسلام لا يمكن أن يكون إلا في منطقة وسط لا يميل إلى التشدد ولا يرغب فيه بل ينهى عنه، وفي المقابل لا يرضى عن التفلت من الأحكام الدينية والقيم الأخلاقية. وشدد المفتي في حواره ل "رويترز" على أن دار الإفتاء المصرية منذ القدم وهي تحارب التشدد وتسعى إلى مواجهته بالفكر، وليس أدل على ذلك من فتاوى دار الإفتاء التي صدرت عبر تاريخها، مؤكدا أن الدار أنشأت مرصدًا لرصد الفتاوى المتشددة والتكفيرية والرد عليها بمنهجية علمية منضبطة عن طريق متابعة مختلف وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي على مدار 24 ساعة ثم إحالتها إلى لجان شرعية للرد عليها وتفكيك ما فيها من أفكار متطرفة وبيان الحكم الصحيح فيها. وجدد مفتي الجمهورية خلال الحوار تأكيده على ضرورة احترام مبدأ سيادة القانون وأحكام القضاء وعدم التعليق عليها حتى لا يحدث بلبلة في المجتمع، مشيرًا إلى أن القانون المصري يعطي العديد من الضمانات للمتهم خلال مراحل التقاضي المختلفة خاصة في قضايا الإعدام، ويقرر في قاعدة كبيرة أن الشك يفسر لصالح المتهم، وهو ما لا يوجد في كثير من قوانين الدول الغربية. وأوضح فضيلة المفتي أن المحكمة عندما ترى أن الذي أمامها بعد محاكمته والتحقيق معه يستحق الإعدام فإنها تحيل أوراق القضية إلى مفتي الجمهورية لاستبيان رأيه الشرعي والذي بدوره يرسل إليها مذكرة بالرأي الشرعي بعد دراسة أوراق القضية دراسة متأنية ودقيقة، على الرغم من أن رأي المفتي استشاري وليس ملزمًا، وهو ما يعد ضمانة للمتهم، فإذا حكمت المحكمة على المتهم بالإعدام فإنه يحق له الطعن على الحكم ليتم إعادة محاكمته أمام دائرة جديدة وقاض آخر وهذا بمثابة ضمانة أخرى للمتهم، فإذا رأت االدائرة الجديدة الحكم بالإعدام فإنها تعيد أوراق القضية مرة أخرى إلى المفتي والذي يرد بدوره بمذكرة فيها بيان الحكم الشرعي على ما عرض عليه من أوراق للقضية، ولا يتم تنفيذ حكم الإعدام في النهاية إلا بعد تصديق رئيس الجمهورية على الحكم. وحول كثرة أحكام الإعدام التي صدرت في الفترة الأخيرة قال مفتي الجمهورية أنه ينبغي النظر إلى الجرم الذي تم ارتكابه وهو جريمة القتل قبل النظر إلى العقوبة، لافتًا إلى أنه إذا نظرنا إلى أن هناك نفساً قد قتلت بغير حق وثبت ذلك على الجاني فنجد أن القصاص عقوبة مناسبة، ولو كان القاتل جماعة من الناس وليس فرداً واحداً، فكثرة قضايا القتل التي يغيب عنها القصاص هي السبب في تكرار هذا الجرم. واستشهد فضيلة المفتي بما فعله الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما أقام القصاص على مجموعة من الرجال قتلوا غلامًا من أهل صنعاء، ولما عوتب في ذلك قال: " والله لو تمالأ أهل صنعاء عليه جميعا لقتلتهم به". وعن تنظيم داعش الإرهابي وتسميته ب "الدولة الإسلامية" شدد مفتي الجمهورية على أنه لا يجوز أن يطلق على مثل هذه التنظيمات الإرهابية الدموية صفة "الدولة الإسلامية" لأن الإسلام بريء من أفعالهم، ولأن في هذا تدليساً على الناس وإيهاماً لهم أن أفعالهم هذه من الإسلام، والمسلمون جميعًا يستنكرون أفعال "داعش" وغيرها من التنظيمات الإرهابية التي تدمر البلاد والعباد. ودعا المفتي إلى التعاون الدولي على كافة المستويات من أجل مكافحة الإرهاب، والذي يبدأ بالتعاون الفكري والثقافي لأن هذه الجماعات نشأت في بيئات غير مستقرة فكريًا واجتماعيًا، والدليل على ذلك أن مصر بفضل الأزهر الشريف بتاريخه المجيد الذي يزيد على 1000 سنة لم نشهد فيها الفكر المتشدد إلا في بدايات القرن العشرين بعد ظهور بعض الجماعات المتشددة والتي بدأت في تغيير الفكر وكانت بعيدة عن المنهج الأزهري الذي حاربها طوال هذه السنوات الماضية ولا زال يحاربها إلى الآن. وأكد أنه لا يجوز تحت زريعة الإرهاب التدخل في شأن الدولة وإهدار مبدأ سيادة الدول، فغالب هذه الحركات الإرهاب هي من فعل من يريدون التدخل في شأن المنطقة العربية ومن صنيعتهم. وفي ختام الحوار وجه مفتي الجمهورية رسالة إلى المسلمين في الغرب حثهم فيها على الاندماج في مجتمعهم مع الحفاظ على الثوابت الدينية، وألا يحدثوا استقلالية يخالفوا بها النظام المجتمعي ويزعزعوا بها المجتمعات هناك لكي نعمر الحضارة الإنسانية. كما وجه رسالة إلى الإعلام الغربي أكد فيها على ضرورة تصحيح المصطلحات التي يستخدمونها عند التحدث عن الجماعات الإرهابية مثل "داعش" وغيرها، والتوقف عن وصفها بالإسلامية، وأن يكونوا أكثر حرصًا في ذلك، وكذلك نبذ أفكارهم وتوخي الدقة عند نقل الأخبار، وأن يركزوا على أهل الاختصاص عند الحديث في موضوع معين فلا يستضيفوا من يتحدث في الدين من غير المتخصصين فيثيرون بذلك الفتن والفوضى وينشرون التطرف والإرهاب. وقد تبنت العديد من وسائل الإعلام والصحف الغربية الحملة الدولية التي أطلقتها دار الإفتاء المصرية أمس، والتي تتواصل فيها مع وسائل الإعلام الأجنبية والشعوب الغربية لعدم استخدام عبارة "الدولة الإسلامية" أو Islamic State in Iraq and Syria “ISIS” عند الحديث عن التنظيم الإرهابي. وقالت دار الافتاء المصرية في بيانها:" لقد ذكرت وسائل الإعلام الغربية وعلى رأسها صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، وشبكة "فوكس نيوز" الأمريكية، و"هيرالد تريبيون" الأمريكية، وقناة إيه بي سي نيوز الإخبارية التابعة لشركة الإذاعة الأمريكية، وصحيفة "ديلي ميل" البريطانية ووكالة الأنباء الفرنسية والهفنجتون بوست البريطانية والأخبار اليابانية وغيرهم، أن دار الإفتاء المصرية أكدت أن ما يطلق عليه الغرب "الدولة الإسلامية" لا علاقة له بالإسلام من قريب أو بعيد. وأشارت وسائل الإعلام الغربية إلى أن حملة دار الإفتاء قد اقترحت استبدال تسمية هذا التنظيم الإرهابي باسم "دولة المنشقين عن القاعدة في العراق والشام" أو Al-Qa'ida Separatists in Iraq and Syria أو “QSIS”. وأشادت الصحف الغربية بتدشين دار الإفتاء صفحة لحملتها العالمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" بعنوان: Call it Qa'ida Separatists not Islamic State، تؤكد فيها استنكار المسلمين جميعًا لهذه الممارسات الدموية المتطرفة التي تتنافى مع مبادئ الإنسانية التي دعا إليها الإسلام، وتصحح الصورة التي تم تشويهها للإسلام في بلاد الغرب بسبب الإرهابيين الذين يشكلون خطرًا على الإسلام. ونقلت وسائل الإعلام الغربية دعوة دار الإفتاء المصرية للمسلمين جميعًا في مختلف بلدان العالم بشجب هذه الممارسات الإرهابية بكافة الوسائل الممكنة واستخدام المالتي ميديا، عن طريق تسجيل فيديو في دقائق معدوده بلغات مختلفة خاصة باللغة الإنجليزية، أو تصوير صورة يؤكدوا فيها رفضهم لتلك الممارسات حتى يظهر للغرب الوجه الحقيقي للإسلام والمسلمين. رابط صفحة الحملة على موقع "فيس بوك": Call it Qa'ida Separatists not Islamic State https://www.facebook.com/pages/Call-it-Qaida-Separatists-not-Islamic-State/831294716890925 وفيما يلي روابط بعض وسائل الإعلام الغربية التي تحدثت عن الحملة: سي إن إن بالعربية http://arabic.cnn.com/middleeast/2014/08/25/egypt-mufti-isis واشنطن بوست: http://www.washingtonpost.com/world/middle_east/islamic-authority-extremists-no-islamic-state/2014/08/24/6712a154-2b89-11e4-be9e-60cc44c01e7f_story.html هيرالد تريبيون: http://www.heraldtribune.com/article/20140824/API/308249897 شبكة فوكس نيوز: http://www.foxnews.com/world/2014/08/24/egypt-top-islamic-authority-revered-worldwide-says-extremist-group-not-islamic/ ديلي ميل: http://www.dailymail.co.uk/wires/ap/article-2733086/Islamic-authority-Extremists-no-Islamic-State.html ايه بي سي نيو: http://abcnews.go.com/International/wireStory/islamic-authority-extremists-islamic-state-25101367 يو اس نيوز: http://www.usnews.com/news/world/articles/2014/08/24/islamic-authority-extremists-no-islamic-state يو إس توداي http://www.usatoday.com/story/news/world/2014/08/24/islamic-authority-extremists-no-islamic-state/14527059/ الواشنطن تايمز الأمريكية http://www.washingtontimes.com/news/2014/aug/24/islamic-authority-extremists-no-islamic-state/ Key cleric says extremists should not call themselves ‘Islamic State' http://www.japantimes.co.jp/news/2014/08/25/world/key-cleric-says-extremists-call-islamic-state/ Islamic authority: Extremists no 'Islamic State' http://www.huffingtonpost.com/huff-wires/20140824/ml-egypt-islamic-state/?utm_hp_ref=world&ir=w