بالأمس كان عيد الحب ومعه ثارت ذكريات تطالبني بشيء واحد " اقتلوا نزار - اقتلوا نزار"، اقتلوه فما عدت احتمله، وامحوا كل ما قاله فهو لا يعدو أن يكون إلا تخاريف، اقتلوه حتى لو كان قد مات فمثله يستحق الموت مئات المرات. اقتلوا أفكاره الافك وأشعاره التي لا يتبعها إلا الغاوون!! لا أخفي عليكم فأنا نزاري الهوى، أعتبر أن قصائد نزار قباني هي دستور الحب، إليه أعود لأعرف المسموح والممنوع، ومنها اعرف التصرف السليم، مصدقه في قوله " أني كاهن الأشواق، والناطق الرسمي عن خمسين ملونا من العشاق، على يدي ينام أهل الحب والحنين، فمرة أجعلهم حمائما، ومرة أجعلهم أشجار ياسمين". ولكني اليوم أعلن تمردي عليه وعلى ماسقانا من ضعف، نزار الثائر في السياسة كان ضعيفا ممحيا تماما في الحب، مهما فعلت به حبيبته يعود لها، في قصيدة "أيظن" ، فبينما يبدأ قصيدته بقوله "أيظن أني لعبة بيديه، أنا لا أفكر في الرجوع إليه " وأفرح أنا وأقول أخيرا جاء الفرج، أجده يختم القصيدة قائلا " ونسيت حقدي كله في لحظة، من قال أني قد حقدت عليه؟.. كم قلت أني غير عائدة له، ورجعت.. ما أحلى الرجوع إليه"!! أبحث في الدستور فأجد قصيدة " ماذا أقول له ؟" في بدايتها يطرح تساؤل "ماذا أقول له لو جاء يسألني.. إن كنت أكرهه أو كنت أهواه؟" سؤال بريء، نكمل في القصيدة والأسئلة مازالت عمياء تثور " كيف أسمح أن يدنو بمقعده؟، هل أصدق بعد الهجر دعواه؟؟، كيف نبكي على كأس كسرناه؟" ثم أجده يهبها البصر بما يضايقني فيقول في ختام القصيدة " ماذا أقول له لو جاء يسألني إن كنت أهواه.. إني ألف أهواه"! لا أخفي عليكم انني في هذه المرحلة بدأت التذمر، ولكن في نفس اللحظة لمع في ذهني أن هذه القصائد بلسان امرأة، يمكن هو يجسد فيها بمخيلته كشاعر احساس المراة، وانا مالي، لأبحث عن أخرى يتحدث فيها عن الرجال. انظروا معي.. في محاولات لقتل امرأه لا تقتل يقول " وعدتك أن لا أحبك" زي الفل وبعدين؟؟ " ثم أمام القرار الكبير جبنت"، أكمل مع القصيدة وأنا أمنى نفسي بتغير موقفه فأجده يقول " وعدت بذبحك خمسين مرة" لابد وأنها تستحق الذبح على ذنب اقترفته، عاوزين دم بقى!! فأجده يقول " وحين رأيت الدماء تغطي ثيابي تأكدت بأني الذي قد ذبحت".. أنت تذبحني يا نزار ولابد لي من ذبحك حتى أستريح! المشكلة لم تنتهي مع نزار بعد، فمهما فعلت حبيبتك عليك ان تصبر وتحتمل، هكذا يقول دستور نزار، فحتى لو كان الوصول لحبيبتك مستحيل ومحاولة الوصول لها تجعلك "مفقود.. مفقود" كما تقول قارئة الفنجان، فعليك أن تصبر وتغامر لأنه "قد مات شهيدا من مات على دين المحبوب"، ومهما كان "الحب مستحيلا" وأن الوصول لحبيبتك " انتحار" عليك أن تؤمن بأنه " لا غالب إلا الحب" هكذا قال نزار. ولكن المشكلة أنه الأستاذ، هو من قال " الحب ليس رواية شرقية بختامها تتزوج الأبطال، ولكنه الابحار دون سفينة وشعورنا أن الوصول محال" إلى آخر قصيدة "قل لي ولو كذبا" والتي أفسدها كاظم عندما غناها، أتذكر أول مرة قرأت فيها القصيدة - من سنين - أنها أصابتني بلوثة من الجنون، لم مصدق إنه لخص كل الحب في سطور مدمجة، أتذكر أنني يومها احترت في الدعاء له والدعاء عليه من فرط اعجابي بها. أتذكر أيضا ابياته التي لو استمعنا لها لغيرتنا كثيرا "شئون صغيرة تمر بها دون التفات، تساوي لدي حياتي، حميع حياتي، حوادث قد لا تثير اهتمامك، أعمر منها قصور، وأحيا عليها شهور وأغزل منها حكايا كثيرة، وألف سماء، وألف جزيرة" وهو من لخص ما لا يحويه الصدر حين قال " أكثرُ ما يعذّبني في حُبِّكِ.. أنني لا أستطيع أن أحبّكِ أكثرْ.. وأكثرُ ما يضايقني في حواسّي الخمسْ.. أنها بقيتْ خمساً.. لا أكثَرْ" الحقيقة، ورغم كل شيء أنني مازلت نزاري، ولو خيروني لاخترت أن أكون نزاريا للمرة الثانية، ألم أقل لكم من البداية أني نزاري وهذا طبع النزاريين مع من يحبونهم..