كان المشهد اليوم داخل المسجد الملحق به الضريح الخاص للزعيم جمال عبد الناصر غريبا وموحيا.. ففى الذكرى الأربعين لوفاة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تجمع المئات من المواطنين صباح اليوم امام مسجد عبد الناصر فى كوبرى القبة. تصوير: محمود شعبان منذ الصباح الباكر كان المشهد يوحى بحالة مختلفة وغريبة .. فمنذ الساعة الثامنة صباحا بدأت القنوات الفضائية فى التواجد وبدأ توافد المواطنين من مختلف الأعمار امام مسجد الزعيم الراحل فى كوبرى القبة وحاول البعض الدخول الى داخل الضريح ولكن منعه الأمن وحاولنا نحن ايضا الدخول ولكن تم منعنا حتى بعد أن عرف اننا صحفيون واخبرونا انه لن يسمح لأى صحفى بالدخول والتصوير داخل الضريح الا بعد انتهاء الزيارة الرسمية. فى الساعة التاسعة تقريبا بدأ الزوار فى التوافد فى البداية شاهدنا الكاتب الصحفى مصطفى بكرى الذى كان أول الحاضرين تبعته السيدة هدى عبد الناصر ومنى عبد الناصر كريمتا الرئيس السابق .. أيضا جاء عبد الحكيم عبد الناصر اصغر اولاد ناصر بصحبة عائلته.. فى العاشرة تماما وصل السيد علاء مبارك وصافح أسرة عبد الناصر. على الجانب المقابل للمسجد فوجئنا بعائلة تعبر الطريق تتكون من اب وابنتيه الصغيرتين وكانوا يرتدون "تى شيرتات" مطبوع عليها صور لجمال عبد الناصر وعندما تحدثنا مع الأب قال: اسمى محمد صبرى وعمرى 56 عاما واعمل فنى حدايد وجئت من الشرقية حتى أشارك فى الذكرى الأربعين لوفاة القائد العظيم جمال عبد الناصر وهذه هى السنة الثالثة التى أحضر فيها أنا وابنتى فى ذكرى وفاة جمال عبد الناصر .. وعندما سألناه لماذا يحضر قال أنه يدين لهذا الرجل بالكثير فعبد الناصر كان الأمل والحلم الذى فقدناه وكان هو سبب " رفع راسنا" فى كل مكان قبل أن يموت .. كما قال أنه حضر منذ أربعين سنة للقاهرة من الشرقية للمشاركة فى جنازة الزعيم وظل يهيم فى شوارع القاهرة لثلاث أيام متتالية من فرط حزنه وقتها على وفاة ناصر وعندما سألناه عن سبب مجيئ ابنتيه معه قال انه يأتى بهم حتى يروا قبر الزعيم الذى أحدثهم عنه دائما وعن أيام العز التى رأيناها فى عهده. وعجوزآخر أخبرنى انه جاء من البحيرة ليرى الضريح قبل أن يموت وعبد الله الذى ظل جالسا على الرصيف لساعتين على الأقل بدون أن ينطق بكلمة فى انتظار السماح له بالدخول لرؤيه حبيبه " على حد وصفه. فجأه .. ظهر سامى شرف السكرتير السابق للرئيس عبد الناصر بجوارنا واندفع ناحيته رجل يبدو على ملامحه الحزن وامسك بيده وقبلها امامنا جميعا وحاول سامى شرف التراجع وسحب يده حتى كادت العربات القادمة أن تدهسه. ومع تزايد أعداد المنتظرين بدا بعضهم فى التجمع داخل الحديقة المقابلة للمسجد وبدأوا فى الهتاف لعبد الناصر بشعارات مثل "ابكى يا عروبة على اللى بناكى طوبة طوبة" و" يا جمال يا حبيب الملايين" و "ناصر يا حرية ياروح الأمة العربية " .. والكثير من الأغانى القديمة التى تغنى بها الراحل عبد الحليم حافظ. وبعد انتهاء الزيارة الرسمية التى أناب فيها الرئيس مبارك المشير محمد حسين طنطاوى وزير الدفاع .. اندفع الجميع بسرعة فى مشهد عجيب وسط هتافات تدوى بالدعاء لعبد لناصر وفى مشهد يشبه كثيرا ما يحدث داخل مساجد واضرحة ال البيت فوجئت بالبعض يلقى بنفسه على القبر والبعض الأخر يتعالى صوته عبد الناصر مماتش عبد النصر مماتش وسقط رجل عجوز مغشيا عليه وجلس البعض الأخر فى ظل الضريح يبكى بصمت.. وتعالت أصوات البكاء والنحيب بين الجميع وسط الهتافات العاقلة والهتافات غير العاقلة التى انطلقت من الجميع .. وكانت قاعة التعازى الملحقة بالضريح مليئة بالصحفيين يتقدمهم الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل الذى وقف أمام الضريح وبجواره عبد الحكيم عبد الناصر لمدة دقيقة تقريبا قبل أن يرحل .. ووسط الصالة الفخمة التى امتلئت بالصحفيين وببعض المواطنين الذين جلسوا على الأرض واسندوا ظهورهم على الحائط بعد أن امتلئت جميع كراسى القاعة التى وقف فى وسطها عبد الحكيم عبد الناصر مصرحا بانه يشعر بالفخر وانه لا يعرف كيف يشكر جميع من حضر واتعب نفسه لمشاركة اسرة الزعيم واجب العزاء واحياء الذكرى الاربعين على رحيله. اما ابنه خالد عبد الحكيم عبد الناصر فقال أنه يشكر جميع الشعب المصرى الذى يعامله بمنتهى الحب والود والعطف بمجرد أن يعرف أحدهم بأنه حفيد الزعيم الراحل وانه أحيانا يفكر كيف كان يستطيع أن يعيش اذا لم يكن حفيد هذا الرجل العظيم.