تواجه مصر تهديدات أمريكية مستمرة بقطع المعونات.. إلى أن أوقفتها بالفعل.. كما لو أنها تؤدب الشعب المصري على وقوفه ضد الإرهاب.. وأعرب مجلس الوزراء عن استغرابه لصدور قرار بتجميد بعض المساعدات العسكرية لمصر في هذا التوقيت الحيوي الذي تخوض فيه مصر حربا ضد الإرهاب.. وشدد مجلس الوزراء على مواصلة تنفيذ بنود خارطة الطريق التي وضعتها قوى الشعب رغم قرار تعليق المساعدات الأمريكية لمصر، وذلك بالتوازي مع الاستمرار في مكافحة الإرهاب بكل صوره وأشكاله في ظل إرادة حرة مصرية وتفويض شعبي جارف من شعب مصر لمحاربة الإرهاب. وطالبت جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة، الحكومة بتعليق جزئي لاتفاقية كامب ديفيد ردا على تعليق المساعدات الأمريكية إلى مصر لارتباط تلك المساعدات بالمعاهدة. وقال د.عزازي علي عزازي، القيادي بجبهة الانقاذ إن مصر لديها بدائل كثيرة يمكن من خلالها أن ترد على القرار الأمريكي، وأن المساعدات أو المعونة الأمريكية لمصر مرتبطة باتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، وبالتالي يمكن لمصر أن تعلق جزءا من العلاقات الدبلوماسية أو الاقتصادية بينها وبين إسرائيل ردا على ذلك. وتابع "لا بد للولايات المتحدة أن تعرف أن مصر تملك ما يجعلها في علاقة متوازنة مع أمريكا، وفي النهاية نحن في معركة دبلوماسية، الغالب فيها من يملك أوراق ضغط كثيرة، وأعتقد أن مصر لديها ما يلزم لذلك ". ومن جانبه، قال عبد الغفار شكر، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي والقيادي بجبهة الإنقاذ الوطني، إن تلويح الإدارة الأمريكية بقطع جزء من المعونة عن مصر يستلزم موقفاً صارماً من الحكومة ، خاصة أن هذه المعونة هي إحدى نتائج توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل. وطالب شكر، الحكومة المصرية بأن تهدد الإدارة الأمريكية بإلغاء اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل، مشيراً إلى أن الإدارة الأمريكية توفر هذه المعونات والمساعدات لمصر بهدف دعم أمن إسرائيل وحمايتها من أي أخطار. ومن ناحية أخرى، يرى اللواء زكريا حسين الخبير العسكري "أن قضية المساعدات الأمريكية لمصر ليست مرتبطة باتفاقية كامب ديفيد، وأن هذه الاتفاقية كانت هي الإطار العام التي تم على أساسها وضع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، ولم يتم النص في المعاهدة على وجوب تقديم مساعدات أمريكية لمصر أو إسرائيل ". وأكد اللواء حسين "أن الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر هو الذي اقترح فكرة تقديم مساعدات أمريكية لطرفي النزاع والحرب في ذلك الوقت، وهما مصر وإسرائيل، لتشجيعهم على الاستمرار في عملية السلام، لكن المساعدات ليست ملزمة للولايات المتحدة وليست مرتبطة بمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية". والمعونة الأمريكية لمصر، هي مبلغ ثابت سنويا تتلقاه مصر من الولاياتالمتحدةالأمريكية في أعقاب توقيع اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979، حيث أعلن الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت جيمي كارتر تقديم معونة اقتصادية وأخرى عسكرية سنوية لكل من مصر وإسرائيل، تحولت منذ عام 1982 إلى منح لا ترد بواقع 3 مليارات دولار لإسرائيل، و2.1 مليار دولار لمصر، منها 815 مليون دولار معونة اقتصادية، و1.3 مليار دولار معونة عسكرية. وتمثل المعونات الأمريكية لمصر 57% من إجمالي ما تحصل عليه من معونات ومنح دولية، سواء من الاتحاد الأوروبي واليابان وغيرهما من الدول، كما أن مبلغ المعونة لا يتجاوز 2% من إجمالي الدخل القومي المصري وفق وزارة التعاون الدولي. ولكن كان هناك اتجاه واضح منذ أوائل التسعينيات لتقليص المعونات الحكومية المقدمة من الدول الصناعية المتقدمة إلى الدول النامية، وللتحول من المعونات الرسمية للتنمية، إلى التجارة والاستثمار، وقد بدأت أمريكا في تطبيق هذا التوجه على مصر منذ يناير 1998 ، حيث تقرر تخفيض المعونات الاقتصادية اعتبارًا من عام 1999 بنسبة 5 % تقريبًا في كل سنة، أو بنحو 40 مليون دولار في كل سنة بحيث تنخفض المعونات الاقتصادية إلى النصف تقريبًا بحلول عام 2009 (من 815 مليون دولار في 1998 إلى 407.5 مليون دولار في عام 2009). وبناء على هذا التوجه، انخفضت المعونات الاقتصادية الأمريكية التي تقدم سنويًا لمصر من 815 مليون دولار في 1998 إلى 775 مليون دولار في 1999، ثم إلى 727 مليون دولار في 2000، ثم إلى 695 مليون دولار في 2001. ثم إلى 655 مليون دولار في 2002، ثم إلى 615 مليون دولار في 2003، بينما استمرت المعونات العسكرية ثابتة عند مستوى 1.3 مليار دولار سنويًا، وقررت الولاياتالمتحدة تخفيض معونتها الاقتصادية المقدمة لمصر خلال 2010 بقيمة 40 مليون دولار، ليصل إجمالي ما تم تخفيضه من قيمة المعونة في الأعوام التسعة الماضية إلى النصف. وذكر تقرير لشبكة "سكاى نيوز عربية" أن الولاياتالمتحدة ستدفع ضريبة من وراء قرار واشنطن تعليق جزء من المعونة الأمريكية إلى مصر، وأوضح التقرير أن "الولاياتالمتحدة ستدفع ضريبة بعد أن يترك هذا القرار بعض الشركات المختصة بصناعة الأسلحة فى أمريكا تبحث عن عملاء جدد لها، وفى أماكن أخرى، مما يؤدى إلى تسريح عدد كبير من عمال هذه القطاعات، وستوجه ضربة اقتصادية للموردين الأمريكيين، كما ستجعل بعض شركات التأمين عرضة للخسارة". وأشار التقرير إلى أن مصر متضررة لا محالة من وقف تلك المساعدات، مشيرا أن "المساعدات الأمريكية مصدر مهم لتحريك كافة القطاعات فى مصر العسكرية منها والاقتصادية". وتابع التقرير: "واشنطن أنفقت المليارات من الدولارات خلال السنوات الثلاثين المنصرمة كمساعدات لمصر، وتقدر حجم هذه المساعدات فى عام 2014 بأكثر من 1.55 مليار دولار، وزعت تلك المساعدات على شقين؛ عسكرية بنحو 1.3 مليار دولار، أى بنسبة لا تتجاوز نسبة 2% من الناتج القومى المصرى". وأضاف: "المعونات الاقتصادية التى أعلنت واشنطن تعليقها قدرت بنحو 260 مليون دولار، وتشمل النمو الاقتصادى والتجارى، ويقضى القرار الأمريكى بتعليق تسليم دبابات وطائرات مقاتلة وهليكوبتر وصواريخ للحكومة المصرية إلى حين تحقيق تقدم فى الديمقراطية". ونوه التقرير إلى أن وزارة الخارجية الأمريكية أكدت أنها ستستمر فى تقديم الدعم العسكرى، لجهود مكافحة الإرهاب والأمن فى سيناء وحظر انتشار الأسلحة. ولفتت إلى أن الإدارة الأمريكية لم تصل حتى تعليق المساعدات بشكل تام، خاصة أنها ينظر إليها بكونها حاسمة لاستقرار المنطقة ودعامة مهمة لمعاهدة السلام "كامب ديفيد" بين مصر وإسرائيل الموقعة منذ 1979. وقال السفير جلال الرشيدي، سفير مصر الأسبق في الوفد الدائم بالأمم المتحدة، إن أمريكا تستخدم أسلوب لي ذراع مصر من بوابة المساعدات العسكرية، مطالباً بضرورة تنويع مصادر تسليح الجيش المصري دون قصرها على أمريكا. وأضاف الرشيدي، أن بعض التصرفات التي تتخذها الإدارة الأمريكية موضع جدل ونقاش، وأنه غير مقتنع بالمبررات الأمريكية حول قطعها للمساعدات العسكرية لمصر، مسجلا علامة استفهام حول طلب الإدارة الأمريكية من مصر بعض التوضيحات عن خارطة الطريق الآن بعد مضي عدة أشهر على إعلانها. أما عن رد الفعل الشعبي فرفض تحالف ثوار مصر استمرار ما اسماه "مساعدات الإذعان الأمريكية العسكرية لمصر" ،مطالبا بمراجعة اتفاقية كامب ديفيد للسلام التي نصت على التزام الولاياتالمتحدة بتقديم هذه المساعدات التي ظلت طوقا يقيد مصر ضد بسط هيمنتها على سيناء التي بدأت تتحرر بتقديم دماء جديدة على أراضيها للتخلص من الإرهاب الأسود عقب ثورة 30 يونيو الماضي وطالب أحمد ماهر، مؤسس حركة 6 ابريل، المصريين بان يدعو هم الى قطع المعونة والتمويل الأمريكى للحكومة المصرية، والاستغناء عنهما. وأكد التيار الشعبي أن قرار الإدارة الأمريكية تعليق المساعدات العسكرية لمصر, يعد دليلا على أن هذه المساعدات ارتبطت من ناحية بتكبيل الإرادة الوطنية وتبعية القرار السياسي المصري لواشنطن كجزء من صفقة كامب ديفيد المشؤومة.